الحوثيون يغرقون صنعاء في أزمات مفتعلة

> تقرير/ خاص:

> دفعت الأزمات التي باتت تخنق صنعاء منذ عدة سنوات بسبب انقلاب قوت الحوثي على الدولة، بالعديد من المواطنين إلى التسول والسرقة؛ ليتمكنوا من الاستمرار بالعيش.
أزمات توزعت ما بين إيقاف المرتبات وحالات اختطافات وانفلات أمني وغيرها الكثير إلا أن أزمة المشتقات النفطية زادت من معاناة المواطنين كثيراً لاسيما المرضى.

وبسبب انعدام هذه المادة أو احتكارها من قِبل جماعة الحوثي، توجهت العديد من المستشفيات والمراكز الصحية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثي بنداء استغاثة عاجلة إلى المجتمع الدولي والمنظمات الأممية بسرعة تزويدها بالمشتقات اللازمة للحفاظ على الوضع الصحي الهش أصلاً قبل إعلان الانهيار التام، محذرة من أن استمرار الأزمة غير المبررة سيؤدي إلى كارثة صحية كبرى.

تزايد المعاناة
وأكد مدير مستشفى "المتحدون" عادل غانم، أن عدم تزويد المستشفيات وبقية المنشآت الصحية الحكومية والخاصة بهذه المادة سيتسبب بإغلاقها أمام المواطنين.

وأوضح في حديثه لـ "الأيام" أن افتعال هذه الأزمات يمثل حكماً بالإعدام لمئات الآلاف من المرضى إن لم يكونوا بالملايين، لافتاً إلى أن غرف العمليات والعنايات المركزة والطوارئ والمختبرات والحضانات وغيرها في كل المستشفيات والمراكز الصحية ستتوقف عن الخدمة إذا توقفت مصادر تزويدها بالكهرباء التي تعتمد على المشتقات النفطية.

ولاحظت "الأيام" رجلاً كبيراً وهو يحمل بيده ملفاً وكيساً يمتلئاً بالأدوية والفحوصات، بينما كان وافقاً أمام أحد المراكز الصحية في انتظار أن يبشره أحد عن وصول مادة الديزل إليه؛ حتى يتمكن من إجراء جلسة الغسيل الكلوي المقررة له أسبوعياً.

أشخاص آخرون كثر يعانون أمراضاً مستعصية، يرفعون أياديهم إلى السماء مبتهلين إلى الله بأن ينظر إليهم وأن يحقق لهم أحد الخيارين؛ إما الشفاء، أو الموت، فهذا ما يطلبونه وفقاً للمريض عبد الحميد الغباري، الذي يعبر عن حالة واحدة من آلاف الحالات التي تمتلئ بها مستشفيات صنعاء، فيما أغلق ما يزيد عن مائة مستشفى و3 آلاف مركز صحي بسبب مصادرة قوات الحوثي الانقلابية لمخصصاتها المالية وتسخيرها لمصلحتها.

سوق سوداء وأوبئة
كما تمتلئ صنعاء بالأسواق السوداء، وينتشر ملاكها في كل مكان فيها، وهم تجار الحروب المستفيدون من استمرار هذه الأزمات، كما يقول المواطنون.
وبات المئات من أصحاب الدراجات النارية يرتصون في صفوف طويلة أمام محطات تعبئة الوقود في العديد من المناطق ومنها "مذبح"، في انتظار كل منهم دوره في الحصول على المادة.

ولجأ الكثير من السكان المحليين إلى استخدام الدراجات النارية كمصدر دخل بعد أن خسروا وظائفهم خلال السنوات الماضية.
ووفقاً للأمم المتحدة، يزيد عدد من فقدوا أعمالهم عن 3 ملايين شخص خلال سنوات الحرب.

كما انتشرت في صنعاء الكثير من الأوبئة والأمراض كالكوليرا والدفتيريا والملاريا والضنك.. وغيرها، نتيجة لتكدس القمائم بعد امتناع قطاع النظافة من تأدية عمله لانعدام مادة الديزل.

كارثة زراعية
ويرى خبراء الاقتصاد أن انقطاع المشتقات النفطية سيؤثر بشدة على قطاع الزراعة، بسبب ارتفاع قيمة تكاليف الإنتاج الزراعي، خاصة وأن أغلب المزارعين يعتمدون على مادة الديزل في ري مزارعهم ومحاصيلهم الزراعية، وبالتالي يتأثر أهم مصادر الأمن الغذائي نتيجة استمرار الأزمة وذهاب المشتقات النفطية إلى الأسواق السوداء التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، بدلاً من محطات الوقود.

وأكد أحد تجار الخضروات في صنعاء، طالباً عدم ذكر اسمه، أن احتكار الديزل في السوق السوداء كارثة سيدفع المواطن البسيط ثمنها، ويتساءل: "لماذا يدعون أن دول التحالف تحتجز سفن النفط وفي الوقت نفسه تتوفر المشتقات النفطية بكثافة في السوق السوداء؟".

فيما يشير سليم هو صاحب معمل للخياطة إلى أن قطاع الصناعة أيضاً لم يسلم من تداعيات الأزمة المفتعلة، إذ أدى عدم توافر الديزل إلى توقف 350 مصنعاً، بحسب اتحاد الغرف التجارية، فضلاً عن العديد من المشاغل والورش والأفران ومعامل الخياطة وغيرها عن العمل، علاوة على زيادة أسعار السلع وتعطل الاستثمار في القطاع الخاص، مما ضاعف معاناة المواطنين.

أزمة مفتعلة
من جهته، أكد لـ "الأيام" مصدر بشركة النفط، فضّل عدم ذكر اسمه، أن أزمة المشتقات النفطية في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين أزمة مفتعلة وأن الكميات المخزونة من المشتقات النفطية لدى الشركة الخاضعة لسيطرة الميليشيات ما تزال تكفي لتغطية طلبات السوق لأكثر من ستة أشهر على الأقل.

وأوضح: "إن قيادات الميليشيات عمدت كالعادة إلى افتعال أزمة في المشتقات النفطية بهدف ممارسة ضغوط على الأمم المتحدة للتدخل والضغط لإدخال سفن المشتقات النفطية التابعة للشركات الخاصة بقياداتها ومنها سفن محملة بنفط إيراني يقدم كدعم من طهران للميليشيات بما قيمته 25 مليون دولار شهرياً"، لافتاً في السياق إلى أن "شركة النفط وبتوجيهات مباشرة من قيادات الحوثيين عمدت إلى تقليل عدد المحطات التي تبيع النفط على المواطنين في صنعاء وألزمتها باستخدام مضخة واحدة فقط في تعبئة البنزين وتهديد ملاك المحطات بإغلاق محطاتهم في حال شغلوا أكثر من مضخة واحدة".

وكان الصحفي أحمد الكبسي، المقرب من الميليشيات الحوثية، نقل في منشور له على صفحته في "الفيس بوك" عن مصدر مسؤول داخل وزارة النفط، التأكيد على أن ثمة أزمة مشتقات مفتعلة.

ونقل الكبسي عن المصدر القول، إن احتياج صنعاء من البنزين في الأيام العادية في حدود مليون ومائتي ألف لتر يومياً توزع على خمسة وثمانين إلى خمسة وتسعين محطة، فيما يتم توزيع كميات أكبر بكثير من هذا الاحتياج، موضحاً بالقول: "مثلاً يوم السبت الموافق 5 أكتوبر وزع مليوناً وثمانمائة ألف لتر على تسعة وثلاثين محطة فقط، ولو أنها وزعت على كل المحطات ما تشكلت هذه الطوابير الطويلة".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى