عوائق سياسية وميدانية جديدة تعقد مهمة المبعوث الأممي في اليمن

> «الأيام» غرفة الأخبار

> اصطدم المبعوث الأممي مارتن جريفيثس مجدّدا بعوائق سياسية وميدانية وضعتها جماعة الحوثي في طريق تنفيذ اتفاق السويد، لاسيما الجانب المتعلّق بإعادة الانتشار وتغيير خارطة السيطرة العسكرية في موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى.
وربطت مصادر يمنية زيارة جريفيثس الأخيرة إلى سلطنة عمان بمحاولته إقناع مسقط ذات العلاقة الجيدّة بالمتمرّدين الحوثيين بالضغط عليهم لتنفيذ خطّة إعادة الانتشار المعدّلة التي تقضي بانسحاب ميليشياتهم من ميناءي الصليف ورأس عيسى وترتيب الأوضاع الأمنية فيهما ونزع الألغام من محيطهما ومن الطرق المؤدّية إليهما.

ورغم أنّ سلطنة عمان تحتفظ بعلاقات جيّدة مع المتمرّدين الحوثيين، إلّا أن مصادر يمنية تقول إنّ تأثير مسقط على قرارهم السياسي يظلّ محدودا إذ أن مرجعهم الأصلي في هذا المجال يبقى إيران.
ويستبعد المطّلعون على الشأن اليمني أن تكون طهران في الوقت الحالي بوارد السماح للحوثيين بالاستجابة لجهود السلام والسير في تنفيذ اتفاق السويد، نظرا لحاجتها المتزايدة لإبقاء التوتّر في اليمن ردّا على انخراط دول إقليمية في مقدّمتها السعودية في الضغوط الأميركية على طهران خصوصا عن طريق العقوبات الاقتصادية الشديدة التي تفرضها عليها.

وقالت المصادر إنّ «حصيلة زيارة جريفيثس إلى مسقط حيث التقى ممثلين عن جماعة الحوثي بقيادة رئيس فريقهم المفاوض محمّد عبدالسلام، لم تكن إيجابية بالشكل الذي رغب فيه المبعوث الأممي، وأنّه لمس مجدّدا مماطلة الحوثيين ومحاولتهم كسب الوقت مع تفادي تنفيذ أي نوع من سحب قوّاتهم من مواضع تمركزها في الحديدة».
وترجم الحوثيون موقفهم السياسي من تنفيذ الاتفاق، ميدانيا وذلك بمنع ميليشياتهم لرئيس بعثة المراقبين الأمميين في الحديدة الجنرال مايكل لوليسغارد من الانتقال إلى مناطق سيطرة القوات الحكومية في مدينة الحديدة حيث كان ينوي عقد اجتماع عملي هناك تتمّ خلاله مناقشة تفاصيل إعادة الانتشار بالميناءين.

كذلك منعت جماعة الحوثي فريقا تابعا لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة من الوصول إلى مطاحن البحر الأحمر في الحديدة، لمعالجة كمية كبيرة من القمح مخزّنة هناك لحمايتها من التلف.
ونقلت وكالة رويترز عن مصادر مطلعة القول إنّ مسلّحي الحوثي منعوا أمس الأول فريق الأمم المتحدة من الوصول إلى موقع لتخزين الحبوب في ميناء الحديدة في خطوة تشكّل عرقلة للجهود الرامية لزيادة المساعدات الغذائية للملايين الذين يواجهون الجوع.

والحديدة نقطة دخول معظم المساعدات الإنسانية والواردات التجارية إلى اليمن. وانقطع الوصول إلى مخازن حبوب برنامج الأغذية العالمي هناك لمدة ستة أشهر وهو ما يهدد بتلف المخزونات.
وكان من المقرر عبور فريق فني تابع للبرنامج إلى خط الجبهة بين قوات الحوثي المتحالفة مع إيران وقوات الحكومة المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية على المشارف الشرقية للحديدة لتبخير القمح المخزن في مطاحن البحر الأحمر.

غير أن الحوثيين قالوا للفريق إنّه لا يمكنه مغادرة المناطق التي يسيطرون عليها داخل الحديدة «لأسباب أمنية»، مطالبين الأمم المتحدة بدلا من ذلك بالتحقيق في الهجمات على المطاحن.
وقال مصدر مطلع على المناقشات «قال الحوثيون إن قوات الحكومة ستستهدف الأمم المتحدة ثم تلقي باللوم عليهم بعد ذلك». وأضاف ذات المصدر «إذا لم يتم تبخير القمح فسوف يتلف».

وذكرت المصادر أن الميليشيات أطلقت النار بكثافة على موظفي برنامج الغذاء العالمي وعاملين لمنعهم من الوصول إلى مطاحن البحر الأحمر في الحديدة. وبعد أن توقفت القافلة، حاصرها الانقلابيون، وهددوا من فيها بالقتل، وسلبوا معداتهم وسياراتهم، وأجبروهم على العودة. وكشف وضاح الدبيش، الناطق باسم عمليات التحرير في الحديدة، لـ «الشرق الأوسط» عن تفاصيل الاعتداء الذي تعرضت له بعثة برنامج الغذاء العالمي، والمرافقين لهم من عمال مطاحن البحر الأحمر، البالغ عددهم 89 شخصاً.

وقال: «تعرضت البعثة لإطلاق نار كثيف من ميليشيات الحوثي، في أثناء توجههم إلى مطاحن البحر الأحمر، فتوقفوا، وسارع عناصر الميليشيات بكيل الشتائم لهم، ونهب المعدات التي كانت بحوزتهم، ومنها سيارات نقل متوسط وثقيل، وهددوا بتصفيتهم، وأجبروهم على العودة للخلف».
وتابع: «الجنرال مايكل لوليسغارد، رئيس لجنة المراقبين لإعادة الانتشار في الحديدة، حاول على مرأى من أعيننا التدخل لإيقاف هذا الاعتداء السافر، من خلال إجراء اتصالات مع مسؤولين حوثيين، إلا أن الميليشيات أبت أن تستمع له، وكانت تارة لا تجيب على اتصالاته، وتارة تغلق الخط في أثناء اتصاله».

ولفت الدبيش إلى أن ما قامت به الميليشيات الحوثية من تعد وهجوم على بعثة برنامج الغذاء العالمي، والعاملين في مطاحن البحر الأحمر، ونهب معداتهم وممتلكاتهم، جاء بسبب الخلافات العاصفة (التي نشرت «الشرق الأوسط» تفاصيلها سابقاً) بين قيادات حوثية في جناحي مهدي المشاط المؤيد لاتفاقية السويد، وأبو علي الحاكم الرافض لها، الذي تتبع له غالبية قيادات الجبهات والأفراد، ويشكلون الهيكل التنظيمي العسكري في الميدان، المسيطر على زمام الأمور وإدارة الجبهات.

إلى ذلك، قال العميد ركن صادق دويد، عضو لجنة إعادة الانتشار في الحديدة، لـ«الشرق الأوسط»: «حسب اتفاق 30 مارس الماضي مع الجنرال لوليسغارد، كان يفترض أن يحضر خبراء دوليون من منظمة الغذاء العالمي مع لوليسغارد إلى المطاحن لإجراء عملية تبخير للمواد الغذائية، إلا أن الميليشيا أوقفتهم في الحاجز التابع لها. وبعد تواصل الفريق الحكومي، وإصرار البعثة الأممية على الحضور، فتح الحوثيون الحاجز للجنرال فقط، واعتدوا بشكل سافر على وفد برنامج الغذاء العالمي، ومنعوا دخولهم».
وأضاف أن استياء الميليشيات من إشراف الأمم المتحدة على مطاحن البحر الأحمر الذي منعها من التلاعب بالمواد الغذائية الموجودة، وبيعها في السوق السوداء، جعلهم يعتدون على الوفد الآتي من برنامج الغذاء العالمي، ويمنعون دخولهم.

وكانت الأمم المتحدة قد حذرت في وقت سابق من مخاطر تعرض الحبوب التابعة لبرنامج الأغذية العالمي المُخَزنة في مطاحن البحر الأحمر للتعفن، واتهمت ميليشيات الحوثي برفض السماح لها منذ سبتمبر الماضي حتى اليوم بالوصول إلى صوامع مطاحن البحر الأحمر.
إلى ذلك، أكدت مصادر حكومية يمنية أن لوليسغارد وصل إلى مقر الفريق الحكومي، شرق الحديدة، وناقش معهم اللمسات الأخيرة على اتفاق إعادة الانتشار من ميناءي الصليف ورأس عيسى، الذي وافق عليه ممثلو الحكومة في وقت سابق، في ظل استمرار التعنت الحوثي.

وذكرت المصادر أن لوليسغارد التقى في مقر الفريق الحكومي ممثلين عن سكان مديرية الدريهمي، الذين طلبوا منه الضغط على الميليشيات الحوثية لفك الحصار عن نحو 100 ألف مدني في المديرية تتخذهم الجماعة دروعاً بشرية.
وطالب ممثلو السكان كبير المراقبين الدوليين بالضغط على الحوثيين لفك الحصار عن المدنيين، ونزع شبكات الألغام، وسحب مسلحيهم من المديرية الواقعة جنوب شرقي مدينة الحديدة.

ومن جهته، طالب وزير الخارجية اليمني خالد اليماني بمزيد من الضغط الدولي على الجماعة الحوثية لتنفيذ اتفاق السويد، والانسحاب من الحديدة وموانئها.
وجاءت تصريحات اليماني خلال لقائه في الرياض، أمس، رئيس قطاع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية النرويجية السفير إسبن ليندبيك، والوفد المرافق له.

وأكد الوزير اليماني، خلال اللقاء، حرص الحكومة اليمنية على إحلال السلام، وتوفير الخدمات للمواطنين في جميع المناطق، والتزامها بتسليم الرواتب لجميع موظفي الخدمة المدنية في عموم اليمن، بحسب ما يتوفر من موارد، باعتبارها مسؤولة عن جميع اليمنيين.
وتطرق الوزير اليمني إلى الصعوبات التي يواجهها تنفيذ اتفاق ستوكهولم بسبب تعنت الانقلابيين الحوثيين، وعرقلتهم لتنفيذ الاتفاق، وقال: «إن اتفاق ستوكهولم، في حال نجاحه، سيفتح المجال لتحقيق السلام الشامل في اليمن، إلا أن الحوثيين غير مستعدين للوفاء باستحقاقات السلام»، مشدداً على ضرورة قيام المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لتنفيذ التزاماتهم. وكان مبعوث الأمم المتحدة، مارتن جريفيثس، قد وصل إلى مسقط قبل يومين للقاء المتحدث باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام، وعضوين آخرين في الجماعة، ضمن مساعيه للضغط على الميليشيات لإنجاح تنفيذ اتفاق السويد.

وفي سياق متصل بحث مسؤولون من القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن ولجنة الجزاءات بمجلس الأمن المتعلقة بالقرار (2140)، آلية عمل اللجنة والتحديات التي تواجهها، إضافة إلى الدعم الإيراني للجماعة الحوثية بالأسلحة النوعية.
جاء ذلك خلال لقاء الفريق الركن فهد بن تركي بن عبد العزيز قائد القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن، مع جو ستايفو ميزاكوادرا رئيس لجنة الجزاءات في مجلس الأمن المتعلقة بالقرار (2140) المندوب الدائم لبيرو في الأمم المتحدة، يرافقه ممثلو أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر، وذلك في مقر القيادة المشتركة بالرياض، أمس. وشهد اللقاء مناقشة جملة من الموضوعات شملت آلية عمل اللجنة والتحديات التي تواجهها. كما تطرق إلى التدخلات الإيرانية، ودعمها للميليشيا الحوثية بالأسلحة النوعية، والصواريخ الباليستية والطائرات من دون طيار، والزوارق السريعة المفخخة، والمسيّرة عن بُعد، إضافة إلى الأنشطة الإرهابية التي تمارسها الميليشيا الحوثية بما فيها جرائم تجنيد الأطفال. حضر اللقاء أعضاء من تحالف دعم الشرعية في اليمن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى