عادل اسماعيل .. الذي بنى مجداً في محراب هوايته

> علي صالح أحمد

>
علي صالح
علي صالح
* ماذا يمكن أن أكتب عن الفقيد الراحل .. العملاق .. الأسطورة .. فقيد الوطن العزيز (الكابتن عادل اسماعيل) حارس مرمى نادي شمسان ومنتخبنا الوطني ، وكم هي قاسية تلك اللحظات التي تتدفق فيها ذكريات الوهج الإنساني للفقيد الغالي ، خاصة بعد أن عرفته عن كثب في السنوات الأخيرة.

* بنفس الرقة والوداعة التي عاش فيها حياته رحل عنا بهدوء ، بعد صراعه مع المرض في سنواته الأخيرة ، ولقد كان الكابتن عادل اسماعيل أسطورة كروية وأفضل من أنجبت الملاعب اليمنية من لاعبين لمركز حراسة المرمى إلى جانب زميله عملاق المرمى الآخر الكابتن طارق ربان (الله يعطيه الصحة) ، لقد كانا بالفعل أفضل من وقف تحت خشبات المرمى حتى هذه اللحظة .. أسطورتان للمرمى في زمن عقيم (السبعينات) الذي خلت منه الأساطير الكروية ، إلّا فيما ندر ، والتي كانت حكراً على الزمن الجميل في (الخمسينات والستينات) او الفترة الذهبية كما يحلو للبعض تسميتها للمدينة عدن الرائدة في كل المجالات.

* حقاً إنها فترة ذهبية وزمن جميل بكل المقاييس أفرز لنا الكثير من المبدعين والأساطير الكروية التي لم تشهد الملاعب لها مثيل أمثال : (محمد صالح عراسي وأحمد صالح موشجي وعلي مسرج وعلي الصيني ومحمد أحمد الثابتي الملقب (بساط الريح) وعباس غلام وصالح عريجه وبوجي خان وجواد محسن وعبدالله خوباني وإبراهيم صعيدي وغيرهم كثر) ، لكنه كان زمناً تعسرت فيه ولادة حراس مرمى بمواصفات زامورا وياشين وجينجيز وغيرهم ، رغم وجود عمالقة أمثال نديم حزام وعلي العزاني ولوسي والسيد محمود وغيرهم ، ليشهد الجيل الجديد (جيل السبعينات) أو جيل التابعين ، كما يحلو للبعض تسميته جيل (عوضين وناصر هادي والهرر وجميل سيف وعبد الله مسعود وعادل حيدري وعزيز عبد الرحمن وعبد الله باعامر ومحمد شرف وغيرهم) ظهور أساطير للمرمى (عادل اسماعيل وطارق ربان) بعد أن تأخرت ولادتهما.

* الكابتن عادل اسماعيل عرفته كغيري من المشاهدين ورواد ملعب الشهيد الحبيشي بكريتر منذ منتصف السبعينات ، فقد كان عملاقاً صاحب شخصية قيادية وموهبة فذة وإمكانيات مهارية عالية ، إذ كان يحوّل المرمى إلى ثقب إبرة أمام المهاجمين ، حيث كان لا يقل شأناً عن بقية المبدعين العرب وحراس مرمى منتخباتهم أمثال : رعد حمودي (العراق) وأحمد عيد (السعودية) وعبد الناصر(سوريا) وعتوقه (تونس) والطرابلسي (الكويت) وثابت البطل وإكرامي (مصر) ، فلو سنحت له فرصة الاحتراف حينها لكان له شأن آخر والحديث عنه لن ينتهي بعد.

* ومع مرور الأيام والسنين جمعتنا لقاءآت به وكانت المرة الأولى قبل ثمانية أعوام تقريبا من وفاته في إحدى زياراته المتكررة إلى عدن بعد اضطراره إلى السفر والتغرب في لندن وازدادت معرفتي به عن قُرب واستمر التواصل بيننا حتى شهر يونيو من هذا العام (2019م) عندما اشتد عليه المرض مؤخراً ، فكان رحمه الله دائم السؤال ، وإرسال الرسائل المصحوبة بالنكت والمرح ، وهي الصفة التي لازمته طيلة حياته ، بعد أن لمستها فيه مؤخراً ، وسعد كثيراً عندما علم بأني أقوم بتأليف كتاب عن زميل عمره في الملاعب الكابتن جميل سيف، وقال لي مداعباً (عُقبالي) فرديت عليه (بالفعل فأنت تستحق ذلك وأكثر) كما تواعدنا على الجلوس معاً عند زيارته إلى عدن ، ثم عرضت عليه إجراء لقاء (تسجيل صوتي) لبرنامج (في ذاكرة لاعب) ، بعد ما طلب مني ذلك مخرج البرنامج الأخ صالح الخليفي (أبو شيماء) ، ورد عليه (برسائل الواتس) : إن شاء الله بعد الشفاء سأعود إلى عدن ونلتقي ، ولأن الموت فك واسع يحتوي ضحاياه ، وتطويهم ظلماته في خباء الغياب إلى غير رجعة ، فقد جاء الوعد لكن جاءت المنية لتغيبه عنا وهو القضاء الذي لا يكبحه أو يؤخره قضاء.

* لقد رحل عنا أبو صقر ولم يتجدد لقاءنا ، وهو يعلمنا بعفوية شديدة فنونه الكروية منمياً فينا (توافقاً نفسياً) ، نتيجة ما قدم من فن وإبداع وأخلاق ، وما زلنا نتحسس معاني السعادة ونعيشها عندما تجود الذاكرة بصورته أو بشريط ذكرياته .. سيظل الكابتن عادل اسماعيل رمزاً كروياً لامعاً وصرحاً مضيئاً لكل عشاق الكرة ومحبيها ، كيف لا وهو الذي صنع في محراب هوايته مجداً لم يسبقه إليه أحد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى