محاولة اغتيال جرجرة

>
السيد عبدالرحمن جرجرة، ليس سياسياً من نوع فريد فقط؛ بل إنه أديب رائع، يمتاز بنقاوة ألفاظه وتعبيراته، وله قول في الأمير أحمد فضل القمندان فيقول: "إن موسيقى الأمير أحمد فضل القمندان قد رفعت كثيرا من شأن موسيقى جنوب الجزيرة كلها، وإذا كان لنا نصيب في تحسين موسيقى هذا الجزء من البلاد العربية، فلتكن منا أغاني القمندان أساسا صالحا، نرفع عليه شأن ألحاننا وأغانينا وحفظ الله الأمير".

وفي عهد السلطان فضل عبدالكريم العبدلي، كتب السيد عبدالرحمن جرجرة نقداً على ممارساته في لحج، وألهب جرجرة حماس اللحوج على أميرهم، وصلت أخبار النقد للسلطان فضل عبدالكريم، وكان متأثراً بهذا النقد وطلب تصفية جرجرة بأي ثمن كان وبحث عن من سيقوم بتنفيذ هذه المهمة.

استدعى السلطان رجل المخابرات اللحجي محمود مندوق، وطلب منه البحث عن الشخص الذي تناسبه هذه المهمة، فوجدوا ضآلتهم بشخص من قرية الشظيف اللحجية، ويُدعى (الشظيفي)، وتمت المقابلة معه على تنفيذ هذه المهمة بشكل سري وأجزل له العطاء.
وحول سؤاله كيف سيدخل سلاحه إلى عدن وأمامه نقطة تفتيش (رقم 6)، رد عليه الشظيفي سيدخل خنجرا مسموماً (بلاوة) في قبوة كاذى رلن يكتشفها أحد فتمت الموافقة على ذلك، وبدأت خطة تنفيذ الاغتيالي الشظيفي، كان يجري اتصالات سرية لمعرفة مكان سكن جرجرة، ونوع سيارته، وأمور استخبارية في غاية السرية، حتى عرف منزل جرجرة وسيارته وموعد خروجه من البيت وموعد عودته إليه.

التنسيق كان جاريا بين الشظيفي ومحمود مندوق، وكان معظم لقاءاتهما عند سوق البلدية عدن، يجلسون للمقيل والتنسيق.
ولما أصدرت لحج الدستور اللحجي وقيام المجلس التشريعي في لحج، كتب السيد عبدالرحمن جرجرة مقالا أشار فيه بهذه الخطوة الجريئة واعتبرها سباقة على مستوى الجزيرة والخليج، وأشاد فيها بالسلطان فضل عبدالكريم معتبرا إياه قبطان التطور في لحج.
هنا ألغى السلطان فضل عبدالكريم فكرته عن الاغتيال، واستدعى رجل مخابراته محمود مندوق وطلب منه إبلاغ الشظيفي بإلغاء هذا الاغتيال من أساسه.

وعندما التقى مندوق بالشظيفي وبلغه توجيهات السلطان بإلغاء هدف الاغتيال استشاط الشظيفي غضبا، وقال لمندوق: "إن موعد الاغتيال محدد الليلة عند الساعة الثانية عشر ليلا، وأن المعراج الذي استأجره للاغتيال موجود تحت بيت جرجرة خلال المهمة التي بدأت تخلص".
رد عليه مندوق: "لقد أصبح جرجرة من خيرة أبناء عدن ولحج واعتبره السلطان صاحب رأى وحنكة سياسية، وأن القليل من أمثاله في الوجود، فلا تتهور وتودي نفسك إلى التهلكة"، لكن الشظيفي أصر على موقفه من الاغتيال، وأنه سيوفي بالمهمة حتى إذا لم يريدها السلطان.

عندها قال مندوق للشظيفي: "إذا نفذت هذه المهمة بدون الرجوع إلى السلطان فإن مصيراً مشئوماً بانتظارك وبانتظار أهلك وقريتك".

تراجع بعدها الشظيفي عن تأدية هذه المهمة. وأسر لأحد أصدقائه بعد ذلك بالقول: "هل أنا مجنون أقوم باغتيال جرجرة رجل السياسة من الطراز الأول، والشخصية الأدبية التي أحبها القمندان وسلاطين لحج أنها تستحي العين عندما ترى شخصية كالسيد عبدالرحمن جرجرة، لكن إن قمت بهذا الدور التمثيلي من أجل تكبير اللقمة الكبيرة وانحصار الذي فيه عافية".

نحن فقط ننفذ في الشخصيات الصغيرة وغير المعتبرة (النينين)، أما جرجرة فليس في مقدورنا مسه بشيء، فأي مس به ستثور علينا الدنيا كرجل سياسي على طول أركان الأرض، وكما قال كنت فقط أكبر اللقمة وانحصار وكفى المؤمنين شر القتال.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى