يا أهل المحروسة.. هنا عدن!

> مؤخراً، في كل التقارير والتقييمات الدولية يجري توصيف إثيوبيا بـ "الدولة الصّاعدة"!، تَصاعد هذا بزخمٍ قويٍ في عهد رئيسها الشاب أبيي أحمد، ومن عَجَب أنّ هذا الرئيس وكلما اقتضت الضّرورة حضوره في حدثٍ ما فهو يَتعمّد أن لا يظهر إلا في ثوب صاحب الكاريزما الطّاغية على كل المشهد، كما وهو يَتفرّد بشخصيةٍ ديناميكيةٍ مُبهرة، وشاهدنا جميعاً حضوره كوسيطٍ خلال أيام الغضب السوداني الأخيرة، وهذا لافتٌ؛ لأنّ هناك جامعة عربية، وهناك رؤساء عرب ومن العيار الثقيل أيضاً! لكن الإثيوبي (أبيي) هو مَن تَصدّر الحدث السوداني المُلتهب؛ بل هو من رسم لحظات النهاية له بالاتفاق بين كل الفرقاء أيضاً!.

اليوم أيضاً، تَصخبُ الميديا بأنباء عزم إثيوبيا على نصبِ قواعد عسكريةٍ لها في جيبوتي، وجيبوتي هي البوّابة الجنوبية للبحر الأحمر إلى جانب عدن، وهذا البحر هو الشّريان المُغذي للعالم بأكبر كمية مِن النفط، وهو ينتهي بقناتي مرور تَضخّان النسبة الأعلى من الإيرادات في خزينة أرض الكنانة.. وبالفعل قد التقى الرئيسان الإثيوبي والجيبوتي في أكتوبر المنصرم لبحث موضوع هذه القاعدة العسكرية، كما زار وفدٌ عسكري إثيوبي السواحل الجيبوتية شمال خليج تاجورّا ومنطقة أُبُخ بنفس هذا الصّدد، وهذا لافتٌ ولا شك.

كلٌ هذا يجيء مع تفاقم سُخُونة حُمّى المفاوضات المصرية/ الإثيوبية حول مياه النيل وسدٌ النهضة التي بنتهُ إثيوبيا مؤخراً، أمّا الشيء الأكثر إثارة للانتباه، فهو التنافس الإقليمي المحموم بين دولٍ إقليميةٍ فاعلة - تركيا وإيران - للبحث عن موطئ قدمٍ عسكرية لها في منطقة القرن الإفريقي.

من ناحيةٍ أخرى، ومنذ فترةٍ مبكرة جداً، وربما منذ عهد إمبراطور إثيوبيا الرّاحل هيلاسلّاسي، فقد سعت إسرائيل وبكل جهدها لِتحط يدها حيث منبع النيل، ولكن دون جدوى، وهي نجحت وبتفوٌق في عهد الرئيس الأرتيري الحالي أسياسي أفورقي من أن تضع يدها على جُزر دهلك الأرتيرية في البحر الأحمر، وهي جعلت منها محطة تجسّس محورية على كل الدول العربية حولها، والآن يظهر للمتابع أنّ للذراع الإسرائيلية شأناً في كل ما يدورُ بالنسبة للإشكالِ الإثيوبي - المصري بشأن المياه القائم اليوم، وربّما بمجيء (أبيي) ذاته إلى رأس هرم السلطة في إثيوبيا.

تقارير دولية تصنف المحروسة مصر السّادسة بحرياً على مستوى العالم، ومصر هي رأس سِبحة أُمّتنا العربية، وإذا تَفككت أو تضرّرت انفرط عقد هذه السبحة وتناثرنا كعرب شذراً مذراً، ومصرُ يُفَتٌ في عضدها مِن قِبل الإخوان المسلمين اليوم، كما وأن للمدخل الجنوبي للبحر الأحمر أهمية قُصوى للمحروسة مصر ومصيرها، ومن المُحبط أنّ السلطة الشرعية هنا هي تحت طوع ذراع الأخوان المسلمين كما نعرف جميعاً! ولذلك ليس لأهلنا وإخوتنا في المحروسة مصر إلا شعب الجنوب وأرض الجنوب حيث البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، وحيثُ يقف مصيرها وبقاؤها في ظل كل ما يدور اليوم، وللعلم نحنُ الجنوبيون قد أثبتنا لها ذلك في حرب أكتوبر 1973م.. أليس كذلك؟!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى