الحوثيون يواجهون الغضب الدولي بمزيد من التهديد والتصعيد

> «الأيام» غرفة الأخبار

> دوافع الحوثيين تتنوع، من خطابهم التصعيدي، ما بين تلبية المطالب الداخلية للجماعة ومواجهة التغير في المزاج الدولي تجاه ممارساتها، وبين إملاءات خارجية تفرضها احتياجات إيران لإظهار طهران قادرة على تحريك أدواتها وأذرعها في المنطقة بمواجهة الضغوط الأمريكية الشديدة عليها.
وجدّدت الجماعة تهديداتها باستهداف العاصمتين السعودية والإماراتية بواسطة الطائرات المسيرة، وفق ما نقلته مصادر إعلامية عن المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، الذي قال في مؤتمر صحافي عقده بصنعاء: «أصبحت لدينا صور جوية وإحداثيات لعشرات المقرات والمنشآت والقواعد العسكرية التابعة للعدو»، مضيفا أن «دخول سلاح الجو المسير في المعركة عزز بنك أهداف القوة الصاروخية».

وأكد سريع على انتهاء الميليشيات من «إنتاج وصناعة أجيال متقدمة من الطائرات الهجومية، وهناك منظومات جديدة ستدخل الخدمة مستقبلا».
وأعلن الحوثيون في فترات سابقة عن وصول طائرات مسيرة دون طيار إلى مواقع متقدمة وحساسة في الإمارات والسعودية، غير أن خبراء يجزمون بعدم قدرة هذه الطائرات، التي يرجح أنها إيرانية الصنع، على الوصول إلى مسافات بعيدة بالنظر إلى تقنيتها البدائية.

ويصف مراقبون تلك التهديدات بالصورية، مؤكّدين افتقارها إلى أي سند تقني، وأن هدفها دعائي وإعلامي بالدرجة الأولى لإثارة حماس الأتباع داخليا، ولجلب الأضواء خارجياً.
وتتزامن التهديدات الحوثية القديمة المتجدّدة مع جولة مرتقبة لوزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في المنطقة، وتأتي في إطار المساعي الأمريكية لمحاصرة النفوذ الإيراني ومواجهة أذرعه العسكرية مثل حزب الله والجماعة الحوثية. كما يأتي التصعيد الحوثي بالتوازي مع تصاعد حدة الانتقادات الدولية والأممية التي باتت توجه للميليشيات وتحمّلها مسؤولية فشل تنفيذ اتفاقات السويد.

ويترافق التهديد الحوثي الجديد مع انتقادات حادة وجهها قادة في الجماعة الحوثية اتهموا الولايات المتحدة وبريطانيا بالتحضير لعمل عسكري في الحديدة، بحسب ما أعلنه رئيس ما يسمى اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي، الذي علق على التصريحات الأمريكية والبريطانية الأخيرة في تغريدة على تويتر قال فيها: «إنّ التهديدات الصادرة من الخارجية الأمريكية والخارجية البريطانية بالإضافة إلى المعلومات المتوفرة لدينا تبيّن أن هاتين الدولتين، بالإضافة إلى السعودية والإمارات، تعملان بجد لتكرار معركة الحديدة من خلال خلق مبررات واهية تختلف مع الواقع ومع اتفاق ستوكهولم».

ويقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي صالح البيضاني: «إن الجماعة الحوثية تتعمد خلق أجواء من التوتّر والتصعيد سواء عبر تحرّكاتها العسكرية وتكثيف تحرّشها بالهدنة المعلنة في الحديدة أو عبر الخطاب السياسي والإعلامي لقادتها، وذلك في ارتباط بعاملين يتعلّق أحدهما بالجماعة ذاتها التي أصبحت تحت مجهر الملاحظة الأممية والدولية باعتبارها المعرقل لجهود السلام، ويرتبط الثاني بأوضاع إيران ذات السطوة على قرار الجماعة، وما تتعرّض له من ضغوط أمريكية تدفعها إلى محاولة خلط الأوراق عبر إذكاء بؤر التوتّر في المنطقة».

وتشير عدّة تطورات إلى الارتباط الوثيق بين التصعيد الحوثي والضغوط المتزايدة على إيران وحزب الله اللبناني والتوجه الأمريكي إلى تشديد العقوبات على النظام الإيراني وإدراج بريطانيا حزب الله في قائمة الجماعات الإرهابية، في إطار التوجه الدولي لتضييق الخناق على إيران وأدواتها العسكرية والسياسية.
وتتنوع الرسائل الحوثية خلف هذا التصعيد، ما بين تلبية المطالب الداخلية للجماعة ومواجهة التغير في المزاج الدولي تجاه ممارسات الحوثيين ورفضهم تنفيذ اتفاقات ستوكهولم، وبين إملاءات خارجية تفرضها احتياجات إيران وأذرعها العسكرية المتزايدة لإظهار قدرة طهران على تحريك أدواتها في المنطقة والتلويح باستهداف حلفاء واشنطن عن طريق أذرع النظام الإيراني في اليمن ولبنان والعراق وسوريا.

وكانت الخارجية الأمريكية قد جددت موقف واشنطن الداعم للتحالف العربي في اليمن كجزء من إستراتيجية المواجهة مع إيران، رداً على التصويت في الكونجرس الأمريكي الذي تبنى مطالب وقف تقديم أي دعم عسكري للتحالف الذي تقوده السعودية.
وأكد وزير الخارجية مايك بومبيو، في مؤتمر صحافي، على ضرورة استمرار تقديم الدعم للتحالف العربي لمنع ما وصفه بالتوسع الإيراني في المنطقة، والحيلولة دون سيطرة إيران على الممرات البحرية في المنطقة.

وشهد الموقف الأمريكي تحولا بارزا حيال الميليشيات الحوثية في اليمن باعتبارها جزءاً من تداعيات الملف الإيراني، الذي تؤكد عدّة مؤشرات سياسية على نية الإدارة الأمريكية الحالية إيصاله إلى مستوى جديد، قبيل الانتخابات الأمريكية.
الباحث السياسي اليمني، فارس البيل، يصف التحول في الموقف الأمريكي بأنه فاتحة لتحول الموقف الدولي عموما واكتمال الصورة بخصوص مشروع إيران في اليمن، بغض النظر عن المعيارية التي ما زالت تمارس، والتي لم يعد بمقدورها أن تخفف من دور إيران في تقويض الدولة اليمنية وتهديد أمن المنطقة عبر الميليشيات الحوثية.

وأضاف البيل في تصريحات صحفية نقلتها أمس جريدة العرب اللندنية: «هذا التحول نابع من قناعة الإدارة الأمريكية وأسلوبها في التعامل مع إيران بجلاء ووضوح في تحديد مخاطر إيران على المنطقة والسلم الدولي، والدفع بهذا التصور إلى الواجهة أسهم في مشروعية دعم التحالف العربي لتثبيت أمن المنطقة من خلال محاربة الحوثي في اليمن وأزال البعضَ من اللبس بخصوص دور التحالف، كما أنه أخرج الملف اليمني من حالة الإهمال إلى واجهة المحافل الدولية بسبب تدخل إيران المباشر في اليمن. وهذا الارتباط وإن سلط الضوء بشكل كبير على ما يحدث في اليمن، فإنه جعل للمشكلة اليمنية بعداً دوليا يقتضي ضرورة التحرك لمحاصرة إيران ووقف أعمالها العدائية وحفّز على فرض عقوبات جديدة عليها وعزلها دوليا، وباتت إيران التي كانت تخفي أيضا علاقتها بالحوثي لا تجد عذرا الآن في التهرب من مسؤولية ما يحدث في اليمن».​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى