بمناسبة المولد النبوي الشريف.. «الأيام» تنثر أجمل القصائد التي تغنت بشمائله الشريفة

> «الأيام» خاص

>  حلت ذكرى المولد النبوي أمس الثلاثاء، وبهذه المناسبة تنثر صحيفة «الأيام» أجمل القصائد التي تغنت بشمائله الشريفة لأن الذكرى بالمولد النبوي الشريف، على صاحبها أفضل الصلوات والتسليم، تنشط حركة المديح تغنيا بشمائله.. وهذا يسمى بفن المديح النبوي وهو من الأدب الرفيع، لأنها لا تصدر إلا عن قلوب مفعمة بالصدق والإخلاص.
وقد قيلت قصائد (مدحية) في حياته صلى الله عليه وسلم.. وقصائد أخرى بعد وفاته لكنها لا تسمى رثاء وإنما تسمى (مدحا) كأنهم لحظوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  موصول الحياة بسنته.
وكان النابغة الجعدي من المادحين.. إذ مدح الرسول صلى الله عليه وسلم بقصيدة طويلة فقال:
أتيت  رسول  الله  إذ  جاء  بالهدى
ويتلو كتابا كالمجرة نيرا
خليلي قد لاقيت ما لم   تلاقيا
وسيرت  في  الأحياء  ما  لم  تسيرا
كما مدحه الأعشى بداليته، ولكن قريشا صرفته عن لقاء النبي صلى الله عليه وسلم  فانصرف وبقيت قصيدته.. وجاء كعب بن زهير ومدح النبي صلى الله عليه وسلم في قصيدته المشهورة فقال:
بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ
مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُفدَ مَكبولُ
وَقالَ كُلُ خَليلٍ كُنتُ آمُلُهُ
لا أُلفِيَنَّكَ إِنّي عَنكَ مَشغولُ
فَقُلتُ خَلّوا سبيلي لا أَبا لَكُمُ
فَكُلّ ما قَدَّرَ الرَحمَنُ مَفعولُ
أُنبِئتُ أَنَّ رَسولَ اللَهِ أَوعَدَني
وَالعَفُوُ عِندَ رَسولِ اللَهِ مَأمولُ
مَهلاً هَداكَ الَّذي أَعطاكَ نافِلَةَ الـ
قُرآنِ فيها مَواعيظٌ وَتَفصيلُ
وكان حسان بن ثابت شاعر النبي صلى الله عليه وسلم حقا، حيث امتدحه لصفاته النبيلة.. وفى ديوانه نماذج كثيرة للمدح النبوي.
وسار كثير من الشعراء على نهج حسان مستمرين عليه حتى جاء القرن السابع الهجري، فوضع محمد بن سعيد البوصيري عددا من القصائد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم  وأطال فيها.. وقصيدته «البردة» مشهورة في جميع الأقطار الإسلامية:
محمد سيد الكونين والثقليـ
ـن والفريقين من عرب ومن عجمِ
نبينا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ
أبر في قولِ لا منه ولا نعم
هو الحبيب الذي ترجى شفاعته
لكل هولٍ من الأهوال مقتحم
دعا إلى الله فالمستمسكون به
مستمسكون بحبلٍ غير منفصم
فاق النبيين في خلقٍ وفي خُلُقٍ
ولم يدانوه في علمٍ ولا كرم
وكلهم من رسول الله ملتمسٌ
غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ
وواقفون لديه عند حدهم
من نقطة العلم أو من شكلة الحكم
فهو الذي تم معناه وصورته
ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النسم
منزهٌ عن شريكٍ في محاسنه
فجوهر الحسن فيه غير منقسم
دع ما ادعته النصارى في نبيهم
واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف
وانسب إلى قدره ما شئت من عظم
وفي العصر الحديث كانت قصيدة البارودي (كشف الغمة) في مدح سيد الأمة بداية لمرحلة جديدة في فن المدائح.. إذ رسمت الطريق لعدد من الشعراء تابعوا المسيرة المدحية لخير البرية صلى الله عليه وسلم:
يا رَائِدَ البَرقِ يَمّمْ دارَةَ العَلَمِ
وَاحْدُ الغَمامَ إِلى حَيٍّ بِذِي سَلَمِ
كَأَنَّها أَحرُفٌ بَرقِيَّةٌ نَبَضَت
بِالسِّلكِ فَانتَشَرَت فِي السَّهل وَالعَلَمِ
لا شَيءَ يَسبِقُها إِلاّ إِذا اِعتَقَلَت
بَنانَتي في مَديحِ المُصطَفى قَلَمِي
مُحَمَّدٌ خاتَمُ الرُسلِ الَّذي خَضَعَت
لَهُ البَرِيَّةُ مِن عُربٍ وَمِن عَجَمِ
سَميرُ وَحيٍ وَمَجنى حِكمَةٍ وَنَدى
سَماحَةٍ وَقِرى عافٍ وَرِيّ ظَمِ
قَد أَبلَغَ الوَحيُ عَنهُ قَبلَ بِعثَتِهِ
مَسامِعَ الرُسلِ قَولاً غَيرَ مُنكَتِمِ
فَذاكَ دَعوَةُ إِبراهيمَ خالِقَهُ
وَسِرّ ما قالَهُ عِيسى مِنَ القِدَمِ
أَكرِم بِهِ وَبِآباءٍ مُحَجَّلَةٍ
جاءَت بِهِ غُرَّةً في الأَعصُرِ الدُهُمِ
وكان أحمد شوقي من أبرزهم في هذا المجال، وتعد نهج البردة من أروع قصائد المدح النبوي، لبساطة الكلمات وعذوبة الألفاظ كما أنها سهلة الشرح والفهم:
ريم على القاع بين البان والعلم
أحلّ سفك دمي في الأشهر الحرم
رمى القضاء بعيني جؤذر أسداً
يا ساكن القاع أدرك ساكن الأجم
وقيل كلّ نبيّ عند رتبته
ويا محمّد هذا العرش فاستلم
يا أفصح الناطقين الضاد قاطبةً
حديثك الشهد عند الذائق الفهم
حلّيت من عطل جيد البيان به
في كلّ منتثر في حسن منتظم
بكلّ قول كريم أنت قائله
تحي القلوب وتحي ميّت الهمم
سرت بشائر بالهادي ومولده
في الشرق والغرب مسرى النور في الظلم
تخطّفت مهج الطاغين من عرب
وطيّرت أنفس الباغين من عجم
أتيت والناس فوضى لا تمرّ بهم
إلّا على صنم قد هام في صنم
والأرض مملوءة جوراً مسخّرة
لكلّ طاغية في الخلق محتكم
والخلق يفتك أقواهم بأضعفهم
كالليث بالبهم أو كالحوت بالبلم
ولم تكن المدائح النبوية أو مدح النبي، حكراً على الشعراء المسلمين، بل تألّق شعراء مسيحيون عرب فيما قالوه يمدحون نبي الإسلام، من قصائد صارت من عيون الشعر العربي، من مثل الشاعر جورج صيدح، وميخائيل خير الله، وخليل مطران، وإلياس قنصل، وغيرهم كثير. وكان الشاعر اللبناني المهجري رشيد سليم الخوري واحداً من أهم الرواد الذين كتبوا في النبي أجمل القصائد.
وقيل إنه مات على حبّه للنبي وقال:
طلع الهُدى من شرقنا
والغرب يخبط في الظُّلَم
يقول الخوري متحدثاً عن ذكرى ولادة نبي الإسلام:
عيدُ البريةِ عيدُ المولدِ النبوي
في المشرقين له والمغربين دوي
عيدُ النبي ابن عبد الله من طلعت
شمسُ الهداية من قرآنه العلوي
بدا من القفر، نوراً للورى وهدى
يا للتمدّن عمّ الكون من بدوي!​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى