الفاتح من يناير1979م.. الرحيل المؤلم .. يوم لن يبارح الذاكرة وروح سكنت شرج باسالم

> فؤاد باضاوي

>  * الأول من يناير عام 79م يوم خالد في ذاكرة حضرموت عامة ومنطقة شرج باسالم على وجه الخصوص .. يوم رغم مضي السنوات الطوال على مروره يظل تذكاراً لا ينسى، يومها خاض فريق كرة القدم لنادي التضامن بطل حضرموت في ذلك الموسم، مباراة على كأس الثورة الفلسطينية أمام فريق النادي الأهلي بغيل باوزير، الذي كانت صفوفه تزخر بالنجوم وحينها وبعد مرور 40 يوماً على زواج حارس مرماه الاسطوري (صالح أحمد الشاحت)، حان موعد المباراة المشئومة وقد كان في إجازة شهر العسل، يعني في راحة سلبية ، فوقع عليه الإختيار للمشاركة في المباراة ، وقال لزوجته حينها هي 90 دقيقة ونعود لشهر العسل ، ولم يكن أحد يتوقع حدوث غير المألوف في هذه المباراة الكبيرة.

* وكالعادة إمتلأت مدرجات ملعب الفقيد بارادم بالجماهير وأطلق الحكم الدولي المرحوم (أحمد الفردي) صفارته لتنطلق حماسة اللاعبين هجمة هنا وأخرى هناك وينبري المدافع الشرس حميدي باشطح ويسدد بيمناه كرة قوية يتصدى الحارس الرشيق صالح الشاحت لها ببراعة ويبعد الخطر عن المرمى الأزرق، ويعاود (حميدي) مباغتة الحارس التضامني هذه المرة، فينبري الشاحت صقراً كعادته، ويمسك بالكرة بطريقة بهلوانية، وسرعان ما ينهض ويعاود لعبها إلى داخل الملعب، ويشير بيديه منسحباً إلى جنب المرمى ، كمن يودع الجماهير في تلك اللحظة العصيبة ، فيهرع إليه الحكم الدولي (أحمد الفردي) مسرعاً موقفاً المباراة، بعد أن استشعر الموقف حيث أمر بنقل الحارس العملاق إلى المستشفى .. وأتذكر هذا المشهد جيداً، مشهد دخول سيارة الاسعاف إلى أرضية الملعب لنقل الحارس المصاب.

* وعلم حينها الحكم الدولي (أحمد الفردي) بوفاته ، ولكنه ماذا كان سيفعل أمام كل تلك الجماهير الغفيرة، غير التوجيه بنقله إلى (مستشفى باشراحيل) بالمكلا؟ ، حيث صعد إلى جانبه عوض بافلح، وتستمر بعدها المباراة بنزول الحارس البديل درويش المشجري وانتهت المباراة بفوز التضامن، وهرعت الجماهير للإحتفال بالكأس، واستقبلته في لحظة فرح متجهة به إلى منزل الحارس المصاب (في نظرهم) ، وكان قد انتشر خبر وفاته مع وصولهم إلى جانب المنزل ، ويا للهول فقد كنت صغيراً حينها، فخارت قواي ، وانتقلت النسوة إلى بيت الحارس الراحل على مقربة من مقر النادي في مشهد اللا تصديق، وأتذكر أننا إنتقلنا إلى المجهول في ليلة ظلماء لا تسمع فيها غير البكاء وصوت القرآن يملأ البيوت، وحكايات تنتشر هنا وهناك عن اللحظات الأخيرة لهذا المصاب الأليم للحارس متعدد المواهب (صالح أحمد الشاحت)، وشاهدت دموعاً في عيون حزينة ولكن لم أكن لأشاهدها هكذا عنوة في الطريق بين النادي ومنزلي.

* كانت ليلة لم أعشها ولم أتخيلها فقد كنت صغيرا حينها .. وحان موعد تشييع جثمانه الطاهر من مسجد الجامع بالشرج إلى مقبرة باعبود وكنت لا أتخيل كيف سيكون ذلك وقد احتشدت حضرموت عن بكرة أبيها لتودع إبنها البطل إلى مثواه الأخير، أتذكر الدموع وقد سالت من عيوني دون استئذان والحالات أمامي في إغماءآت وجمود .. لحظات إختلط فيها الفرح بالدموع على مشارف مقبرة باعبود وصريخ النسوة يعلو المكان ودموع الأحبه تبلل الخدود .. يا إلاهي هل شرج باسالم تحتفل أم تنتحب أم ماذا!؟.

* نعم رحل الحارس الإسطوري الفقيد (صالح أحمد الشاحت) الودود صاحب الإبتسامة الدائمة ـ رحمة الله عليه ـ تلك يوم وليلة لا تنسى في تاريخ منطقة شرج باسالم واليوم تحيي الذكرى جروح لم تندمل.
* رحمك ربي فقيدنا الغالي، لن ننساك وسيذكر اسمك كل ما حلت ذكرى رحيلك يا (ابن الشاحت) يا بطل حضرموت.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى