تغييرات في المنطقة تبشر بسلام وشيك في اليمن

> «الأيام» غرفة الأخبار

> ما تحمله الرسائل المتبادلة أخيرا بين المسؤولين الإيرانيين وجماعة الحوثي من جهة والسعوديين من جهة أخرى يُظهر تراجعا في حدة العداء بين الطرفين ورغبة واضحة في إنهاء الحرب باليمن التي اندلعت مطلع العام 2015؛ فخلال الأسبوعين الماضيين كان المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن جريفثس، في جولة إقليمية التقى خلالها مسؤولين سعوديين وحوثيين من بينهم زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، حيث ناقش معهم التحضيرات لتسوية سياسية شاملة.

وبحسب مصدر في مكتب جريفثس، فإن الهجوم الأخير على شركة أرامكو السعودية منتصف سبتمبر الماضي كان دليلاً للمجتمع الدولي والإقليم على ضرورة الحل السياسي في اليمن، ووقف المزيد من التصعيد.
وأشار في تصريحات لقناة الجزيرة القطرية إلى أن تفاصيل التسوية السياسية الشاملة التي يحضّر لها المبعوث الأممي تتعلق بتشكيل حكومة مبنية على الشراكة الشاملة لجميع الأطراف والأحزاب السياسية.

وأضاف: "التسوية تنص على أن يكون للحكومة الحق في امتلاك السلاح في مقابل انسحاب الميليشيات وسحب أسلحتها تدريجيا من خلال عملية تشرف عليها الأمم المتحدة، ووقف الهجمات على دول الجوار وتهديد الملاحة الدولية".
ووفق مكتب المبعوث، فإن جريفثس يبحث مع الأطراف بصورة حثيثة للتوصل إلى اتفاق.

مرحلة انتقالية
وترتبط التسوية السياسية المحتملة بمرحلة انتقالية قبل الدخول في انتخابات رئاسية وبرلمانية، حسبما تقول عضو فريق الحكومة المشارك في المشاورات السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة والأمينة المساعدة للتنظيم الناصري رنا غانم.
ووفق حديث غانم لـ "الجزيرة نت"، فإن التسوية التي تسبق المرحلة الانتقالية تشمل ترتيبات أمنية وعسكرية على الأرض، يعقبها تشكيل حكومة شراكة واتفاق على إقرار الأقاليم والدستور، وهي تفاصيل رحبت بها جميع الأطراف، مما جعل جريفثس متفائلا.

وأشارت إلى أن "التوصل إلى اتفاق بات أقرب من أي وقت مضى لأسباب عدة من بينها أن هناك تغييرات كبيرة في المنطقة منذ اتفاق السويد (الموقع بين الأطراف اليمنية منتصف ديسمبر 2018) تتعلق بالوضعين العسكري والسياسي، كما أن الإقليم بات مرهقا من حرب اليمن".
وتضيف غانم "التحالف الذي تقوده السعودية أُنهك تماما في هذه الحرب، وفي المقابل فإن الحوثيين باتوا غير قادرين على مواصلة الحرب".

وقالت إن الخطوة الأولى في التسوية السياسية الشاملة تبدأ بالتوقيع على وقف شامل لإطلاق النار في كل محافظات اليمن في الشمال والجنوب، وسحب سلاح الميليشيات، وتسليم المعسكرات إلى الدولة بما يضمن توقف الحرب نهائيا.
وبحسب غانم، فإن التسوية الشاملة تترقب ما سيترتب عليه حوار جدة الجاري بين الحكومة والمجلس الانتقالي، مضيفة للجزيرة نت أن "حوار جدة قد يتوصل لاتفاق قريب يقضي بعودة الحكومة إلى عدن، مقابل ضم الانتقالي في الحكومة".

من جهة، يقول مصدر في الحكومة اليمنية إن السعودية تريد إنهاء الحرب، لذا دفعت بالحكومة والانتقالي إلى التفاوض، مقابل أن تكون هي المسيطرة بشكل مؤقت في عدن، تمهيداً للانتقال إلى تسوية شاملة مع الحوثيين.

رسائل متبادلة
ورغم التطمينات والمؤشرات الإيجابية التي يقدمها المبعوث الأممي، فإن مصدرا رفيعا في جماعة الحوثيين يرى أن ما يقدمه جريفثس لا يزال قيد التشاور والتفاوض حتى التوصل إلى عملية سلام دائم.
وقال المصدر: "النتائج حتى اليوم بعيدة من أن تسمى نهائية".

غير أن المصدر يؤكد أن هناك وقفاً غير معلن لإطلاق النار مع الرياض، خصوصاً مع التطمينات الأخيرة التي بعثتها مسؤولو البلدين، بالإضافة إلى تصريحات المسؤولين الإيرانيين في الجانب ذاته.
وفي وقت سابق، قال نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إن بلاده "تنظر بإيجابية" إلى التهدئة التي أعلنها الحوثيون، في حين أعرب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن أمله في أن يؤدي ذلك إلى حوار سياسي وإنهاء الحرب.

وقبلها، عرض الحوثيون وقف العمليات الهجومية على السعودية، وطالبوا الرياض برد مماثل.
وبين هذه التصريحات، يظهر أن هناك اتصالا حوثيا سعوديا مباشرا، حسبما ألمح المصدر في جماعة الحوثيين الذي تحدث للجزيرة نت، غير أنه لم يورد مزيدا من التفاصيل.

وعلى الأرض، يكاد القصف الحوثي على السعودية يكون متوقفا، وفي المقابل توقفت العمليات الجوية للتحالف السعودي الإماراتي، ووفق أرقام الحوثيين فإن الغارات تراجعت من 303 غارات خلال الأيام العشرة الأخيرة من شهر سبتمبر الماضي إلى 23 غارة خلال الأيام العشرة الأولى من شهر أكتوبر الجاري.

نجران وأرامكو
ويقول الكاتب الصحفي أحمد الحسنس: "يبدو أن التصعيد العسكري بين التحالف والحوثيين يتجه نحو ضبط النفس، بعد تبادل الطرفين رسائل ترحيبية إيجابية، لأول مرة منذ اندلاع الحرب في اليمن قبل أكثر من 4 أعوام، في مؤشر للتوصل إلى خطة سلام شامل تطوي صفحة الحرب، وتبقي على حضور الحوثيين سياسياً وعسكرياً في البلاد".

وخلال الأيام الماضية، رحب كل من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ونائبه خالد بن سلمان، بمبادرة الحوثيين لوقف العمليات العسكرية سواء بالصواريخ أو بالطائرات المسيرة على الأراضي السعودية، تلك الرسائل قابلها الحوثيون بالمثل، وعبّر نائب وزير الخارجية في حكومة صنعاء حسين العزي، عن أن تلك الرسائل تجاه مبادرتهم "مؤشر إيجابي وإضافة لصوت السلام والعقل"، لافتاً إلى أن الحركة "تقاتل فقط دفاعاً ومن أجل السلام ولم تعتدِ على السعودية".

ويتساءل مراقبون هل تتوصل الرياض إلى تسوية مع حركة الحوثيين تنهي الحرب، خصوصاً أن الأخيرة نفذت خلال الأسابيع الماضية أكبر عمليتين ضد السعودية.
أولى هذه العمليات هجوم أرامكو الذي عطل أكثر من نصف إنتاج المملكة من النفط، والأخرى السيطرة على مساحات واسعة في مدينة نجران جنوب السعودية، وسقوط عدد من الألوية العسكرية من القوات اليمنية التي تقاتل إلى جانب الجيش السعودي، وأسر الآلاف منها من ضمنهم عشرات الضباط والجنود السعوديين.

هاتان العمليتان غيّرتا الموقف السعودي للتعاطي بإيجابية مع مبادرة الحوثيين، غير أن كل ما طرحته الرياض عبر وسيط دولي للحوثيين يتمثل فقط في وقف الغارات على صنعاء دون توقف سير المعارك في مختلف الجبهات، الأمر الذي رفضه الحوثيون متمسكين بشرط "وقف كامل للحرب، ورفع الحصار عن المطارات والموانئ"، محذرين في حال رفضت السعودية المبادرة من أن "الصواريخ والطائرات لن تتوقف عن استهداف أهم المنشآت الحيوية في العمق السعودي".

ويرى أستاذ علم السياسة بجامعة صنعاء، عبد الملك عيسى، أن "العمليات العسكرية الأخيرة ضد المملكة قد تسرع بالحل السياسي خصوصاً أنه ليس من مصلحة السعودية الاستمرار في الحرب"، مشيراً إلى أن "انعكاسات هجومي أرامكو ونجران أثّرا سلباً على سير الجبهات المدعومة من السعودية والإمارات في المناطق اليمنية، كما هزّ هجوم أرامكو الموقف السعودي وأربك حساباته ولم يتبق أمام صناع القرار غير المسارعة في اتخاذ موقف حاسم لوقف الحرب تفادياً لخسارة السعودية مؤسساتها الاقتصادية".

ووفقا لقناة "تر آر تي" فأن الأوضاع في اليمن تتجه نحو التسوية، ليس لأن الحوثيين خلقوا معادلة توازن ردع مع التحالف فحسب، ولكن لأن وضع التحالف السعودي الإماراتي في اليمن بشكل عام بات أضعف من قبل خصوصاً في مناطق الجنوب حيث اندلعت معارك عنيفة بين القوات التابعة لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دولياً وحليفة الرياض من جهة، وبين المجلس الانتقالي الجنوبي.

وتبدو محاولة التحالف جمع طرفي الصراع (الشرعية والانتقالي) في جدة من أجل التوصل إلى سلام ينهي التصعيد العسكري في عدن، تلك المساعي لا تنفصل عن جهود التحالف لخوض مفاوضات السلام الشاملة في اليمن، وهي محاولة برأي محللين لتجميع أوراق حلفاء التحالف في الجنوب من أجل استحقاقات السلام، التي تنص بحسب التسريبات على إدارة مرحلة ما بعد الحرب في اليمن بتشكيل حكومة ائتلاف.

في موازاة ذلك تستغل الأمم المتحدة عبر مبعوثها الدولي إلى اليمن مارتن جريفثس، المناخ الإيجابي المتبادل بين الحوثيين والتحالف، للدفع نحو خطة سلام، وخلال لقاء جريفثس قيادة "أنصار الله" قبل أيام في صنعاء، أكد "ضرورة استكمال اتفاق ستوكهولم، من أجل الانطلاق نحو عملية سياسية شاملة".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى