يقول الله تعالى: "صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ" ( البقرة : 18)
وقال مجاهد : ( فلما أضاءت ما حوله ) أما إضاءة النار فإقبالهم إلى المؤمنين والهدى .
وقال عطاء الخراساني في قوله : ( مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ) قال : هذا مثل المنافق ، يبصر أحيانا ويعرف أحيانا ، ثم يدركه عمى القلب .
وقال
العوفي ، عن ابن عباس ، في هذه الآية ، قال : أما النور : فهو إيمانهم
الذي كانوا يتكلمون به ، وأما الظلمة : فهي ضلالتهم وكفرهم الذي كانوا
يتكلمون به ، وهم قوم كانوا على هدى ، ثم نزع منهم ، فعتوا بعد ذلك.
وقال الضحاك [ في قوله ] ( ذهب الله بنورهم )أما نورهم فهو إيمانهم الذي تكلموا به .
( وتركهم في ظلمات )قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( وتركهم في ظلمات )يقول : في عذاب إذا ماتوا .
وقال السعدي في تفسيره بسنده : (وتركهم في ظلمات) فكانت الظلمة نفاقهم.
( صم بكم عمي ) قال السعدي بسنده : ( صم بكم عمي ) فهم خرس عمي .
( فهم لا يرجعون ) قال ابن عباس : أي لا يرجعون إلى هدى ، وكذلك قال الربيع بن أنس .
وقال السعدي بسنده : ( صم بكم عمي فهم لا يرجعون ) إلى الإسلام .
وقال قتادة : ( فهم لا يرجعون ) أي لا يتوبون ولا هم يذكرون .
قال
السعدي في تفسيره ، عن أبي مالك وعن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة ،
عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة ، في قوله تعالى : ( فلما أضاءت ما حوله
) زعم أن ناسا دخلوا في الإسلام مقدم نبي الله صلى الله عليه وسلم المدينة
، ثم إنهم نافقوا ، فكان مثلهم كمثل رجل كان في ظلمة ، فأوقد نارا ،
فأضاءت ما حوله من قذى ، أو أذى ، فأبصره حتى عرف ما يتقي منه فبينا هو
كذلك إذ طفئت ناره ، فأقبل لا يدري ما يتقي من أذى ، فكذلك المنافق : كان
في ظلمة الشرك فأسلم ، فعرف الحلال والحرام ، و [ عرف ] الخير والشر ،
فبينا هو كذلك إذ كفر ، فصار لا يعرف الحلال من الحرام ، ولا الخير من الشر
.
وقال عطاء الخراساني في قوله : ( مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ) قال : هذا مثل المنافق ، يبصر أحيانا ويعرف أحيانا ، ثم يدركه عمى القلب .
وقال ابن أبي حاتم : وروي عن عكرمة ، والحسن والسدي ، والربيع بن أنس نحو قول عطاء الخراساني .
وقال
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، في قوله تعالى : ( مثلهم كمثل الذي استوقد
نارا ) إلى آخر الآية ، قال : هذه صفة المنافقين . كانوا قد آمنوا حتى أضاء
الإيمان في قلوبهم ، كما أضاءت النار لهؤلاء الذين استوقدوا ثم كفروا فذهب
الله بنورهم فانتزعه ، كما ذهب بضوء هذه النار فتركهم في ظلمات لا يبصرون .
وأما
قول ابن جرير فيشبه ما رواه علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله تعالى
:( مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ) قال : هذا مثل ضربه الله للمنافقين أنهم
كانوا يعتزون بالإسلام ، فيناكحهم المسلمون ويوارثونهم ويقاسمونهم الفيء ،
فلما ماتوا سلبهم الله ذلك العز ، كما سلب صاحب النار ضوءه .
وقال أبو
جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية : ( مثلهم كمثل الذي
استوقد نارا ) فإنما ضوء النار ما أوقدتها ، فإذا خمدت ذهب نورها ، وكذلك
المنافق ، كلما تكلم بكلمة الإخلاص ، بلا إله إلا الله ، أضاء له ، فإذا شك
وقع في الظلمة .
وقال
عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة : ( مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما
أضاءت ما حوله ) فهي لا إله إلا الله ؛ أضاءت لهم فأكلوا بها وشربوا وأمنوا
في الدنيا ، ونكحوا النساء ، وحقنوا دماءهم ، حتى إذا ماتوا ذهب الله
بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون .
وقال سعيد ، عن قتادة في هذه الآية :
إن المعنى : أن المنافق تكلم بلا إله إلا الله فأضاءت له الدنيا ، فناكح
بها المسلمين ، وغازاهم بها ، ووارثهم بها ، وحقن بها دمه وماله ، فلما كان
عند الموت ، سلبها المنافق ؛ لأنه لم يكن لها أصل في قلبه ، ولا حقيقة في
عمله .
وقال
محمد بن إسحاق ، عن محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة ، أو سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس : ( وتركهم في ظلمات ) أي يبصرون الحق ويقولون به ، حتى إذا خرجوا
من ظلمة الكفر أطفئوه بكفرهم ونفاقهم فيه ، فتركهم الله في ظلمات الكفر ،
فهم لا يبصرون هدى ، ولا يستقيمون على حق.
وقال
الحسن البصري :( وتركهم في ظلمات لا يبصرون ) فذلك حين يموت المنافق ،
فيظلم عليه عمله عمل السوء ، فلا يجد له عملا من خير عمل به يصدق به قول :
لا إله إلا الله .
وقال
علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( صم بكم عمي ) يقول : لا يسمعون الهدى
ولا يبصرونه ولا يعقلونه ، وكذا قال أبو العالية ، وقتادة بن دعامة .
وقال السعدي بسنده : ( صم بكم عمي فهم لا يرجعون ) إلى الإسلام .
وقال قتادة : ( فهم لا يرجعون ) أي لا يتوبون ولا هم يذكرون .