صحيفة: انشغال الشرعية بالصراع مع الانتقالي منح الحوثيين الاختراق العسكري

>

انشغال الحكومة الشرعية اليمنية بالصراع مع المجلس الانتقالي منح الفرصة للميليشيات الحوثية لإحداث اختراق عسكري في الجبهات، وآخر سياسي في العلاقة مع المجتمع الدولي.

تحاول القوات الحكومية اليمنية إعادة ترتيب صفوفها لمواجهة التصعيد الحوثي المفاجئ في عدد من الجبهات العسكرية، في ظل حالة ارتباك سياسي نتيجة التحولات المتسارعة في المواقف الدولية من الملف اليمني.

وقالت مصادر سياسية يمنية لـ“العرب” إنّ اختيار الحوثيين لتوقيت التصعيد في جبهتي مأرب والجوف جاء متزامنا مع حراك دولي تجري فيه الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة مشاورات لبلورة رؤية جديدة للحل في اليمن سيتم تبنيها بقرار ملزم في مجلس الأمن الدولي عند اكتمال التوافق حول ملامحها الرئيسية.

ويسعى الحوثيون للظهور كقوة رئيسية في المشهد اليمني من خلال التصعيد العسكري في جبهات نهم وصرواح والجوف والبيضاء ومحاولة إرسال رسالة إلى المجتمع الدولي بأن ميليشياتهم على الأرض ما زالت قادرة على عكس نتائج خمس سنوات من الحرب في شمال اليمن.

وكشفت مصادر مطلعة لـ“العرب” عن حشد الحوثيين للمزيد من مقاتليهم في جبهات أخرى في تعز وحجة والساحل الغربي بهدف تكرار سيناريو جبهة نهم التي سيطروا على مساحات واسعة منها، مستفيدين من حالة الاسترخاء العسكري في معسكر الشرعية والصراعات السياسية بين المكونات المناهضة للانقلاب.

ويؤكد خبراء سياسيون أنّ انشغال الحكومة الشرعية بالصراع مع المجلس الانتقالي وحشد قوات الجيش الوطني باتجاه المحافظات الجنوبية وغياب الرؤية السياسية لإدارة الصراع مع الحوثيين والارتباك في ترتيب سلّم الأولويات، عوامل منحت الفرصة للميليشيات الحوثية لإحداث اختراق عسكري في الجبهات، وآخر سياسي في العلاقة مع المجتمع الدولي.

وأشار مراقبون سياسيون إلى تحركات حثيثة يبذلها التحالف العربي لمعالجة الإخفاقات في أداء مؤسسات الشرعية وخصوصا المؤسسة العسكرية التي تشير العديد من التقارير الإعلامية إلى استشراء الفساد في مفاصلها، إضافة إلى بروز الأجندات السياسية المرتبطة بقطر وتركيا التي تعمل على عقد صفقات مشبوهة بين الحوثيين وتيارات من الإخوان على قاعدة معاداة التحالف العربي بقيادة السعودية.

ويصف مراقبون الحراك الدولي بخصوص اليمن بأنه يفتقد للواقعية السياسية، ويتسم في الجانب الأكبر منه بخدمة توجهات وأجندات الدول الفاعلة في هذا الملف والتي تسعى لإحياء حضورها القديم في المنطقة.

ويؤكد الباحث السياسي اليمني عزت مصطفى أن الضغوط الدولية تهدف إلى دفع الفرقاء اليمنيين نحو مشاورات سلام شامل دون وجود رصيد إيجابي في هذا الإطار كما هو الحال مع اتفاق ستوكهولم الذي لم يفلح في كبح جماح التصعيد العسكري من قبل ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران التي تسعى لتوسيع جغرافية سيطرتها خاصة وأنها محصورة في مناطق جبلية مغلقة.

ويشير مصطفى إلى أن قصف الميليشيات الحوثية بالصواريخ معسكرات تابعة للحكومة وقيامها بالتصعيد المفاجئ باتجاه مأرب والجوف، جاء بعد وقت قصير من زيارة قام بها سفراء فرنسا وهولندا لصنعاء وكذا تصريحات السفير البريطاني لدى اليمن الذي قال إن اتفاق ستوكهولم أدى الغرض منه رغم أن الاتفاق لم ينفّذ، داعيا في تصريحه إلى الذهاب إلى مشاورات سلام شاملة، وهو ما بدا وكأنه غطاء دولي لممارسات الحوثيين المنافية للسلام.

ويضيف مصطفى “من الواضح أن الرسالة التي قرأتها ميليشيا الحوثي تمثلت في أن أي اتفاق سلام قد ينتج عن المشاورات التي يراد لها أن تنعقد سيكون نسخة أشمل من اتفاق السويد، بحيث يمنع تحرير أي مناطق تحت سيطرة الحوثي ولا يترتب عليه سلام فعلي وسيظل كل طرف في المشاورات مسيطرا على المناطق تحت نفوذه قبل الاتفاق دون وجود ضمانات حقيقية لنزع السلاح أو الإلزام بالانسحاب كما حدث في الحديدة، وهو ما دفع ميليشيا الحوثي إلى توسيع مناطق نفوذها، وهذا يعطينا نتيجة أن الضغوط الدولية تحت دعوى تحقيق السلام تشعل نيران الحرب أكثر من غير أن تضع ضمانات حقيقية لتنفيذ الاتفاقات التي تسعى للتوصل إليها”.

وفيما يبدو أنه استمرار لسياسة نقل الرسائل للحوثيين من قبل المجتمع الدولي بهدف بلورة رؤية دولية جديدة حول الملف اليمني، جدد المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث زيارته لصنعاء، الأحد الماضي، حيث التقى زعيم الميليشيات الحوثية وفقا للناطق الرسمي باسم الحوثيين محمد عبدالسلام الذي قال في بيان صحافي إنّ اللقاء تضمن تجديد عبدالملك الحوثي لاتهاماته للتحالف العربي بعرقلة مساعي السلام، والجوانب المتعلقة بالوضع الإنساني وملف المعتقلين والأسرى، وهي القضايا التي يطرحها الحوثيون عادة على المجتمع الدولي.

ولاحت مطلع الأسبوع الجاري بوادر حسن نيّة من التحالف الداعم للشرعية وذلك مع الشروع في تنفيذ مبادرة فتح المجال الجوّي اليمني أمام الرحلات التي تقلّ مرضى من صنعاء إلى الخارج للعلاج.

وقلل القيادي في الجماعة الحوثية محمد علي الحوثي من أهمية المبادرة. واعتبر في تغريدات على تويتر أن هذه الرحلات غير كافية، في إشارة إلى ضغوط حوثية تستهدف رفع الحظر الجوي بشكل كلي عن مطار صنعاء، حيث قال إن “عدد المسجلين بقوائم الجسر الجوي الطبي حوالي 32 ألف مريض مصابون بأمراض خطرة، وإذا كانت الأمم المتحدة لا تستطيع غير تسيير 24 رحلة في السنة تحمل كل منها خمسين مريضا مع خمسين مرافقا، فكم نحتاج من سنوات حتى يُستكمل نقل جميع المرضى”.

عن العرب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى