أسرة عدنية تعيش ظروفا تفوق المعاناة

> أم سليم: منذ السبعينات ونحن نسكن غرفة واحدة

> تقرير/ فردوس العلمي

جلست أم سليم خلف عتبة باب خشبي وهي تنظر إلى ركن غرفة مساحتها لا تتعدى ثلاثة أمتار في أربعة، وجدرانها أكلتها الملوحة وأرضيتها إسمنت متآكل مغطى بقطع من المشمعات الملونة المهترئة مختلفة الألوان، وسقفها خشب قد أكلته الأرضة..


تشير أم سليم بيدها إلى سرير الذي توسط الزاوية وتقول: "أنا وأبنائي الستة نجتمع ونجلس على هذا السرير حين يداهمنا السيل، وعندما رأت دهشتي تابعت قائلة: "لا تستغربي فالسيل يمر من هذه الغرف ويخترق الدارة والمطبخ ليخرج من الباب الخلفي للمنزل، ويأخذ معه الكثير من الأشياء".

هكذا بدأت أم سليم حديثها.. هي امرأة في العقد الرابع من العمر، لديها ستة أبناء، (ثلاثة أولاد وثلاث بنات)، تسكن في جبل العيدروس مديرية صيرة بمحافظة عدن.
ليس لدينا مصدر دخل ثابت!
تقول أم سليم: "ليس لدينا أي مصدر دخل ثابت، فزوجي بلا عمل، ولا يجد عمل إلا في حالة إذا طلب منه أحد الجيران إصلاح غسالة أو خلاطة، فهو كهربائي، وظروفنا المعيشية صعبة جداً، فبالكاد ينتهي يومنا، لنفكر بمعاناة وويلات واحتياجات اليوم التالي، وفي كل يوم نعيش أنواعاً مختلفة من الهموم، وحين يخيم الليل نحمد الله إن يومنا عدّى على خير".


وتضيف: "بيتي غرفة من حجر، وجدران الغرفة أكلتها الملوحة، والدارة فصلنا جزءاً منها كمطبخ والجزء الآخر حمام على ستارة، فالباب لا يغلق، وكما ترين النصف الآخر من بيتنا من الخشب (صندقة).

وأردفت: "سكنت هنا منذ السبعينات، بيتي عبارة عن غرفة واحدة ننام ونأكل فيها ونُسمر فيها ويذاكر أبنائي دروسهم فيها، وإذا جاء ضيف نستقبله فيها". واستطردت ضاحكة: "حتى لو كان الضيف هو السيل".

تواصل حديثها: "بيت أكثر ما يمكن أن يقال عنه (صندقة مكشوفة) ومكون من أخشاب هشة أكلتها الأرضة، وعندما تأتي الرياح يتساقط سقفها وتبقى مكشوفة للعراء وللجيران، ولا نستطيع دخول الحمام أو المطبخ.. نعيش فيها تحت أشعة الشمس الحارقة والرياح والأمطار، نحاول أن نستر أنفسنا بقطع من قماش أو خشب نغطي بها السقف والأركان".


أم سليم لم تتوقف عن الحديث وهي تسرد معاناة تعيشها أسرتها، فتقول: "في بيتي نجد أنواعاً مختلفة من الحشرات والزواحف ثعابين أبو سبعة وسبعين، حين تتسلل إلى البيت على غفلة منا وتسبب لنا الرعب ونعيش حالة من القلق والخوف، إضافة إلى معاناتنا الكبيرة عندما تحدث الاشتباكات، فالرصاص الراجع أو الشظايا تستقر داخل المنزل".
اهتمام بالتعليم رغم قسوة الظروف
أم سليم لديها فتاة في المرحلة الجامعية (المستوى الثالث) تقول عنها: "بنتي كافحت لتكمل دراستها كانت تعمل وتدرس من أيام ما كانت في الثانوية، وحالياً لم تجد عملاً، ولكنها مستمرة في دراستها وتحاول قدر الإمكان أن تنهي دراستها الجامعية.. ابنتي الصغيرة أولى ثانوي تركت دراستها لظروفنا الصعبة هي وأخوها الكبير واثنين من أبنائي الصغار مازالوا في المرحلة الموحدة.. نجاهد أنا ووالدهم ونحاول أن نوفر لهم الزي المدرسي والكتب، وعندي بنت أخرى تعاني من إعاقة "عدم القدرة على الكلام".


سالت أم سليم كيف ومن أين تحصلين على مصروفات البيت؟ قالت بتنهيدة موجعة: "أبيع بطاط حُمر، وابني هو من يبعها في الساحة عند مسجد العيدروس عندما يعود من المدرسة ومن دخلها نحاول العيش".

وتضيف: "هي ظروف صعبة حكمت علينا أن نعيشها وحالتنا كما ترين لا تسر عدو ولا حبيب، وكما يقول المثل (العين بصيرة واليد قصيرة) والحمد لله على كل حال".


وتتابع سرد معاناتها قائلة: "نحن بحاجة إلى مشروع صغير نستطيع أن نعيش منه وتكمل ابنتي دراستها الجامعية وأبنائي يكملون دراستهم، فرغم الفقر الذي نعيشه إلا أن التعليم مهم بالنسبة لأبنائي".

أسرة أم سليم بحاجة إلى من ينتشلها من هذا الوضع المقلق والخطر.. فهم بحاجة إلى بناء سقف البيت، وإلى إيجاد أبواب تسد عنهم الحشرات والثعابين وبحاجة إلى دعم بمشروع صغير حتى تستطيع مواجهة أعباء الحياة القاسية".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى