الطريق إلى خليجي الدوحة ذهاباً وعودة

> مصيبتنا في فساد المسئولين الكبار وضمير وأخلاق الصغار

>
كتب/ ياسر الأعسم
رحلة المنتخب اليمني في بطولة خليحي 24 التي استضافتها العاصمة القطرية الدوحة كانت قصيرة كالعادة، ومرت بمحطات قاسية، سنتوقف عند بعضها، ونحاول أن نتناولها من وجهة نظر خاصة، ونتمنى أن نقدم للمتابع صورة واضحة عن هذه المشاركة في ما يلي :

 إحتاجت مشاركة المنتخب اليمني في خليجي الدوحة 24 إلى قرار سياسي، خاصة في ظل مقاطعة دول التحالف العربي لدولة قطر التي تعتبر الحكومة الشرعية شريكة فيه، ووسط الجدل الكبير وحالة الانتظار التي عاشها الشارع اليمني جاء قرار القيادتين السعودية والإماراتية في اللحظات الأخيرة بالمشاركة في البطولة، ليرفع الحرج عن موقف السلطات اليمنية والمسئولين عن الرياضة في بلادنا لحسم قرار مشاركة المنتخب في البطولة.


قبل انطلاق البطولة الخليجية كان منتخبنا قد خاض عدداً من المباريات ضمن التصفيات المزدوجة لنهائيات كأسي آسيا والعالم، كما سبقتها بطولة غرب آسيا، حيث قدم في بعضها مستوى جيداً، وأظهر فيها اللاعبون روحاً عالية لم نتوقعها، وعطفاً على الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد وحالة الحرب التي شرذمت بقايا الدولة وجعلتها ثلاث دول : (دولة صنعاء) و(دولة عدن) و(دولة المنفى)، وكذلك توقف المسابقات الرسمية، والتي كانت أصلاً غائبة، وكذلك عملية اختيار عناصر المنتخب التي اعتمدت في معظمها على التزكية، وفترة الاعداد الفقيرة التي اقتصرت على الجرع التدريبية، نستطيع القول أن كثيراً من الجماهير اليمنية، كانت تشعر بنوع من الرضى عن أداء ونتائج المنتخب في تلك المشاركات، كما كانت هذه المباريات بمثابة مرحلة إعداد ممتازة للبطولة الخليجية.
ومن واقع ما ذكرناه .. كان يراودنا أمل، أو ربما رجاء أن تكون مشاركتنا في خليجي الدوحة مختلفة، وكنا ننتظر أن نتحرر من مذلة النقطة اليتيمة، ويدغدغ مشاعرنا عشم في نهاية السخرية التي يمارسها علينا الأشقاء بتجاوز شبح الهدف الوحيد، والذي غاب ثماني سنوات كاملة.. ولكن حلمنا بمشاركة مشرفة تبخر من أول مواجهة، وكالعادة ودعنا البطولة نجر ذيول الخيبة لأننا تجرعنا من نفس الكاس، ورقصنا على جراحنا رقصة المذبوح من الألم.

أمر طبيعي أن نحزن وتسكننا الحسرة، ولكننا لم نشعر بصدمة كبيرة، ففي النهاية هذه بضاعتنا وأجرنا على الله، كما أنها ليست المرة الأولى التي يكون فيها منتخبنا (ملطشة بطولة الخليج) ولن تكون الأخيرة التي نخسر فيها بالأربعة والستة .. ومن الصعب أن نجد كلمات تستر عورة فشلنا، ولكن قد يكون خروجنا بنقطة وأفضل لاعب في مباراة العراق بحد ذاته إنجازاً مقارنة بمشاركات سابقة كانت المحصلة (صفر)، ولا نعلم هل نبكي أم نضحك؟

سامي النعاش .. متهم أم ضحية؟
نقر أن المدرب (النعاش) مجرد فرد في منظومة، وليس من العدالة أن نحمله المسئولية كاملة، ونعلق جرس الخيبة والهزائم الثقيلة على رقبته وحده، ونعتقد أن وجع المنتخب الحقيقي في الرأس، وقد لا نختلف معه بأن اللاعبين المنضمين للمنتخب هم أفضل الموجودين ولكننا لا نتفق معه في قرار استبعاد لاعبين قبل البطولة بأيام قليلة، وخاصة أن البدلاء لم يكونوا جاهزين حيث احتاجوا إلى فترة طويلة لينسجموا مع المجموعة، وبالتالي لم يقدموا أي إضافة.

المدرب سامي نعاش
المدرب سامي نعاش

وحين يحدثنا المدرب (النعاش) أنه يدرب المنتخب (كلع)، هل يتوقع منا أن (نطبطب)على كتفه، وننظر إليه كضحية؟ .. وإذا افترضنا جدلاً أن حديثه عن توليه مهمة قيادة الجهاز الفني بدون توقيع عقد، أو استلام راتب (حقيقة)، وهذا أمر لا نستبعده في ظل (الهرجلة) التي يعيشها الاتحاد العام لكرة القدم، فهل هذا مبرر أو حجة تكفي لتبرئة ساحته؟ .. إذ نعتقد أن هذا الموقف لا يشفع له إلا إذا كان يظن أنه يقدم لليمن جميلاً، ويسألنا رده .. شخصياً أتعاطف مع الكابتن (سامي)، ولكن الذي لا يملك الشجاعة للمطالبة بمستحقاته، وانتزاع حقوقه، كيف سيتمكن أن يقنعنا أنه يمتلك سلطة القرار الفني والدفاع عن اختياراته، وأن بيده أمر انضمام لاعب، والاستغناء عن آخر، دون الخضوع لرغبة كبار الاتحاد وسياسة القسمة.

(كرش) الصادق وخبرات الحارس (سالم)
لا نملك سلطة على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا نستطيع السيطرة على ردة فعل الشارع، وقد نجد عذراً للمواطن العادي، ولكننا نشعر بالحزن على سقوط بعض الصحفيين المحسوبين على السلطة الرابعة، الذين طال نقدهم لاعبين بعينهم وحملوهم وحدهم وزر الهزيمة بطريقة مقززة ولغاية نظنها غير شريفة بلغت حد التجريح والشماتة، فبعد مباراتنا مع المنتخب الإماراتي استهدفوا المدافع الصلب (أحمد الصادق) وتجاهلوا فدائيته وروحه القتالية العالية، وتوقفوا عند (كرشه) وجعلوه قصة ومادة دسمة لسخريتهم، الأمر الذي استفزنا لأن (الصادق) قدم مباراة كبيرة، وكان من أفضل لاعبي المنتخب في البطولة وأكثرهم ركضاً في الملعب، بينما هناك عناصر أساسية في التشكيلة كانت فقط (ضيوف شرف) على البطولة، ومع هذا لم تمسهم كلمة نقد واحدة.


وفي المواجهة الثانية مع بطل آسيا العنابي القطري، قاموا بجلد الحارس الكبير (سالم عوض) بقسوة وأمسى شماعة الخسارة الثقيلة، ومن يتابع مواقع هؤلاء الصحفيين وصفحاتهم الشخصية سيعتقد أن الكابتن (سالم) وحده من لعب المباراة، وأن بقية اللاعبين حضروا إلى الملعب من (باب المجاملة!) .. وإن أكثر ما أثار سخطنا أنهم جحدوه، ورموا بتاريخه وراء ظهورهم، وفي لحظة تذكروا أن عمره كبيراً، علماً أنه تألق في التصفيات المزدوجة وأنقذ المنتخب من مواقف صعبة، وكان سبباً في تحقيق نتائج ملفتة، فبعض النقد كان في اتجاه واحد ولهذا نجد صعوبة في استيعابه، ونشم من خلاله (رائحة عنصرية)، ونتمنى أن نكون على خطأ، وظنوننا ليست أكثر من وسوسة إبليس.

لعنة السياسة كانت حاضرة
 السياسة حضرت بقوة في هذه البطولة، سواء من حيث قرار مشاركة المنتخب، أو البعثة الإعلامية المرافقة، فرئيس اللجنة المؤقتة للاتحاد اليمني للإعلام الرياضي راهن على وعد الوزير البكري وخسر رهانه، فيما (بشير وجمعيته) راهنوا على دولة قطر، وكسبوا الرهان .. ولهذا السياسة وسخة والدولة الضعيفة نكبة.

الدكتور الشيباني
الدكتور الشيباني

الانتصار له ألف أب بينما الهزيمة يتيمة
كلهم من رأس دولة الشرعية وكبير حكومتها مروراً بوزير رياضتها (البكري) ووزير أنصار الصرخة (حسن زيد) إلى أصغر مسئول في الرياضة، وحتى (العمة توكل حشرت برمتها بين دسوت أهل الرياضة) وتسابقوا كلهم على تكريم منتخبي الناشئين والشباب، وحرصوا على التقاط الصور التذكارية، والابتسامة العريضة (الصفراء) تفترش وجوههم، مزاحمين بذلك اتحاد كرة القدم على الفرحة بإنجازهم وتبنوا تأهلهم .. وجميعهم أيضاً تبرأوا من خيبة المنتخب الكبير، وشككوا في نسبه وتركوا عاره للشيخ (أحمد صالح العيسي)، و(الشيباني) و(النعاش) واللاعبين.

نائف البكري وأحمد  العيسي
نائف البكري وأحمد العيسي

في الأخير نقول أن بعض هذه الطفرات التي تعيشها الرياضة اليمنية بين فترة وأخرى، لايمكن أن تصنع نهضة، ولا شك أننا نحتاج إلى تغيير ليس في الرأس فقط، ولكن أيضاً في الأطراف التي تحتك بالواقع لتجمله أو تقبحه، فمصيبتنا في فساد الكبار، وفي أخلاق وضمير كثير من الصغار .. ومن السهل أن نضع رجلاً على رجل، وننعت الوزير البكري بالجهل، ونتهم الشيخ العيسي بتدمير الرياضة، ونطعن في نوايا الدكتور (الشيباني)، ولكن ماذا عن دورنا نحن، هل نمتلك الشجاعة لمواجهة أنفسنا ؟!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى