أكاديمي روسي يروي شهادات عن علاقة الاتحاد السوفييتي بالجنوب

> «الأيام» استماع

> روى الأكاديمي الروسي أليكسي فاسيلييف، الذي كان قد عمل سابقاً مراسلاً لجريدة "برافدا" السوفيتية في منطقة الشرق الأوسط، لقناة "روسيا اليوم" عن شهادات دبلوماسيين واستخباراتيين تحطم الصورة النمطية للسياسة السوفياتية في الشرق الأوسط، في كتابه الذي أسماه "روسيا في الشرق الأوسط والأدنى من التبشيرية إلى البراجماتية". وفي حلقة، أمس الأول الخميس، تناول علاقات الاتحاد السوفيتي باليمن الجنوبي خلال استضافته مع مقدم البرنامج خالد الرشد في برنامجه الأسبوعي "رحلة في الذاكرة".

ووصف الأكاديمي الروسي "أليكسي فاسيلييف" في كتابه عن لقاءاته التي دارت مع السفير السوفياتي أوليغ بيرسينكن في اليمن سابقاً، "كان الوضع هناك يعجنا كثيراً، كان لنا حليفاً مخلصاً، ولو أن تأييد مثل هذه البلدان لنا كان ينطوي على عنصر الهزيمة في جوهر الأمر، أي المقصود عنصر هزيمة الاتحاد السوفيتي أمام الغرب"، وقد رد عليه السفير أوليغ بيرسينكن: "هذا ما نراه الآن، ولكن في السابق كنا نرى أن أصدقاءنا هم من يدعمونا (معنويا) ومن يصوت لصالح اقتراحاتنا في الأمم المتحدة في أصعب الفترات، ولكن إذا تكلمنا بصراحة فإننا كنا نشتري هذا الدعم في الواقع، إذ إن كل تصويت لصالحنا في الأمم المتحدة كان مرفقاً بطلب إمدادات إضافية ومزيداً من الامتيازات الاقتصادية إلى آخره، كنا ندرك ذلك، ولكن لم يكن ثمة مفر أمامنا طالما كنا بحاجة لمساندتهم المعنوية السياسية، ولكن لضعف إمكاناتنا الاقتصادية اقتصرنا على بناء محطة كهربائية ومرفأ صيد في اليمن الجنوبي وقدمنا السلاح مقابل الدعم السياسي". إذاً نستنتج أن الماركسية في اليمن الجنوبي كانت عبارة عن واجهة تتستر وراءها مصالح بحتة، السلاح مقابل صوت اليمن الجنوبي في الأمم المتحدة، ففي اليمن الجنوبي كانوا يعلنون الولاء للعقيدة الماركسية اللينينية ويدعمون الاتحاد السوفيتي في الأمم المتحدة، أما السوفييت فيبنون لهم في المقابل مرفأ للصيد ويزودونهم بالسلاح، ولو أنه سلاح قديم من أيام الحرب العالمية الثانية لا حاجة للسوفييت به، كما يتم ذلك بامتيازات اقتصادية ما.

قاطعه مقدم البرنامج خالد الرشد: "إذاً هذا عملياً عبارة عن مقايضة، أي السياسة مقابل الاقتصاد". فرد فاسيلييف: "علينا أن نتذكر أن الكلام يدور عن أحداث وقعت قبل أربعين إلى خمسين سنة، في تلك السنوات حاول الاتحاد السوفيتي، الحد من التطرف، قيادة اليمن الجنوبي اليسارية، فمثلاً كان اليساريون في اليمن يريدون إشهار أنفسهم حزباً شيوعياً، حتى أنهم أرادوا تأسيس تعاونيات زراعية حكومية على غرار ما هو في الاتحاد السوفيتي".

- مقدم البرنامج: "قال لك رجل الاستخبارات ما كان لنا حاجة أبداً في بناء الاشتراكية عندهم، أي اشتراكية علمية طالما أن 80 % من السكان أميين!".

- الأكاديمي الروسي أليكسي فاسيلييف: "هنا بيت القصيد، لكن البراجماتية كانت سائدة، بمعنى آخر كان الاتحاد السوفيتي آنذاك يطمح إلى منفذ نحو المحيطات، فخلافاً للأمريكيين لم تكن له قواعد بحرية عسكرية منتشرة في المنطقة، وذات مرة عندما رأى القائد العام للقوات البحرية السوفيتية، سيرجي جيرشكوف، قاعدة بحرية أمريكية في المنطقة قال: نصف أسطول مقابل قاعدة كهذا، قال ذلك مجازاً، طبعاً هذا يعني أن مثل تلك القاعدة تتصف بأهمية بالغة، لأن الأمريكيين آنذاك كانت لديهم غواصات يتجاوز مدى صواريخها عشرات آلاف الكيلومترات، وكانت تبحر في المحيط الهندي، أي لم يكن من الضروري وجودها في المتوسط، فكان يمكن أن تطلق صواريخها باتجاهنا من المحيط الهندي، لذا فإن وجود قاعدة في عدن بالنسبة للاتحاد السوفيتي كان ضرورياً من الناحية العسكرية أيضاً، واختلط كل شيء مع محاولاتنا للمساعدة في التنمية الاقتصادية لبلد صغير قليل السكان، فكيف ساعدناهم، مرة أخرى سأورد بعض الوقائع، مثلاً: قدمنا المساعدات في إقامة بعض التعاونيات للثروة السمكية، ولكن بعد ذلك لم يعد الأمر مجدياً من حيث كميات السمك، هذا ما كان واقعياً. وفي الحقيقة عندما وصل الأمر إلى تفكك الاتحاد السوفيتي نسينا اليمن الجنوبي مؤقتاً".

- مقدم البرنامج خالد الرشد: "أضيف إلى ما قلته في لقاءاتك الأخرى مع السفير أوليغ بيرسينكن، عندما سألته: كيف لك أن تصوغ جوهر مصالحنا في البحر الأحمر ارتباطاً من وجودنا في عدن؟. فأجاب لك: الطريق من البحر الأسود إلى شرقنا الأقصى مروراً بقناة السويس أقصر بكثير من الالتفاف حول أفريقيا، ومن مصلحتنا طبعا قيام علاقات ودية مع دولة تقع على ممر السفن السوفيتية، كانت ولا تزال ثمة مصالح اقتصادية ما، كانت لنا مناطق تجارية في الحديدة وجدة وجيبوتي ومصوع وبور سعيد، بعض هذه النقاط أنشئت منذ العشرينيات من القرن الماضي.

ويواصل مقدم البرنامج خالد الرشد تعليقه: "طبعاً من الصعب القول إذا كان بالإمكان مقارنة ذلك بوضع بريطانية، لأن نقاط ارتكاز البريطانيين كانت أكثر بكثير، ولكن الاتحاد السوفيتي عملياً أقام نقاط الارتكاز في البحار الدافئة بروحية روسية الإمبراطورية، وحتى لجهة تقاطع المصالح مع أمريكا وبريطانيا وإلى ما هنالك، أي أن ذلك إذا جاز التعبير كان من كلاسيكيات الجيوسياسية العالمية للدول الكبرى".

- الأكاديمي الروسي أليكسي فاسيلييف: "أقول مجدداً، ينبغي الاسترشاد أثناء التقييم بطبيعة الزمن المعني، في زمن روسيا القيصرية كانت لا تزال على قيد الوجود إمبراطورية بريطانية عملاقة، وكان الحديث يدور عن فرنسا أيضاً، آنذاك كانت بريطانية تحديداً سيدة جميع هذه الطرق في البحار والمحيطات، وعندما تفككت الإمبراطورية البريطانية كان من الطبيعي من وجهة النظر الاقتصادية أن يتطلع الاتحاد السوفيتي وروسيا الحالية إلى الحصول على ضمانات ما والمحافظة عليها بحرية الملاحة انطلاقاً من الجزء الأوروبي لبلدنا نحو الشرق الأقصى، وهذا الطريق أقل تكلفة من طريق سكة الحديد من غرب بلدنا إلى شرقه، وإذا كان هذا الطريق البحري يمر عبر عدن فهو أسرع أيضاً من الطريق البحري حول أفريقيا".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى