«إعادة الانتشار».. الحوثيون داخل الحديدة والتحالف إلى خارجها

> «الأيام» غرفة الأخبار

> تصعيد في الموانئ يعقّد جهود تنفيذ اتفاق ستوكهولم
يدفع الحوثيون بالأحداث في محافظة الحديدة على الساحل الغربي اليمني، في اتجاه معاكس تماما لأجواء السلام التي عمل المبعوث الأممي لليمن، مارتن جريفثس، على إشاعتها من خلال ترويجه لإمكانية إنهاء الحرب في أمد منظور، مستندا في ذلك لدعم أطراف فاعلة في الملف اليمني قطعت خطوات عملية صوب تحقيق السلام المنشود.
وفيما كان جريفثس يعمل على إحداث تقدّم في تنفيذ بنود اتفاق ستوكهولم الموقّع برعايته في ديسمبر الماضي بين الحكومة اليمنية والحوثيين، عادت المواجهات العسكرية إلى الحديدة مهدّدة وقف إطلاق النار الصامد منذ أشهر، والذي مثّل النجاح الوحيد للاتفاق المذكور.

والأسبوع الماضي قال المبعوث الأممي إنّ الحل العسكري غير وارد وإنّ طرفي النزاع ملتزمان باتفاق ستوكهولم. غير أنّ الأوضاع العسكرية في الحديدة عادت إلى التصعيد، إثر اندلاع مواجهات عنيفة وقصف متبادل بين القوات المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية وميليشيا الحوثي المدعومة من إيران.
وقالت مصادر محليّة إنّ شارع الخمسين بمدينة الحديدة شهد في ساعات ليل السبت- الأحد مواجهات عنيفة، بعد أن حاول مسلّحو الحوثي اختراق دفاعات القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا عند خطوط التماس.

ومن جهتها ربطت مصادر سياسية يمنية تصعيد جماعة الحوثي بخطوة إعادة الانتشار التي شرعت قوات تابعة للتحالف العربي مؤخّرا في تنفيذها باليمن، بهدف منح زمام المبادرة بشكل أكبر للقوات اليمنية التي ساعد التحالف ذاته في تشكيلها وتنظيمها، ودعم جهوزيتها لتحمّل المسؤولية في تحرير المناطق وتأمين المناطق المحرّرة.
وكثيرا ما يربط المراقبون التحرّكات العسكرية للحوثيين بأجندة إيران التي يرتبطون بها ارتباطا وثيقا، ويعتبرون من المحاربين بالوكالة عنها في المنطقة.

وبحسب متابعين للشأن اليمني، فإنّ من مصلحة إيران في الوقت الحالي التصعيد في اليمن واستدامة التوتّر هناك رغم رسائل السلام الواردة من أكثر من طرف، وذلك لحاجة إيران لتخفيف الضغط الكبير المفروض عليها من قبل الولايات المتحدة وعدد من حلفائها، ولإشغال خصومها في معركة على أرض اليمن ما تزال قليلة التكلفة لطهران إلى حدّ الآن.
وبالنظر إلى الموقع الإستراتيجي لليمن والممرات البحرية الحيوية التي يشرف عليها ومن ضمنها مضيق باب المندب، فإنّ الحوثيين يمثّلون ورقة من أوراق إيران لتهديد الملاحة الدولية التي تمثّل في الوقت الحالي مدار صراع مفتوح بين طهران والقوى المضادّة لها.

ومحافظة الحديدة بوقوعها على البحر الأحمر حلقة أساسية في الصراع على الممرات البحرية وهو ما يفسّر استماتة الحوثيين في التشبّث بها.
وفي حين نقلت وكالة "سبأ" التي يسيطر عليها الحوثيون عن مصدر عسكري في الجماعة القول إنّ القوات الحكومية قصفت عددا من الأحياء جنوبي وجنوب شرقي المدينة، أكد الإعلام العسكري للقوات الحكومية أن الحوثيين دمّروا مصنعا للألبان بأربع قذائف هاون، فيما طالت عدة قذائف أخرى الأحياء السكنية المحررة في شارعي صنعاء والخمسين.

وذكر شهود عيان أن النيران اشتعلت في أكبر مجمع صناعي وتجاري في مدينة الحديدة إثر سقوط أربع قذائف أطلقها الحوثيون مخلفة دمارا واسعا في المعدّات، كما أدت إلى مصرع عامل في المصنع من أبناء الحديدة.
وكانت قوات التحالف العربي بدأت في خفض مستوى تواجدها على الساحل الغربي وتسليم مواقع وجزر يمنية لقوات محلية عمل التحالف على تدريبها خلال الفترة الماضية.

وأشارت مصادر إلى أن إعادة الانتشار الذي تقوم به قوات التحالف يأتي في إطار إستراتيجية لتمكين قوات الجيش والشرطة والمقاومة من تأمين المناطق والجزر والموانئ المطلّة على البحر الأحمر، بالتوازي مع تقديم الدعم اللوجستي لتلك القوات حتى تكون قادرة على مواجهة أي تحديات طارئة.
ونقلت مصادر إعلامية عن المتحدث باسم قوات المقاومة المشتركة العقيد وضاح الدبيش، قوله إن "قوات خفر السواحل اليمنية، تسلمت خلال الأيام الماضية جزيرة (زقر) الواقعة في البحر الأحمر، من القوات الإماراتية".

وعن أهداف عملية نقل السيطرة على الجزيرة إلى القوات المحلية، لفت الدبيش، إلى أنها "تأتي ضمن جهود قيادة القوات المشتركة في الساحل الغربي، وقوات التحالف العربي، لمكافحة الإرهاب وإحلال الأمن والاستقرار في المنطقة".
ونوه دبيش في تصريحات إعلامية إلى أن قوات التحالف العربي، "دربت وجهزت أكثر من 6 آلاف جندي من عموم محافظات الجمهورية، لغرض حماية وتأمين السواحل اليمنية، ومنع كافة أنواع التهريب ومكافحة الإرهاب".

وأشار إلى أن "الجنود تلقوا دورات في عمليات التفتيش والتدقيق، ومكافحة جرائم القرصنة البحرية، كما تم تسليمهم زوارق مجهزة بأسلحة وأجهزة اتصالات ورادارات متطوّرة، لتأمين وحراسة الممرين الهامين، البحر الأحمر ومضيق باب المندب".
وقال الصحافي والباحث السياسي، سياف الغرباني، إن الوجود المباشر لقوات التحالف العربي، على الأرض، في اليمن، مرتبط بمهام محددة، من بينها "إدارة العمليات العسكرية البرية، ضد مسلحي جماعة الحوثيين، في بعض محاور القتال، وتأهيل القوات المحلية، إلى جانب تأمين المناطق الإستراتيجية مؤقتا".

وأشار الغرباني إلى أن الفترة الماضية شهدت، قيام قوات التحالف العربي، وتحديداً القوات الإماراتية المشاركة ضمن قواته، في اليمن، بتدريب وتأهيل ودعم قوات محلية، على درجة عالية من التدريب والتنظيم والتجهيز العسكري، بالتوازي مع مشاركتها في العمليات العسكرية ضد الحوثيين، في محور الساحل الغربي وتأمين جزر مهمة في البحر الأحمر وباب المندب.

وأعاد التحالف العربي، بناء قوات خفر السواحل اليمنية، بعد تعرضها للتفكك بفعل سيطرة الحوثيين على الدولة في العام 2014 وزودها بالإمكانيات اللازمة لاستئناف مهمة تأمين السواحل والجزر، ليقوم لاحقا بتسليمها المناطق التي تواجدت فيها قواته لحمايتها، كما حدث أخيرا في جزيرة زقر.
وتعد زقر وجزر حنيش الأخرى، جزءا من الشق الآسيوي، رغم قربها الكبير من قارة أفريقيا، ما يمنحها موقعا إستراتيجيا لإطلالتها على ممرين عالميين، الآسيوي من ناحية الشرق، والأفريقي الواقع إلى الغرب من الجزيرة.

وقال الغرباني "القوات اليمنية المدعومة من التحالف العربي، والتي لعبت الإمارات الدور الأبرز في تشكيلها وتدريبها، خلال الفترة الماضية، أصبحت قادرة على الإمساك بزمام الوضع في المناطق المحررة، وهذا على الأقل ما يمكن فهمه من خطوة إعادة الانتشار للقوات الإماراتية وحتى القوات السودانية في محور الساحل الغربي لليمن".
ونفت الإمارات في وقت سابق نيتها سحب قواتها من اليمن، مؤكدة على أن قواتها قامت بعملية إعادة انتشار لدواع عسكرية ولوجستية، فيما أكد مسؤولون إماراتيون على التزامهم بأهداف التحالف العربي لدعم الشرعية بقيادة السعودية، حتى استعادة الأمن والاستقرار في المنطقة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى