هل سيشكل التطبيع السعودي ذروة الاضطراب في الشرق الأوسط؟

> «الأيام» ساسة بوست:

> كاتب بريطاني أمريكي يطرح سؤالًا مهمًّا: هل سنشهد مفاجأة سعودية في شهر أكتوبر القادم؟
نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية مقالًا للكاتب البريطاني الأمريكي، روجر كوهين، قال فيه إنه من الإنصاف أن نفترض أن الأمير السعودي المضطرب محمد بن سلمان، يود أن يقدم للرئيس الأمريكي دونالد ترامب هدية في شهر أكتوبر القادم، وذلك من خلال إعلان تطبيع للعلاقات بين السعودية وإسرائيل. وأضاف أن آخر شيء يريده ابن سلمان هو انتصار المرشح الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، جو بايدن، والذي سيؤدي فوزه إلى تجدد السخط إزاء مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وتبني نهج أمريكي أكثر توازنًا في التعامل مع إيران.

ويرى الكاتب أنه من الواضح أن السعوديين أعطوا البحرين الضوء الأخضر للانضمام إلى الإمارات العربية المتحدة في تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وقال ترامب إنه يتوقع أن تحذو السعودية حذو المملكتين العربيتين السُنيَّتين الصغيرتين. والآن يقف ابن سلمان على أعتاب الاضطراب؛ فالتطبيع السعودي مع إسرائيل سيشكل ذروة الاضطراب في الشرق الأوسط.

التطبيع السعودي.. خطوة مُفجِّرة للغضب
وألمح الكاتب إلى أنه ربما يحاول محمد بن سلمان إقناع والده، الملك سلمان، باتخاذ هذه الخطوة الشهر المقبل، بدعوى أنها تمثل بزوغ «فجر الشرق الأوسط الجديد» برعاية ترامب، ناهيك عن فترة ولاية ثانية من تدليل ترامب المبالغ فيه للسعودية. «هيا يا أبي، لقد تغيَّر الزمن، ترامب رجلنا. هل تريد أن يهددنا الديمقراطيون لأربع سنوات بقضية خاشقجي والحرب في اليمن»؟

ورجَّح الكاتب ألا يتأثر الملك سلمان بهذا؛ إذ إن تقدُّم السن يُحِد من التهور والاندفاع دون تفكير. وفي الوقت الذي تجد فيه الإمارات والبحرين أنفسهما غير مضطرين للقلق بشأن الرأي العام، تجد السعودية نفسها – بصفتها الوصية على أقدس المواقع الإسلامية – مضطرة إلى القلق، ليس من آراء شعبها فحسب وإنما أيضًا من آراء حوالي 1.8 مليار مسلم في جميع أنحاء العالم.

وذكر الكاتب أن المحلل السياسي السعودي، علي الشهابي، أخبره أن المحافظين السعوديين والجهاديين وإيران سيغضبون بشدة من أي تطبيع سعودي إسرائيلي. والمملكة، بصفتها صاحبة مبادرة السلام العربية عام 2002م، ترتبط بهذه المبادرة ارتباطًا خاصًّا، حتى في الوقت الذي قوَّضت فيه دول الخليج الأخرى أساسها المنطقي المتمثل في أن التوصُّل لاتفاق بشأن إقامة دولة للفلسطينيين يجب أن يسبق أي عملية تطبيع للعلاقات مع إسرائيل.

ويرى الكاتب أن هذا الأساس المنطقي قد فقد معناه، وأنه ليس له أي قيمة بالنسبة للفلسطينيين الذين ورد ذكرهم على استحياء خلال مراسم التوقيع على اتفاقات التطبيع التي أُقيمت في البيت الأبيض. لقد تجاوز الفلسطينيون الأكراد في أنهم أصحاب القضية الأكثر إرهاقًا في الشرق الأوسط. ولم يعد الشارع العربي – كما يُطلق عليه – يبالي.

وقد وضع الربيع العربي – على الرغم من إجهاضه – حدًّا لأساليب التضليل التي يعتمد عليها الزعماء العرب المستبدون: تكمن مشكلات دول الشرق الأوسط في الداخل – في الانعدام الفادح للكفاءة والوحشية والفساد – وليس في قمع إسرائيل للفلسطينيين. ومع ذلك، هناك شيء خاطئ في تصميم رقصات السلام التي يقوم بها ترامب، وجاريد كوشنر، والسفير ديفيد فريدمان، وغيرهم.

خطوات إيجابية ولكن
وأكد الكاتب قائلًا إنه أمر جيد أن تُطبِّع دولتان عربيتان أخريان العلاقات مع إسرائيل، بعد مصر والأردن. وصحيح أنهما دولتان صغيرتان وهامشيتان، ولم تكونا أبدًا في حالة حرب مع إسرائيل، إلا أن هذا يظل شيئًا إيجابيًّا في عيد رأس السنة العبرية (روش هاشناه)، فكلما اختلط العرب واليهود بعضهما ببعض، كان ذلك أفضل.

ومن الإيجابي أيضًا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، علَّق خططًا – يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها غير قانونية – لضم جزء من الضفة الغربية. وهذا ما توصلنا إليه: حَمْل إسرائيل على عدم انتهاك القانون الدولي يُعد إنجازًا. كما أن نتنياهو لم يُصر على اعتراف الإمارات والبحرين بإسرائيل بصفتها دولة يهودية، معتبرًا أن هذا المطلب ربما كان أكثر المطالب التي قدَّمتها إسرائيل للفلسطينيين سخافةً.

بيد أن هذا لا يمكن أن يخفي حقيقة أن مشكلات إسرائيل ليست مع الإمارات أو البحرين (التطبيع أظهر شبكة العلاقات التي كانت قائمة بالفعل بينهم)، بل مع الفلسطينيين حول تقسيم الأراضي الواقعة بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن. وعلى الرغم من كل المشاعر الرقيقة التي تضمنها الاتفاق حول حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، فإن الحقيقة هي أن ترامب وكوشنر وفريدمان وغيرهم تعاملوا مع القضية الوطنية الفلسطينية بازدراء، كما أن خطة السلام التي طُرِحت في وقت سابق من هذا العام تعاملت مع قيام الدولة الفلسطينية بازدراء، وقدَّمت تفويضًا شبه مطلق لإسرائيل.

نفسية الفلسطينيين
إن إدارة ترامب لا تهتم بالتاريخ، بحسب الكاتب، لذا لا يمكنها أن تفهم أن النضال الفلسطيني نضال تاريخي، مثلما كان نضال اليهود لإقامة وطن لهم. ولا يمكن شراء الفلسطينيين – وهو مفهوم غريب بالنسبة لترامب – ولن يقبل أي زعيم فلسطيني أي شيء يشبه خطة ترامب- كوشنر.

والحديث عن الضغط على الفلسطينيين حاليًا للتراجع يَنُم عن سوء فهم جوهري للنفسية الفلسطينية، فهذه الإدارة لم تخدم قضية السلام مطلقًا، وهذا هو مربط الفرس. ولن يرحل حوالي 6.5 مليون عربي فلسطيني يعيشون في غزة وإسرائيل والضفة الغربية. لذا، فإن الوضع الراهن يمكن أن يوفر أوقاتًا يسود فيها الهدوء، لكنه لن يمثل بزوغًا للفجر.

لقد أسهم الفلسطينيون في إذلال أنفسهم؛ إذ لا يتحدث أحد عن الانتخابات إلا ويجدهم غير جادين. والسلطة الفلسطينية – التي نشأت بوصفها جزءًا من عملية سلام لم يعُد لها وجود – باتت عبارة عن مجموعة من الأشخاص غير الديمقراطيين الذين أدبرت عنهم الحياة. ويجلس الزعيم الفلسطيني محمود عباس فوق منزل متهاوٍ، لا يكاد يفيد الشعب الفلسطيني في شيء، وسينهار يومًا ما. إن القيادة الفاسدة والضعيفة باعت الفلسطينيين وقضيتهم.

وهناك ثمة سبب آخر لشعوره بعدم الارتياح للعرض الذي أقامه ترامب للسلام في الشرق الأوسط، وهو أن اتفاقية إبراهيم (الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي) تنص على ما يلي: «نحن ندعم العلم والفن والطب» و«نسعى إلى التسامح واحترام كل شخص»، بغض النظر عن «العِرق أو المعتقد أو الإثنية».
ومن الغريب أن يصدر هذا عن رئيس أمريكي يسخر يوميًّا من العلم والطب، وكان حكمه عبارة عن تدريب على إثارة الصراع العرقي والإثني.
واختتم الكاتب مقاله بالقول إن الأمر بالنسبة لترامب سراب، وليس فجرًا جديدًا. وقد تؤدي المفاجأة التي سيُعلَن عنها في شهر أكتوبر إلى صدام عسكري أمريكي مع إيران يعمل على زيادة تبجح ترامب، وربما لا تعدو كونها تلك الهدية المحفوفة بالمخاطر التي تقدمها السعودية لراعيها الرئيس.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى