«بناء الثقة» يؤزّم المشاورات ومصير معقد ينتظر تفاصيل «التسوية السياسية»

> «الأيام» خاص/ غرفة الأخبار

>
بوادرُ فشلٍ وتعقيدات جمة بدت تلوح في أفق السلام الذي يترقبه ملايين اليمنيين من مدينة ريمبو السويدية، تعثرٌ وإن بدت ملامحه مبكرة من انطلاق المفاوضات إلا أنه قد يسمح باستمرار الجلسات الحوارية أو تمديدها حتى تصل إلى اللاشيء، ويعود المبعوث الأممي مارتن جريفيثس من نقطة الصفر التي بدأ منها إن سُمح له بالاستمرار مبعوثا للأمم المتحدة، وأعطي فرصة أخرى.

وقبل أن تدخل الأطراف في تفاصيل العملية السياسية ونقاطها المعقدة والأكثر تعقيدا، بدت الخلافات واضحة في مسائل عدها المبعوث الأممي من الثانويات التي تهيئ للمفاوضات، وتمهّد للتسوية السياسية، إذ لم تزل إجراءات بناء الثقة ومنها إطلاق الأسرى ومطار صنعاء والمرتبات تراوح مكانها دون الاتفاق على آليات للتنفيذ.

بروز خلاف كبير حول إعادة فتح مطار صنعاء في أول دخول بالتفاصيل العملية ضمن محادثات السلام اليمنية بالسويد، نموذج عن مدى اتساع هوّة الخلافات بين الفرقاء اليمنيين، وعن كثرة المصاعب التي سيتعيّن على المبعوث الأممي مارتن جريفيثس تذليلها واحدة بعد الأخرى في سعيه لتحقيق اختراق في ملف الصراع اليمني.

في اليوم الثاني من المشاورات بدأ طرح الخطوات العملية المطلوب تنفيذها لإنهاء الصراع ووقف الحرب، ومعها لاح مدى اتساع الهوّة بين وفد الحكومة المعترف بها دوليا ووفد المتمرّدين الحوثيين، وعلو سقف مطالب كلّ منهما.

ومثّل إعادة فتح مطار صنعاء أولى الخطوات المطروحة، وأيضا أول مدار جدّي للخلافات بين الطرفين، حيث كشفت حكومة الرئيس الانتقالي، عبدربّه منصور هادي، عن تصوّرها لفتح المطار، وهو تصوّر يقوم على تحويله إلى مطار داخلي حتى يتسنّى تفتيش جميع الرحلات القادمة إليه والمنطلقة منه، وهو ما رفضه الحوثيون الراغبون في جعل السفر عبر المطار نحو الخارج مباشرة ودون أي رقابة، عدا رقابة سلطاتهم الموازية على محتوى الرحلات.

وتقترح حكومة الشرعية «أن يتحول مطار صنعاء إلى مطار داخلي، يتم فيه نقل المواطنين من صنعاء إلى عدن ثم يغادرون نحو أي اتجاه دولي».

ونقلت مصادر قريبة من محادثات السويد عن أعضاء في وفد الحوثي «رفضهم القطعي لمقترح حكومة هادي في طريقة فتح المطار، وإصرارهم على احتفاظه بطابعه الدولي، وبتسيير الرحلات الجوية منه وإليه نحو الخارج مباشرة».
وعقد المبعوث جريفيثس اجتماعين نهار أمس الأول ولأسباب غير معلنة، ألغي اجتماع آخر كان مدرجاً في الجدول المقترح من قبل مكتب المبعوث مع الوفد الحكومي. ورجح مصدر حكومي أن «تعنت الحوثيين حول مقترحات الحكومة دفع المبعوث إلى الإلغاء، على أن يعود إلى الحوثيين».

مطارات محلية
ومن أبرز التطورات اللافتة «تطوير الحكومة الشرعية لملف مطار صنعاء». ويقول بليغ المخلافي، المحلل السياسي اليمني: «إن الحكومة ترى أن إعادة فتح مطار صنعاء أو غيره من المطارات في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين أمر إنساني بحت، بشرط عدم استخدام الحوثيين هذه المطارات في تهريب السلاح أو نقل الخبراء، ولهذا تشترط الحكومة أن تكون هذه المطارات محلية إلى مطارات محلية، بمعنى أن يتم تفتيش الرحلات الدولية في عدن، ثم تستكمل طريقها».

استفاد الحوثيون كثيراً من فتح مطار صنعاء، سابقاً، وكانت هناك تقارير سابقة تداولتها وسائل الإعلام تفيد بأنه «تم استخدام المطار في عمليات تهريب للأسلحة والخبراء»، وهذا هو السبب في إغلاقه في المرة الأخيرة.

الأسرى والمحتجزون
تم تشكيل فريق من الوفد الحكومي ليعمل مع مكتب المبعوث واللجنة الدولية للصليب الأحمر حول آليات تنفيذ اتفاق إطلاق سراح الأسرى. وتمثل عملية تبادل القوائم بين الفريقين إحدى الخطوات المهمة. وبسؤال أحد أعضاء الوفد الحكومي حول عدم تسليم الحكومة اليمنية قائمتها، قال العضو: «لا مشكلة لدينا في تسليم القوائم، وقد نسلمها لاحقاً». وأشار مصدر يمني آخر إلى إدراج الحوثيين قائمة تتضمن أسماء قتلى قضوا في الحرب، لكن العضو الذي طلب عدم الحديث باسمه صريحاً قال: «قد يكون هناك بالفعل أناس أدرجوا على أنهم مفقودين، لكن في النهاية سيجري تبادل الأسرى، وهو من أسهل الملفات».

وركزت الحكومة اليمنية على ضرورة توقف الحوثيين عن الانتهاكات التي ما زالوا يمارسونها حتى اللحظة، من خلال استمرارهم في اعتقال الصرافين، بتهمة التعاون مع البنك المركزي اليمني، إلى جانب اعتقال أساتذة جامعات وصحافيين ونساء اعتصمن سلمياً، فضلاً عن اعتقال التجار ورجال الأعمال مقابل المال.

وشددت «الشرعية» على المبعوث أن يضغط على الحوثيين، وأن يتحدث إلى العالم حول ضرورة توقف الحوثيين عن انتهاكاتهم، لكي يتاح المجال لتنفيذ اتفاق إطلاق سراح الأسرى.

المسائل الإنسانية
بحثت الحكومة اليمنية مع المبعوث وفريقه المشاكل المتعلقة بإيصال المساعدات الإنسانية، لتخفيف معاناة الشعب اليمني، والمشاكل المتعلقة بأداء الأمم المتحدة، وأمراء الحرب (الحوثيين) أيضاً. ونبهت الحكومة المبعوث إلى العقبات التي يخلقها الانقلابيون، وتهديدهم للعاملين الإنسانيين، ونهبهم لمخازن برنامج الغذاء العالمي، وسرقة المساعدات.

وتم تناول موضوع الألغام التي زرعها الحوثيون بشكل كبير في مناطق واسعة من اليمن، وإلزامية تسليم خرائط الألغام، وعمل الحكومة مع المنظمات الدولية والأمم المتحدة لنزع الألغام. وتم تشكيل لجنة من الفريق الحكومي للعمل مع مكتب المبعوث، وبقية أجهزة الأمم المتحدة، بهذا الخصوص. وقال المصدر اليمني: «عرضنا أيضاً مسألة تجنيد الأطفال مقابل حصول أهاليهم على جزء من المساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات الدولية دون مقابل».

تأرجح تسليم الحديدة
تسلمت الأمم المتحدة مقترحاً من الحكومة اليمنية الشرعية لانسحاب الحوثيين من ميناء ومدينة الحديدة، وتسليم إدارة الميناء إلى وزارة النقل اليمنية، ومدينة الحديدة إلى قوات وزارة الداخلية، وتعاون الأمم المتحدة في العملية، على أن يتم تحويل واردات الميناء إلى البنك المركزي في عدن.

وشدد المصدر على أن قبول الحوثيين بهذا الأمر «سيخفف من المعاناة الإنسانية لسكان مدينة الحديدة، وسيكون تنفيذاً للقرار (2216)، وأيضاً إثباتاً لصدق الحوثيين في أن يكونوا شركاء في السلام».
ورغم أن القوات الحكومية لا تبعد سوى كيلومترات معدودة عن ميناء الحديدة، فإن العجري، عضو وفد الحوثيين، أعلن رفض ذلك.
وفي المقابل، كان وزير الزراعة اليمني، عضو الوفد الحكومي، عثمان مجلي، قد أكد أن خيارات استئناف العملية العسكرية غير محدودة.

ملف الاقتصاد
أشاد المبعوث الخاص بخطوة الحكومة اليمنية في دفع مرتبات المتقاعدين في محافظات اليمن كافة، وسعيها الجاد لدفع مرتبات موظفي القطاع العام، وعلى وجه الخصوص قطاعي التعليم والصحة. وقال مصدر في المشاورات: «أكد الوفد الحكومي ضرورة توقف الحوثيين عن التلاعب بالعملة الوطنية، وأهمية حذر المجتمع الدولي من الانزلاق نحو إنشاء مؤسسات موازية للمؤسسات الحكومية، وعدم تكرار خطأ المجتمع الدولي في السماح بإنشاء بنكين مركزيين في ليبيا»، مضيفاً أن المبعوث أكد أهمية تمكين البنك المركزي اليمني، وتقوية العملة.

وقال المصدر الحكومي: «إن جريفيثس يشدد على أن الأمم المتحدة تدعم وحدة وسيادة البنك المركزي، وأن دعم البنك المركزي للاضطلاع بمهامه سيأثر إيجاباً على الوضع الاقتصادي».

حصار تعز
عُقد لقاء مصغر مع أحد مساعدي المبعوث، بخصوص موضوع فك الحصار عن تعز. وقال المصدر: «إن الفريق تحدث عن تصور حول موضوع فك الحصار، تضمن انسحاب المقاتلين الحوثيين من المنافذ، وفتح جميع الطرق إلى المدينة، وفتح مطار تعز ضمن بقية المطارات، وتفعيل لجان التهدئة التي كانت قد شكلت في السابق أثناء مشاورات الكويت، والكشف عن خرائط وحقول الألغام المزروعة في المدينة».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى