مساع سعودية لمواجهة أجندات عمان وقطر في المهرة

> «الأيام» غرفة الأخبار

> ذكرت مصادر سياسية أن السعودية بدأت تحركات لاحتواء الوضع المتأزم بينها وبين قوى مدعومة من سلطنة عمان وقطر في محافظة المهرة.
وعملت مسقط والدوحة على إرباك التحالف العربي وخلق حالة من الصراع مع السلطة المحلية في المهرة تحت لافتات عدة من بينها المطالبة بمغادرة قوات التحالف العربي، التي دخلت المنطقة في إطار خطة لمنع تدفق السلاح إلى الميليشيات الحوثية عبر شواطئ المهرة المترامية وحدودها البرية مع سلطنة عمان.

ووفقا لجريدة العرب اللندنية الشخصية الاجتماعية والقبلية النافذة ورئيس المجلس العام لأبناء محافظتي المهرة وسقطرى عبدالله بن عيسى آل عفرار زار مدينة جدة والتقى الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي.
ونقلت مصادر مقربة من بن عيسى آل عفرار أنه ناقش مع قيادة التحالف العربي ممثلة بالسعودية تطورات الأحداث في محافظتي المهرة وسقطرى، إضافة إلى أوضاع أبناء قبائل المهرة في الربع الخالي من حملة الجوازات السعودية المنتهية والعقبات المفروضة على زيارة السعوديين من أصول مهرية إلى محافظة المهرة التي تعاني من اضطرابات أمنية خلال الفترة الأخيرة.

غير أن مصادر رجحت أن تكون الزيارة جزءا من تحرك سعودي واسع لوضع حد للتوترات المدعومة من مسقط والدوحة والتوافق على حلول مع الشخصيات النافذة والمؤثرة في المهرة، تلبي مطالب أبناء المحافظة مع الحفاظ على المتطلبات الأساسية للأمن القومي لدول التحالف.
واعتبر مراقبون الزيارة نقطة تحول هامة قد تسهم في تجفيف منابع التوتر الممول من الخارج، واستكمال البرنامج السعودي لإعادة الإعمار وتنمية المحافظات المحررة وفي مقدمتها محافظة المهرة التي تربطها علاقات تاريخية واجتماعية بالسعودية.

وتصاعدت حالة التوتر في المهرة مع وصول قوات سعودية لتأمين المنافذ البحرية والبرية والحد من تهريب السلاح إلى الميليشيات الحوثية، كما ترافق التصعيد السياسي والميداني مع حملة إعلامية منظمة اشتركت فيها الدوحة ومسقط ووكلائهما المحليون لتأجيج الاحتجاجات والإيحاء بوجود مطامع سعودية في المحافظة التي تشترك في حدود مع عمان والسعودية.

وكشفت تقارير صحفية سابقة عن تنامي صراع إقليمي في محافظة المهرة التي تعتبرها كل من مسقط والرياض عمقا إستراتيجيا لهما، واستخدمت الدولتان نفوذهما المحلي وعلاقاتهما القديمة برجال القبائل في خلق ما يعدّه البعض حالة توازن هشة، نظرا للتقارير التي تتحدث عن عمليات تسليح لرجال القبائل واستخدام آخرين من مناطق أخرى في اليمن للتصعيد بوجه السلطة المحلية التي تربطها علاقات جيدة بالسعودية والتحالف العربي.

ووصفت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية ما يحدث في محافظة المهرة بأنه "حرب الخليج الجديدة بالوكالة".
وقالت الصحيفة في مقال لمراسلتها لشؤون الشرق الأوسط بيل ترو إن محافظة المهرة، التي كانت تفخر باستقلالها الذاتي وثقافتها ولغتها المهرية الفريدة، "غدت الآن خط مواجهة رئيسيا في حرب بالوكالة بين إيران والسعودية".

غير أن مراقبين أكدوا على أن ما يحدث في "المهرة" لا يرقى لمستوى حرب بالوكالة بين إيران والسعودية، حيث لا توجد أي مصالح أو نفوذ مباشر لطهران في المحافظة، فضلا عن دعم الرياض للسلطة المحلية والعمل من خلالها على تنمية البنية التحتية للمهرة ومنع تحويلها إلى ممر للسلاح القادم إلى الحوثيين، فيما تمول مسقط والدوحة في المقابل، حركات احتجاج قبلية لا تعبر عن مطالب أبناء المحافظة بقدر ما تحاول إرباك التحالف العربي.

وموّلت مسقط احتجاجات منتظمة في المهرة ضد ما يعتبره القائمون على هذه الاحتجاجات "احتلالا" لأراضيهم من قِبل الرياض، التي تقود تحالفا عسكريا يقاتل متمردي الحوثيين المدعومين من إيران على الجانب الآخر من البلاد.
وبحسب مصادر فإن السعودية تتحاشى التورط في أي صدام مباشر مع حركات الاحتجاج الممولة، غير أنها تواصل دعمها للسلطة المحلية بقيادة راجح باكريت الذي يرفض أن تتحول محافظته إلى بؤرة توتر لاستهداف السعودية والإضرار بالتحالف العربي.

وجاء تعيين باكريت متزامنا مع التحركات السعودية نحو المهرة. وتقول الإندبندنت في تقريرها إنه بعد أيام قليلة من وصول القوات السعودية، تم استبدال محافظ المهرة السابق المقرب من عمان محمد بن كدة، بالمرشح الحالي المدعوم من الرياض راجح باكريت، وهو شخص قضى وقتا قصيرا نسبيا في المهرة، وهبط بطائرة سعودية في يناير 2018.

ووفقا للمقابلات التي أجرتها الصحيفة مع رجال القبائل المهريين، فإن سلطنة عمان ترسل الآن أموالا إلى قوات داخل المهرة لتفادي وقوعها تحت السيطرة الكاملة.
وتؤكد الصحيفة أن "عُمان كانت آخر جار محايد لليمن. حيث لم تكن متورطة في هذه الحرب لكنها الآن أضحت كذلك"، مشيرة إلى رفض المسؤولين في سلطنة عمان إجراء المقابلات أو التعليق. غير أن الكثير من الباحثين العمانيين في مسقط يرون أن القيادة العمانية تحتاج إلى اتخاذ موقف أقوى ضد ما يصفونه بالزحف السعودي في المهرة.

ويقول عبدالله الغيلاني، وهو استراتيجي عماني، لصحيفة الإندبندنت من مسقط إن المهرة هي "الفناء الخلفي لسلطنة عمان".
وأضاف "لقد طورنا الكثير في البنية التحتية هناك، ولدينا روابط سياسية قوية. المهرة هي المنطقة العازلة التي ظلت مكانا سلميا حتى وضع السعوديون والإماراتيون قواتهم هناك".

وتشير الصحيفة البريطانية إلى استخدام مسقط لعدد من رجال القبائل والضباط السابقين في الجيش والشرطة اليمنيين لتنظيم الاحتجاجات، ومن بين هؤلاء من تصفه بالشخصية المثيرة للجدل علي سالم الحريزي، وهو قائد حرس سابق ونائب للمحافظ، يعرفه أنصاره الموالون باسم "الجنرال".
ومنذ زمن الرئيس السابق علي عبد الله صالح، أصبح هذا الزعيم القبلي، الشخصية الأبرز في الاحتجاجات المناهضة للسعودية، التي تتهمه بالتورط المباشر في التهريب، وهو ما ينكره بشدة.

وظلت المهرة حتى عام 1967 سلطنة امتدت لحوالي 450 عاما، تضم أرخبيل سقطرى. ويشعر سكان المحافظة بنوع من الفرادة والتميز الثقافي نظرا لحديثهم بلغة غير مكتوبة يستخدمونها في إطار محلي هي اللغة السقطرية التي تعد واحدة من اللغات العربية الجنوبية القديمة التي لا زالت مستخدمة حتى اليوم إلى جانب اللغتين السقطرية والشحرية.

وانضمت المهرة على مضض، وتحت القوة، إلى محميات اتحاد الجنوب اليمني التي كانت تحت الحماية البريطانية، قبل أن تصبح إحدى المحافظات الست في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بعد استقلال جنوب اليمن في 1967.
ومنح حاجز اللغة والتميز الثقافي والبعد الجغرافي عن مثلث الصراع السياسي والعسكري في جنوب اليمن، المهريين نوعا من الاستقلالية والانكفاء على الذات، وظلت المحافظة بعيدة عن الصراعات التي ضربت اليمن بعد قيام الوحدة بين شطريه في 1990، واستطاع أبناء المحافظة فتح جسور تواصل اجتماعي واقتصادي عابر للحدود مع أبناء القبائل القريبة في غرب عمان وجنوب شرق السعودية وكذلك دولة الإمارات العربية المتحدة.

وساهمت الروابط القبلية في ملء الفراغ الذي أحدثه غياب الدولة سواء قبل الوحدة أو بعدها، ولم تتأثر المهرة بأي من آثار الصراع السياسي الذي شهده اليمن في العام 2011، مرورا بالانقلاب الحوثي في سبتمبر 2014 وحتى بعد اجتياح الحوثيين لعدن في مارس 2015، حيث ظلت المحافظة تدار من قبل السلطة المحلية والنفوذ القبلي.

ومع دخول التحالف العربي على خط الأزمة في اليمن، في مقابل التدخل الإيراني المتزايد، وتواتر المعلومات والتقارير عن استخدام الحوثيين محافظة المهرة القصية والبعيدة عن الأنظار ممرا لتهريب السلاح، تدخلت القوات السعودية العاملة ضمن التحالف العربي مباشرة من خلال إرسال قوات لمراقبة المنافذ البرية والبحرية وهو ما اعتبرته عمان تهديدا لعمقها الإستراتيجي، ودفعها بالتالي للظهور في المشهد كطرف داعم للحوثيين بعد أن كانت تكرس صورة عن حياديتها ونأيها عن الملف اليمني.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى