الضنك يحصد أرواح آلاف اليمنيين

> تداعيات الحرب على القطاع الصحي أسهمت بانتشار الأمراض الوبائية

> تقرير/ جمال شنيتر
 أكدت وزارة الصحة والسكان اليمنية إعلانها حالة الطوارئ في المستشفيات، بعد تجدد تفشي مرض حمى الضنك بشكل كبير في عدد من المحافظات اليمنية خلال الأسابيع القليلة الماضية.

وتزامن تأكيد وزارة الصحة، مع القلق الذي أبدته اللجنة الدولية للصليب الأحمر إزاء ورود تقارير عن آلاف الإصابات بحمى الضنك في اليمن.

وفي تصريحات للصحافيين، أعربت روبير مارديني، رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر لدى الأمم المتحدة، عن "قلق بالغ" إزاء "تقارير أفادت أخيراً بتفشي حمى الضنك والكوليرا" في اليمن.
إعلان حالة الطوارئ
وأرجع وكيل وزارة الصحة والسكان اليمنية، جلال باعوضة، إعلان الوزارة حالة الطوارئ في المستشفيات اليمنية، إلى تجدد انتشار حمى الضنك بشكل كبير في عدد من المحافظات اليمنية خلال الأسابيع القليلة الماضية، وتأتي في صدارتها محافظات الحديدة وحجة وتعز والجوف والمحويت ومأرب وعدن ولحج وأبين وشبوة.

وأوضح لـ "اندبندنت عربية"، أن محافظة الحديدة تتربع على صدارة المحافظات الموبوءة بالضنك في آخر إحصائية أسبوعية محدّثة، حيث كشفت إحصائية الأسبوع الماضي، أن عدد الحالات المشتبهة إصابتها بالضنك في عموم الجمهورية بلغت (3964) حالة، وتصدرت محافظة الحديدة النصيب الأكبر منها بعدد (1862) حالة، تلتها محافظة تعز بعدد (1421) حالة، ثم محافظة حجة بعدد (542) حالة، وتوزعت هذه الإصابات بحسب إحصائية الوزارة في محافظة الحديدة في مديرية زبيد بعدد (535) حالة، وفي مديرية الجراحي بعدد (402) حالة، وفي مديرية بيت الفقيه بعدد (251) حالة، وفي محافظة تعز تركزت الحالات في مديرية القاهرة بعدد (572) حالة، وفي مديرية صالة بعدد (313) حالة، وفي مديرية المظفر بعدد (118) حالة. أما في محافظة حجة فتركزت الحالات في مديرية كعيدنة بعدد (217) حالة، وفي مديرية خيران المحرق بعدد (109) حالات، وفي مديرية عبس بعدد 63 حالة، فيما سجلت حالتا وفاة خلال نفس الفترة في مديرية الزهرة بمحافظة الحديدة.

مريض بحمى الضنك
مريض بحمى الضنك

ويستعرض وكيل وزارة الصحة حزمة من الإجراءات التي قامت بها وزارة الصحة تجاه أحدث انتشار لحمى الضنك في عدد من المحافظات اليمنية، تمثل بإعلان حال الطوارئ الصحية لمواجهة تفشي حمى الضنك، تشكيل لجنه طوارئ مركزية ولجان فرعية لها في المدن والمحافظات الموبوءة، وتزويد المرافق الصحية بالمحاليل والأدوية اللازمة، تجهيز أماكن خاصة لاستقبال المرضى، وبدء حملات رش ومن ثم ردم البؤر التي يتكاثر فيها البعوض، والقيام بحملات توعية للسكان للمساهمة في القضاء على بؤر تكاثر البعوض، بنشر الوعي والتثقيف الصحي وتغيير السلوكيات الخاطئة التي تؤدي إلى تشكل بؤر تتكاثر فيها البعوض الناقل، والحد من انتشار الوباء عبر التدخلات في المعالجات.
الحرب وتداعياته وراء تفشي الضنك
ويعزو وكيل وزارة الصحة انتشار حمى الضنك في عدد من المحافظات اليمنية مما جعلها بيئة مثالية للضنك إلى عدد من الأسباب، يأتي في مقدمتها تداعيات الحرب اليمنية على القطاع الصحي من خلال انهيار القطاع الصحي وإغلاق عدد كبير من المرافق الصحية في بعض المحافظات، مما أدى إلى تفشي الأمراض والأوبئة بعدما أصبحت مراكز الصحة تعمل بأقل من نصف منشآتها التي كانت عليها قبل الحرب، ونزوح أكثر من مليوني شخص إلى ملاجئ ضيقة وعدم كفاية الرعاية الصحية، وانتشار حاويات تخزين المياه المفتوحة، ووجود مناطق لا تحتوي على تصريف مناسب لمياه الصرف الصحي، وتكدس القمامة في الشوارع، ونقص في الأدوية والمحاليل الوريدية والكادر البشري وشح الموارد المالية لتسيير العمل.

ولفت إلى الدور، الذي تقوم به عدد من المنظمات والمؤسسات المحلية والدولية في مساعدة الحكومة اليمنية في مواجهه المرض، لاسيما أن ظروف الحرب التي شهدها اليمن في السنوات الأربع الماضية أثرت على إمكانيات الحكومة ومواردها المالية في التصدي للكثير من المشكلات التي تواجه القطاع الصحي، مثمناً الدعم الكبير الذي قدمه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والهلال الأحمر الإماراتي واللجنة الصحية الكويتية للحكومة اليمنية لمجابهة حمى الضنك، داعياً في الوقت ذاته هذه المنظمات وغيرها مواصلة هذا الدعم في مجال محاربة حمى الضنك، باعتبارها من الأمراض الأكثر انتشاراً في الأراضي اليمنية في السنوات الأخيرة.
أكبر حملة رش ضبابي
محافظة الحديدة التي تقع تحت سيطرة جماعة (الحوثيين)، من المحافظات الموبوءة بالضنك، حيث يحصد هذا النوع من الحمّيات أرواح الناس بين وفيات وإصابات، في ظل تردي الخدمات الصحية بالمحافظة.

وقال الطبيب محمد التهامي، رئيس إحدى الفرق الميدانية لمكافحة حمى الضنك بالمحافظة: "إن أكثر من 6 آلاف شخص أصيبوا بالضنك في الحديدة منذ مطلع العام الحالي، بينهم 30 حالة وفاة".

حملة الرش الضبابي للقضاء على بؤر الضنك
حملة الرش الضبابي للقضاء على بؤر الضنك

وأوضح أن "أعمال المكافحة الميدانية مستمرة بشكل أكثر من جيد للحد من انتشار الضنك. وعلى الرغم من الإمكانات الضعيفة لمكتب الصحة بالمحافظة، فإن الاعتماد الكبير في حملات المكافحة تعتمد على مساعدات المنظمات الدولية وفي مقدمتها منظمة الصحة العالمية التي دعمت مكتب الصحة من خلال توفير احتياجات المراكز الصحية بالمديريات من الأدوية ومستلزمات حملات الرش والكوادر الطبية".

وكشف التهامي "أن حملة الرش الضبابي التي تنفذ هذه الأيام تعد من أكبر الحملات الهادفة إلى القضاء على البؤر المغذية للبعوض الناقل للأمراض، وبالتالي تقليل الإصابات بهذا المرض"، مشيراً إلى أن "الحملة تستهدف أكثر من 20 مديرية وعزلة بالمحافظة، ورش 280 ألف منزل يسكنها نحو نصف مليون مواطن"، داعياً المجتمع المحلي إلى التعاون مع فرق الرش الميدانية لإنجاح عملها وضرورة القيام بحملات تثقيف صحية واسعة في مديريات المحافظة.
تعز.. صعوبات في مجابهة الضنك
وأعلنت السلطة المحلية بمحافظة تعز، الشهر الماضي، حالة الطوارئ القصوى لمواجهة وباء حمى الضنك في مدينة تعز، الذي تفشى بالمدينة بشكل واسع خلال الأشهر القليلة الماضية، بعد أن سجلت الإحصائية الرسمية لمكتب الصحة بالمحافظة إصابة أكثر من تسعة آلاف شخص بحمى الضنك، بينهم عشر وفيات خلال العام الحالي.

وقال نائب مدير المستشفى الجمهوري بتعز د. محمد مخارش: "إن أكثر المناطق والمديريات الموبوءة بالضنك هي القاهرة وصالة والمظفر"، مشيراً إلى أن "الجهات الصحية بالمحافظة تبذل جهوداً للحد من انتشار وتفشي المرض، من خلال تشكيل لجان رش وغُرف عمليات"، مستدركاً بالقول: "إن مكتب الصحة بالمحافظة يقل دوره في الجانب العلاجي".

وتطرق مخارش إلى جملة من الصعوبات التي تلقي بظلالها على مكافحة حمى الضنك، ومنها "عدم وجود إمكانات كافيه لمواجهة الوباء، وانعدام الأدوية والمستلزمات، وعدم وجود حافز للكادر العامل، على الرغم أن هناك مبالغ مالية رصدت لهذا الخصوص"، لافتاً إلى "أن تفشي الضنك مجدداً في تعز سببه تكدس القمامة ومستنقعات الصرف الصحي وتلوث مياه الشرب".

ونّوه إلى أن المستشفى الجمهوري يولي اهتماماً كبيراً بهذا الوباء في إطار مسؤوليته المجتمعية ومواصلة واجبه الإنساني تجاه المجتمع الذي يواجه تحدياً كبيراً في المجال الصحي في ظل تفشي حمى الضنك بالمحافظة وتسجيل العديد من الضحايا الذين قضوا بهذا المرض نتيجة عدم قدرتهم في الحصول على العلاج اللازم في مراحل مبكرة من المرض، وعدم توفر غرف عناية مركزة لمتابعة الحالات الحرجة التي وصلت مرحلة متقدمة من الإصابة.

"إندبندنت عربية"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى