مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية في شرق سوريا ينكفئون إلى ضفاف نهر الفرات

> الباغوز «الأيام» ربى الحسيني وتوني جمال غابريال

> يتصدى آخر مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، بعد انكفائهم إلى مساحة صغيرة عند الضفة الشرقية لنهر الفرات، لهجوم قوات سوريا الديمقراطية، في محاولة منهم للدفاع عن ما تبقى من «خلافة» متداعية في شرق سوريا.
وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية، أمس الثلاثاء، سيطرتها على مخيم الباغوز، وحصارها مقاتلي التنظيم في جيوب صغيرة قرب النهر الذي تقع بلدة الباغوز على ضفافه الشرقية.

وتوشك قوات سوريا الديمقراطية بعد ستة أشهر من هجوم بدأته ضد آخر معقل للتنظيم في ريف دير الزور الشرقي، على إعلان انتهاء «الخلافة» التي أقامها التنظيم على مناطق واسعة سيطر عليها في سوريا والعراق المجاور في العام 2014، بعد سنوات أثار فيها التنظيم الرعب حول العالم.
وقال مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية مصطفى بالي في تغريدة الثلاثاء إن قواته «سيطرت على مخيم داعش في الباغوز»، وهو عبارة عن خيم عشوائية باتت مهجورة بينها عشرات السيارات والشاحنات الصغيرة المتوقفة وبعضها محترق، عند أطراف البلدة.

وأضاف هذا «ليس إعلاناً للنصر ولكن تقدماً هاماً في القتال ضد داعش».
وفي تصريح لوكالة فرانس برس، أوضح بالي «تقدمت قواتنا إلى المخيم وتمت السيطرة عليه بشكل تام»، لافتاً إلى «اشتباكات متواصلة مع استمرار مجموعة من إرهابيي التنظيم، محتجزة في منطقة صغيرة، في القتال»، من دون أن يتضح عددهم.

ومنذ يومين، تستهدف هذه القوات بالقصف جيب التنظيم، تزامناً مع ضربات جوية للتحالف الدولي بقيادة أمريكية. وجاء ذلك بعد تضييقها الخناق على مقاتلي التنظيم وتطويقهم من ثلاث جهات. ولم يبق لديهم منفذاً سوى النهر الذي تسيطر قوات النظام السوري على ضفافه الغربية.
ومن على قمة جرف صخري مطل على مخيم الباغوز، شاهد فريق فرانس برس الإثنين مقاتلين من قوات سوريا الديمقراطية وهم يستهدفون بالأسلحة الرشاشة وقذائف الهاون والمدفعية تحركات مقاتلي التنظيم بين القصب قرب نهر الفرات، توامناً مع توجيه طائرات التحالف ضربات جوية.

«مئات الجرحى»
وأجلت قوات سوريا الديمقراطية وفق بالي «مئات الجرحى الذين تركهم الإرهابيون خلفهم» وتم نقلهم الثلاثاء إلى «مستشفيات عسكرية قريبة للعلاج».
وتشنّ قوات سوريا الديموقراطية منذ التاسع من  فبراير هجوماً على جيب التنظيم في بلدة الباغوز، في إطار عملية واسعة بدأتها قبل ستة أشهر لطرد التنظيم من معقله الأخير في ريف دير الزور الشرقي، بدعم من التحالف الدولي بقيادة أمريكية.

على وقع تقدمها العسكري، أحصت هذه القوات خروج أكثر من 66 ألف شخص من جيب التنظيم منذ مطلع العام، بينهم 37 ألف مدني و5000 جهادي ونحو 24 ألفاً من أفراد عائلاتهم. كما أفادت عن اعتقال «520 إرهابياً في عمليات خاصة».
ويرتب هذا العدد أعباء كبيرة على قوات سوريا الديمقراطية، مع اكتظاظ مراكز الاعتقال التي يُنقل إليها المشتبه بارتباطهم بالتنظيم، والمخيمات التي يُرسل إليها المدنيون وأفراد عائلات الجهاديين، وبينهم عدد كبير من الأجانب، لاسيما مخيم الهول شمالاً الذي بات يؤوي اكثر من سبعين ألفاً.

وأحصت لجنة الإنقاذ الدولية وفاة 123 شخصاً، غالبيتهم من الأطفال، خلال رحلتهم الى مخيم الهول أو بعيد وصولهم.
ومُني التنظيم بخسائر بارزة في العامين الأخيرين على وقع هجمات عدة استهدفته في سوريا والعراق، بعدما كان يسيطر في العام 2014 على أراض شاسعة تقدر بمساحة بريطانيا، ويفرض قوانينه المتشددة وأحكامه القاسية ويصدر عملته ويثير الرعب باعتداءاته الوحشية حول العالم.

دعوات لـ «الثأر»
ودعا التنظيم الإثنين (أمس الأول) عناصره في شمال سوريا وشرقها إلى «الثأر» من الأكراد. وخاطب المتحدّث باسمه أبي الحسن المهاجر، في تسجيل صوتي نشرته حسابات جهادية على تطبيق تلغرام «رجالات الدولة» في مناطق سيطرة الأكراد بالقول: «اثأروا لدماء إخوانكم وأخواتكم وأعلنوها غزوة للثأر.. فأحكموا العبوات وانشروا القناصات وأغيروا عليهم بالمفخّخات».
وأضافّ: «معركتنا معكم لم يحم وطيسها بعد فارقبوها حرباً شاملة لا تبقي ولا تذر».

ورغم تقلص أراضي «الخلافة» إلى جيب في قرية صغيرة نائية، قال المتحدث باسم التنظيم إن «الخلافة انتصرت» بعدما «ثبت جنودها وأبناؤها» على تمسّكهم «بعقيدتهم» وباتوا «ألوفاً» بعدما كانوا مئات. . ولا يعني حسم المعركة في منطقة دير الزور انتهاء خطر التنظيم، في ظل قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق الخارجة عن سيطرته واستمرار وجوده في البادية السورية المترامية الأطراف.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن بشكل مفاجئ في ديسمبر قراره المفاجئ بسحب نحو ألفي جندي أمريكي منتشرين في شمال شرق سوريا، بعدما حققوا هدفهم بـ «إلحاق» الهزيمة بالتنظيم.
وفي وقت لاحق، قال قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط الجنرال جوزف فوتيل إن المعركة ضد التنظيم «بعيدة من الانتهاء».

ونفى مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جون بولتون في تصريحات قبل أسبوع وجود أي تعارض بين تصريحات ترامب وفوتيل. وقال إن ترامب «لم يتحدث أبداً عن أن القضاء على الخلافة على الأرض يعني نهاية تنظيم الدولة الإسلامية بشكل عام».
وتابع «نعلم بأن الوضع ليس كذلك»، موضحاً أن «التهديد سيبقى، لكن واحداً من الأسباب التي من أجلها يلتزم الرئيس إبقاء وجود أمريكي في العراق وقوة صغيرة من المراقبين في سوريا، هو التصدي لاحتمال عودة حقيقية لتنظيم الدولة الإسلامية».

وتشكل جبهة الباغوز دليلاً على تعقيدات النزاع السوري الذي بدأ الجمعة عامه التاسع، مخلفاً حصيلة قتلى تخطت 370 ألفاً، من دون أن تسفر كافة الجهود الدولية عن التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع.

أ.ف.ب​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى