تعدد الحروب في حرب اليمن

> ماتيلد بلايو

> أصبحت الحرب في اليمن تعددية، ففي المناطق الشمالية يتعرض المتمردون الحوثيون للقصف الجوي من قبل دول التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية، حيث عملوا على حشد وتعبئة على الأرض ضد القبائل والقوات الموالية للحكومة، وفي الجنوب فتحت جبهة جديدة مع النهضة الانفصالية، الأمر الذي أدى إلى إضعاف هذا التحالف.

لا يزال الجحيم اليمني أكثر تعقيداً، حيث يتم تشكيل التحالفات وحلها وفقاً للمصالح القبلية والجيوسياسية والاقتصادية، دون أن تترك فسحة للتنفس في الحياة.
فمن جانبها، استهلت مقاتلات التحالف العربي بقيادة الرياض السعودية والداعم الرئيسي للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي شهر سبتمبر بغارة جوية استهدفت مركز اعتقال يديره المتمردون الحوثيون في محافظة ذمار جنوب العاصمة صنعاء.

ذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن الغارة أسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص، كما أشارت إلى أن الرياض قالت إنها لم تكن على علم بوجود هؤلاء السجناء، وأنها استهدفت موقعا عسكريا يتم فيه تخزين الطائرات بدون طيار والصواريخ.
وسواء كانت الرياض على علم بوجود هؤلاء المحتجزين أم لا، فقد سبق وأن قصفت بالفعل مواقع حساسة تؤوي المدنيين مثل مستشفى أطباء بلا حدود في مديرية حيدان محافظة صعدة في العام 2015.

ومن جانبه، أفاد فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة في اليمن في 3 سبتمبر بوجود العديد من جرائم الحرب التي ارتكبتها مختلف الأطراف منذ بداية الصراع، مشيراً إلى أن جميعهم أيدهم ملطخة بالدماء.

انعدام الأمن وانتشار الأوبئة وسوء التغذية
تم تصنيف الوضع الإنساني في اليمن بأنه الأسوأ في العالم من قبل المنظمات الدولية، حيث وجدت العديد من الأوبئة مثل الكوليرا والدفتيريا والحصبة في اليمن بيئة مواتية للانتشار والتي ألقت بظلالها بشكل خاص على الأطفال، ومن جانبها، أشارت كارولين سيجوين، مديرة برنامج أطباء بلا حدود في اليمن أن الفقر الاقتصادي ونقص الغذاء يمثلان المشكلة الرئيسية التي تتعلق بسوء التغذية، مضيفة إلى ذلك، وجود المخاطر اليومية والمتمثلة بالموت تحت قنابل التحالف أو الوقوع بين نيران مختلف الأطراف.

الحوثيون في الشمال
منذ العام 2014، يعيش اليمن في حالة صراع جمع بين المتمردين الحوثيين الشيعة الذين يتلقون الدعم من إيران والقوات الحكومية الموالية للرئيس هادي والذي يتلقى الدعم بدوره من المملكة العربية السعودية ودول التحالف العربي.
تمكن الحوثيون من بسط سيطرتهم على مناطق واسعة من غرب وشمال اليمن، بما فيها العاصمة صنعاء.

أشار الباحث فرانسوا فريسون روش من "المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي "CNRS" المدير السابق لمشروع "المساعدة الانتقالية في اليمن"، الذي اختارته الحكومة الفرنسية مستشارا لدى الجمهورية اليمنية ليساعد اليمنيين في وضع الدستور اليمني الجديد في فترة انعقاد مؤتمر الحوار الوطني ولجنة صياغة الدستور في الفترة ما بين 2012 إلى 2014، إلى أن الحوثيين يسيطرون بشكل عام على مناطق نفوذهم مع وجود مخزون كبير من الأسلحة التي تتيح لهم فرصة الحكم بالقوة، كما لا يجب إغفال الذكر عن عمليات القصف الجوي الذي يقودها التحالف العربي من جهة ومناطق مواجهات مع القوات الحكومية أو القبائل المتحالفة سابقاً من جهة أخرى، ففي شمال صنعاء، خاض الحوثيون عمليات قتالية مع قبائل حجور حليفهم السابق، حيث اتهم الحوثيون رجال قبائل حجور بالسماح بوصول المقاتلين الموالين للحكومة.

استرسل الباحث حديثه، بضرورة فهم ماهية هذه القوات، فهي عبارة عن مجاميع مسلحة ليست منظمة كجيوش تستجيب للتسلسل الهرمي العسكري، كما أن هذه القبائل تتغير من تحالفاتها باستمرار بحسب الحاجة، وذلك اعتماداً على ما إذا كانوا بحاجة إلى علاج الجرحى، والحصول على وقف إطلاق النار أو تمرير المواد الغذائية..
ففي هذه الفسيفساء القبلية، يختلط المدنيون فيها بالمقاتلين، مع وجود واحدة من أعلى معدلات تسليح السكان على مستوى العالم، إذ لا توجد عائلة تستطيع الهروب من دوامة الحرب أو نداء القبائل تحت مسمى الانتقام أو البقاء على قيد الحياة.

الجنوب والانفصال
أصبح مشهد العمليات القتالية أكثر تعقيدا خلال الشهور الأخيرة مع صحوة الجنوبيين الذين تمكنوا من بسط سيطرتهم على مدينة عدن العاصمة المؤقتة جنوب البلد.
لا يزال المجلس الانتقالي الجنوبي حتى الآن متحالفاً مع حكومة الرئيس هادي ضد الحوثيين، إلا أنهم اشتبكوا مع القوات النظامية للحصول على استقلال الجنوب والعودة مرة أخرى إلى التقسيم الذي كان قائما قبل توحيد شطري اليمن في العام 1990.

كما أردف الباحث حديثه، بأن دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي أحد أركان التحالف العربي عملت على تشكيل فصيل انفصالي مسلح في إطار الحرب ضد الحوثيين، مفضلة دعمه بدلاً من الرئيس هادي الذي تربطه علاقات وثيقة جداً مع جماعة الإخوان المسلمين.
ساعدت دولة الإمارات المجلس الانتقالي الجنوبي على قصف قوات الحكومة اليمنية أواخر أغسطس المنصرم، فهذا العمل كان بمثابة لفتة قوية تتعارض مع الدعم الذي قدمه السعوديون لحكومة هادي، ولكن هذا لا يعني قطع التحالف بين البلدين الرئيسيين في التحالف.

ارتفعت وتيرة المطالب الانفصالية دائماً خلال الصراع، حيث وقعت اشتباكات دامية بالفعل في عامي 2017 و2018، وفي 10 أغسطس الماضي، تمكن الانفصاليون من الاستيلاء على مدينة عدن والمحافظات المجاورة لها: أبين وشبوة للمرة الأولى.

وفي 28 – 29 أغسطس، تمكنت القوات الحكومية من استعادة أراضيها قبل أن تخسرها مرة أخرى أمام الانفصاليين، ومن المناطق الجنوبية، أكدت كارولين سيغين، مديرة برنامج أطباء بلا حدود في اليمن، على سيطرت المجلس الانتقالي على العاصمة المؤقتة عدن وتقدمها في محافظتي أبين وشبوة، وأشارت إلى أن الحياة أصبحت هادئة مرة أخرى لمدة ثلاثة أيام، ولكن عدم استقرار الوضع مقلق بشدة، فعندما سقطت المدينة لأول مرة في 10 أغسطس استقبل مستشفى أطباء بلا حدود 265 جريحاً خلال الثلاثة الأيام الأولى من احتدام العمليات القتالية، حيث بلغ ذروته إلى أن وصل عدد الجرحى 120 شخصا خلال أربع وعشرين ساعة، فهؤلاء الجرحى ليسوا مقاتلين فقط، حيث كان من بين الجرحى الذين وصلوا إلى المستشفى فتاة في السادسة من عمرها لقيت مصرعها برصاصة طائشة خلال هذه الاشتباكات.

كما أشار مسؤول منظمة أطباء بلا حدود إلى ارتفاع معدل تواجد الجماعات الإسلامية في المنطقة.
ففي 30 أغسطس، أعلن تنظيم الدولة الإسلامية أو ما يعرف بتنظيم داعش عن تبنيه هجوم بالقنابل في مدينة عدن مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص.

الحرب في أرقام منذ مارس 2015:
– 91600 قتيل منهم على الأقل 12000 مدني.
– 50000 جريح منهم على الأقل 12000 مدني.

– أكثر من 3 ملايين نازح.
– 2 مليون طفل ما دون الخامسة يعانون من سوء التغذية.

الكوليرا ففي الفترة ما بين أكتوبر 2016 إلى يوليو 2019:
– 1963347 حالة مشتبه فيها، يشكل الأطفال فيه ما دون الخامسة 28 %، في حين أطبق الوباء خناقة على 3657 حالة وفاة.

الوضع الإنساني:
– 24 مليون شخص من إجمالي عدد السكان البالغ عددهم 29 مليونا بحاجة إلى المساعدات الإنسانية.
(صحيفة "لا كروا-la-croix" الفرنسية – ترجمة: أسماء بجاش)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى