الجنوب العربي واقع بين القانون والسياسة

> د. باسم المذحجي

>
يبدو بأن السلطة الشرعية التي تمثل الشمال اليمني تريد العودة إلى وثيقة العهد والاتفاق والتي نظمت الخلافات ما بين الشمال اليمني والجنوب اليمني، وللتذكير هي اتفاقية تمت بعد قيام الوحدة اليمنية بأربع سنوات في تاريخ 18 يناير 1994 في الأردن، وذلك لتسوية الأزمة السياسية بين الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح ونائبه علي سالم البيض.

لكن إعلان الرئيس الجنوبي علي سالم البيض قيام جمهورية اليمن الديمقراطية في 21 مايو 1994، وعبر قناة العربية، هو ذاته الشخصية القانونية والاعتبارية التي وقعت اتفاق الوحدة مع الشمال اليمني في 22 مايو 1990 منحت الجنوب العربي شكله القانوني الجديد من "اتحاد إمارات الجنوب العربي أو اتحاد الجنوب العربي" نظرًا لأن الجنوب العربي جزء لا يتجزأ من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي توحدت مع الشمال سنة 1994، وبذلك قانونيا ودستوريا وشرعيا فالوحدة التي كانت طوعية انتهت بعد ثلاث سنوات بالقوة العسكرية، وما حدث بعد ذلك يعد ضم وإلحاق الجنوب اليمني بعد الوحدة اليمنية أو الجنوب "العربي" بعد إعلان الرئيس الجنوبي علي سالم البيض.

تعد الوحدة الشرعية ما بين الشمال والجنوب منتهية بعد خطاب الرئيس علي سالم البيض سنة 1994، نظرا لأن ما تلى ذلك هو ضم الجنوب إلى الشمال اليمني بالقوة العسكرية، وهذا الخطاب موثق في أرشيف يوتيوب قناة العربية.
وكذلك هناك بنود في دستور جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية تعد معطلة في حالة الحرب، وامتداد لحالة الطوارئ التي يعيشها أبناء الجنوب العربي منذ 1994 بما فيه النص: كل مولود من أبوين يمنيين يعد من أبناء جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وذلك محدد بكيان جغرافي يسمى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بحدود 1990، وهذا النص لا يعتد به إلا كامل، حيث أن المشرع قرن الجنسية والهوية الجنوبية "بالديمقراطية الشعبية"، ولم يتحدث عن الجمهورية العربية، وإلا لكان نص الدستور كل مولود من أبوين يمنيين يعد من أبناء جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية و /أو الجمهورية العربية اليمنية.

يبدو بأن العديد من أبناء الشمال اليمني يفتقرون إلى المعارف القانونية السياسية وهم علما يبدو أنهم يحرضون أو يدعون أو بين أمرين:
الأول: إنجاح وثيقة مخرجات الحوار الوطني الشامل وتنفيذها في صورة اليمن الاتحادي الفيدرالي ما بين بين صنعاء ومأرب وتهامة وإب، وبعد ذلك إذا نجح هذا القالب في تقاسم السلطة والثروة بينهم، وذلك سيحتاج إلى 70 سنة كحد أدني، وعندها بعد سبع عقود، وكما هي سنة الحياة، فسيعيد التاريخ نفسه بوحدة اندماجية أو فيدرالية ما بين الشمال اليمني والجنوب العربي وبقرار ستقرره أجيال المستقبل حينها.

الثاني: أن تعيد ذات سيناريو حرب صيف 1994، وبذلك فالسلطة الشرعية ستنسف كل ما بنته في وثيقة مخرجات الحوار الوطني الشامل بالحفاظ على الهوية اليمنية في شكلها الاتحادي، ولو من بوابة الكونفدرالية، وهو خيط الود الرفيع والوحيد الذي نسعى للتمسك به مع أبناء الجنوب العربي. وما سوى ذلك فسنضيف مزيدا من الجرائم، ووثائق لجرائم الدولية التي تدين الشمال اليمني.

بالتالي يتضح جليا بأن الرغبة في إنهاء الوحدة اليمنية ابتدأت من قبل وثيقة العهد والاتفاق وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 931، المعتمد بالإجماع في 29 يونيو 1994، وبعد أن أشار إلى القرار 924 (1994) بشأن الحرب الأهلية في اليمن، نظر المجلس في النتائج التي توصلت إليها بعثة تقصي الحقائق الموفدة إلى البلد وطالب بوقف إطلاق النار، ولكن وقف إطلاق النار لم يتوقف من قبل الشمال اليمني، وتم تثبيتها فعليا في مجلس الأمن بهذا القرار كملحق إضافي دون ثبيت الواقعة الجنائية القانونية وجريمة الحرب، وزد على ذلك خطاب الرئيس الجنوبي علي سالم البيض كبيان قانوني يعتد به، ولو أضفنا اليها مليونية عدن في 2019 المشفوعة بحركات العصيان المدني منذ 2007 مرورًا بـ 2014، فالجنوب العربي "اليمن" يمتلك شرعية قانونية ودستورية وشعبية، وكان ينقصه فقط في سنة 1994 هي القوة العسكرية ليحقق مطالب شعب الجنوب العربي في استعادة دولته المستقلة والتي توافق عليها الجنوبيون في 2019، وأسموها جمهورية الجنوب الفيدرالية المستقلة، وبات متاحا لأبناء الجنوب العربي إرسال خطابات للعالم بأنهم وضعوا اليد على كامل ترابهم الوطني في أغسطس 2019، وعلى العالم التخاطب معهم على هذا الأساس القانوني والدستوري والشرعي.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى