المتقاعدون وقانون ساكسونيا

>
أحمد الجعشاني
أحمد الجعشاني
لعل من واقع الحياة أن الموظف حين يفقد الوظيفة ويتقاعد يصبح عالة على مجتمعه ووطنه ويفقد مكانته والكثير من ميزات الوظيفة والمكانة الاجتماعية وخاصة إذا كان ذا منصب كبير أو مهم أو وظيفة خدمية تتعلق بمصالح الناس، ذلك هو واقع الحياة، ولكن العبرة أن تكون أنت فيما بعد في مصاف هؤلاء المتقاعدين وتحس وتشعر بمعاناتهم وتجلس كل يوم في مقهى العاطلين عن العمل أو المتقاعدين وتنتظر كل آخر شهر بفارغ الصبر واللهفة أمام مكاتب البريد لراتب زهيد لا يسمن ولا يغني من جوع ولا يكاد يكفي قوت أسبوع واحد من الشهر ذلك هو حال المواطن حين يصل إلى سن التقاعد.

إن الغاية من الزيادة التي منحها الرئيس للموظفين في الدولة هي الحد من الفقر والجوع ومعاناة الناس بسبب انخفاض قيمة الريال اليمني أمام العملة الصعبة وانحدار الوضع المعيشي للمواطن بسبب الارتفاع المتزايد للأسعار في كل المواد التموينية والغذائية ذلك مما صعب من حياة الناس في حياتهم ومعيشتهم، جاءت هذه الزيادة ثلاثين في المائة من حد الأجور لعلها تحد ولو قليل من معاناة المواطن أمام هذا الغلاء المتصاعد إلا ان الحكومة تحججت بالقانون والذي أقره مجلس النواب السابق والمنتهي الصلاحية، أن أي زيادة تمنح للموظفين العاملين في الحكومة يمنح للمتقاعدين النصف قد يكون ذلك صحيح، ولكن عندما وضع ذلك القانون كانت البلد في حالة ارتخاء والوضع الاقتصادي مستقر ولا توجد حرب ولم يفقد الريال ستين في المائة من قيمته، ولكن الحكومة أصرت وفضلت منح هذه الزيادة لموظفي الحكومة في الدولة كاملة وخمسين في المائة للمتقاعدين، وكأن المتقاعد لم يعان ولم يمسه الغلاء ولا ارتفاع في الاسعار، وأن ما يتحصل عليه المتقاعد من معاشه الشهري يكفيه ويسد حاجته أمام هذا الغلاء الفاحش، ولهذا اكتفت الحكومة بصرف نصف الزيادة للمتقاعدين لأن حالهم المعيشي أفضل بكثير من موظفي الدولة، بينما ندرك جيدا أن المتقاعد أسوأ حالا من حال الموظف وأن ما يعانيه المتقاعد بعد نزوله للمعاش يفقد نصف راتبه بعد إحالته للتقاعد ويصبح راتبه نصف ما كان يتقاضاه وهو في الوظيفة، غير أن الغلاء في الأسعار أصاب الجميع والكل يعانى منه.

رحم الله أستاذنا عوض علي باجناح (أبو جلال) قبل تقاعده كان راتبه أعلى راتب وبعد تقاعده وجد أن معاشه لا يكفي أسبوعا واحدا من الشهر سبعة آلاف ريال، وظل في بداية كل شهر يسخر ويشكي من معاشه الزهيد، وكان يقول هل يعقل أن أستلم معاش سبعة آلاف ريال وأنا بدرجة مدير عام وخريج اليوم يقبض أربعين ألف ريال؟!.. لك الله يا أستاذ عوض!

إن التلاعب بأقوات الناس ومعيشتهم تلك مسألة قد لا تغتفر، وترك المتقاعدين لمصير مجهول أمام هذا الغلاء الفاحش يجب عدم السكوت عليه، وأن ما يواجه المتقاعد أسوأ بكثير مما يعانيه الموظف، وأن أفواه الناس مثل فوهة المدافع فإذا انطلقت لا يمكن لأحد إيقافها، وأن حرب الجياع أشد وطأة من أي حرب.. فارحمونا من قانون ساكسونيا الذي عفى عليه الزمن.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى