من هو الفاعل الخفي للإرهاب في اليمن؟

> د. باسم المذحجي

> في المحافل الدولية، دائماً ما يخوض الباحثون الإستراتيجيون حربهم لفهم من هو الإرهابي، ومن هو دينامو الإرهاب في أي بلد، عساهم يَرُدّون على بعض الاتهامات أو يحرجونها، ولهذا تُطِل المطالبة بالنظر إلى الإرهاب في غالب النقاشات. وتبدو المطالبة الاجتماعية واضحة أيضاً في الخلط بين الثورات والانقلابات والتمردات، وبين الجماعات الإرهابية، بيد أن هذا له تفسيره الواضح، ويبرز بجلاء حينما نترفّع عن التوجهات السياسية، وندرك أنّ المطلوب هو "فهم" هذه الظاهرة، وسياقها الاجتماعي، ومداها السياسي.

في هذا العمل الكتابي أقدم اتهام صريح بأن الربيع العربي هو الفاعل الخفي للإرهاب في اليمن منذ 2011، وتدليلي النقاشي تختصره هذه العبارة البحثية «كم سيُقتلون بعد ربيع 2011 في اليمن، وكم سيحدث من الدمار قبل أن تصبح اليمن مرة أخرى اليمن التي كنا نعرفها؟" الربيع العربي أحد أبرز صور الإرهاب في اليمن، تحصل على التمويل والمساعدة اللوجستية من جهات ومنظمات وهيئات متعددة وكثيرة، وصلت إلى حد المجاهرة والتباهي بهذا الدعم، وللتدليل الاستدلالي، فتوكل كرمان في 17 مارس 2012، خاطبت رجب طيب أردوجان بالنص: "لقد تمت المرحلة الأولى من التغيير بنجاح"، وبعد سنتين بالتمام والكمال، أي في 22 سبتمبر 2014 اعتبر نائب طهران في البرلمان الإيراني علي رضا زاكاني، المقرب من المرشد الإيراني علي خامنئي، أن العاصمة اليمنية صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التابعة لإيران بعد كل من: بيروت ودمشق وبغداد، مبيناً أن ثورة الحوثيين في اليمن هي امتداد للثورة الخمينية. وتتكشف لنا الحقائق بأن الحوثية تمارس اختطاف مدروس للمواطن ونشر المعتقدات الدينية التحريضية على نار هادئة.

مجدداً، وبصورة بحثية صرفة، فمشكلة الحوثيين والمطب الذي وقع فيه بأنه لا توجد إسرائيل على حدودنا كما هي الحالة في حزب الله اللبناني، بمعنى بسيط فحزب الله اللبناني يجبر اللبنانيين على بلع ألسنتهم نظراً لأنه في موقع تماس مباشر مع إسرائيل، وهذه هي الفكرة الإرهابية التي يتقنها حزب الله للهروب من فشله التنموي في لبنان، مع العلم بأن هذا الحزب جلب وسيجلب الويل والدمار للبنان، نظراً لأنه فقاسة إرهابية بإنتاج يومي كان آخرها معمل صاروخ كورنيت الروسي، والذي وصفه نتنياهو بالصاروخ الدقيق التوجيه.

وفي أفضل صورة تمثل النتاج البحثي الذي توصلت إليه، فقيادات جماعة الإخوان المسلمين في العالم، ومنها اليمن، تلعب عدداً من الأدوار المتممة للدور والمشروع الإيراني في اليمن والتي أبرزها:

1 - تنشط في مجال القوة الناعمة عبر بناء جماعات ذات تأثير داخلي وعالمية تعطي انطباعاً لغير ما هو موجود في الواقع والحقيقة، فتجدها تنشط في منظمات الحقوق، وأخرى للحريات ومنابر إلكترونية تتوالد بشكل سريع وتدون أخباراً ومعلومات معدة من المطابخ الإخوانية لتتحول إلى مصادر يستدل بها، وهنا الكارثة بأم عينها. بمعنى تعد مادة أولوية للطبخة عبر شبكتها الناعمة، ومن ثم تأتي الطبخة كما يريدها الإخوان المسلمون في تزييف للوعي وللحقائق وتطلعات أبناء البلد.

2 - يتلونون ويندمجون مع كل الألوان والأطياف والشحنات، فستجد الملتحي يحلق لحيته، وتجد المحجبة تنزع الحجاب، وتجدهم في صفوف كل الجماعات الإرهابية من داعش والقاعدة وأنصار الشرعية، لأنهم يجيدون الالتحاء والتدين، فهي طبختهم المفضلة وهوايتهم الدينية الأصيلة.

هل يمكن إقناع أطراف الصراع باستبدال السلام بالحرب؟
الحوثي لا يقبل بالسلام، والدليل مهاجمته لمديرية الضالع ويافع بلحج، فهو ضمن حدود التدخل الإيراني، ولا يمثل اليمن الكبير من شماله إلى جنوبه. كذلك جماعة الإخوان المسلمين المدعومة من قطر، يمكنك كشف القناع عنها في تعز والحجرية، وذلك بالسؤال: هل تقبل بأن تدار الحجرية وسواحل ذوباب بكفاءات وطنية تؤسس جيشاً وطنياً غير حزبي أو ميليشاوي، وكذلك مجلس إدارة ذاتية يجعل من مدن كذوباب في باب المندب، والتربة بالشمايتين في الحجرية، دولة قائمة بحد ذاتها وعاصمة لكل اليمنيين؟

عينة بحثية دقيقة من معمل قراءة المستقبل في الحجرية وسواحلها في الجنوب الأوسط القريب للجنوب الغربي لليمن.

أنا كاتب هذا العمل البحثي لم أعد أرغب بشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، والذي انتخبته في 2012، ولم أعد أمقته كما أمقت جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، والتي بكل أسف شديد خرجنا مع قواعدها في مظاهرات 2011، للإطاحة بنظام الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، ومن هذا المنطلق، هل تقبل جماعة الإخوان المسلمين في الحجرية وباب المندب بأن تتنازل عن دورها الإقليمي الداخلي لصالح مصلحة أبناء الحجرية وباب المندب، في هذا التوقيت الراهن بالذات؟!.

لو اعتمدنا مقياس الردود الرسمية والشعبية، عبر شاشات التلفاز للمنابر الإخوانية، فهي لا تعطي الصورة الواقعية لما يعتمل في جوهر الشعب هناك وطموحاته. فالكل يريد تنمية ورخاء وجيشاً وأمناً واستقراراً، وعلى سبيل المثال: إذا منحت الفرصة للأشقاء في الإمارات والسعودية للإشراف على تنمية مدن التربة، وذوباب في الشمايتين، فسنقفز بالحجرية إلى مصاف دول الخليج العربي، وكل ذلك سيصب في مصلحة اليمن الكبير في الشمال اليمني، والجنوب العربي.

أريد أن أؤكد بعض المسائل الأساسية في إستراتيجية التحالف العربي لدعم الشرعية، التي يتوجب أن ينتقل إليها وهي محدودة بالآتي:

أولاً: لابد من السير الحثيث في الإصلاح، وفي إعادة الإعمار، وفي بعث الثقة في سائر القطاعات اليمنية بحاضر الوطن ومستقبله، وهنا لابد أن يسرع التحالف العربي لدعم الشرعية في بناء رصيف بحري لتوقف السفن في سواحل ذوباب، وإنشاء تجمعات عمرانية جديدة في سواحل ذوباب في مديرية المندب. بالإضافة إلى مطارين، مدني وعسكري، في الموقع ذاته.

ثانياً: إنشاء كذلك تجمعات عمرانية موازية في مدينة التربة في مديرية الشمايتين. ويتزامن ذلك مع تحويل كلية التربة في مديرية الشمايتين إلى أكبر جامعة في الشمال اليمني، وتسمى بجامعة الشيخ محمد بن زايد، وفي الوقت ذاته يطور ويوسع ويجهز مستشفى خليفة العام بالتربة، ويحول إلى أكبر مستشفى إقليمي، ويسمى مستشفى الملك محمد بن سلمان.

ثالثًا: توسعة واستحداث معسكرات جديدة للواء 35 مدرع، بقيادة اللواء عدنان الحمادي، ليتحول خلال عام إلى فرقة، أو فيلق، وتزويده بمختلف التقنيات العسكرية الهجومية والدفاعية، بل يتوجب دعمه بقاعدة عسكرية جوية.
رابعاً: استكمال تحرير مدينة تعز، وكذلك مدينة، وموانئ الحديدة، وذلك سيمهد لإعادة تشغيل ميناء المخا، ومحطة المخا البخارية للكهرباء بدون أي مخاطر مستقبلية.

في أحدث تعريف للإرهاب، صادر عن وزارة الخارجية الأميركية الإرهاب 2019، فقد نص: بأنه عنف ذو باعث سياسي يرتكب على سابق تصور وتصميم ضد أهدف غير حربية من قبل مجموعات تنتحل صفة وطنية، أو عملاء دولة سريين، ويقصد به عادة التأثير على جمهور ما. وهذا ما ينطبق على الربيع العربي وجماعة الإخوان المسلمين نصاً وروحاً.

ما لا شك فيه بأن قانون مكافحة الإرهاب العالمي يعاقب بالسجن المؤقت الذي لا تزيد مدته على عشر سنوات كل من روّج أو حبّذ بالقول أو بالكتابة أو بأي طريقة أخرى لأي تنظيم أو شخص أو جريمة إرهابية، وليس هناك أشد من الجرائم الإرهابية التي كانت تحدث في 2011، عندما كان يتم الدفع بالأبرياء في المظاهرات ضمن مخطط طبخة الوصول للسلطة وإزاحة النظام الحاكم بالدم في تحقيق واضح للسياق البحثي «كم سيُقتلون بعد ربيع 2011 في اليمن؟ وكم سيحدث من الدمار قبل أن تصبح اليمن مرة أخرى اليمن التي كنا نعرفها؟!".

كذلك يحمل العمل البحثي صورة أخرى فيما يتعلق بقانون مكافحة الإرهاب العالمي ينص على أن يعاقب بالسجن المؤقت الذي لا تزيد مدته على عشر سنوات كل من حاز بالذات أو بالوساطة أو أحرز أي محررات أو مطبوعات أو تسجيلات أياً كان نوعها تتضمن ترويجاً أو تجنيداً لتنظيم أو لشخص أو لجريمة إرهابية إذا كانت معدة للتوزيع أو لاطلاع الغير عليها. وكذلك يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت الذي لا تقل مدته عن خمس سنوات كل من أعان شخصاً إرهابياً على تحقق غرضه.

الإرهاب في اليمن لم يبد كما يبدو اليوم، بل موجاتٌ وأنواع، تتفق في التهديد بالعنف لتحقيق أهدافٍ سياسية، ولذلك فالدراسات متباينة عن الحالة اليمنية، لكن الثابت بأن كل اليمنيين يطالبون برحيل جماعة الربيع العربي في اليمن "الإخوان المسلمين" واختفائها البتة عن المشهد الديني والسياسي والاجتماعي، لأنهم هم سبب مصائب اليمن، ومازالوا بذات النفس والآلية من على شاشة الجزيرة، وبذات أساليب الرعاية القطرية من مختلف عواصم العالم. لذلك ضبط هذه الأدوار الإرهابية لجماعة الربيع العربي في اليمن أصبح أمراً في غاية الصعوبة خاصة بعد الفوضى التي عمت اليمن، ومزيد من الفوضى والحروب والنزوح سيعني مزيداً من تصعيد الجمعيات والهيئات الخيرية التي ترعى الإرهاب، ومزيداً من تعاضد الجماعات الإرهابية في مجالها الحيوي الإرهابي الذي مسرحه اليمن وخصوصاً الجنوب العربي الغني بالذهب الأسود والاقتصاديات الزرقاء.

إذا كانت هناك شرعية في اليمن وخالية من الإرهاب، كما تدعي، فلابد لها أن تصدر قراراً جمهورياً بقانون مكافحة الإرهاب العالمي كما قدمت رؤيته وزارة الخارجية الأمريكية، والذي يعد قانونه من القوانين المتطورة، ونأمل أن تحذو بقية مؤسساتها التشريعية في صياغة قوانين مشابهة حتى نقضي على كل منابع الإرهاب في اليمن، والقضاء على الإرهابيين، خاصة وأن القانون العالمي للإرهاب يعاقب لمجرد وجود خطورة الإرهاب وقبل ارتكاب الجريمة، ومنها أدوات الربيع العربي في اليمن.

إنّ الدعمَ الدوليَّ غيرُ ممكنٍ إذا لم نتوافقْ نحن اليمنيين على هذا البرنامج، ونلتف من حوله لنضفي عليه مزيداً من الجدية والصدق. وفي المقابل إن شراكتنا مع التحالف العربي لدعم الشرعية ستوضع على المحك من جديد، وقد تكون هذه الفرصةَ الأخيرة.

دعونا نَعقد العزمَ على المُضِيّ قُدُماً في تطبيق إصلاحاتٍ جذريةٍ، مستفيدين من الاهتمام العربي الخليجي والدولي بدعم الاستقرار الاقتصادي وتوفير الأمن الاجتماعي، وكذلك في بناء الثقة وتعزيزها لدى الجميع، في الشمال اليمني، والجنوب العربي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى