الحرب في مأرب.. هل يكون «الإصلاح» كبش فداء التسوية؟

> أحمد الحسني

>
أثار تقدم قوات جماعة الحوثي صوب مدينة مأرب ردود أفعال من قبل مختلف الأطراف اليمنية، خصوصاً وأن التقدّم جاء بعد اتفاق «السويد» بساعات.

هدف الحوثيون من تكثيف العمليات العسكرية باتجاه مأرب هو إرباك صفوف «الشرعية» قبل ترتيب قواتها وحشدها لفتح جبهات شرق صنعاء، بعد تجميد جبهة الحديدة، فيما التحالف من جهته يريد استباق اتفاق السلام الشامل، «بقص» أجنحة «الإصلاح» وإضعاف دوره العسكري مستقبلاً لصالح القوات السلفية والمؤتمرية، عبر تغيير خارطة التشكيلات العسكرية في مأرب.

ومع سقوط معظم مدينة صرواح بيد قوات الحوثي، اقتربت تلك القوات من المعقل الرئيسي لقوات الشرعية التابعة لحزب الإصلاح في مأرب بمسافة 30 كيلو متراً، الأمر الذي يجعل من المقر الرئيسي لنائب الرئيس الفريق علي محسن الأحمر، واقعاً تحت السيطرة النارية لصواريخ الجماعة الحوثية، ويجعل من خطّ الدفاع الأول لـ «الإصلاح» مهددّاً بالإنهيار.

الهدف من إسقاط صرواح
بعد سقوط صرواح وحديث وصول قوات الحوثي إلى معسكر نوفل التدريبي، تسابقت وسائل إعلام مؤيدة لـ «التحالف» لتحميل حزب «الإصلاح مسؤولية تسليم مدينة صرواح للحوثيين»، لكن قيادات سياسية مقربة من «الإصلاح» تقول إن «التحالف رفع الغطاء الجوي، وهو ما مكن قوات الحوثيين من التقدم في صرواح».

وبرأي مراقبين، فإن «التحالف» يسعى إلى تغيير خارطة القوى قبيل اتفاق السلام الذي من المرجح انعقاد أولى جولاته في يناير المقبل، بحيث لا يكون لـ «الإصلاح» قوة عسكرية وازنة في مأرب، إضافة إلى شبوة وحضرموت، وهي المناطق الغنية بالغاز والنفط؛ تلك المخاوف عبر عنها سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة، جيرآر آرو، بعد اتفاق «السويد» مباشرة، لافتاً إلى أن لديه تخوف من أن «تسيطر جماعات إرهابية تربطها علاقة بتنيظم الإخوان المسلمين على المناطق الشرقية من اليمن والغنية بالثروة، وهي مأرب وشبوة وحضرموت».

ومنذ أكثر من عامين، يشن «التحالف» هجوماً على حزب «الإصلاح»، وقد وصفه وزير الشؤون الخارجية الإماراتية، أنور قرقاش، بـ «الانتهازي»، متهماً إياه بالإرتباط بتنظيم «القاعدة»، وعلى علاقة بـ «الحوثيين»؛ فيما تتولى صحف رسمية إماراتية أمر مهاجمة سلطات «الإصلاح» في مأرب باعتبارها «الداعم للإرهاب»، وتقول إنها تقف خلف «شحنات السلاح التي تتدفق إلى مدن الجنوب، وتصل إلى الجماعات الإرهابية».

هل تسقط مأرب؟
بحسب محللين، فإن «التحالف» يهدف إلى تغيير القوات المتواجدة في الجبهة الشرقية لصنعاء الموالية للإصلاح، بقوات أخرى مؤيدة للتحالف، سواء بقوات «العمالقة» السلفية أو بقوات «حرّاس الجمهورية» التي يقودها العميد طارق صالح، وقد مهّد لهذا بتعيين الفريق محمد المقدشي وزيراً للدفاع، وإبعاده اللواء طاهر العقيلي المقرب من «الإصلاح» من قيادة الأركان العامّة.

وبحسب مصادر، فإن لقاء نائب الرئيس الإماراتي وولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، بقيادات «الإصلاح» قبل أشهر ناقش فتح جبهة نهم، وإمكانية تقديم الإمارات دعماً لوجستياً لقوات «الإصلاح»، لكن الأخير يتوجّس من الزج بقواته كوقود لمعركة يخرج منها من دون عائد غير الخسائر البشرية في صفوفه.
ويرى مراقبون أن اتفاق «السويد»، أعطى للتحالف فرصة لتشتيت قوة الإصلاح العسكرية في مأرب، وأيضاً إعادة تنشيط جبهة نهم، ولكن بقوات موالية للتحالف العربي، الأمر الذي يشير إلى أن مأرب لن تسقط  بسهولة بيد الحوثيين، وسيدفع التحالف بتعزيزات للدفاع عنها، بالتزامن مع تأسيس ونقل القوات الموالية له من الحديدة ومناطق أخرى، مضيفين أن الأشهر القليلة المقبلة ستشهد أيضاً تصعيداً من قبل القوات الموالية للإمارات في الجنوب (النخبتين الشبوانية والحضرمية)، لخوض معارك ضد تواجد الإصلاح في مديريات بيحان بشبوة، وفي سيئون بحضرموت.

الحوثي ينبه الإصلاح
جماعة الحوثي تلقفت فرصة المخاطر التي تحيط بالإصلاح، وكرّرت دعوة المصالحة في محاولةً لتنبيهه، على اعتبار أن الذي يجمعهما سوية «عدو مشترك»، وهي مبادرة جددها مرةّ أخرى، وقبيل احتدام الصراع في مأرب، عضو المكتب السياسي لحركة «أنصار الله» محمد البخيتي، قائلاً إن «هدفنا وهدفكم واحد وعدونا وعدوّكم واحد»، معتبراً أن «الصراع بين الحركة والإصلاح مؤلم جداً»، ودعا إلى «السلام وإصلاح ذات البين وحقن الدماء». وكما جرت العادة، جاء رد «الإصلاح» متطابقاً مع كل دعوة موجهة إليه من قبل «أنصار الله»، وفيما اعتبر أن «السلام حالة شاملة، والهدف من الدعوة تفكيك قوى الشرعية»، عاد ووصفها بـ «دعوات السلام الزائفة».

هكذا اشتعلت جبهة مأرب بعد اتفاق «السويد» بساعات، الأمر الذي عدّه مراقبون تسويةً جعلت من «الإصلاح» كبش فداء لتفهامات إقليمية ودولية.
عن (العربي)​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى