مرضى الكلى والكبد بعدن واقع مخيف ومستقبل مجهول

> تقرير/ سليم المعمري

>
يمر مرضى زارعي الكلى والكبد في عدن بأزمة خانقة وصعوبات كبيرة في الحصول على أدوية مناسبة لهم لكي تنقذهم من الغسيل الكلوي الذي تزيد من معاناتهم، حيث تقوم منظمة الصحة العالمية بتوريد الأدوية الأصلية لصنعاء، فيما عدن يتم استيراد الأدوية التقليدية.

قلق مستمر
يقول المواطن نزيه ناصر باحاج لـ«الأيام»: "معاناتنا تتلخص بانقطاع الأدوية التي نحتاجها مدى الحياة لأننا زارعون كلى، ووضعنا مزرٍ ونعيش في قلق مستمر لأن انقطاع الدواء يهدد حياتنا، ومن حالفه الحظ يعود إلى الغسيل الكلوي، فنحن في مدى المعاناة التي كنا نعيشها في مرحلة الغسيل وبعد تكبدنا الأمرين نفسياً وماديا تأتي مرحلة ما بعد الزراعة، التي من المفروض أن نرتاح، تأتي مشكلة انقطاع الدواء وتؤرقنا من جديد".

ويضيف: "في كل دول العالم ومنها جمهورية مصر العربية عندما يحدث أحياناً انقطاع للدواء تأتي وزارة الصحة وتصرف لكل زارع المبلغ الذي يحتاجه لشرائه من الخارج". مشيرا إلى أنه "تتلف الأدوية لعدم وجود الرقابة الصحية على التخزين أو الكشف عن الدواء إذا ما كان تالفاً من المصدر". لافتا إلى أن "المسئول عن تلف الأدوية هم الجميع من مسئول عن الاستلام، والمسئول عن التخزين، وأما المسئول عن الصرف والرقابة الصحية فهو مسئول بشكل كبير عن تلفها لأنه يؤدي إلى تكبد الخسارة المادية الكبيرة والتي تصل إلى قطع مصاريف الأسرة واللجوء إلى الدين نتيجة ارتفاع سعر الدواء".

«أصبحنا حقل تجارب»
يقول المواطن محمد سعيد، وهو أحد زارعي الكلى: "المشكلة يتم مغالطتنا بجودة الأدوية حيث تصرف لنا أدوية لشركات غير معروفة، وخلال هذه السنوات الأخيرة أصبحنا حقل تجارب لأكثر من شركة على حساب صحتنا وأسرنا التي تعاني الأمرين من هموم الحياة وتدهور حالتنا وإفلاسنا نتيجة أخذنا مصروفهم إن وجد".
ويضيف: "قمنا ببيع ممتلكاتنا من أجل توفير العلاجات المكلفة شهرياً التي فاقت قدرتنا على الشراء، حيث يكلف علاج الشخص الواحد بالشهر أكثر من 500 دولار لصنفين اثنين من العلاجات المفترض توفيرها من قِبل الدولة التي تأتي بتبرعات من دول مانحة مخصصة لهذا الغرض في العالم".

وأشار إلى أنه "تصرف العلاجات بشكل مجاني في كل دول العالم، أما في بلادنا فعلى العكس تماماً فإما تصرف لنا تالفة أو قريبة الانتهاء وغير مطابقة للمواصفات أو يضطرونا إلى شرائها من الصيدليات بأسعار خيالية".

«حياتنا متوقفة على العلاج»
عبدالرب حسين مسعد بن عباد، وهو أحد زارعي الكلى أيضاً، قال: "حياتنا متوقفة على العلاج، وإذا لم يتحصل أحدنا على الجرعة المحددة له فإن الموت محقق له، فلا شيء يوحي بالأمل؛ فوضعنا مزرٍ، وكل سنة أسوأ من قبلها، وكذلك دور وزارة الصحة سلبي، حيث طرقنا كل باب فيها فلم نجد إلا المواعيد الكاذبة".

وأضاف بعدما أخد نفسا عميقا وبصوت تملؤه الحسرة: "نحن لا نحصل على الأدوية المطلوبة والمقررة لنا وللأسف نتيجة لذلك تتلف الأدوية بالمخازن بسبب تخزينها بطرق عشوائية حيث تمر عليها أشهر ولا يتم صرفها لنا، فمن الذي يحاسب المتسبب في هذه الأيام؟!"، مشيراً إلى أن "الوزارة على علم بذلك ولم تهتم لإتلافها لأن جهات نافذة تقف وراءها".

أدوية مقلدة
من جانبه، مسعد حمود يقول: "معاناتنا كبيرة من حيث عدم القدرة على التعويض، والوضع الذي نمر به سيء للغاية إضافة إلى أن الأدوية مقلدة ومقاربة على الانتهاء أو تالفة، وعلينا أن نتحمل تكلفة شراء العلاج من الخارج".

المواطن معين أحمد ناصر العولقي أخذ بزمام الحديث وأضاف: "نحن زارعو الكلى نستخدم علاج المناعة، وهذا ضروري حيث إذا لم نستخدمه فإن الكِلية المزروعة سوف تفشل"، مشيراً إلى أن سعر هذا الدواء يقارب الـ 80 ألف ريال يمني، أما دواء "السلسيبت" فتصل قيمته تقريبا إلى 30 ألفاً، مطالباً وزارة الصحة بأن تكون تلك العلاجات خاضعة للرقابة في التخزين بحيث لا تكون تالفة ومنتهية الصلاحية".

ويضيف: "المسئول الأول عن كل ذلك هي وزارة الصحة، أما الذي يجبرنا على شراء العلاج هو إتلافه من العاملين في الصيدلية، وإذا لم نستطع شراء العلاج المخزن بالطريقة المطلوبة فإنا نُجبر على استخدام العلاج التالف".

المعاناة ليست وليدة
أما المواطن محسن عبدالله حسن الضيئاني فقال: "معاناتنا كثيرة وليست وليدة اليوم؛ ولكنها اليوم تضاعفت بسبب الحرب القائمة والمماحكات السياسية في أطراف النزاع الذي انعكس على الاهتمام بزارعين الكلى والكبد من توفير العلاجات الأصلية بموجب ما يوصي فيه الأطباء الاستشاريون بزراعة الكلى والكبد، حيث نأتي برشتات العلاج ونصطدم عندما نجد علاجات لشركات أخرى تقليدية، هذا إذا توفرت، وكثير من الأحيان تكون صلاحيتها بالخمسة الأشهر الأخيرة لانتهائها".

وأشار إلى أن هناك محاليل لفحوصات ضرورية مثل فحص البروغراف والسيكلوس بورين مهمة بالنسبة للكلى، حيث إن انقطاعها قد يشكل خطراً على حياتهم، وأن من أكثر الأشياء التي تهدد حياتهم الصحية والمعيشية الغلاء الفاحش وانتشار الأغذية غير الصحية.

تحمل مسئولياتهم
أما عبدالعليم عبدربه النقيب فيقول: "معاناتنا منذ بداية الحرب المشؤمة حيث انقطع علينا العلاج فترة والحمد لله كان الزارعون متعاونين فيما بينهم، بحيث الذي عنده زيادة في الدواء يعطي المريض الذي نفذ منه وهكذا، حتى سمعنا أن هناك أدوية جاءت إغاثة من مركز الملك سلمان ومن بينها علاج زارعي الكلى بنوعيه نيورال وبروجراف وسيلسيبت".

ويستدرك قائلا: "لكن فوجئنا بعدم إعطائنا إياه بحجة أنه غير موجود، ثم تبين لنا بعد فترة أنه كان موجوداً ولكن للأسف بعد ما انتهت صلاحيته". مشيرا إلى أن "الوضع الذي نمر فيه مخيف لنا نتيجة توفير علاج بين فترة وأخرى لشركة هندية ليس حسب المواصفات لأن البعض نتيجة العلاج قد يُصاب بمضاعفات ومنهم من فشلت كليته وعاد لمعاناة الغسيل مرة أخرى".

وتابع: "العلاج نفسه الهندي في صنعاء رفضوه وأحرقوه حتى تم توفير لهم علاج أصلي سويسري، أما هنا في عدن تسلم لنا الأدوية من قِبل الصيدلية المركزية بالجمهورية وتقول لنا إن العلاج تالف لأنه يجب أن يوضع في مخازن باردة".

وضع مأساوي
أما فضل شائف، رئيس جمعية زارعي الكلى والكبد في عدن، فقال: "الأوضاع التي نمر بها اليوم من عدم توفر العلاجات هي خير شاهد على وضعنا المأساوي لأن عدم توفر العلاجات بشكل منتظم يؤدي إلى انتكاس المريض وعودته إلى الفشل الكلوي". مطالباً وزارة الصحة بتوفير العلاجات الأصلية.
وأضاف: "عند مقابلتي وزير الصحة وعد بأنه سوف يوفر العلاج الأصلي للمرضى، أما العلاجات التي تبين أنها تالفة فقد توجهت إلى البرنامج الوطني الدوائي بمركز عدن، وتم التوضيح لنا بأنه يوجد خطأ مصنعي لفئة 25 وتم إيقافه من قِبلهم".

وتابع: "تم التواصل من قِبل قيادة المركز الدوائي الوطني مع الجهات ذات العلاقة وإخبارهم بنفاذ الكمية من العلاجات، ونحن الآن سوف تتفاقم معاناتنا أكثر فأكثر بسبب عدم توفر العلاجات، ولهذا نناشد دولة رئيس الوزراء ووزير الصحة ومنظمة الصحة العالمية بتوفير العلاجات الأصلية خلال أسبوع ما لم سوف يدخل أغلب المرضى زارعي الكلى إلى مضاعفات خطيرة تؤدي إلى فشل الكلية المزروعة من عدم توفر العلاجات".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى