الأمم المتحدة تحاول في الرمق الأخير "تطمين الحوثيين" لتنفيذ اتفاق السويد

> «الأيام» غرفة الأخبار

>
 تتراجع آمال السلام التي أحياها اتفاق السويد، وتبرز القناعة بحتمية الحلّ العسكري لإقفال ملف الصراع الذي طال أمده واشتدت وطأته على اليمنيين، وأشاع حالة من القلق في داخل الإقليم وخارجه؛ ما دفع المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى معاودة تحركاتهما لإنقاذ اتفاقات السويد والحيلولة دون انهيار وقف إطلاق النار في الحديدة بصورة شاملة مع تزايد الخروقات الحوثية وتلويح الحكومة اليمنية باستئناف مسار الحسم العسكري.

فقد عبر بيان صادر عن سفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن لدى اليمن، أمس الأول، عن قلق (بريطانيا والولايات المتحدة والصين وفرنسا وروسيا) من تعثر الاتفاقات التي تم التوصل إليها في ستوكهولم في ديسمبر 2018 والتي لم ينفذ أي من بنودها المتعلقة بإعادة الانتشار في الحديدة، وتبادل الأسرى والمعتقلين، وتعز.

وجدد البيان دعم جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة، مارتن جريفيثس “لضمان أسرع تنفيذ ممكن للترتيبات المتفق عليها في ستوكهولم لإعادة الانتشار من موانئ ومدينة الحديدة”. كما دعا البيان جميع الأطراف إلى “ضمان قيام بعثة المراقبة التابعة للأمم المتحدة بأداء عملها بأمان ودون تدخل”.

ونقلت جريدة الشرق الأوسط عن مصدر دبلوماسي غربي قوله إن أسباب عدم تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق الحديدة تتعلق «بانعدام الثقة عند الحوثيين، وهناك جهود لا تزال جارية لإعطاء تطمينات كافية للأطراف المعنية بغية تطبيق هذه المرحلة الحيوية من الاتفاق».

وتزامن التحرك الدبلوماسي الدولي لحلحلة المسار السياسي في الملف اليمني مع استئناف رئيس بعثة المراقبين الدوليين في الحديدة مايكل لوليسغارد لقاءاته مع ممثلي الحكومة والحوثيين في لجنة تنسيق إعادة الانتشار التي وصلت جهودها خلال الفترة الماضية إلى طريق مسدود، الأمر الذي دفع أطرافا فاعلة في إدارة الملف اليمني في المحافل الدولية إلى التلويح بتبني إجراءات أشد صرامة تجاه الطرف المعرقل.

وتأتي التداعيات السياسية الأخيرة، في أعقاب تزايد التصعيد الحوثي في الحديدة من خلال القصف المتواصل لمواقع قوات المقاومة المشتركة جنوبي وشرق المدينة، وصولا إلى استهداف ممثلي الفريق الحكومي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار، في تصعيد جديد يستهدف إعاقة الجهود التي يبذلها لوليسغارد لتنفيذ الجزء المتعلق بالحديدة وموانئها في اتفاقات ستوكهولم والتي لا تزال تقابل برفض شديد من الميليشيات الحوثية.

وكشف مصدر في الفريق الحكومي لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية عن قيام جماعة الحوثي باستهداف الفريق بصواريخ كاتيوشا “أثناء اجتماع اللجنة بالقادة الميدانيين في الحديدة لغرض الاستعداد لتنفيذ المرحلة الأولى من إعادة الانتشار بناء على ما تم الاتفاق عليه مع المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن جريفيثس والحكومة الشرعية”.

وساهمت المواجهات التي شهدتها منطقة حجور بمديرية كشر في محافظة حجة في تأزيم المشهد اليمني، في ظل توارد الأنباء عن ارتكاب الميليشيات الحوثية لانتهاكات كبيرة بحق سكان المنطقة الذين خاضوا مواجهة مسلحة ضد الحوثيين استمرت لما يقارب الشهرين قبل إحكام الميليشيات سيطرتها على المنطقة ومقتل عدد كبير من قادة المقاومة فيها.

وأعقبت انهيار جبهة حجور عودة وزير الدفاع اليمني محمد المقدشي إلى محافظة مأرب والاجتماع بقادة المناطق العسكرية والإعلان، وفقا لمواقع رسمية يمنية نقلت عن المقدشي إعلانه، عن “رفع الجاهزية القتالية في جميع وحدات الجيش الوطني، استعدادا لمعركة الحسم”.

ووصف مراقبون سياسيون يمنيون تحرك وزير الدفاع اليمني بأنه محاولة لامتصاص حالة الغضب التي سادت الشارع اليمني نتيجة سقوط منطقة حجور في محافظة حجة وعدم تحرك الحكومة اليمنية والجيش الوطني في وقت مبكر لمساندة المقاومين هناك.

واعتبر خبراء عسكريون معركة حجور التي تمكن الحوثيون من حسمها جزءا من معركة الحديدة نتيجة للموقع الاستراتيجي لمنطقة “كشر” والتي كانت تمثل مصدر قلق للحوثيين لاقترابها من محافظتي الحديدة وعمران على حد سواء، وهو ما دفع الميليشيات إلى استغلال الهدنة في الحديدة لإنهاء أي مصدر تهديد لوجودهم في محافظة حجة.

وخلال الأيام الماضية بدا أن المتمرّدين الحوثيين يعملون بشكل كثيف وممنهج على الإجهاز على الاتفاق، ما جعل دوائر سياسية يمنية تتحدّث عن تلقيهم أوامر من إيران للتصعيد على أكثر من جبهة.
وكثيرا ما يربط مراقبون تحرّكات الحوثيين في اليمن بالسياسة الإيرانية وأجندة طهران في المنطقة، والتي تقوم على فتح بؤر للتوتر والحفاظ على اشتعالها.

وفتُر التحرّك الأممي لتنفيذ اتفاق السويد، وبدا أن مارتن جريفيثس قد وصل إلى نهاية الطريق في محاولاته إقناع المتمرّدين الحوثيين بتنفيذ بنود الاتفاق.
ونعى مصدر في حكومة الشرعية اليمنية اتفاق السويد. وقال ماجد فضائل وكيل وزارة حقوق الإنسان في حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي عن الاتفاق “يمكن القول إنه أصبح ميتا بسبب تعنت ميليشيا الحوثي”.

جاء ذلك بينما أعاد الحوثيون نشر مقاتليهم في المرتفعات شرق مديرية حيس وفي مناطق التماس بمديريات التحيتا والدريهمي وبعض أجزاء من مديرية بيت الفقيه. وزرعوا كميات كبيرة من الألغام والمتفجرات في الطرقات والمزارع.
وقال مأمون المهجمي المتحدث باسم ألوية العمالقة التابعة للجيش اليمني في جبهة الساحل الغربي إن “الميليشيا استغلت الهدنة وتوقّف طائرات تحالف دعم الشرعية عن استهدافها، فاستقدمت تعزيزات عسكرية كبيرة إلى مواقعها في مناطق جنوب الحديدة، حيث حشدت أعدادا كبيرة من المقاتلين والدبابات والأسلحة الثقيلة”.

إلى ذلك قدم الأمين العام للأمم المتحدة قدم جوتيريش تقريراً بشأن التقديرات المتعلقة ببعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة التي أنشأها مجلس الأمن بموجب القرار 2452، دعماً لتنفيذ الاتفاق المتعلق بمدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى على النحو المبيّن في اتفاق استوكهولم، موضحاً أن الحاجات الأولية من 1 أبريل إلى 30 يونيو 2019 تصل إلى 17 مليوناً و640 ألفاً و800 دولار أميركي (بعد حسم الاقتطاعات الإلزامية من مرتبات الموظفين).
وقال: «تنطوي البعثة على نشرٍ أوّليٍّ لما يصل عدده إلى 75 مراقباً من الأمم المتحدة وستضم موظفين إضافيين يتمتعون بطائفة من الخبرات الفنية وفي مجالات الإدارة والدعم والأمن، تبعاً لما تحتاج إليه البعثة من أجل الوفاء بولايتها» التي تشمل:
(أ) قيادة ودعم عمل لجنة تنسيق إعادة الانتشار، بمساعدة أمانة تتألف من موظفين من الأمم المتحدة، للإشراف على وقف النار، وإعادة انتشار القوات، وعمليات نزع الألغام على نطاق المحافظة.
(ب) رصد امتثال الطرفين لوقف النار في محافظة الحديدة، وإعادة نشر القوات على أساس متبادل من مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى.

(ج) العمل مع الطرفين حتى تكفل قوات الأمن المحلية أمن مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، وفقاً للقانون اليمني.
(د) تيسير وتنسيق الدعم المقدم من الأمم المتحدة لمساعدة الطرفين على التنفيذ الكامل لاتفاق الحديدة. وأضاف أنه «يجب أن يكون للبعثة وجود سريع الحركة مصمم لرصد امتثال الطرفين، وحيثما أمكن، العمل بشكل موضوعي على التثبت من الوقائع والظروف على الأرض وعلى تقييمها»، معتبراً أن البعثة «ستسهم في الحفاظ على العملية السياسية الهشة التي أعاد المبعوث الخاص إطلاقها»، مما قد «يوفر دعماً مهماً لجهوده الرامية إلى تيسير عملية سياسية جامعة هدفها التوصل إلى تسوية تفاوضية تضع حداً دائماً للنزاع الدائر في اليمن».

وأفاد بأن النشاطات الأولية التي نُفِّذت حتى الآن تضمنت «الإيفاد الفوري للفريق المتقدم والبعثة إلى الحديدة والتركيز على الاتصال والتعاطي المباشرَين مع الطرفين في النزاع»، فضلاً عن «نشاطات مهمة في مجالي التخطيط والعمليات بما يكفل توفُّر وإنشاء الموارد والقدرات المناسبة لتنفيذ مهمات البعثة بشكل آمن وفعال ومستدام».

وحض الطرفين على إبداء «التزام مطرد وملموس بالتنفيذ والتقيد على نحو تام بالتزاماتهما باحترام وقف النار بما في ذلك إعادة نشر القوات إلى خارج مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، ووقف إرسال التعزيزات العسكرية» إلى هذه المناطق، مع «إزالة المظاهر المسلحة من مدينة الحديدة».

وأكد أن «الإشراف على الوفاء بهذه الالتزامات سيشكل الأساس الذي سترتكز عليه مهام الرصد في البعثة التي يجب أن تكون مصممة ومزودة بما يكفي من الموظفين والمعدات بما يتيح لها الاضطلاع بمهام المراقبة والرصد والإبلاغ المطلوبة»، موضحاً أنه «لكي يتسنى للبعثة أن تقوم بمهماتها على نحو تام، يجب أيضاً منحها الحرية التامة في التنقل والعمل لأغراض الاضطلاع بالنشاطات المنوطة بها»، مما يعني «تمتعها بحريَّة التنقل والعمل ووصولها من دون عوائق إلى المناطق والوحدات والبنى التحتية الخاضعة لسيطرة الطرفين، وحرية تنقلها عبر خطوط المواجهة أو الحدود في الأوقات والأماكن التي تختارها البعثة، وضمان المرور بسلامةٍ وأمنٍ لأفراد البعثة في كل أنحاء منطقة البعثة».

وشدد أيضاً على أنه «كي يتسنى للبعثة الوفاء بولايتها، ينبغي عدم استئناف العمليات القتالية الكبرى بين الطرفين في محافظة الحديدة، وعدم وجود أي معوقات عسكرية مستمرة قد تحول دون استخدام طرق الإمداد الرئيسية إلى منطقة البعثة ومنها. وحتى الآن، ما من إشارة تدل على معاودة الأعمال العدائية الكبرى، ما يتيح نشر ودعم الفريق المتقدم وموظفي البعثة ومواردها الذين نُشروا في المرحلة الأولية، إلا أن أعمال العنف والجريمة ما زالت مستمرة في أماكن أخرى، إلى جانب التهديدات غير المتكافئة التي تشكلها الجهات من غير الدول».

وكشف أن الحاجات المالية المشار إليها «تغطي تكاليفَ النشر التدريجي لـ75 من مراقبي الأمم المتحدة و20 من الأفراد المقدمين من الحكومات و105 من الموظفين المدنيين، وكذلك التكاليف الاستهلالية للإقامة والقدرات اللوجستية».​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى