أبعاد الحملة ضد الإمارات في معادلة الصراع الإقليمي باليمن

> «الأيام» غرفة الأخبار

> أبوظبي والرياض وإستراتيجية المواجهة مع طهران والإخوان
في خضم الأزمة اليمنية، لا يظهر أمام الناس عبر الإعلام، سوى السعودية والإمارات، رغم أن التحالف تشارك فيه دول كثيرة، لكن لأن الفاعلية والاتجاه الأكبر تقوده السعودية ومعها عبر الميدان الإمارات، وفي مرحلة أقل السودان، وظهور للكويت والأردن؛ لذلك هذا ما يلفت النظر، الرياض وأبوظبي، تتعرضان لنيران كثيرة لأنهما أوقفا معاً تمدد ميليشيا في حديقة الخليج الخلفية.

ما قبل الانقلاب الحوثي على الشرعية، كانت السعودية (البلد الأكبر بامتداد جغرافي على الحدود مع اليمن) تراقب عن كثب ما يدور في الداخل لأن أي شرارة تعنيها مباشرة، وأي هدف للحوثيين هو هدف لإيران المحرك الأكبر لميليشيات في المنطقة.

يقول الكاتب الصحفي عبد الله آل هيضة في تعليق صحفي نشرته، أمس، الشرق الأوسط إن "السعودية تابعت ورحبت بمخرجات الحوار في اليمن، الذي يعد أبرز نقطة في تاريخ اليمن السياسي؛ لأنه جمع وأنتج مفاهيم للمستقبل اليمني الذي كان برعاية أممية، تجاور فيها الحوثي مع المؤتمري مع جماعة الإصلاح ومع الاشتراكي وكل أطياف اليمن وجغرافيته، وانتهى حاملاً مشعل نور، وكان ذلك في يناير من 2014".

الحوثيون ومعهم من ناصرهم من جماعة الإخوان المسلمين وما إليها من الجماعات الإرهابية والمتطرفة، لم يريدوا لهذا النور أن يكون ضوءاً، بل استغلوه شرارة لإيقاد حرب في السياسة اليمنية، لطوال سبعة أشهر لاحقة، قبل أن ينفلتوا على صنعاء العاصمة، ومواجهات شاملة مع الحرس الجمهوري، فانقلبوا على الرئيس هادي واحتجزوه في قصره، واختطفوا وزير دفاعه، واغتالوا مكونات سياسية، وطاردوا أحزاباً.

كل ذلك كان مجرد لمحة، وطوال هذا كانت السعودية تراقب؛ لأنه لا يمكن لأمن أي بلد أن يكون في عاليته دون تأمين لمحيطه، ليس عملاً بالتدخل، بل بالسلم والجنح له. ورغم أن الحوثي انقلب في سبتمبر من 2014، فإن دول الخليج ظلت تحث الالتزام بمخرجات الحوار الوطني الكبير طوال 7 أشهر ما قبل «عاصفة الحزم» لكن في بدايات عام 2015 أعلن الحوثيون عن «إعلان دستوري» في ظل غياب الرئيس الشرعي، تضمن تشكيل مجلس رئاسي مكون من خمسة أعضاء، وكذلك تفويض اللجان الثورية بإدارة شؤون الجمهورية، وحل مجلس النواب وتشكيل مجلس انتقالي مكون من أكثر من 500 عضو.

لم تدخل السعودية ومعها دولة الإمارات في أتون الحرب ضد الانقلابيين الحوثيين في اليمن عبر غزو الجمهورية، بل جاءت ومعها تحالف عربي استجابة لطلب من الرئيس اليمني الشرعي للبلاد عبد ربه منصور هادي.
طلبٌ مشروع من الرئيس اليمني في مارس 2015، وجهه إلى الملك سلمان والدول الخليجية، طالباً النجدة بوقف عدوان جماعة الحوثي، وهي رسالة لم تدم كثيراً على إعداد العدة الخليجية ومساندة من خمس دول أخرى للمشاركة في تحالف يدعم الشرعية، ويوقف التمدد الحوثي على أراضي اليمن بأوامر إيرانية.

ويضيق آل هيضة "لم تكن تلك الرسالة اليمنية إلى السعودية ودول الخليج، من فراغ قبل بدء عملية «عاصفة الحزم» بسبب العدوان الحوثي على داخل اليمن واحتلال مؤسسات الدولة، وفرض الإقامة الجبرية على الرئيس اليمني عبد ربه هادي في العاصمة صنعاء، قبل أن يفر إلى عدن، ومعه مارست عشرات السفارات أعمالها من عدن التي كانت عاصمة بديلة، بعد سيطرة الحوثي على صنعاء".

ذلك الأمر - وفقا للكاتب آل هيضة - دعا السعودية والدول الخليجية إلى إصدار بيان لمجلس الأمن في منتصف فبراير، دعت فيه إلى إصدار قرار بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز استخدام القوة في اليمن، بعد سيطرة الحوثيين على السلطة في العاصمة اليمنية.
انتهى الوقت، وانتهت «عاصفة الحزم» وأعلنت السعودية والتحالف بعد 35 يوماً بدء «إعادة الأمل»؛ وهو ما يؤكد أن السعودية والإمارات ومعهما من العرب من معهما لم يدخلا للحرب، بل أكدا في كل مرحلة أن السلام في اليمن هو الهدف وهو ما تؤكده مراحل تالية.

مع بدء «إعادة الأمل» استمر الدور السعودي والإماراتي في دعم العمل السياسي لحل الأزمة اليمنية، الأبرز فيها أن يكون تحالف دعم الشرعية مصغياً أكثر لهدوء السلام بدلاً من تشغيل هدير الحرب، فقد كانت الرياض ومعها من العرب من معها أكثر حرصاً على أن يكون لقاء اليمنيين (الشرعية والانقلاب) في الكويت في أبريل 2016 أكثر تقدماً للحياة في اليمن.

مشاورات الكويت استمرت لأكثر من ثلاثة أشهر، وجمعت الشرعية بالانقلابيين أملاً في التوصل السلمي تجنيباً للمدنيين من كوارث الميليشيات الحوثية، لكن الحوثيين ظلوا على تعنتهم، وأكدته الهدن المعلنة التي لم يلتزموا بها، بل استثمروها في مواصلة تنظيم الصفوف ومعاودة الاعتداءات.

من صفحة أخرى، ولأن الحرب ليست نهجاً للسعودية والإمارات، احتضنت العاصمة السعودية خلال 17 - 18 مايو في عام العاصفة 2015، مؤتمراً للحوار اليمني تحت شعار «إنقاذ اليمن وبناء الدول الاتحادية» وبمشاركة أكثر من 300 شخصية يمنية من مختلف القوى والأحزاب، خلص إلى إعلان «وثيقة الرياض» برفض الانقلاب الحوثي، والعمل على استعادة الأسلحة المنهوبة، وبسط سلطة الدولة على الأراضي اليمنية كافة، واستئناف العملية السياسية وبناء الدولة الاتحادية وفق بنود المبادرة الخليجية، والعمل على تجنب اليمن أن يكون مقراً لجماعات العنف أو يشكل تهديداً لدول الجوار.

إنسانياً، لم تتوقف المساعدات بكل أشكالها، فمجمل ما تم دفعه يتجاوز 18 مليار دولار مساعدات لليمن خلال 4 أعوام فقط، وبرنامج لتنمية وإعمار اليمن يقوم بمشاريعه ويفتتحها وسط دخان النيران، وهذا للسلام ذي الصوت الأعلى دوماً.
العمل العسكري، سيتوقف يوماً ما، وهذا لا بد منه، وللسلام أيضاً قوته، وهو ما يستوجب وجود قوة على الميدان تتنقل وفقاً للإستراتيجية الكبرى التي تهم دول تحالف دعم الشرعية في اليمن «السلام أولاً».

أبوظبي والرياض شريكتان لليمن في الدم والمصير لاسيما في محافظات الجنوب ومع المقاومة الجنوبية التي امتزجت دماء شهدائها بدماء المقاتلين الإماراتيين والسعوديين في كثير من الجبهات، ويبدوا أن هذا الدور لم يرق لكثير من القوى اليمنية المحلية التي تتلقى دعما لوجستيا وماديا من إيران أذنابها التخريبية في المنطقة كقطر وتركيا.
الدوحة لا تزال مصرة على لعب دور المخرب والمغلق لسكينة الإقليم بإيعاز إيراني وارتباط بكثير من التنظيمات المتطرفة، وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين؛ إذ تربط السلطات القطرية مصيرها بمصير التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، وتجد في استمرار الجماعة، التي توصف بالأخطبوط، ورقة في يدها على المدى البعيد، وهذا ما يفسر الأهمية التي أولتها الدوحة لمنتدى الشباب الإسلامي الذي عقد في قطر.

أوساط متابعة لهذه الفعالية قالت إن المنتدى رغم كونه تظاهرة إسلامية دورية، إلا أن قطر، وبالتنسيق مع فروع الجماعة في المنطقة، اختارت بدقة المجموعات المشاركة لتتماشى مع توجهها، وأن التدريبات والورش، التي تمت في المنتدى الذي اختتم أعماله، أمس الأول الثلاثاء، كانت أشبه بمخيمات دعوية وتكوينية للإخوان المسلمين.
وكشفت أن المنتدى الذي حمل شعار "الأمة بشبابها" المستمد من أدبيات جماعة الإخوان، وضع على رأس أولوياته تقوية الشعور بالزعامة والسيطرة على المواقع باعتباره واجبا دينيا وضرورة سياسية ملحة، بدلا من المراوحة بين التثقيف السياسي والإعلامي الذي ترفعه لافتات المؤتمر.

وحرص المؤتمر على تدريب الشباب المشاركين لمعرفة أساليب صياغة القرارات والموافقات، وكيفية التوصل إلى فرض الرأي وكسب دعم الآخرين للأفكار المطروحة، وهو أسلوب قديم لدى الجماعات المرتبطة بالإخوان المسلمين التي تدرب عناصرها على خطاب يقوم على جذب الانتباه ومحاولة تمرير المواقف والقرارات بإيهام المشاركين بالطيبة والتدين والجدية.

من هنا برزت أبعاد الاستهداف الإخواني الممنهج الذي يطال جهود التحالف العربي في اليمن ويسعى تشويه دور السعودية والإمارات بدرجة رئيسية، وفقا لمخطط إقليمي تتزعمه إيران للسيطرة على اليمن وتغيير تركيبته الديمغرافية بشكل طائفي يخدم سياسيات طهران العدائية ضد دول الخليج وضد الدول العربية بشكل عام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى