اتفاق الرياض.. مدخل لمعافاة الاقتصاد والنهوض بالتنمية

> أ.د. محمد عمر باناجه*

> اتفاق الرياض: الدلالات والأهداف الاقتصادية

سعت – وما فتئت – تسعى المملكة العربية السعودية إلى رأب الصدع بين الفرقاء السياسيين في اليمن، وكانت عصارة جهودها خلال العشر السنوات الماضية ولادة المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ثم دعمها لقيام مؤتمر الحوار الوطني، ولما تم الانقلاب على الشرعية اضطرت المملكة إلى قيادة تحالف عربي يهدف إلى القضاء على الانقلاب واستعادة الشرعية، بالإعلان عن عاصفة الحزم، ثم تبنت مسارات تنموية واسعة في إطار ما عرف لاحقًا بـ "عاصفة الأمل".

وأحد صور تلك الجهود، كان جمع شمل ممثلي الشرعية وممثلي المجلس الانتقالي الجنوبي حول طاولة الحوار بعد أحداث أغسطس التي كادت أن تعصف بأركان التحالف الداخلي بين الشرعية ممثلة بحكومتها والمقاومة الجنوبية ممثلة بالمجلس الانتقالي، لولا حكمة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده، اللذين سارعا بالدعوة إلى الحوار ما بين أطراف التحالف الداخلي بإشراف ورعاية دول التحالف بقيادة المملكة، وكانت ثمرة الجهود المضنية التي بذلاها الجانبان السعودي والإماراتي، هذا الاتفاق، الذي عرف لاحقًا بـ(اتفاق الرياض) التاريخي، والذي تمحورت أهدافه حول توطين الاستقرار السياسي والاقتصادي في المناطق التي تقع تحت سلطة الشرعية وإعادة الترتيبات العسكرية والأمنية، بما يخدم توحيد الصفوف لمواصلة إنهاء الانقلاب الحوثي، واستعادة الدولة.

إن القراءة المعمقة لاتفاق الرياض التاريخي تؤكد بما لا يدع معه مجالاً للشك بأن مضامين ودلالات هذا الاتفاق تتجلى بكونها تؤسس لمرحلة جديدة، بدلاً من مرحلة سابقة تخللتها الصراعات والانقسامات الداخلية ما بين أطراف التحالف الداخلي، الأمر الذي يؤشر إلى ولادة شرعية داخلية جديدة أساسها التوافق الداخلي حول كيفية إدارة شؤون الحكم، والشراكة في تحمل المسؤولية لمجابهة انقلاب الحوثي، ومواجهة التنظيمات المتطرفة الأخرى، وإعادة تنظيم شؤون المجتمع نحو آفاق إيجاد الحل السياسي النهائي للأزمة اليمنية.

كما أن النظر بعين فاحصة إلى الاتفاق نجد أن الشق الاقتصادي، وإن تم تناوله بفقرات مقتضبة، إلا أنها حملت في طياتها دلالات عميقة، تتجلى في العناوين العريضة الآتية:

- رفع كفاءة إدارة الموارد، عبر قاعدة حشد أكبر قدر ممكن من الإيرادات، وخفض الإنفاق الحكومي، لتقليل العجز المالي المستدام، نحو خلق مقدمات للاستدامة المالية، مع إعطاء أهمية للإنفاق الحكومي الاستثماري.

- إعادة تكوين المجلس الاقتصادي، ليناط به مهام التخطيط الإستراتيجي، وما في حكمه من الأنشطة الإنتاجية والاستثمارية في قطاعات الاقتصاد الوطني المختلفة.

- إعادة بناء الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة مع تفعيل نشاط هيئة مكافحة الفساد، بما يضمن عدم استغلال المناصب في العبث بالمال العام، وإدارة شؤون المؤسسات الاقتصادية الحكومية وفق ضوابط القانون، ومحاسبة العابثين والمخلين بوظائفهم.

الأمر الذي يجعلنا نقول إن دالة أهداف الاتفاق في كل محاوره تتجسد بالأخير في تأمين شروط نجاح معاقاة الاقتصاد (الاستقرار السياسي والأمني)، وشروط نجاح النهوض بالتنمية (كفاءة إدارة المراد المالية والبشرية).
لمحة من الواقع الاقتصادي الراهن
يعكس الواقع الاقتصادي الراهن الممتد خلال السنوات (2016 - 2019) صورة مجسمة لتداعيات الحرب التي أنتجت وضعًا اقتصاديًا كارثيًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وظهرت أبرز تجليات ذلك في كافة مجالات الاقتصاد الإنتاجي الحقيقي والمالي والنقدي؛ إذ أشارت البيانات الواردة في آخر تقرير لمجموعة البنك الدولي إلى أن معدل الناتج المحلي الإجمالي قد انكمش بنسبة تراكمية قدرت بـ 45 % من نهاية عام 2014م، وقدرت تكلفة الفرصة الضائعة في الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 66 مليار دولار للفترة (2015م - يونيو 2019م).

كما شهدت الموازنة العامة شبه انهيار بعد أن تراجعت الإيرادات الحكومية بأكثر من 60 % بسبب توقف مصادر تغذيتها الخارجية والمحلية، ومن أهمها إيرادات النفط والغاز، تعليق دعم المانحين، انخفاض الإيرادات المحلية الضريبية، التي هي بالأساس متدنية، وزادها تراجعًا تعطل ضرائب الدخل على موظفي الدولة الذين انقطعت رواتبهم، ناهيك عما قام به جهازها الجبائي من ضعف، وأحيانًا غياب كامل في حشد وتوريد الإيرادات إلى حسابات الحكومة في البنك المركزي – عدن.

وبالرغم من ارتفاع صادرات النفط في النصف الثاني من عام 2018م نسبياً، إلا أن ذلك لم يساعد كثيراً في تحسين مؤشر الإيرادات كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.

إذ سجلت التقديرات انخفاض معدلها إلى نحو 4.4 % خلال النصف الثاني من عام 2018م بعد أن كان قد وصل إلى حوالي 24 %، في ذات الفترة من عام 2014م.

كما أن النفقات العامة لم تشهد زيادات ملحوظة باستثناء الزيادة الاسمية في الإنفاق على فاتورة الأجور والمرتبات، إثر قرار رئيس مجلس الوزراء بزيادة الأجر بنسبة 30 % لتغطية جزء من انهيار القيمة الحقيقية للأجور بسبب الارتفاعات المتتالية لأسعار السلع والخدمات، وتشير التقديرات الواردة في تقرير مجموعة البنك الدولي إلى ارتفاع مؤشر النفقات العامة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى حدود 10 % في عام 2018م.

وعلى الرغم من دعم الإيرادات الحكومية في عام 2018م بمنحة سعودية بلغت قيمتها 200 مليون دولار، إلا أن العجز المالي للموازنة كان قد بلغ 550 مليار دولار، ووصلت نسبته من الناتج المحلي الإجمالي إلى حوالي 5.6 % في نهاية 2018م.

ومما يؤسف له أن هذا العجز الكبير في الموازنة العامة كان قد تم تمويل الجزء الأعظم منه من مصدرين يتسببان في بروز ضغوط تضخمية، وهما السحب على المكشوف من البنك المركزي إلى حساب الحكومة، وطباعة النقود، بينما اقتصر تمويل العجز من مصادر غير تضخمية في حدود 100 مليار ريال عبر إصدار أوراق مالية من قبل البنك المركزي – عدن، نيابة عن وزارة المالية، تمثلت بشهادات الإيداع، عقود الوكالة الإسلامية، والسندات الحكومية، وذلك بأسعار فائدة تحددت بـ 27 %، 25 %، 17 % على التوالي.

وعلى صعيد الاقتصاد النقدي، كانت تداعيات الحرب قد ألقت بظلالها على مسار نمو إجمالي السيولة المحلية (العرض النقدي M2). إذ نما معدله السنوي من 0.15 % في عام 2014م إلى حوالي 22.1 % في عام 2018م، بينما نمت القاعدة النقدية (MB) من 1.4 % إلى 28.2 % في نفس الفترة. كما ارتفع حجم العملة المتداولة خارج الجهاز المصرفي بصورة مهولة بعد أن خيمت على الوضع الاقتصادي أزمة سيولة خانقة اضطر معها البنك المركزي إلى التعاقد بطباعة العملة من مختلف الفئات، وصلت قيمتها الإجمالية إلى 1720 مليار ريال إلى نهاية 2018م.

وأشارت تقارير من البنك المركزي – عدن إلى أن العملة المتداولة خارج الجهاز المصرفي كانت قد ارتفعت من 811 مليار ريال في نهاية ديسمبر 2014م إلى 2499 مليار ريال في نهاية ديسمبر 2018م. حيث ارتفعت نسبتها إلى إجمالي السيولة المحلية (العرض النقدي M2) من 26.1 % إلى 47.8 % في نفس السنوات.

ترافقت التغيرات النقدية التي حدثت في سنوات الحرب مع ارتفاعات متتالية في سعر صرف الريال أمام العملات الأجنبية؛ إذ بلغ متوسط سعر الصرف 542 ريالا/ للدولار في عام 2018م، بل وقارب حدود 800 ريال/ دولار في أغسطس 2018م بينما لم يتجاوز 214.9 ريال/ دولار في عام 2014م.

وتضافرت عوامل التضخم الداخلية مع عوامل التضخم الخارجية لتدفع إلى ارتفاعات متتالية في أسعار السلع والخدمات وبشكل خاص السلع الغذائية، ولما كانت اليمن بلد مستورد صاف للغذاء (إذ لم تتجاوز نسبة الاكتفاء الذاتي في محصول القمح في عام 2017م 2.8 % فقط)، أضحت السلع الغذائية الأساسية بعيدة المنال عن متناول الغالبية العظمى من السكان. الأمر الذي تسبب في بروز اختلالات في منظومة الأمن الغذائي واتساع الفقر بين السكان أفقيًا ورأسيًا. واعتبرت اليمن من أكثر ثلاث دول تعاني من انعدام الأمن الغذائي بالعالم.

قاد التراجع في المؤشرات الكلية الاقتصادية والمالية والنقدية في المحصلة النهائية إلى بروز وضع إنساني كارثي أقلق المجتمع الدولي والإقليمي، اللذان هبا بالإسراع في إنقاذ البلاد من شبح المجاعة التي خيم عليها، والبدء بالعمل على تأمين ما يلزم من موارد النقد الأجنبي لتغطية استيراد السلع الغذائية وإيصالها إلى المستهلكين بسعر مدعوم بغية إشباع ولو الحد الأدنى من احتياجات البقاء على قيد الحياة لمعظم سكان البلاد.
مساهمة المملكة في إنقاذ الاقتصاد اليمني
بخلاف المساعدات الغذائية التي قدمها برنامج الملك سلمان للإغاثة، ساهمت المملكة العربية السعودية بتقديم يد العون في الجانب المالي والنقدي للاقتصاد اليمني؛ إذ قامت بإيداع وديعة بمبلغ 2 مليار دولار لحساب الحكومة اليمنية الشرعية في رصيد الأصول الخارجية للبنك المركزي اليمني – عدن، خصصت لدعم استيراد المواد الغذائية الأساسية، وإيصالها إلى المستنفدين بسعر مدعوم وفق آلية محددة تضمن ذلك.

كما قامت بدعم الموازنة العامة من خلال تقديم منحة مالية بمبلغ 200 مليون دولار، إضافة إلى منحة شهرية عينية بتوفير المشتقات النفطية المخصصة لمحطات توريد الكهرباء.

في غضون المدة منذ بدء إنفاذ اتفاقية السحب من الوديعة في يوليو 2018م، وحتى أواخر شهر سبتمبر من عام 2019م، بلغ إجمالي المسحوبة من الوديعة السعودية 1,395,679,446 دولار، مقابل تغطية اعتمادات مستندية لـ 752 طلبًا من طلبات استيراد المواد الغذائية، موزعة على 28 دفعة. وقد نجم عن استخدام موارد الوديعة آثار إيجابية على الصعد الاقتصادية والتموينية والاستقرار السعري. ويمكن إيجاز أبرز تلك الآثار الإيجابية في الآتي:

أ - تجنب اليمن من حدوث كارثة إنسانية، كانت نُذُرها تلوح في الأفق جراء انعدام الأمن الغذائي.

ب - تخفيف الضغط في جانب لطلب على النقد الأجنبي في سوق الصرافة؛ مما حافظ على الاستقرار النسبي لسعر الصرف، الذي كاد أن يقارب - قبل ذلك - حدود الـ 800 ريال/ دولار.

ج - مصارفة النقد الأجنبي لأغراض تغطية الاعتمادات المستندية لاستيراد الغذاء والدواء بسعر صرف تفضيلي يقل عن متوسط سع الصرف في السوق، مما ساعد في دعم أسعار الغذاء لتكون في متناول الغالبية العظمى من المستهلكين.

د - استخدام العملة المحلية المتأتية من التجار مقابل فتح الاعتمادات المستندية لهم بالدولار لدفع مرتبات موظفي جهاز الدولة الإداري في القطاعات المدنية (الصحة، والتربية والتعليم... إلخ). الأمر الذي جنب البنك المركزي طباعة المزيد من الأوراق النقدية.

هـ - لعبت الوديعة دوراً مزدوجاً في التأثير الإيجابي على الاقتصاد، إذ أمنت قدراً لا بأس به من الرصيد النقدي للأصول الخارجية للبنك المركزي كخط دفاع أول للحفاظ على استقرار قيمة العملة المحلية، وفي ذات الوقت غطت الاعتمادات المستندية بالنقد الأجنبي للتجار المستوردين مقابل النقد المحلي وبسعر مصارفة تفضيلي لضمان الحد الأدنى من توفير شروط الأمن الغذائي.
رؤية لتجسيد دلالات اتفاق الرياض في الواقع الاقتصادي ( خارطة طريق)
إثر التوقيع على اتفاق الرياض، أتيحت للشعب اليمني فرصة تاريخية لأن يتبلور هذا الاتفاق ليشكل مدخلاً علميًا لمعافاة الاقتصاد وتأمين شروط التنمية.

من هذا المنطلق يقع على عاتق طرفي الاتفاق وعلى الدولة الراعية له مسؤولية كبرى للقيام بكل ما يلزم لتأمين شروط نجاح تنفيذ مخرجات الاتفاق، وتأمين متطلبات برنامج إعادة الإعمار، وذلك عبر الاتجاهات الآتية:

الاتجاه الأول: تعظيم الموارد الحكومية المحلية والأجنبية مع ترشيد وضبط الاتفاق
في إطار العمل بهذا الاتجاه يُقترح الآتي:

أ - إلزام المؤسسات والهيئات والمصالح الحكومية كافة بتوريد إيراداتها النقدية في حساباتها لدى البنك المركزي، وقيام وزارة المالية بتفعيل القانون المالي اليمني واتخاذ العقوبات التي ينص عليها بحق كل من يخل بذلك.

ب - التباحث مع الدول والمنظمات الدولية المانحة لإعادة النظر بطريقة وآلية استلام المساعدات والمنح النقدية، والعمل على تحويلها إلى حسابات الجهات الحكومية المستفيدة منها لدى البنك المركزي – عدن، على أن يتم الصرف منها من قبل المخولين بذلك بحسب ما ينص عليه القانون المالي اليمني.

ج - استمرار الدعم النقدي والمالي للمملكة ورفع سقوفه، بما يضمن استدامة المالية العامة لمجابهة المتطلبات المالية لتنفيذ مخرجات الاتفاق واستحقاقات إعادة الإعمار. وكذلك توفير القدر الملائم من النقد الأجنبي لدعم الأصول الخارجية في ميزانية البنك المركزي من خلال وديعة نقدية جديدة، وفق صيغة تضمن تجددها تلقائياً لتقوم بوظيفة مزدوجة، كخط دفاع وحماية لقيمة العملة الوطنية وكمصدر لتوفير النقد الأجنبي لاحتياجات استيراد الغذاء.

د - الإسراع بإعلان البدء ببرنامج إعادة الإعمار، من ثم الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي للمانحين لتوفير الموارد اللازمة لمجابهة متطلبات التنمية وتأمين احتياجات حفز النمو وتحريك عجلة الاقتصاد.

ولما كانت الإجراءات المقترحة ظمن الاتجاه الأول لخارطة الطريق تتطلب زيادة الانفاق الحكومي بشقيه الجاري والاستثماري، فإن ذلك بدوره يفرض توفير ما يقابله من كتلة نقدية. الأمر الذي يستوجب إيجاد إدارة كفؤة للسيولة المتاحة، مع توقع القيام بطباعة مزيد من الأوراق النقدية لمجابهة كافة التزامات متطلبات التنمية والنمو الاقتصادي، والذي قد يدفع بالتضخم إلى أعلى.

لهذا فإن العمل بمسار متوازٍ مع الاتجاه الثاني المقترح في خارطة الطريق سيضمن الحيلولة دون إعاقة تنفيذ إجراءات الاتجاه الأول.

الاتجاه الثاني: رفع كفاءة إدارة السيولة النقدية في الجهاز المصرفي
وبغية بلورة هذا الاتجاه في الواقع العملي نقترح اتخاذ الإجراءات الآتية:

أ‌ - استغلال السيولة المتاحة من خلال العمل بـ:

- تطوير وتحسين أنظمة المدفوعات، وزيادة عدد آلات الصراف الآلي، ونقاط البيع لجهة التقليل من استخدام العملة المتداولة في عملية التبادل.

- رفع كفاءة دور البنك المركزي في الرقابة على أداء شركات الصرافة، وتفعيل القانون رقم (19) لسنة 1995م بشأن أعمال الصرافة وتعديلاته، وتحديدًا المواد (8)، (11)، (14)، (16)، (20)، (21)، (23)، (24)، (25).

- توفير الاحتياجات الفنية والبشرية للبنك المركزي لأغراض تطوير نظامي التسوية الإجمالية الآنية أو ما يعرف بـ(RTGS)، وغرفة المقاصة الآلية (ACH).

ب‌ - اللجوء الاضطراري لزيادة الكتلة النقدية.

- قد يضطر البنك المركزي اليمني – عدن، للجوء إلى طباعة مزيد من الأوراق النقدية لتلبية الإنفاق الحكومي المتوقع زيادته في سياق تنفيذ مخرجات اتفاق الرياض، والبدء بإعادة الإعمار، وذلك بغية تحفيز قطاع الأعمال الخاص على توسيع استثماراته والمساهمة في تحريك عجلة الاقتصاد.

- إن الخيار السابق، رغم آثاره السلبية الكبيرة، إلا أنه يمثل خيار الضرورة. لذلك فإنه أدى اضطر البنك المركزي إليه - بعد استنفاذ كل السبل المتاحة للاستغلال الأمثل للسيولة المتاحة، فإنه يجب أن يتم التعاطي معه مع أخذ الحيطة والحذر، بحيث لا يتجاوز معدل نمو الكتلة النقدية عن معدل النمو الاقتصادي المتوقع بفعل مشاريع إعادة الإعمار أو بفعل تحفيز الإنفاق الحكومي لنشاط قطاع الأعمال الخاص.

ويظل نجاح أطراف اتفاق الرياض والدولة الراعية له في تحويله إلى مدخل لمعافاة الاقتصاد والنهوض بالتنمية، مرهونا بتوفير بيئة مؤسسية تراقب وتراجع وتحاسب حول كيفية استغلال الموارد العامة المالية والبشرية، وإدارتها.

ولضمان تهيئة مثل هذه البيئة لابد من استكمال خارطة الطريق من خلال العمل بالاتجاه الثالث.

الاتجاه الثالث: تهيئة البيئة الإدارية والقانونية اللازمة لضمان رفع كفاءة إدارة الموارد المالية والبشرية
في سياق تنفيذ العمل بهذا الاتجاه يستوجب القيام بالآتي:

- تفعيل المجلس الاقتصادي الأعلى، وتطوير بنيانه ووظائفه بما يساعد على تجذير دوره في خلق بيئة قانونية وإدارية واستثمارية ملاءمة لتنفيذ كل ما يتعلق بمعاناة الاقتصاد والنهوض بالتنمية.

- إعادة تنظيم الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، ومراجعة وتطوير القانون الناظم لنشاطه إن تطلب الأمر بما يكفل رفع درجة كفاءته في الحد من الأخطاء والممارسات الإدارية غير السليمة، أكان فيما يخص استغلال الموارد العامة المتاحة أو فيما يخص توزيع الكادر، أو استغلال المنصب لتحقيق مصالح خاصة والتشديد على رفع تقارير التي تعدها دوائر ولجان الجهاز للوقوف أمامها من الجهات المختصة بحسب التراتبية الإدارية، مع التأكيد على أهمية إتاحتها للرأي العام من خلال النشر المسؤول.

- تفعيل قانون رقم (39) لسنة 2006م بشأن مكافحة الفساد، وإعادة النظر بتكوين الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد المنشأة بموجب هذا القانون بما يساعد على منع الفساد الذي استشرى في المجتمع وفي أجهزة ومؤسسات الدولة المختلفة. فلا تنمية حقيقة في ظل فساد مستشرٍ . لقد حان الوقت لإرساء مبدأ النزاهة والشفافية والمحاسبة بما يكفل تحقيق الإدارة الرشيدة لأموال وموارد وممتلكات الدولة.

*عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى