من أجل الوطن

> لينا حسن جعفر

>
​كانت هناك امرأة لديها توأم «ولد اسمه محمود وبنت اسمها ملاك» والأم اسمها مريم والأب اسمه محمد، فكان محاربا، وأولاده لم يروه حتى صار عمرهم 5 سنوات، فكان محمود دائما يسأل عن أبيه، فكانت أمهم مريم تقول لهم يأتي في المساء وأنتم نائمون ويذهب وأنتم نائمون في الفجر، فقال محمود لماذا لا تصحينا لكي نراه، فقالت الأم لا أريد إزعاجكم لأنه يأتي متأخرا، كان أبوهم كلما يأتي يحضر لهم ألعابا وحلويات، وعندما كبر الأولاد صار عمرهم 10 سنوات، وفي يوم طلبوا في المدرسة أولياء الأمور فرجع محمود إلى البيت قال لأمه لقد طلبوا أبي، ماذا أقول لهم، فقالت الأم مريم «أنا سوف آتي معك».. فقال محمود ولما كل الأولاد سوف يأتي أباهم وأنا أريد أبي، وإلى متى يظل أبونا بعيدا عنا، الآن نحن في حاجته يا أمي، أنا اليوم سوف أسهر لما يأتي أبي وأراه.

قالت الأم: اليوم لن يأتِ فهو مشغول في عمله. فقال ولدها محمود: وماذا يعمل. ردت الأم مريم: في قطاع خاص ولا يعطى له إجازة.. فقالت البنت ملاك: بس إلى متى يتركنا ويظل بعيدا عنا، يا أمي صفي لي أبي. ردت الأم: هو جميل طيب القلب حنون يحبكم كثيرا يفضل أن يتعب لكي يسعدكم ولكي يوفر لكم كل شيء حتى لا يحرمكم من أي شيء، وسألت الأم أولادها هل كان مقصرا معكم؟.. ردت ابنتها ملاك: لا، بس احنا محتاجين أبا نراه مثل كل الأولاد.. فقالت الأم: سوف يأتي وترونه وتلعبوا معه، يكفي اتعبتوني بأسئلتكم.

وفي يوم أتى أبوهم محمد وأخبرته مريم بكل ما حصل، فقهر محمد وقال: أنا ما أقدر أخليهم يروني، هذا صعب لما أموت خليهم يتصورني بخيالهم صورة جميلة، وفجأة فُتح باب غرفة مريم ومحمد وكان ولده محمود يرى أباه وصرخ بصوته مرددا إنه الشبح.. الشبح.. يا أمي أبعدي هذا الشبح، فمسكت يد ولدها محمود وقالت له: هذا ليس شبحا بل أباك، صرخ محمود وقال: لا هذا ليس أبي، فقامت اخته ملاك إثر سماعها صراخ أخيها محمود ورأت أباها صرخت هي الأخرى، فكان والدهم مشوها في وجهه نتيجة إصابته بشظايا أثناء الحرب، حيث شوهت صورته، فقالت أمهم هذا أبوكم الذي ضحى بنفسه لكي تعيشون، والآن تصرخون من وجه أبيكم هذا جزاؤه، فبكى والدهم من تصرف أولاده، ولما رآه ولده محمود اقترب منه وحاول أن يمسح دمعت أبيه وقال له: أنا آسف يا أبي، فأنا فخور بك، وأريدك أن تجلس معنا ولا تخاف من الناس.. فقال أبوه لا يا ابني من يراني يخاف مني.

قالت ابنته ملاك أنا بكرة سوف آخذك إلى المدرسة لكي يراك كل الذي في المدرسة وسوف أخبرهم من أنت، وماذا فعلت من أجل أن نعيش فأنت ضحيت بنفسك من أجلهم.. ففكر والدهم.. فقالت زوجته مريم: كلام الأولاد على حق، فإلى متى ستخفي صورتك من البشر، وفي اليوم الثاني ذهب الأب محمد مع أولاده إلى المدرسة، مغطيا صورته ولما دخل إلى الطابور قال ولده محمود للمديرة: أريد أن أتكلم أمام كل الطلبة لو سمحتِ، فقال لأبيه تعال يا أبي وفتح الغطاء عن وجهه ورآه الجميع صرخ، فقال ولده محمود للجميع: هذا أبي قاتل من أجلنا وضحى بنفسه من أجلنا.. هذا أبي أنا فخور به لأنه حارب من أجلنا، ولاحظوا ما حدث له من تشوهات بسبب إصابته في الحرب.. صفقت المديرة وكل المدرسين والطلبة.. فقالت المديرة: احنا مديونين بهذا الرجل وغيرهم.. فخورين به لأنه بطل ونحن نهنئك ونهنئ أولادك محمود وملاك الله يحفظهم لك.

ثم خرج محمد وبعد ذلك لم يعد يغطي وجهه من البشر وعاشوا سعداء..


> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى