شاعر القدس يوارى الثرى

> "الأيام" متابعات:

> أقيمت صلاة الجنازة على روح الأديب والشاعر التركي الكبير نوري باكديل، الملقَّب بـ "شاعر القدس"، بحضور رسمي كبير، في مسجد حاجي بيرم ولي بالعاصمة أنقرة، السبت الماضي.
وعقب الصلاة قرأ أحد الشبان قصيدة من قصائد شاعر القدس، وجرى نقل نعشه وسط التكبيرات، إلى تكية تاج الدين، ليوارى الثرى.

وتوفي الأديب والشاعر التركي الكبير نوري باكديل، الجمعة الماضية، عن عمر ناهز 85 عاماً، في مستشفى المدينة الطبية بالعاصمة أنقرة، والذي كان يعالَج فيه من التهاب بالجهاز التنفسي.
ويلقَّب الأديب التركي بـ "شاعر القدس"، بسبب دفاعه المستمر عن القدس وقضيتها العادلة منذ عقود طويلة.

ووُلد باكديل عام 1934 بولاية قهرمان مرعش جنوبي تركيا، وتخرج في كلية الحقوق بجامعة إسطنبول، لكنه رفض العمل محامياً، لتعارض ذلك مع مبادئه.
واعتبرت مجلة "الأدب" التي أصدرها الشاعر الراحل في نهاية الستينيات عملاً "ثورياً إسلامياً"، وكانت لغتها الشعرية مثيرة للدهشة، فهي تجمع "الأسلوب اليساري" مع الثوب الديني، بحسب الأكاديمي التركي حر محمود يوجر.

واهتم في تلك المجلة بترجمة وتقديم شعراء عرب للقراء الأتراك، معتبراً أن التواصل الأدبي بين بلدان وثقافات الشرق الأوسط والعالم الإسلامي ضروري، وقال مستنكراً: "تتبَّعنا الأدب في أمريكا اللاتينية وأقاصي الدنيا، وأهملنا العالم العربي الكبير بجانبنا".
وهكذا توجس منها المثقفون اليساريون والمحافظون اليمينيون على حد سواء، لكن المجلة تابعت منشوراتها عبر مجموعة من الأدباء الذين اشتهروا باسم "الرجال السبعة الطيبون" الذين اعتُبروا امتداداً لجيل من الأدباء الأتراك المحافظين، ضم أسماء تركية كبيرة مثل "سلطان الشعراء" نجيب فاضل والشاعر سيزائي كاراكوج وعصمت أوزال.

في ديوانه "الأمهات والقدس" يتحول باكديل إلى شاعر غاضب، ويفتتح الديوان قائلاً: "عملي القيام بثورة"، ويرى أن القدس رمز لأي ظلم يقع على المسلمين في أي مكان بالعالم. واهتم باكديل في السبعينيات بشكل مكثف بقضية مسلمي الفلبين، ودعم حق الأفارقة في مواجهة الاستعمار الغربي للقارة.
وضم ديوان "الأمهات والقدس" أعمال باكديل الشعرية وحركته الفكرية والأدبية على حد سواء، وقال في أحد الأبيات: "أحمل القدس كما أحمل ساعة يدي"، وفي بيت آخر يقول: "امشِ أخي، ولتُهَب قوة القدس".

واشتهر بأنه يأخذ معه دائماً ثلاث صور في أثناء السفر، هي: صورة القدس وآلة كاتبة وحقيبة يد. وفي ديوانه يتناول القدس بصفتها أُماً، ومعراج النبي والمنطلق إلى العالم الميتافيزيقي، وكذلك قلب الحضارة الإنسانية، معتبراً أنها قِبلة تركيا "التي انكسرت رقبتها وهي تنظر إلى الغرب".
ورغم رمزية باكديل الشعرية المفرطة، فقد ترجم الأكاديمي التركي حر محمود يوجر بجامعة العلوم الصحية التركية، مقاطع من أشعاره بديوان "القدس والأمهات"، يقول في بعض أبياتها:
عِش جبل الطور
أين قِبلتك يا قدس
أحمل القدس مثل ساعة في يدي
إن لم تضبط الوقت وفق القدس
يضيع الوقت هباء
تتجمد
وتعمى عينك
تعالَ
كن أُمّاً
لأن الأم تبني قدساً من طفل
عندما يصبح المرء أباً
يحيي القدس في قلبه
كيف فقدنا عشرة ملايين متر؟

كان باكديل المفكر يتساءل: "كيف فقدنا بعد سقوط الدولة العثمانية عشرة ملايين متر مربع من الأرض؟"، وكيف جرى تغييب ثقافة وحضارة مع الأرض المفقودة؟ مشيراً إلى البلقان وغيرها من الأراضي في غربي أوروبا وشرقي الأناضول وجنوبيه والتي كانت تحت الراية العثمانية قروناً طويلة.
ويرى باكديل في عمله "البيعة" أن على تركيا الحديثة أن تختار "هل نظل في كنف الحضارة الغربية، أم نعود إلى حضارتنا التي جعلتنا رأس الأمم؟".

وكان باكديل ثورياً محرّضاً على معاداة "الإمبريالية والرأسمالية والفاشية"، وعُرف بقوله: "ابصقوا في وجه الظالم قليل الحياء".​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى