بوكو حرام تواصل بث الرعب في أقصى شمال الكاميرون

> زيليفيد «الأيام» رينييه كازه

>  “حين تلوح أشعة الشمس الأولى بدون وقوع هجمات ليلية، نحمد الله”، يقول جندي يخدم في قرية زيليفيد الواقعة في أقصى شمال الكاميرون والتي يهاجمها بانتظام جهاديون يأتون من نيجيريا المحاذية.
منذ عام 2014، يعيث مقاتلو بوكو حرام بهذه المنطقة القريبة من حدود نيجيريا، وينشرون الذعر بين سكان زيليفيد الواقعة في نطاق معزول بين الجبال.

في ليلة 18 إلى 19 مارس، احترقت 107 بيوت وممتلكات عديدة نتيجة هجوم أسفر عن مقتل ثلاثة من السكان، بينهم امرأة ثمانينية وطفل.
قضت المرأة احتراقا في كوخها الذي لجأت إليه هرباً من رصاص المهاجمين. وفي الأرجاء، لا تزال بقايا متفحمة لمطحنة حنطة ودراجة نارية، ماثلة للعيان.

وفي مكان غير بعيد، ثمة ركام، وبيوت بلا سقوف، وجرار مياه محطم أو سوّدته النيران، وبقايا أطعمة محترقة.
يروي قرويون عن تلك الليلة أنّ ثلاثة عسكريين مهمتهم الحراسة، ويحتمون داخل عنبرهم القائم في أسفل جبل، فرّوا عند وصول المقاتلين الجهاديين.

كان المغيرون “كثراً، نحو مائتين” بحسب سالي حمد، قائد لجنة الدفاع عن النفس، وقد تعرض بيته للحرق.

«منطقة حمراء»
بعد أقل من أسبوع من تلك الليلة، استُهدفت زيلفيد ذات الغالبية المسيحية بهجوم آخر لبوكو حرام، في ليلة 24 إلى 25 مارس. أصيب شخص برصاصة، واحترقت غرفتا دراسة وستة منازل.
تندرج قرية زيلفيد ضمن “المنطقة الحمراء” المتشكلة من تجمعات حدودية أو قريبة من الحدود، وتعدّ خطيرة بسبب توغلات بوكو حرام.

تنتشر هذه “المنطقة” بين ثلاثة من الأقاليم الستة في أقصى الشمال، وتمتد على مساحة تزيد على 250 كلم. وقد شكّلت تجمعات عدة ضمنها بؤر الصراع المسلّح بين الجنود الكاميرونيين والمقاتلين الجهاديين.
ويقرّ مسؤول أمني فضّل عدم كشف هويته، بأنّه إذا اعتُبرت هذه الحرب التي اندلعت عام 2014 بحكم المنتهية، فإنّ بوكو حرام “تحتفظ بقدرتها على الإزعاج وإلحاق الضرر”.

يضيف هذا المسؤول أن بوكو حرام “تولي أهمية منذ أشهر للهجمات الليلية. تحرق بيوتا، تذبح أو تقتل بالسلاح الأبيض، تزرع ألغاما، وتسرق قطعانا وحنطة”.
وقتل 52 شخصا في المنطقة منذ بداية العام نتيجة هجمات متعددة وقعت في الجانب الكاميروني.

ويشرح مسؤول محلي فضّل عدم كشف هويته أنّ “بوكو حرام موجودة في الجانب الآخر من الحدود. في اللحظة التي تتراجع فيها يقظتنا، يتوغلون لمهاجمة السكان”. ويقول: “ما دامت بوكو حرام لم يُقضَ عليها في نيجيريا، سنبقى نعاني”.

درء الخطر
من قرية زيليفيد، آخر البلدات الحدودية المأهولة، يظهر جبل غولدالينيغ في نيجيريا الذي يعدّ أحد معاقل بوكو حرام.
واضعاً سلاحه على كتفه، يحتسي جندي مشروب “بيل ـ بيل” الكحولي المصنوع من الحنطة والذرة. ويقول: “نكون سعداء نهاراً، ولكن ما أن يحل الليل حتى نتأهب ويسري القلق”، مشيرا إلى أنّ الجهاديين يقبعون على بعد أقل من كيلومتر واحد.

يشارك الجندي زميلاً له في “حفل تضحية” نظمّه القرويون درءاً للخطر.
يشرح أحد السكان أنّ “زعيماً محلياً حضّر النبيذ” لهذا الحفل، و”استدعى الأولياء وذويهم لاحتساء هذا النبيذ، ولكن أيضاً للصلاة جماعةً كي يزول هذا الشر”.

وتحت الأشجار حيث يجلسون، البعض يشرب وآخرون يغنون أو يرقصون.
تقول دولدور كيدا، إحدى الراقصات، “سيأتون لذبحنا لأننا استحلنا ديكة وأغناماً، ولكن الآلهة موجودة. ستحمينا”.

ويضيف سالي حمد أنّ “الحديث عن انعدام الأمن هو أقل ما يقال. حياتنا في خطر دائم منذ 2014، وهذا لا يطاق”.
قبل المساء، يجرّ سكان القرية قطعانهم ويتوجهون نحو الجبل لتمضية الليل خشية هجوم جديد. لن يعودوا إلى قريتهم قبل طلوع الشمس.

أ.ف.ب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى