من تغيّر.. الحزب أم اليدومي؟!

> أحمد يحيى الديلمي

> من استمع إلى خطاب العميد القاضي محمد اليدومي، رئيس الهيئة العليا للإصلاح بمناسبة مرور 29 عاماً على تأسيس هذا الحزب العتيد، لا شك أنه سيقف حائراً بالذات حينما يتابع بعض العبارات التي قدمت هذا الحزب في ثوب الحمل الوديع المظلوم، وأسهبت في الحديث عن الشراكة للتأكيد على أن الحزب يؤمن بهذه الشراكة ويناضل من أجلها، بل ويستبسل في سبيل المشروع الوطني "كما قال اليدومي"، ووجه الاستغراب أن هذا القاضي ابن العالم الجليل شيخ الإسلام القاضي عبدالله اليدومي، نسى وتناسى كل الزلات التي ارتكبها هذا الحزب سواءً عندما كان على شاكلة الإخوان المسلمين أو بعد أن تشكل كحزب جمع بين الغوغاء القبلية والدينية، ولو لم يكن من مساوئ هذه الحزب إلا أنه عارض الوحدة وحاول الوقوف أمام تحقيقها لكان أسوء فعل يعاقب عليه من قِبل كل اليمنيين، ناهيك عن الأعمال الأكثر جرماً، والتي تمثلت في تفريخ الجماعات الإرهابية وإرسال الشباب إلى أفغانستان ليكونوا وقوداً لنزوات هذا الحزب وتطلعاته الأنانية، ثم العودة إلى أرض الوطن لاستهداف القوى الوطنية وممارسة كل أعمال الإرهاب غير السوية ضد الشرفاء من أبناء الوطن بما في ذلك استخدام النعرات المذهبية وجعلها وسيلة لاستهداف وإقصاء الآخرين، ألم يكن الأولى بالأستاذ اليدومي وهو ابن عالم جليل أن يتذكر تراث والده العظيم، ويعلن التوبة من أوزار وآثام الماضي والجرائم البشعة التي اقترفها بنفسه أو عن طريق الجماعات التي كان يديرها وتحولت إلى القاعدة وداعش وما شابه ذلك، مع أنها كلها تربت في حضن الإصلاح، وتلقت الزاد الروحي من هذا الحزب، وإن كان قد تعامل معها في لحظة من اللحظات بأسلوب انتهازي بالذات خلال حرب عام 1994م، فلقد تعمد بالتعاون مع علي محسن الأحمر بأن قذف آلاف الشباب إلى محارق الموت بإلقائهم في حظائر الألغام التي تفجرت بهم، وتقول المعلومات أن أكثر من 2000 شاب قتلوا بهذه الطريقة أثناء حرب 94م، وقد احتفل اليدومي وعلي محسن ومعهم حميد الأحمر بهذا النصر العظيم في خضم المعركة وقبل سقوط عدن في أيديهم بأيام، وكم أتمنى لو أن اليدومي تذكر في هذا الخطاب ما صنعه بنفسه في زنازين الأمن السياسي وهو مسئول التنظيمات اليسارية، فكم قتل، وكم جرح، وكم ظلم من قيادات حزبية هو الآن يتباكى عليها، بالمقابل ما صنع أصحابه من جرائم في عدن ولحج وحضرموت باسم الشرعية، وها نحن نعود إلى موال الشرعية المزعومة، ونجد اليدومي في أحضان أعداء الوطن والمحتلين يبادلهم التهاني بانتصارات زائفة لا وجود لها إلا في ذهن اليدومي وهادي، لماذا تناسى اليدومي كيف استهدف الأحزاب والقوى السياسية المخالفة وطال هذا الحزب بفُحشه الكثير من الشخصيات الوطنية التي كانت فعلاً تناضل من أجل الوطن ومن أجل البناء الوطني الواسع؟ وكان الأحرى به أن يطلب الاعتذار من أبناء وأسر الضحايا، بدلاً من تسويق الأكاذيب وشيطنة كوادر الحزب ليكونوا على استعداد لخوض معارك ضد المخالفين لهم في حالة تحول الحزب إلى موقع مؤثر لا سمح الله كما حدث في الماضي، وهنا أسأل اليدومي؛ من الذي حاول إقصاء الآخر في ساحة الثورة، هل اليدومي أم أنصار الله؟! ومن الذي تعرض أفراده للقتل والتنكيل والسحل؟! الناس جميعاً يعلمون أن هذا ما جرى لأنصار الله وهم في ساحة الثورة، والفاعل على محسن بتحفيز ودعم وتشجيع الإصلاح، فهل هذه هي الشراكة التي يتحدث عنها اليدومي؟! للأمانة الجديد فيما جاء على لسان اليدومي أنه بالغ في الحمد والشكر للسعودية واعتبارها المنقذ والمخلص، وهو لم يجافِ الحقيقة في هذا؛ لأن ولاءه وولاء حزبه من البداية لهذه الدولة، متناسياً أنها تلقي مئات الصواريخ والقنابل المحرمة على أبناء شعبه بل تقذفهم بالورود، إنها مفارقة عجيبة أن نسمع من اليدومي هذا الكلام ويتناسى كل ماضيه السيئ المغرق في السوء لأنه لم يترك طرف سياسي إلا واستهدفه وحاول إجهاضه حتى يعطي الولاء والطاعة الكاملة لهذا الإصلاح، الحقيقة أن اليدومي مدح السعودية إلى حد مقزز ومقرف ليوحي للاتباع أن السعودية هي مالكة أمره وهي كذلك بالفعل، فاليدومي يريد أن يقول لأصحابه إننا نريد بناء دولة ذليلة خانعة تابعة للسعودية منقادة للإدارة الأمريكية لضمان الاستمرار والخلاص من تهمة الإرهاب، ألم أقل لكم إن المفارقة عجيبة وتحتاج إلى أكثر من تناول؟ وكما قال أحد أعضاء الإصلاح الذي غادر الحزب عن قناعة الشراكة في مفهوم الإصلاح واليدومي أن تكون تابعاً لهم منفذاً لأوامرهم منقاداً لأطماعهم صامتاً عن نزواتهم، هذه هي الشراكة في مفهوم هؤلاء، وهذا هو المعنى الذي يناضلوا من أجله، وإذا كان اليدومي قد نسي هذه الأشياء فعليه أن يتذكرها ويعود إلى ما قاله الشيخ حميد الأحمر لجمال بن عمر مبعوث الأمم المتحدة أثناء الحوار كما أفصح عن ذلك الرجل نفسه؛ حيث قال: "قال لي حميد الأحمر: لا تعمل أي حساب لأنصار الله لأنهم لا يمثلون أي وزن، وبعد أسابيع سآتيك برأس عبدالملك الحوثي"، أنظروا كيف هذا الصلف والغرور والكبر وهو الذي أودى بهم إلى المهالك وإلى أزقة الرياض ودهاليز إسطنبول والقاهرة وكواليس تل أبيب الذين بدؤوا يتوافدون عليها سراً لكسب ود دولة الكيان الصهيوني والظفر برضا أمريكا، يا لها من مهانة! وما أعظمها من مهازل! كان الأحرى باليدومي أن يلتزم الصمت بدلاً من أن يخرج إلى الناس ويباهي بالباطل والأكاذيب وتزييف الحقائق.

أخيراً أقول لليدومي إن شاء الله لن تأتي الذكرى الثلاثين إلا وقد انتهى هذا الحزب وغاب عن اليمن كي يسعد اليمنيون بحياتهم ويبتعدوا عن كل أعمال المماحكات والتآمر والممارسات غير السوية التي أرهقت كاهل اليمنيين، بداءً من شيطنة نواقض الوضوء، وانتهاءً بالحرب المذهبية الطائفية القذرة، أتمنى من الله لهؤلاء الناس الهداية، وأن يعودوا إلى رشدهم، وأن يدركوا أن الوطن هو الحضن الدافئ للجميع، وأن اليمن ستتسع لكل أبنائها بعيداً عن المماحكات وهذه الأباطيل الكاذبة، وبعيداً عن الزيف، ولا عزاء للأستاذ محمد اليدومي الذي انسلخ عن جلده، ولا يتردد يوماً في أن يسوق الأكاذيب ويعلن الطاعة للأقوى، وأنا أراهن وهذا رهان أضعه أمام الجميع بأن اليدومي سيترك مزعوم الشرعية ويصطف مع الانتقال إن وجد أن مصلحته تقتضي ذلك، وسيتنكر للسعودية ويقف مع الإمارات بحسب المصلحة، وهذا هو الإصلاح، وهذا هو برنامجه، وهذا هو مشروعه الوطني، وهذه هي مبادئه التي عرفناها منذ أن بدأت حركة الإخوان المسلمين في اليمن.

"السياسية"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى