متى يتحقق حلم إعادة إعمار المنازل المتضررة من الحرب في لحج؟

> تقرير/ خاص

>  لايزال الوضع في محافظة لحج يعاني من ويلات الحرب، فيما منازل المواطنين التي تعرضت للتدمير بسبب الحرب لاتزال أطلالا للسنة الرابعة على التوالي، وأصبح أغلب المواطنين المتضررين يعيشون خارج أو داخل منازلهم المدمرة بأحلام الوعود التي تقطعها السلطات سنة بعد أخرى بإعادة أعمار منازلهم.  
كشفت إحصائية أولية صادرة عن مكتب الأشغال العامة والطرق في محافظة لحج أن عدد المباني والمنشئات السكنية والتجارية المتضررة من الحرب في مديريات الحوطة وتبن والمسيمير بلغت 1400 منشأة ما بين تضرر كلي وجزئي شملت المباني الجديدة والمتوسطة والقديمة، بتكلفة تقديرية، حسب المختصين، بلغت 4 مليارات و500 مليون ريال في المديريات الثلاث.

وبينت إحصائية أخرى أن 54 منزلا في مدينة الحوطة عاصمة لحج وحدها تعرضت للهدم الكلي والتدمير جراء الحرب، فيما تضرر 117 منزلا، إضافة إلى 1212 منزلا بحاجة إلى ترميم.
كل تلك الأرقام لازالت رهينة الملفات المغلقة، كونها من الملفات الشائكة التي لم تحظَ باهتمام الحكومة، وهو الملف الأهم الذي ينتظره الكثير من المواطنين الذين تضررت منازلهم جراء الحرب.

حضور للمنظمات وغياب للحكومة
ورغم التدخلات من قبل بعض المنظمات الدولية والمحلية في تقديم المساعدات للأسر المتضررة والتي تمثلت في توزيع المبالغ المالية لبعض المستهدفين بغرض ترميم منازلهم، حيث صرفت إحدى المنظمات الدولية المانحة ما يقارب خمسمائة ألف دولار أمريكي لترميم 636 منزلا بمديريتي الحوطة وتبن تضررت أثناء الحرب، فيما ساهمت الهيئة الكويتية ضمن مشروع «الكويت إلى جانبكم» بتقديم الدعم المالي لترميم عشرات المنازل في مديرية تبن، ناهيك عن الدعم المستمر من قبل المنظمات المانحة للمتضررين من الحرب وتقديم بعض مواد البناء البسيطة، كل تلك التحركات من قبل المنظمات والمؤسسات رافقها غياب شامل للدور الحكومي تجاه هذا الملف الذي يعد من الملفات الهامة التي ترتبط بحياة واستقرار المواطنين الذين تضاعفت معاناتهم بسبب هذا الإهمال من قبل الحكومة، ولايزال البعض منهم يقطنون في مرافق حكومية، فيما أرغم آخرون على الخروج من تلك المرافق وعادوا للعيش في منازلهم المدمرة في انتظار التعويض والإعمار.

المواطن سند محمد عوض تعرض منزله لأضرار كبيرة أثناء الحرب وانهارت أجزاء منه ما اضطره للسكن في أحد المقار الحكومية لفترة قبل أن ترغمه السلطات على مغادرته إثر تفاهمات لينتقل للعيش في بيت للإيجار لم يستمر فيه طويلا، واضطر عقب نفاد مبلغ الإيجار الذي أعطي له للعودة إلى السكن في منزله المدمر مجددا على أمل أن تبدأ عملية إعادة الإعمار.
ويقول سند إنه «يسكن ضمن أربع أسر في بيته المدمر ويعيشون في بعض الأجزاء الصالحة للسكن فيه، في ظل ظروف صعبة لا يعلم ماذا يخفي له القدر، وهو يعيش على أمل البدء بعملية إعادة الإعمار التي طال انتظارها».

وفي أواخر عام 2018م أعلن مدير عام مديرية الحوطة أنيس العجيلي في العديد من وسائل الإعلام أن «عملية إعمار المنازل المتضررة ستبدأ مع بداية العام 2019م»، لكن بحسب بعض المختصين الذين أكدوا عدم وجود أي تحرك جدي على أرض الواقع يبشر بالبدء بعملية إعادة الإعمار، وهو ما شكل صدمة تلقاها المواطنون المتضررون الذين استبشروا وتفاءلوا كثيرا بوعود السلطة المحلية لهم.

لا بوادر لإعادة الإعمار
جمال الخديوي، أحد المتضررين، يعيش في منزل دمرته الحرب وجاهد من أجل أن يقيم ستارا وحاجزا من الخشب لمنزله المدمر، وقد أشار إلى أنهم ملوا من عملية التسجيل والقيد المتكررة من قبل العديد من الجهات في السلطة المحلية دون أن تكون هناك بوادر وخطوات جدية للتعويض، فمنزله، حسب قوله، أصبح خرابة ولا يصلح للسكن، ولكن ماذا يعمل وإمكانياته لا تسعفه بأن
يستأجر منزلا ليعيش فيه؟ّ
وتقدم الجهات ذات العلاقة مبررات مختلفة لعدم قيامها بإعادة إعمار المنازل التي تعرضت للتدمير في الحرب، وتزعم أن عملية إعادة الإعمار لا يمكن أن تتم في ظل عدم استكمال أعمال الحصر للأضرار التي تعرضت لها منازل المواطنين في العديد من مديريات المحافظة، إضافة إلى أن  المواجهات المسلحة التي لا تزال قائمة في بعض المناطق المتاخمة لحدود المحافظة بين المليشيات من جهة والمقاومة والجيش الوطني من جهة أخرى تعيق ذلك.

ومرة يزعمون بأن الحكومة مازالت تبحث عن تمويل من قبل بعض الدول المانحة لتبدأ عملية إعادة إعمار المنازل والمنشئات في ظل عدم توفر الإمكانيات المالية الضخمة من ميزانيتها لإعادة الإعمار في المحافظات المحررة.
المواطن فيصل عبده الجابري، أحد المتضررين، يعاني هو الآخر مرارة السكن ولازال يسكن مع 9 أسر أخرى تعرضت منازلها للدمار أثناء الحرب في مبنى حكومي، ويعيش معاناة لا تختلف عن معاناة الآخرين المتضررين، فهم جميعا يعيشون خارج منازلهم على أمل التعويض بانتظار البدء في إعادة الإعمار.

وقال إنه «منذ أن اضطر للسكن في هذا المبنى الحكومي بمدينة الحوطة لم يشاهد أي جهة حكومية قامت بزيارة إلى المبنى لنقل معاناة المتضررين الساكنين فيه، فهم يستمعون إلى كلامهم دون تنفيذ على أرض الواقع، فيما منزله الذي يقع في إحدى الحارات القديمة مدمر».
أما المواطن محمد عبدالله عمر فقال: «لم أجد أمامي غير القيام بزيارة موقع منزلي الذي تم تسويته بالأرض لأتذكر كل جميل فيه، وحاليا أعيش مع أسرتي في منزل، وأسرة أخي بمنزل آخر ملاصق لمنزلنا».

ومحمد له حكاية أخرى ويكشف أنه نجا من موت محقق أثناء الحرب حيث كان يقوم بين الحين والآخر بتفقد منزله وبعد خروجه في إحدى المرات من منزله تعرض لقذائف دمرت المنزل وهو على بعد عشرات الأمتار، ولازال يزور منزله مع أطفاله ليتذكر ما حدث له.

الأضرار والخسائر طالت التجار أيضا
لم يقتصر الضرر على المواطن العادي فقط، بل إنه امتد ليشمل تجارا صغارا خسروا كل ما يملكون بسبب العبث الذي ارتكبته المليشيات الحوثية في المحافظة وضواحيها.
عمر علوي من أبناء منطقة عبر لسلوم كان يملك منزلا مكونا من ثلاثة أدوار في القرية، وأثناء الحرب حوله عدد من رجال المقاومة الشعبية إلى مركز لتنفيذ عمليات ضد المليشيات حيث تسببت تلك العمليات بمقتل العشرات من الحوثيين إلا أن الضغط على المقاومة كان كبيرا ما أدى إلى إنسحابهم من منزل المواطن علي علوي، لتسيطر بعدها المليشيات على المنطقة ويتعرض منزله للتدمير بشكل كامل.

وقال علي علوي «منزلي دمر وتعرضت تجارتي لخسائر كبيرة جراء ف قدان كافة المواد التي وضعت في أحد المخازن بالمنزل وصلت قيمتها إلى ما يقارب 90 مليون ريال، ولازلت على أمل أن تقوم الحكومة بتعويضنا عنها جراء ما تعرضت له، ولكن إلى متى هذا الإهمال؟!».
كل تلك الأحاديث للعديد من المواطنين الذين تضررت منازلهم جراء الحرب أجمعت على مطالباتهم بالتعويض وإعادة الإعمار.

وتبقى العديد من التساؤلات والملاحظات: لماذا لم تقم السلطة المحلية إلى الآن بتنفيذ حصر شامل للمنازل المتضررة في مختلف مناطق المحافظة بطريقة علمية ووفق معلومات دقيقة ينفذها متخصصون، مع ضرورة إنشاء قاعدة بيانات إلكترونية تتضمن كل التفاصيل المطلوبة، والمعلومات الدقيقة والبيانات الصحيحة لأعمال الحصر والمسح من قبل الجهات المختصة في السلطة المحلية التي ستساهم في إيجاد قاعدة بيانات إلكترونية قد تدفع بالعديد من المنظمات للاعتماد عليها في تنفيذ مشاريعها لإعادة إعمار المنازل المتضررة، نظرا لأن بعض هذه المنظمات تلجأ إلى تنفيذ أعمال الحصر بنفسها في ظل عدم وجود تلك البيانات التي يفترض أن تكون متوفرة وجاهزة، ولابد من إنشاء مكتب خاص تابع للسلطة المحلية تكون مسؤوليته الإشراف على عمليات الحصر والتواصل مع كافة الجهات الحكومية والمانحة حتى لا يحدث إرباك من قبل العديد من المنظمات التي تحاول أن تساهم في تقديم المساعدة للمواطنين؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى