البابا في الإمارات لترسيخ الحوار بين المسيحيين والمسلمين

> أبوظبي «الأيام» ا.ف.ب

>  دعا البابا فرنسيس في أبوظبي أمس الإثنين إلى حماية «الحرية الدينية» في الشرق الاوسط وإلى منح سكان المنطقة من مختلف الديانات «حق المواطنة نفسه»، مشددا على ضرورة وقف الحروب وبينها النزاعان اليمني والسوري، والتصدي لـ«سباق التسلح» و«بناء الجدران».
وكان البابا يتحدث أمام رجال دين في مؤتمر حول الأديان في اليوم الثاني لزيارته التاريخية إلى دولة الامارات العربية المتحدة، أول زيارة لحبر أعظم إلى شبه الجزيرة العربية، مهد الاسلام.

وقال في خطابه «من بين الحرّيات، أرغب في تسليط الضوء على الحريّة الدينيّة».
وتابع «هي لا تقتصر على حريّة العبادة، بل ترى في الآخر أخًا بالفعل، وابنًا لبشريّتي نفسها، ابنًا يتركه الله حرًّا، ولا يمكن بالتالي لأيّة مؤسّسة بشريّة أن تجبره حتى باسم الله».

وطالب الحبر الأعظم بحق المواطنة نفسه لجميع سكان المنطقة التي شهدت في السنوات الاخيرة تصاعدا في وتيرة العنف والتعصب مع ظهور تنظيمات متطرفة في مقدمها تنظيم الدولة الاسلامية.
وقال «أتمنّى أن تبصر النور، ليس هنا فقط بل في كلّ منطقة الشرق الأوسط الحبيبة والحيويّة، فرصٌ ملموسة للقاء: مجتمعاتٌ يتمتّع فيها أشخاصٌ ينتمون إلى ديانات مختلفة بحقّ المواطنة نفسِّه».

في موازاة ذلك، كرّر البابا دعوته إلى وقف الحروب في اليمن وليبيا وسوريا والعراق، وعدم الانخراط في العنف باسم الدين.
ورأى أن «استعمال اسم الله لتبرير الكراهية والبطش ضدّ الأخ، إنما هو تدنيسٌ خطيرٌ لاسمه»، مضيفا «لا وجود لعنفٍ يمكن تبريره دينيًّا».

وتابع «سباق التسلّح، وتمديد مناطق النفوذ، والسياسات العدائيّة، على حساب الآخرين، لن تؤدّي أبدًا إلى الاستقرار».
ودعا البابا إلى أن «نلتزم معًا ضدّ تقييم العلاقات بوزنها الاقتصادي، ضدّ التسلّح على الحدود وبناء الجدران وخنق أصوات الفقراء».

وزار البابا أمس الاثنين مسجد الشيخ زايد في أبوظبي، قبل أن يشارك في «مؤتمر الأخوّة الإنسانية»، الذي تنظمه دولة الإمارات، الى جانب شيخ الأزهر أحمد الطيب ومسؤولين دينيين آخرين، بينهم حاخامات. وستحضر المؤتمر حوالى 700 شخصية.
ووقع البابا وشيخ الأزهر على وثيقة تدعو إلى «مكافحة التطرف».

ومن المقرر أن يلتقي زعيم الكنيسة الكاثوليكية التي يبلغد عدد أتباعها نحو 1,3 مليار شخص في العالم، ولي عهد أبوظبي  الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في بداية اليوم الثاني من زيارة بدأت مساء أمس الأول الاحد وتستمر حتى اليوم الثلاثاء.
ودعا الحبر الأعظم قبل إقلاع طائرته من روما متجهة إلى أبوظبي، إلى احترام اتفاق وقف إطلاق النار في اليمن. وتتعرض الإمارات والتحالف لانتقادات من منظمات حقوقية بسبب الحرب الدائرة في أفقر دول شبه الجزيرة العربية.

وقال البابا «إنني أتابع بقلق كبير الأزمة الإنسانية في اليمن. لقد تعرّض السكان للإنهاك بسبب النزاع الطويل وكثير من الأطفال يعانون الجوع، لكن لا يمكن الوصول إلى مستودعات الطعام».
ولفت إلى «أن صرخة هؤلاء الأطفال وذويهم ترتفع إلى الله».

وبالإضافة الى اليمن، من المتوقع أن يناقش الطرفان «الإرهاب» والعنف، في بلد يتمتع باستقرار أمني كبير ويعتبر رأس حربة في مواجهة التطرّف الإسلامي وجماعة الإخوان المسلمين.
والإمارات عضو في التحالف الدولي لمواجهة الجهاديين في سوريا منذ سبتمبر 2014، وقد صنّفت بعد شهرين من انضمامها لهذا الحلف 83 جماعة على أنها «منظمات إرهابية».

«رسالة» الزيارة 

وتقدّم الإمارات نفسها على أنّها مكان للتسامح بين الأديان المختلفة، وتسمح بممارسة الشعائر الدينية المسيحية في العديد من الكنائس، كما هو الحال في الدول الخليجية الأخرى إجمالا، باستثناء السعودية التي تحظر ممارسة أي ديانة غير الإسلام.
وتتبع الامارات التي يشكل الاجانب نحو 85 بالمئة من مجموع سكانها، إسلاما محافظا، لكنّها تفرض رقابة على الخطب في المساجد وعلى النشاطات الدينية فيها لمنع تحولّها الى منابر للتطرّف.

وأشاد البابا في رسالة مصوّرة عن الإمارات قبل وصوله بـ «الأرض التي تسعى لأن تكون نموذجا للتعايش والأخوّة الإنسانية».
وعقد الحبر الأعظم وشيخ الأزهر لقاءات عدة في السابق، أحدها في مصر في العام 2017. ويترأّس الشيخ الطيب «مجلس حكماء المسلمين» الذي تأسّس في أبوظبي بهدف «تعزيز السِلم في المجتمعات المسلمة»، كما يقول موقعه على الإنترنت.

وبالنسبة للفاتيكان، فإن حضور اللقاء الديني المرتقب هو «رسالة» الزيارة الـ27 للبابا الى الخارج.

  قدّاس غير مسبوق   
وسيزور البابا المغرب في نهاية مارس. في الإمارات، يتوقع أن يكرّر دعواته إلى الانفتاح والحرية الدينية والأخوّة والسلام، علما أن الحوار الديني، خصوصا مع المسلمين، حظي باهتمام كبير من جانبه منذ أن وصل الى سدّة البابوية قبل ست سنوات.
ويعيش نحو مليون كاثوليكي، جميعهم من الأجانب، في الإمارات حيث توجد ثماني كنائس كاثوليكية، وهو العدد الأكبر مقارنة مع الدول الأخرى المجاورة (أربع في كل من الكويت وسلطنة عمان واليمن، وواحدة في البحرين، وواحدة في قطر).

وتتوقّع السلطات الإماراتية مشاركة نحو 135 ألف شخص في قداس اليوم الثلاثاء في ملعب لكرة القدم.
وسيحضر آخرون القداس من خارج الملعب. وسيصل البابا إلى موقع الحدث بسيارته ويقوم بتحية هؤلاء.

وتسمح الإمارات بممارسة الشعائر الدينية داخل الكنائس، وهي المرّة الأولى التي يقام فيها قدّاس بهذا الحجم في الهواء الطلق في الدولة الخليجية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى