تمرد الميسري والجبواني على «الشرعية» إلى أين؟

> «الأيام» إرم نيوز

> على الرغم من حالة الإجماع الوطني في اليمن، بشأن ”اتفاق الرياض“ بين الحكومة اليمنية، والمجلس الانتقالي الجنوبي، وما يمكن أن ينجم عنه من مخرجات تنهي النزاع في جنوب اليمن، وسعيها إلى تعزيز الجهود وتوحيد الصف لمواجهة ميليشيات الحوثيين الانقلابية، المدعومة من إيران، إلا أن الحالة العدائية التي يبديها نائب رئيس الحكومة اليمنية وزير الداخلية، أحمد الميسري، ووزير النقل، صالح الجبواني، لهذا الاتفاق، والإعلان عن مواجهته، خلق حالة من التوتر لدى الشارع اليمني، خصوصًا وأن هذه المواقف تصدر من شخصيات حكومية.

وتبرز مواقف الميسري والجبواني الرافضة لاتفاق الرياض، من خلال تصريحاتهم الأخيرة ونشاطهم على مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولات يصفها البعض بـ ”اليائسة“، لشيطنة هذا الاتفاق الذي وقعت عليه الأطراف اليمنية، والذي بات يمثّل بارقة أمل لليمنيين، لوقف الاقتتال بين الجانبين، على طريق تسوية شاملة في البلد الذي يشهد حربًا منذ 5 أعوام.

تمرد على الشرعية
وتتناقض هذه المواقف ”الشاذة والمتمردة“ للوزيرين، مع الموقف العام للحكومة اليمنية الشرعية، والرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، الذي أكد الأحد الماضي، أن ”مشروع الاتفاق يهدف إلى رأب الصدع، ويلملم الجهود، ويوحد الطاقات نحو الهدف الأكبر في إنهاء الانقلاب الحوثي، وهزيمة مشروع إيران في المنطقة وأدواتها“.

ويقول وكيل وزارة الإعلام اليمنية، أسامة الشرمي، لـ ”إرم نيوز“، إن أجواء التوتر ”لم تغادر حتى اللحظة خطابات البعض ممن انخرطوا في الأحداث الأخيرة، التي عصفت بالعاصمة المؤقتة عدن، لذا لا زالت عبارات الشحن والتنديد تسمع أصداءها من هنا أو هناك بين الحين والآخر، لكن الباعث على التفاؤل أنها تراجعت إلى حيز الخطاب لا أكثر عقب فترة صعبة جدًا كانت فيها هذه العنتريات تترجم واقعًا مأساويًا على الأرض، وحتى الأيام القليلة الماضية كانت هذه الأصوات ترى أنها المعبر الأخير بلسان حال الحكومة والشرعية والدولة“.

ويعتقد الشرمي أن هذه التصريحات ”ستصمت في أعقاب اجتماع فخامة رئيس الجمهورية مع مستشاريه والبيان الإيجابي الصادر عن هذا الاجتماع، الأحد الماضي، فلا مجال للتنبؤ بخطوات القيادة السياسية بعد أن أوضحت مواقفها علنًا وبشكل رسمي“.

لا وجود للمناورات
وعلى امتداد فترة المشاورات غير المباشرة بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، في مدينة جدة السعودية، وانتقالها إلى الرياض، بقي الوزيران، أحمد الميسري وصالح الجبواني، خارج دائرة صنع القرار، مع تواجدهما خارج السعودية في الفترة الماضية.
وكانت مصادر يمنية مطلعة، قد كشفت لـ“إرم نيوز“ في وقت سابق، أن من بين البنود التي تضمنها ”اتفاق الرياض“، بند ينصّ على عدم تعيين أي من الأشخاص المشاركين في أحداث عدن والجنوب الأخيرة، في المناصب الحكومية، وهو ما يضع الرجلين خارج أي مناصب حكومية مقبلة.

ويرى المحلل السياسي، ياسر اليافعي، أن هذه المواقف التي يبديها وزيرا الداخلية والنقل، ناجمة عن استبعادهما من حكومة الكفاءات التي نص عليها اتفاق الرياض، وبالتالي باتا يشعران بأن مشروعهما الساعي لإيجاد شرخ في التحالف العربي، لإضعافه لصالح ميليشيات الحوثيين، فشل وهُزم“.

واستبعد اليافعي في حديثه لـ ”إرم نيوز“، أن تكون مواقف الميسري والجبواني، عبارة عن مناورة من قبل الحكومة اليمنية، لأن السعودية بكل ثقلها تقف خلف هذا الاتفاق. وقال إن هذا التناقض في مواقف الحكومة الشرعية لا يمكن تفسيره إلا بوجود حالة انقسام خطير فيها، وأن أحد أطرافها يؤيد مشروعًا غير مشروع التحالف العربي، ويستغل وجوده في الشرعية لتنفيذ أجندة أخرى.

محدودية التأثير
من جانبه، قال المحلل السياسي، صلاح السقلدي لـ“إرم نيوز“، إن تأثير هذه المواقف المعادية والرافضة للاتفاق بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، محدود للغاية، خاصة وأن فترة وجودهما في الحكومة أصبحت محدودة جدًا، وهذا ما يفسّر عدم اللامبالاة والتجاهل الذي يبديه الرئيس هادي، والسعودية لمثل هذه الثرثرات.

وكان وزير النقل، صالح الجبواني، قد هدد في آخر تغريدة له على موقع تويتر، بالتصدي لاتفاق الرياض، إذ قال فيها:“هذي أرضنا ومئات الآلاف من الشباب جاهزون للدفاع عنها، ولن يكون للعملاء والمرتزقة موطئ قدم على ترابها ولو وقَّعوا مليون اتفاق“.

ويرى الخبير العسكري، العميد محمد جواس، أنه ما من تأثير لمثل هذه التهديدات أو الرفض المعلن الذي يبديه وزيرا الداخلية والنقل للاتفاق الذي تقف خلفه كل القوى الوطنية، ولن يستطيعا في أي شيئ لا سياسيا ولا قبليا، ومثل هذا التحريض الداعي إلى الاقتتال لن يجدي نفعًا، ولا يخدم الشعب اليمني، بل يخدم منظومات الفساد التي توارثتها هذه الدولة، كما يخدم ميليشيات الحوثي.

وقال جواس في حديثه لـ ”إرم نيوز“: إن ”الميسري والجبواني بدءا شيطنة اتفاق الرياض، بوصفه ينتقص من السيادة الوطنية للدولة، وعندما لم يجد نفعًا هذا الأمر، رأيناهما يتوجهان إلى المنطق القبلي الجغرافي لتحريض قبائل شبوة وأبين، لإعاقة هذا الاتفاق، وليس هناك أي تأثير لدعواتهما التي تفتقر إلى مرجعية أو خلفية سياسية كبيرة، يمكن لها أن تقنع الناس“.

وأشار إلى احتمال وقوف دول معادية للتحالف العربي والحكومة الشرعية، معهما لخلق هذا التشويش الذي سيحاول النيل كذلك من آلية العمل أو بداية تنفيذ الاتفاق، إلا أن الشارع اليمني واع، ولديه مقدرة على التمييز بين الدفاع عن منظومات الفساد التي سينال منها اتفاق الرياض، والمصالح الذاتية، وبين المصلحة العامة للجميع في حقن الدماء ووقف الاقتتال.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى