علماء مسلمون.. ابن النفيس

> أبو الحسن علاء الدين علي بن أبي الحزم الخالدي المخزومي القَرشي الدمشقي الملقب بابن النفيس ويعرف أحياناً بالقَرَشي نسبة إلى قبيلة قريش العربية، هو عالم موسوعي وطبيب مسلم، له إسهامات كثيرة في الطب، ويعتبر مكتشف الدورة الدموية الصغرى، وأحد رواد علم وظائف الأعضاء في الإنسان، حيث وضع نظريات يعتمد عليها العلماء إلى الآن. عين رئيسًا لأطباء مصر. ويعتبره كثيرون أعظم فيزيولوجييّ العصور الوسطى. ظل الغرب يعتمدون على نظريته حول الدورة الدموية، حتى اكتشف ويليام هارفي الدورة الدموية الكبرى.

نشأته وحياته
ولد بدمشق فيما يُعرف الآن بسوريا عام 607هـ على وجه التقريب، ونشأ وتعلم بها في مجالس علمائها ومدارسها. قيل إن لقبه القَرشي نسبة إلى القرش، حيث ذكر ابن أبي أصيبعة أنها قرية قرب مدينة دمشق، وتذكر دائرة المعارف الإسلامية أنه ولد على مشارف غوطة دمشق، وأصله من بلدة قُريشية قرب دمشق. والراجح أنه من قبيلة قريش من بني مخزوم من الخوالد، وورد لقبه في أول طبعة لكتابه "الموجز": القرشي (بفتح القاف والراء: Karashite). تعلم في البيمارستان النوري بدمشق، كما كان ابن النفيس معاصرًا لمؤرخ الطب الشهير ابن أبي أصيبعة، صاحب (عيون الأنباء في طبقات الأطباء)، ودرس معه الطب على ابن الدخوار.

وقد درس ابن النفيس أيضًا الفقه الشافعي، كما كتب العديد من الأعمال في الفلسفة، وكان مهتما بالتفسير العقلاني للوحي. وخلافًا لبعض معاصريه والسلف، اعتمد ابن النفيس على العقل في تفسير نصوص القرآن والحديث.[15] كما درس اللغة والمنطق والأدب.

هناك اختلاف حول تاريخ انتقاله إلى القاهرة، إلا أنه يمكن تقدير ذلك في الفترة بين عامي 633 هـ (1236م) و636 هـ (1239م) وعند انتقال ابن النفيس للقاهرة عمل في المستشفى الناصري، وبعد ذلك في مستشفى المنصوري الذي أنشأه السلطان قلاوون، حيث أصبح "رئيسًا للأطباء". كما أصبح طبيبًا خاصًا للسلطان الظاهر بيبرس بين عامي 1260 و1277.

كان لابن النفيس مجلس في داره يحضره أمراء القاهرة ووجهاؤها وأطباؤها، كما كان ابن النفيس أعزب فأغدق على بناء داره في القاهرة، وفرش أرضها بالرخام حتى إيوانها. أما عن وصفه، فقد كان نحيفًا طويل القامة أسيل الخدين، ولم تقتصر شهرته على الطب فقط، بل كان يعد من كبار علماء عصره في اللغة والفلسفة والفقه والحديث.

إسهاماته العلمية
في عام 1242م، نشر ابن النفيس أكثر أعماله شهرة، وهو كتاب «شرح تشريح قانون ابن سينا»، الذي تضمن العديد من الاكتشافات التشريحية الجديدة، وأهمها نظريته حول الدورة الدموية الصغرى وحول الشريان التاجي، وقد اعتبر هذا الكتاب أحد أفضل الكتب العلمية التي شرحت بالتفصيل مواضيع علم التشريح وعلم الأمراض وعلم وظائف الأعضاء، كما صوّب فيه العديد من نظريات ابن سينا. بعد ذلك بوقت قصير، بدأ العمل على كتابه الشامل في الصناعة الطبية، الذي نشر منه 43 مجلد في عام 1244، وعلى مدى العقود التالية، كتب 300 مجلد لكنه لم يستطع نشر سوى 80 مجلدا قبل وفاته، وبعد وفاته حلّ كتابه هذا محل "قانون" ابن سينا موسوعة طبية شاملة في العصور الوسطى، مما جعل المؤرخين يصفونه بأنه "ابن سينا الثاني".

كان ابن النفيس قبل ذلك قد كتب كتابه "شرح الأدوية المركبة"، تعقيبًا على الجزء الأخير من قانون ابن سينا الخاص بالأدوية، وقد ترجمه "أندريا ألباجو" إلى اللاتينية في عام 1520، ونشرت منه نسخة مطبوعة في البندقية في عام 1547، والتي استفاد منها ويليام هارفي في شرحه للدورة الدموية الكبرى.

اتصفت آراء ابن النفيس في الطب بالجرأة، فقد فنّد العديد من نظريات ابن سينا وجالينوس وصوّبها.
فُقدت العديد من مؤلفات ابن النفيس عقب سقوط بغداد عام 1258، الذي شهد خسارة وتدمير العديد من الكتب المهمة لكثير من علماء المسلمين. كما تبعثرت مخطوطات موسوعته الطبية وضاع أغلبها، حتى قام الباحث الدكتور يوسف زيدان بإعادة تجميع وتحقيق جزء كبير منها على مدى عشرة سنوات، ومن مختلف مكتبات العالم، من بغداد ودمشق، وحتى أوكسفورد وستانفورد وغيرها، ليتم بعد ذلك نشرها بالتدريج منذ عام 2000م.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى