حمل السلاح وإطلاق الأعيرة النارية بأعراس عدن مستمرة ومسئول: نجاح الحملة مرهون بتعاون الجميع

> تقرير/ فردوس العلمي

> رضية شمشير: ما تشهده عدن سببه غياب الدولة والدور السلبي للأسرة والمجتمع
ما زلت الحملة التي بدأت تنفذها الأجهزة الأمنية في العاصمة عدن في 7 يناير من الشهر الماضي والخاصة بمنع حمل السلاح وإطلاق الأعيرة النارية في الأعراس والمناسبات مستمرة حتى اليوم.
وتنفذ الحلمة في المدينة تحت شعار "عدن مدينة خالية من السلاح"، بهدف إنهاء هذه الظاهرة التي باتت تشكل هاجساً وعاملاً قلقاً لأبناء عدن والقاطنين فيها.

وتشير إحصائيات غرفة العلميات في إدارة أمن عدن، إلى أن عدد القضايا التي تم تقيدها في سجلات العمليات خلال العام الماضي 2019م فقط بلغت 371 قضية، منها 120 قضية قتل عمد، و12 قضية قتل غير عمد، وبلغت قضايا الشروع في القتل 233 قضية، فيما سجلت ست حالات فقط لقضايا الإصابة بالخطأ.
كما تعددت الحملات في المدينة التي تدعو إلى منع حمل السلاح في الطرقات وإطلاق الأعيرة النارية في الأعراس والمناسبات وغيرها.

كما شهدت العاصمة بهذا الخصوص الكثير من الوقفات الاحتجاجية الرافضة لهذه الظواهر السلبية والدخيلة على المدينة.
ولمعرفة رأي المواطنين والقائمين على هذا الحملة، التقت «الأيام» بعدد من الشخصيات لمعرفة المزيد من المعلومات.

"حامل السلاح يا قاتل يا مقتول"، هكذا وصف الحاج محسن علي حامل السلاح، وأضاف مقارناً بين الماضي والحاضر بالقول إن زمان حينما كان عسكريا يمر في الحواري الأطفال يخافون منه، وذلك لِما كان للعسكري حينها من هيبة واحترام، بخلاف ما هو حاصل اليوم.

حملة شاملة
شوقي السقاف
شوقي السقاف
من جهته، أوضح رئيس مؤسسة "القادة" للإعمال الإنسانية، شوقي السقاف، بأن الحملة المنفذة ضد حمل السلاح، شاملة تنفذ على مستوى عدن بمشاركة أجهزة أمنية وحكومية ومنظمات مجتمعية وشخصيات اجتماعية ومواطنين.

وأضاف في حديثه لـ«الأيام»: "هذه المحملة نفذت على مرحلتين اثنتين: مرحلة التوعية الإعلامية والمجتمعية والحكومية عبر خطباء المساجد وفي المدارس ووسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعية المختلفة، ومرحلة التنفيذ الفعلي والمباشر للقرار الذي اتخذ في اجتماع القيادات الأمنية ومنظمات المجتمع المدني والجهات الحكومية بمنع إطلاق الرصاص، وتنفيذ الإجراءات بحق مطلقي الرصاص".

وبحسب السقاف، فإن من أهداف الحملة هو القضاء على ظاهرة إطلاق الرصاص وحمل السلاح، والتوعية بخاطرها وتجنب تبعاته من الرصاص الراجع واستخدامه، وتفعيل الأجهزة الأمنية، وفرض النظام والقانون واحترامه، وجعل عدن مدينة خالية من السلاح، وكذا القضاء على ظاهرة حمل السلاح فيها.
واعتبر حمل السلاح والتجول به في شوارع عدن وإطلاق الرصاص العشوائي في المناسبات، ظاهرة دخيلة على عدن وأهلها.

وتابع بالقول: "أطلقنا في السابق عدة حملات توعوية كمنظمة مجتمع مدني؛ لمنع إطلاق الرصاص والحد من حملة إلا للمصرح لهم بالتنسيق مع إدارة الأمن وقيادات أمنية، وتجاوبت مع الحملة عدة جهات من قِبل الحزام الأمني لتقديم الدعم والمساعدة في التنفيذ بإرسال الأطقم والجنود التجاوب من الجهات الحكومية التنفيذ وكذا التجاوب من قِبل شرطة المعلا المشاركة من قِبل منظمات المجتمع المدني وشخصيات مجتمعية، والتفاعل من قِبل الإعلام والصحفيين".

وأوضح رئيس مؤسسة "القادة" للأعمال الإنسانية، شوقي السقاف، أن الإجراءات المتخذة بحق المخالفين في إطلاق الرصاص تتمثل بالقبض على المخالف وإيداعه السجن لـ 24 ساعة، وتغريمهم بغرامة مالية قدرها 100 ألف ريال يمني، وكذا إتلاف السلاح المستخدم في إطلاق الرصاص (بجلخه)، وأخذ تعهد كتابي على مطلق الرصاص بعدم تكرار ذلك الفعل، وإذا تكرر إطلاق الرصاص من قِبل نفس الشخص يغرم بغرامة مالية 200 ألف ريال يمني وحبسه أسبوعا، مضيفاً: "لقد تلقينا وعوداً بدعم الحملة في التوعية من إدارة الأمن والمأمور وجهات حكومية لطباعة البرشورات والملصقات والقيام بعمل مسرحي واسكتشات لتوعية الناس بمخاطر استخدام السلاح".

وأكد السقاف أن حمل السلاح ليس برجولة؛ إنما هو تقليد أعمى لموروث خاطئ.

وقال: "في قرارة كل من يحمل السلاح أن حمله خطأ ومنظر غير مستحب وخاصة في المدن، وإنما هو تقليد لموروث لعادة سيئة نقلها البعض من الريف إلى المدينة بعد الحرب في ظل غياب الدولة.. ولكن الآن في ظل التعافي للدولة وإعادة الحياة إلى طبيعتها يجب فرض النظام والقانون والقضاء على الظواهر الدخيلة والسيئة للمجتمع في مدينة عدن".

مطالبة بتقنين حمل السلاح
عهد جميل
عهد جميل
فيما طالب مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام بالمحكمة العليا، عهد جميل، بتقنين امتلاك السلاح والعمل على الحد من انتشاره نتيجة لآثاره السلبية والكارثية في مستوى حدوث الجريمة بالمجتمع.

وأضاف في تصريحه لـ«الأيام»: "انتشار الأسلحة بمختلف المديريات بالعاصمة المؤقتة عدن، جعل زيادة معدلات الجريمة بشكل مخيف جدا، إذ أن العديد من جرائم القتل تمت باستخدام أسلحة نارية مثل المسدسات، وهناك أيضًا ما يُعرف بالسلاح الأبيض كالخناجر والسكاكين وغيرها من أنواع الأسلحة خاصة في الكثير من المناسبات الاجتماعية مثل الأفراح، وذلك نتيجة للاستخدام العشوائي وغير المسئول لهذه الأسلحة التي يستخدمها البعض للتعبير عن الفرح أو عن حالة داخلية".

وتابع قائلاً: "حمل السلاح يؤدي إلى العديد من الكوارث في كثير من الأحيان، وهو ما أدى إلى تضاعف الجرائم بصورها البشعة، ولذلك يجب تقنين امتلاك السلاح والعمل على الحد من انتشاره في المجتمع"، متمنياً أن يكون الأمن والأمان والاستقرار بشكل دائم.

ظاهرة خطيرة
عادل السنيدي
عادل السنيدي
بدوره، وصف رئيس جمعية عدن للمغتربين ورجل الأعمال، عادل السنيدي، حمل السلاح بـ "الظاهرة الخطيرة" وخروجاً على سيادة القانون.

وأضاف: "من الملاحظ تفشي عادة حمل السلاح في الطرقات، وهي ظاهرة سلبية بشعة تحولت إلى عادة وتفاخر، وهذا يتطلب رادعاً قوياً وسريعاً أولاً بعمل توعوي على كافة السبل والإرشادات في الطرق بمنع حمل السلاح، وتفعيل العقوبات وسحب السلاح لمن يحمله في الطرق، وهذا الأمر يجب أن يشترك فيه الجميع (الدولة، ومنظمات المجتمع المدني، والمدارس، ودور العبادة يقابله حملة أمنية مستمرة، والإرشادات)، ولا يخفى على أحد أن هذه الظاهرة وما تسببه من كوارث على أمن واستقرار البلد والموطن، ولذلك بات من المهم والضروري وقوف الجميع أمامها، وليس من الصعب نجاح الحملة؛ ولكن المهم هو استمرارها، وأن يكون بتنسيق وتوازٍ بين العمل على الأرض والندوات والعمل الإرشادي لِما يمثله هذا الأمر من أهمية تخدم الجميع".

عادل البني
عادل البني
من جهته، أكد مدير عام الدفاع المدني في عدن، عادل البني، لـ«الأيام» بأن إطلاق الأعيرة النارية في المناسبات والأعراس ظاهرة غير مستحبة من قِبل الجميع.
وتمنى أن يكون منع حمل السلاح للعسكريين قبل المدنيين في الشوارع، كما طالب بمنع الأطقم من إطلاق النار في الهواء أثناء مرور مواكب القادة؛ ليكونوا قدوة لغيرهم.

جدية في التنفيذ
رئيسة مؤسسة أمل لرعاية الأيتام والفقراء والأعمال الإنسانية في عدن، أمل المصلى، قالت: "سبقت هذه الحملة والخاصة بمنع حمل السلاح حملات كثيرة صبت جميعها في نفس الهدف، وكل حملة تكمل ما سبقها من حملات‬‬، ولكن هذه الحملة تتميز بالجدية الأكثر، كون لا يزال إطلاق الأعيرة النارية مستمراً وإن خف عن السابق".‬‬
وأوضحت في حديثها لـ«الأيام» بأن هذه الظاهرة انتشرت بشكل كبير بعد حرب 2015م مسببة في ذلك بخلق فوضى بين الأهالي فضلاً عن زعزعة الأمن في المدينة.‬‬

وتابعت قائلة: "وأما ما يخص إطلاق الأعيرة النارية في الأعراس، فغالباً ما تسبب بإصابة أحد الحاضرين بالأعراس أو مناسبات أخرى، أي كان نوعها، أو من الجيران، وبهذا يعد حمل السلاح ظاهرة غير حضارية".

ضعف الانتماء للوطن
فارس حاجب
فارس حاجب
العقيد فارس حاجب، ضابط أمن عدن ورئيس قسم التوجيه العسكري والأمني بدائرة التوجيه المعنوي في ألوية الدعم الإسناد، ورئيس مجموعة العلاقات العامة والتواصل باللجنة المجتمعية في محافظة عدن (اتحاد نساء اليمن بعدن)، علّق على الظاهرة بالقول: "حمل السلاح ليس لمن يريد إثبات شخصيته ورجولته، فالرجولة سلوك، والشخصية أخلاق، والوطن أمانة في الأعناق"، واصفاً جيل هذه الظاهرة بالجيل غير الواعي وغير المنتمي لوطنه، مؤكداً بأن من ينتمي لوطنه لا يشوهه.

وأوضح في تصريحه لـ«الأيام» أن حمل السلاح لا ينتشر إلا في المجتمعات التي تفتقر للأمن والأمان وغير مستقرة أي (في ظل غياب الدولة والقانون).

وأضاف: "غياب الوعي والثقافة لدى المواطنين أفقد المجتمع تماسكه واتزانه، وصارت ظاهرة حمل السلاح وسيلة للإرهاب والترويع والظلم، وإن وجد الوعي والثقافة يحافظ على تماسكه واتزانه حتى وإن غابت الدولة والقانون، وهنا يصير حمل السلاح أو الاحتفاظ به في المنزل وسيلة للحماية الشخصية وحماية الأموال والأعراض من ضعاف النفوس".

وعن إطلاق الرصاص عشوائياً في الأعراس، قال: "هي عادة سيئة لم تعرفها مدننا الجنوبية قديما؛ بل وكانت محرمة ومجرّمة لِما لها من أضرار جسيمة جداً كإصابة المواطنين والمارة، وقد تصل للقتل غير العمد، وقد يرافقها عادة تعاطي الحبوب والمخدرات بشكل كبير جداً بين أوساط الشباب، وهذا ما لمسناه بعد حرب 2015م"، مؤكداً أن الحملة التي نفذتها الأجهزة الأمنية قبل عدة أشهر ضد حملة السلاح، حدت نوعاً ما من هذه الظاهرة، وتوقف الحملة أعادها للسطح مرة أخرى، مضيفاً: "من المؤسف أن إجراءات ملاحقة وضبط الأشخاص مطلقي الرصاص انحصرت بجوار صالات الأعراس وفي الطرقات والجولات العامة فقط، أما إطلاق الرصاص في الحارات والأحياء ما زالت قائمة، وتحصد الأنفس والأرواح بشكل دائم ومستمر"، متمنياً من مطلقي الأعيرة النارية عشوائياً أو في مواكب وحفلات الزواج بأن "لا يجعلوا فرحتهم على حساب آلام وأحزان الآخرين.

تنسيق وإسناد
محمد الصولبة
محمد الصولبة
النقيب محمد سالم الصولبة، قائد مقامة مناطق (كود العثمان، الممدارة مصعبين) في مديرية الشيخ عثمان، تحدث لـ«الأيام» عن دور قوته في حملة منع السلاح بالقول: "دورنا كقيادة في المجال الأمني هو التنسيق مع أئمة ومشايخ ورجال الدين بضرورة توعية الناس بمخاطر إطلاق الرصاص في الجو وخصوصاً بالمناسبات، وحرمة دماء المسلمين، وكذا التنسيق مع الجمعيات والمنظمات المجتمع المدني من خلال إنزال فرق التوعية بمخاطر السلاح وأضراره، كما نعمل على مساندة الشرط والتنسيق مع إدارة الأمن وقيادة قوات الدعم والإسناد وقيادة قوات الحزام الأمني لضبط الأمن والاستقرار بالمنطقة ومكافحة السلاح غير المرخص".

غياب الدولة
رضية شمشير
رضية شمشير
من جهتها، علّقت السياسية والإعلامية رضية شمشير علي عن الظاهرة بالقول: "المخاوف كثيرة، والأسئلة أيضاً أكثر، ولعل أبرزها: من هو المسئول في تزويد الشباب بالسلاح؟ وماذا تريد هذه الجهات في تحويل عدن إلى مستنقع لن نتمكن الخروج منه؟ وليست ظاهرة حمل السلاح وإطلاق الرصاص دخيلة على عدن فقط، فهناك العديد من الظواهر في المجتمع، ساهمت بتحول (عدن) مدينة الأمن والسلام مدينة عرفت التعايش المجتمعي والسلم الأهلي، إلى مدينة يجري العبث في كل مقوماتها".

وتضيف في تصريحها لـ«الأيام»: "ونحن نتناول هذه الظاهرة، لابد من القراءة الواقعية والمسئولة عن الأسباب والأبعاد التي ساهمت في انتشارها، وهذا في حد ذاته يتطلب أن يكون الجميع عند مستوى المسئولية للخروج من هذه الظاهرة التي قد تتحول في لحظة قادمة إلى استخدام السلاح في وجه بعضنا البعض.. والذي يدور اليوم في عدن الإجابة عليه تتحدد في غياب الدولة، وغياب النظام والقانون، وغياب مبدأ العقاب والثواب، إلى جانب الأدوار السلبية للأسرة والمدرسة والمجتمع ودور منظمات المجتمع المدني في التأهيل وإعادة تأهيل الشباب".

وتابعت بالقول: "هناك منظمات مجتمع مدني عملت ولا تزال على أن توصل الرسالة في أن الجميع شركاء في مجال مكافحة الظواهر الدخيلة والمسيئة إلى المدنية، ومن المؤلم والمؤسف اليوم أن شبابنا يتمنطقون السلاح وكأنه جزء من شخصيتهم، بل الأدهى من ذلك يمشون حافي القدمين"، مضيفة: "عدن عرفت المسيرات والمظاهرات من قِبل كافة القوى الوطنية إبان الاحتلال البريطاني لها، وكان الفدائيون هم من يحمون هذه الفعاليات.. وعند انتهاء دورهم يعيدون السلاح إلى الجهة المشرفة عليهم، وكان ذلك حرصاً وضمانا للحفاظ على أمن وسلامة المتظاهرين، وفي نفس الوقت الحفاظ على النظام والقانون.. هكذا كانت (عدن) النظام والقانون مبدأ حافظ عليه الجميع حفاظاً على النسيج الاجتماعي، وأواصر المحبة والإخاء والأمان عناوين بارزة، عمل الجميع على استقرار عدن".

"نجاح الحملة مرهون بتعاون الجميع"
مراد بيومي
مراد بيومي
بدوره، قال مستشار مدير أمن عدن، العميد بيومي مراد: "لدينا القدرة على تنفيذ الحملة، ولكن نجاحها ونتائجها مرهونة بتعاون منظمات المجتمع المدني والمواطنين والإعلام، فإذا وجدنا هذا التعاون من المجتمع المدني أو الإعلام ولاسيما من صحيفة «الأيام» لِما تمتلكه من مصداقية في تناول المواضيع سيكون نصيب الحملة النجاح، ولهذا نحن نعول على تعاون المواطنين في عملية الإبلاغ لأي إطلاق رصاص أو تجوال بالسلاح، وهناك عقوبات صارمة ستنال مطلقي الأعيرة النارية في الطرقات".

وأكد في تصريحه لـ«الأيام» أن "الأجهزة الأمنية في العاصمة عدن ستعمل على تنفيذ الحملة الأمنية الخاصة بمنع حمل السلاح إطلاق الأعيرة الحية في الأعراس بشكل مباشر، وبمساعدة قوات الحزام الأمني، وبمشاركة منظمات المجتمع المدني والسلطة المحلية، وأقسام الشرط"، مشدداً في السياق على أهمية تعاون منظمات المجتمع المدني، والإعلام والصحفيين، لحماية عدن مدينة الأمن والسلام من هذه الظاهرة.

وطالب البيومي، قيادة التحالف بضرورة دعم مراكز الشرط بالآليات والديزل والبترول؛ لتتمكن من المشاركة في تنفيذ الحملة التي ستبدأ من معسكر الصولبان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى