بسبب ترجمة سيئة لكلمة قُصفت اليابان بالقنابل الذرية!!

> «الأيام» خاص

>
 نشرنا في العدد السابق مقالا بعنوان (الرواية والترجمة) للدكتور سعيد العوادي في عموده (نحو من الأدب واللغة والنحو) الذي تحدث فيه عن الترجمة المتقنة، مؤكدا أن الترجمة الجيدة هي التي تتماهى مع النص المترجم لا التي تسير خارجه، مشيرا إلى أن الترجمة تنماز بأمرين: روح الروائي ولغته.

فبسبب ترجمة سيئة لكلمة واحدة يموت الآلاف وتدمر مدينتان، فهنا تكمن المصيبة، وتظهر أهمية الترجمة، فبين يومي السادس والتاسع من شهر أغسطس سنة 1945، استهدفت الولايات المتحدة الأميركية مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين بالقنابل الذرية، خلال سعيها لحسم الحرب العالمية الثانية بشكل سريع، وإجبار اليابان على الاستسلام.

وذهل العالم من حجم الدمار الذي خلفه هذا القصف النووي، حيث تحولت مناطق واسعة من هيروشيما وناغازاكي إلى خراب، وأسفرت هذه الكارثة عن مقتل ما يزيد عن 200 ألف ياباني.

وعقب نهاية الحرب العالمية الثانية، أكد كثيرون عدم ضرورة قصف اليابان واستهدافها بالقنابل الذرية، حيث حدّث الجميع عن قرب موعد استسلام اليابان خلال الأسابيع الأخيرة للحرب، ونوّه عدد من الخبراء العسكريين إلى أن حصارا بحريا خانقا كان كافيا لإنهاك اليابان وإجبارها على الرضوخ لمطالب الحلفاء.

لكن وبالتزامن مع اقتراب موعد نهاية الحرب، امتلكت اليابان العديد من المستعمرات بشرق آسيا حيث هيمنت الأخيرة على أراض واسعة بالصين وبورما، وبسبب ذلك تواصلت المعاناة اليومية لسكان هذه المناطق القابعة تحت الاحتلال الياباني، واكتظت مراكز الاعتقال اليابانية بأسرى الحرب المنتمين لدول الحلفاء، حيث عانى هؤلاء من معاملات بربرية قاسية.

وتخوفت الولايات المتحدة الأميركية من اقتراب موعد تدخل الاتحاد السوفيتي ضد اليابان، حيث عبّر الخبراء الأميركيون عن قلقهم من إمكانية حصول السوفييت على مكاسب بشرق آسيا على غرار تلك التي حصلوا عليها بأوروبا عقب هزيمة ألمانيا، وأمام هذا الوضع، اتجهت الولايات المتحدة الأميركية نحو استخدام القنابل الذرية لتعجيل عملية استسلام اليابان وتجنب الأسوأ.

في غصون ذلك وأثناء انعقاد مؤتمر بوتسدام، وجهت الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها يوم السادس والعشرين من شهر يوليو سنة 1945 تحذيرا شديد اللهجة لليابانيين، طالبتهم من خلاله بالاستسلام غير المشروط وتوعدتهم بدمار غير مسبوق في حال رفضهم لذلك. وجاء هذا الإعلان بعد مضي عشرة أيام فقط على نجاح الولايات المتحدة الأميركية في تجربة أول سلاح نووي.

أثارت عملية مناقشة ما جاء في إعلان بوتسدام جدلا واسعا باليابان. فبينما فضّل أغلب قادة الجيش مواصلة الحرب للحصول على اتفاقية سلام عادلة تضمن حفاظ اليابان على سيادته ومستعمراته، اتجه عدد من أفراد الحكومة للموافقة على الاستسلام وإنهاء الحرب وتجنب المزيد من الخسائر البشرية.

وفي الأثناء وكرد على ما صدر من مؤتمر بوتسدام يوم السادس والعشرين من شهر يوليو سنة 1945، عقد رئيس الوزراء الياباني كانتارو سوزوكي مؤتمرا صحفيا استخدم خلاله كلمة (موكوساتسو) (mokusatsu) والتي كانت كلمة يابانية ذات معانٍ عديدة مرتبطة بمصطلح الصمت.

واتجهت الصحافة العالمية إلى اعتماد ترجمة سيئة لكلمة (موكوساتسو)، فبدل اعتماد مصطلح (تتعامل بصمت مع الأمر) أو (تتناقش بصمت)، روجت الصحف عبارة (لا تستحق التعليق) كترجمة للكلمة، وهي نفس العبارة التي بلغت مسامع الرئيس الأميركي هاري ترومان، وبناءً على ذلك، تعرضت المدن اليابانية خلال الأيام القليلة التالية إلى قصف بالقنابل الذرية أودى بحياة ما يزيد عن 200 ألف شخص.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى