التخطيط الاستراتيجي الكروي

> د . محمد فيصل باحميش

>
محمد باحميش
محمد باحميش
* النظر إلى أفق التخطيط المستقبلي بعين واحدة ، والتحرك الأُحادي نحو بلوغ سلم المجد الكروي ، لا يُجدي نفعاً ، وذلك لأن استخدام المنطق الفرعوني (ما أريكم إلا ما أرى) لا يصل بصاحبه إلا إلى خط نهاية هُلامي ، وإن حقق بعض المكتسبات الوهمية.

* نسمعُ جعجعة إعلامية بظهور كروي يخطف الأبصار ، ولا نرى طحناً تخطيطياً استراتيجياً ، فاليد الواحدة بأمس الحاجة إلى توأمها لاكتمال منظومة عملها وإيصال صدى فرقعاتها التخطيطية لتبلغ آفاق الشراكة الرياضية المجتمعية وحتى اليد اليُمنى لموسى (عليه السلام) لم يكن لها لتغرد في ساحة نزالها الحوارية لولا التعاطي الإلهي الإيجابي معها.

* لقد حافظ اتحاد الشيخ أحمد صالح العيسي على شعرة معاوية التي تربط اليمن بخارطة آسيا ولو من بوابتها الجيوكروية من خلال تواجد منتخبنا الوطني في محافلها الاقليمية ومنافساتها القارية ، لتظل تلك المشاركات كحلقة وصل مهمة بعد تمزق نسيج اليمن الخارجي، وتقطع حبال وصله بمجالاته التفاعلية .. هذا التحرك النوعي من قبل اتحاد الكرة يعد خطوة إيجابية في طريق التحول الراديكالي لكنها ليست كافية لإخراج اليمن من عنق زجاجة المشاركات السلبية، فلا يزال منتخبنا يدور في دائرة مفرغة ولا يزال يرفع ذات الشعار" الغرض المشاركة وليس الفوز" ، وما الأيام العشرة التي خَطَّطَ لها النَّعّاش لاستعادة الجاهزية البدنية والفنية إلا لتكريس ذلك النهج القاصر، فهذه المدة لا تنفع حتى مع منتخبات تنعم بالاستقرار النفسي فضلاً عن منتخب فقد حساسية المنافسة منذ إسدال ستار مشاركته الآسيوية مطلع العام الجاري.

* وبالنظر إلى معطيات الواقع ومؤشراته السطحية ، فالمشاركة المرتقبة في بطولة غرب آسيا ، لن تختلف عن سابقاتها ، وسيظل منتخبنا يبحث عن سراب ذاته ، وسيُمتطى كهمزة وصل لكل من أراد أن يحقق أهدافه ، وإن انتقال المنتخب إلى مربع همزة القطع لجبر منتخبات القارة التوقف عند محطته ، لن يتم إلا بإعلان التمرد الكروي والوصول إلى حالة الاستعصاء الخططية المتكاملة.

* لقد شاهد الجميع في بطولة أفريقيا الأخيرة ، ومن قبله كأس العالم كيف انفرط عقد القوى التقليدية الكروية وتساقطت حباتها اللؤلؤية في أمواج المنافسين العاتية فغادرت السباق ، وهي تجر أذيال الخيبة والفشل ، فمصطلح الهيمنة الكروية المطلقة لم يعد من ضمن قاموس الكرة الحديث فقد باتت المنتخبات كأسنان المشط ذابت الفوارق الفنية بينها ، وأصبحت لا ترى إلا بتلسكوب النظرة التحليلية الدقيقة .. فأين منتخبنا من ذلك التحول الدراماتيكي الكروي؟.

* لن تتغير تلك الصورة النمطية السلبية لمنتخبنا إلا عن طريق التحليق بجناحي (البعد الفني التكتيكي والبناء التحتي المؤسسي) ، وأما استمرار محاولة التحليق بجناح واحد لن تجدي نفعاً ، وسيظل منتخبنا يلعق الثرى بعرض كروي لا يسمن من جوع فني ولا يغني من بعد تكتيكي ، لأن دوران عجلة المنافسات الكروية بجميع أبعادها السِّنّيَّة ، هو الضامن الوحيد لوضع معايير الاختيار على أسس موضوعية ، بعيداً عن لغة الانتماءآت بكافة أطيافها ، وبعيداً عن ألوان الطيف البنفسجية الشخصية ، والآلية التي تم بها اختيار عناصر المنتخب آلية جوفاء ، كونها اعتمدت معيار التواجد السابق ، ويُعذر الكابتن سامي نعَّاش في ذلك ، لأن عصفور في يد المشاركة السابقة ، ولا عشرة فوق شجرة المنافسات المتوقفة.

* ديناميكية المنتخب وديمومته الحركية ، مرهونة بتخطيط استراتيجي مستقبلي ببعديه العمودي والأفقي ، لكافة فئاته وقطاعاته الحيوية ، وهو سبيلنا لدخول بوابة المنافسات بمؤشرات نصر ذات أسهم مرتفعة ، وبغير هذه الرؤى الطموحة ، سنبدأ رحلة تيه يمانية في صحاري آسيا الكروية نبحث عن موطئ قدم فيها ، ولن نجد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى