«الأيام» تستعرض تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي

> النزاعات قلّصت مستوى السيطرة للرئيس هادي والتحالف بات يشرف بشكل مباشر على القرارات العسكرية

> - القمع يعد أحد الأسباب الرئيسة لبقاء الحوثيين موحدين
- استهداف النساء بشكل مباشر وغير مباشر في الأراضي الخاضعة للحوثيين
- التوقيع على اتفاق زاد من تقويض سلطة حكومة اليمن
 نشر خبراء معنيون بالشأن اليمني تقريراً وجهوه إلى رئيس مجلس الأمن الدولي، غطى ما شهدته اليمن من أحداث وصرعات من الفترة الممتدة من 1 يناير إلى 31 ديسمبر 2019م، وتضمن التقرير آخر النتائج المستخلصة من التحقيقات المستمرة التي عرضت في التقرير الذي قدم فيه فريق الخبراء تحديث منتصف المدة في 25 يونيو 2019م.

وتستعرض «الأيام» أهم ما جاء في التقرير المكون من 54 صفحة باللغة العربية ولحق باللغة الإنجليزية.
وبحسب التقرير، فإن الفريق عمل أثناء إجراء تحقيقاته، وفقاً للفقرة 11 من القرار (2456) 2019، بما يتماشى مع أفضل الممارسات والأساليب التي أوصى بها الفريق العامل غير الرسمي التابع لمجلس الأمن المعني بالمسائل العامة المتعلقة بالجزاءات، وحافظ على أعلى معيار إثبات يمكن بلوغه حتى وإن لم يتمكن من السفر على نطاق واسع داخل اليمن.

وأشار التقرير إلى أن الفريق قام بزيارتين إلى عدن في أبريل ويونيو 2019، وألغت الأمم المتحدة لأسباب أمنية زيارات أخرى للفريق إلى اليمن في سبتمبر نوفمبر، وإضافة إلى ذلك لم يتمكن عضوان من الفريق من زيارة عدن في يونيو 2019 بسبب قيود داخلية في اللوجستيات والقدرات بالأمم المتحدة.
وأوضح التقرير أن الفريق عقد في عدن اجتماعات مع مسئولين من حكومة اليمن، وأعضاء في المجتمع المدني، والمجلس الانتقالي الجنوبي، ومجموعات جنوبية أخرى، وفي يونيو، زار اثنان من أعضاء الفريق التربة حيث تم الاجتماع مع أفراد عسكريين وأفراد شرطة وضباط استخبارات وسلطات محلية من تعز.

وبحسب التقرير، لم يتمكن الفريق من السفر إلى مناطق اليمن الخاضعة لسيطرة الحوثيين على الرغم من توجيه رسالتين رسميتين إلى وزارة الخارجية في صنعاء، لعدم رد الحوثيون على أية رسالة رسمية موجهة إليهم من الفريق خلال الفترة المشمولة بالتقرير.. كما قام الفريق بست زيارات إلى المملكة العربية السعودية وبزيارتين إلى الإمارات العربية المتحدة لعقد اجتماعات وإجراء عمليات تفتيش على الأسلحة، ولم تنفذ عمليات التفتيش في عدن في يونيو وسبتمبر 2019م.

وأضاف: “ولمعالجة الشواغل المحتملة بشأن تسلسل العهدة، يحتاج الفريق إلى أن يفحص الأسلحة المستولى عليها في ساحة القتال أو المحجوزة أثناء العبور في أقرب وقت ممكن من لحظة الاستيلاء أو الحجز، ونظراً للاعتبارات الأمنية للأمم المتحدة، أجري معظم عمليات التفتيش في مواقع خارج اليمن، ويلاحظ الفريق أنه على الرغم من الطلبات العديدة المقدمة إلى المملكة العربية السعودية لم يتمكن من إجراء عمليات تفتيش على أصناف معينة، مثل أجهزة تسجيل الرحلات الجوية أو نظم التوجيه التي تكتسي أهمية في التحقيقات الجارية.

ووجه الفريق بهذا الخصوص، وفقاً للتقرير، 143 رسالةً رسميةً حتى 31 ديسمبر 2019، منها 103 رسائل إلى 28 دولة، و40 رسالة إلى 28 من الكيانات والشركات والأفراد، ومازالت لم ترد ردوداً على 57 رسالة حتى 27 يناير 2020م.

التحديات أمام السلام والأمن والاستقرار
شبكة النزاعات في اليمن:
1 - إن المشاكل التي تواجه اليمن ليست بمعزولة، فنزاعات البلد الكثيرة مترابطة ولا يمكن الفصل بينها بتقسيم واضح يميز بين الجهات الفاعلة الخارجية والداخلية والأحداث، وأن الأثر التراكمي لهذه النزاعات في اليمن خلال عام 2019 سيؤدي إلى تقليص شديد في مستوى السيطرة الضعيف أصلاً الذي يمارسه الرئيس عبدربه منصور هادي، وعلى النقيض من حالة عدم الاستقرار في الجنوب واصل الحوثيون توطيد سيطرتهم والحفاظ على اقتصادهم وإظهار قوة عسكرية موحدة.

2 - تحاول العديد من الجماعات المسلحة بلوغ هدفين رئيسيين: احتكار العنف المسلح داخل الأراضي الواقعة تحت سيطرتها، والسيطرة على تدفقات الإيرادات، وفي هذا السياق يكافح الشعب اليمني من أجل البقاء في ظل اقتصاد جداً متدهور، وترد مجموعة التحديات السياسية والعسكرية التي تعترض السلام والأمن والاستقرار في اليمن، كما هو موضح في الآتي:

الطابع المتغير للتحديات في عام 2019:
- قتال الحوثيين مع حكومة اليمن، تشمل الجهات المشتعلة الحديدة وتعز والبيضاء ومأرب والجوف، وكان لهذا النزاع تأثير كبير على السكان.
- قتال الحوثيين مع قوات الساحل الغربي، وقوات الحزام الأمني، وعناصر المقاومة الجنوبية، ينحصر في الضالع وساحل البحر الأحمر، وكان تأثيره على المدنيين كبيراً.

- قتال الحوثيين مع التحالف، وهناك جبهتان: الحرب البرية على الحدود بين المملكة العربية السعودية واليمن، والحرب الجوية التي تشمل الغارات الجوية للتحالف، وهجمات الحوثيين على المملكة العربية السعودية، وكان للغارات الجوية للتحالف تأثير كبير على السكان المدنيين، وكان لهجمات الحوثيين في المملكة العربية السعودية تأثير أيضاً على المدنيين.

- قتال الحوثيين مع المعارضة القبلية في حجة وعمران وإب، وجرى القتال بصورة منقطعة منذ عام 2018م.
- اشتباكات قوات الحزام الأمني وقوات النخبة الشبوانية المنتسبة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي مع حكومة اليمن، في أعقاب الاشتباكات الوجيزة التي شهدتها عدن في عام 2018، وشهدت عتق في يونيو 2019، اشتباكات كبيرة ما بين 7 و29 أغسطس تقريباً بين قوات حكومة اليمن والقوات المنتسبة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن وأبين وشبوة.

- قتال اللواء الخامس والثلاثين وجماعة “أبو العباس” المسلحة مع قوات أخرى تابعة لحكومة اليمن في تعز.
- استمرار عمليات مكافحة الإرهاب ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية (تنظيم القاعدة في جزيرة العرب) وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (تنظيم الدولة الإسلامية) لم يظهر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وتنظيم الدولة الإسلامية أنهما يشكلان تهديداً كبيراً لليمن، وتشمل قوات مكافحة الإرهاب قوات النخبة الشبوانية وقوات الحزام الأمني وقوات النخبة الحضرمية، وبدرجة أقل، قوات حكومة اليمن، ويدعي الحوثيون أيضاً بأنهم يكافحون الإرهاب، ومع ذلك، قاموا بعمليات تبادل للأسرى مع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

- اشتباكات بين تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وتنظيم الدولة الإسلامية تنحصر في معظمها في قيفة بمحافظة البيضاء.
- نشوء المواجهات بسبب محاولات السيطرة على التجارة عبر الحدودية في المهرة، وأدت الحملة المشددة لمكافحة التهريب، بقيادة القوات الموالية للمملكة العربية السعودية، إلى رد فعل من عناصر قبلية بالقرب من الحدود، وكان الأثر المباشر لهذه العمليات صغيراً، إلا أن الفائدة المحتملة لمنع التهريب على طول الحدود مع عمان كبيرة.

- مستوى الدعم المقدم من جمهورية إيران الإسلامية إلى الحوثيين، حيث يتلقى الحوثيون الدعم السياسي والعسكري من جمهورية إيران الإسلامية، غير أن حجم هذا الدعم غير معروف.
- الترابط الظاهر بين النزاع في اليمن والحوادث التي تطال المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

قتال الحوثيين مع حكومة اليمن
باستثناء الزحف الكبير للقوات التابعة لتحالف دعم الشرعية في اليمن باتجاه الحديدة في أواخر عام 2018م لم تتغير كثيراً الأراضي التي سيطير عليها الحوثيون، ففي عام 2019، ظلت خطوط الجبهة ثابتة، بينما كرس الحوثيون معظم جهودهم العسكرية للمملكة العربية السعودية، واستمر التحالف في دعم حكومة اليمن في كفاحها ضد الحوثيين، بهدف معلن يتمثل في إعادة السلطة لحكومة اليمن، بيد أن التحالف أخفق في تحقيق هذا الهدف؛ بل وقوض أحياناً حكومة اليمن، وعموماً كان دعم التحالف للقوات النظامية لحكومة اليمن غير كاف، مما أدى إلى عجزت الحكومة عن القيام بعمليات عسكرية كبيرة.

وفي حين يستمر تدهور القدرات العسكرية لحكومة اليمن، وطد الحوثيون السيطرة على قواتهم وعلى القبائل الشمالية، ويظهر الحوثيون قوة قتالية موحدة قادرة على قمع المعارضة بطريقة وحشية، وهذه السلطة الكبيرة للحوثيين تعزى جزئياً إلى هياكلهم الاستخباراتية الراسخة، التي تشمل جهاز الأمن الوقائي، ومكتبا الأمن والاستخبارات، وجهاز الزينبيات، ويرد وصف هذه الأجهزة بحسب التقرير، في الآتي:

1 - جهاز الأمن الوقائي: وهو أكثر أجهزة المخابرات نفوذاً في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وقد برز بعد وفاة علي عبدالله صالح، ويعمل خارج هياكل الدولة، ويقدم تقاريره إلى عبدالملك الحوثي، وينصب تركيز هذا الجهاز على رصد حركة الحوثيين وحمايتها من التسلل، ومن مسئولياته الأخرى استعراض التقارير المقدمة من المشرفين الحوثيين، وكفالة عدم فرار المقاتلين من الجبهة والتدخل في حالة حدوث اشتباكات في أوساط المقاتلين الحوثيين وغيرها من المهام.

2 - مكتب الأمن والاستخبارات: وهو مكتب تم فيه دمج مكتب الأمن القومي ومكتب الأمن السياسي في مكتب جديد للأمن والاستخبارات، وتكمن مهمة هذا المكتب في البحث خارج حركة الحوثيين عن تهديدات محتملة.
3 - الزينبيات: تشكل الزينبيات، اللواتي يتم اختيار معظمهن من أسر هاشمية، جهازاً استخباراتياً موجهاً نحو النساء، وتشمل مسئوليات الزينبيات تفتيش النساء والمنازل وتلقين النساء أفكار الجماعة، وحفظ النظام في سجون النساء وغيرها.

قمع الحوثيين للمعارضة
أحد الأسباب الرئيسية لبقاء الحوثيين موحدين هو قمعهم للمعارضة في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وفي عام 2019م شمل هذا القمع معارضة القبائل ومعارضة الناشطات السياسيات.

قمع المعارضة القبلية
في الفترة ما بين يناير مارس 2019م، اشتبك الحوثيون مع بعض قبائل حجور في حجة، وأسفر ذلك عن استخدام أسلحة ثقيلة في مناطق مدنية، وعن تدمير منازل، وعن إلحاق خسائر فادحة بالقبائل، وعن عمليات احتجاز، وخلال المواجهة، قدم التحالف أسلحة وإمدادات إلى القبائل، وساعد بغارات جوية وبعد حصار دام شهرين، انتصر الحوثيون على القبائل في مارس 2019، وشهدت الأيام التي تلت نزوحاً كبيراً للمدنيين، وعمليات احتجاز واسعة النطاق، وبعض عمليات القتل خارج نطاق القضاء ومثلت هذه المواجهة أبرز حادث لمعارضة الحوثيين في عام 2019م داخل الأراضي الواقعة تحت سيطرتهم، وأبلغ أيضاً عن اشتباكات أخرى وعن عمليات قتل لزعماء قبائل في عمران وإب.
 
قمع النساء
في الأراضي الخاضعة للحوثيين، تستهدف النساء بشكل مباشر وغير مباشر عندما يعتبر أنهن يشكلن تهديداً لحكم الحوثيين، وقد وثق الفريق نمط قمع متزايد للنساء، وفي الحالات التي وثقها الفريق ومجموعها إحدى عشر حالة، تعرضت النساء للاعتقال، والاحتجاز، والضرب، والتعذيب أو الاعتداء الجنسي، بسبب انتماءاتهن السياسية أو مشاركتهن في أنشطة سياسية.. إلخ.

ويحقق الفريق، بحسب تقرير الخبراء المقدم إلى مجلس الأمن، في اشتراك مدير إدارة البحث الجنائي في صنعاء، سلطان زابن، فيما يتصل بتعذيب ناشطة سياسية في موقع تم تحديده، وكشف الفريق وجود شبكة واسعة تشارك في القمع السياسي تحت ستار الحد من البغاء، ويحقق الفريق أيضاً في اشتراك عبدالحكيم الخبواني، الذي أكد علناً العلاقة القوية القائمة بين وزارة الداخلية والنيابة العامة والسلطات القانونية في الاضطلاع بعمليات الاعتقال والاحتجاز.
ويرى الفريق أن القمع الوحشي للمعارضة القبلية والمعارضة السياسية قد يشكل تهديداً للسلام والأمن والاستقرار في اليمن.

تغيرات الوضع العسكري في المناطق الشرعية
1 - إعادة انتشار قوات الإمارات العربية المتحدة في اليمن:
خلال عام 2019م، قلصت الإمارات العربية المتحدة كثيراً عدد قواتها في إطار عملية إعادة انتشار نفذت على مرحلتين، وشملت المرحلة الأولى تخفيضاً كبيراً لعددها في يونيو ويوليو، إذ خفضته من بضعة ألف إلى بضع مئات من الجنود، لكنها أبقت على بعض الجنود لدعم الجماعات المسلحة التي كان البلد دربها وجهزها في الفترة ما بين 2015 و2019، أما المرحلة الثانية فنفذت في الأسبوع الأول من أكتوبر، حيث تركت وجوداً أدنى لقواتها في المخا، وعدن، وبلحاف، والريان، وسقطرى، وأجري هذا التخفيض إلى جانب التخفيض الكبير للقوات السودانية بعد إنشاء النظام الجديد في الخرطوم، وتم انسحاب الإمارات العربية المتحدة من عدن بتسليم قاعدتها في البريقة إلى قوات المملكة العربية السعودية عقب التوقيع على اتفاق الرياض في نوفمبر 2019م.

2 - التغييرات على مستوى قوات الساحل الغربي والحزام:
يرى الفريق أن قوات الساحل الغربي وقوات الحزام الأمني وقوات النخبة الحضرمية وقوات النخبة الشبوانية وكتائب “أبو العباس” هي جماعات مسلحة غير تابعة للدولة، وأفادت حكومة اليمن بأن قوات الحزام الأمني وقوات النخبة الشبوانية وقوات النخبة الحضرمية لم تكن منذ نشأتها تحت قيادة وسيطرتها.
ووفقاً للتقرير: “لاحظ الفريق وجود مقاتلين يمنيين على جانبي الحدود بين المملكة العربية السعودية واليمن يقاتلون تحت قيادة المملكة العربية السعودية لكن مع اختلاف في مركزهم حسب موقعهم”.

وبحسب التقرير، “شهدت هذه القوات تغييرات في الفترة ما بين يونيو، ونوفمبر 2019، وكان أبرزها انتساب قوات الحزام الأمني في عدن إلى المجلس الانتقالي الجنوبي في أغسطس، وإضافة إلى ذلك، تجزأت قوات النخبة الشبوانية وليس مستوى السيطرة الذي تمارسه مباشرة الإمارات العربية المتحدة على قادة قوات النخبة الشبوانية وقوات الحزام والأمني بواضح حالياً لكن الإمارات العربية المتحدة لا تزال قادرة على أن تمارس حداً أدنى من القيادة عن طريق المجلس الانتقالي الجنوبي، واستمرت التوترات بين قوات النخبة الشبوانية وقوات حكومة اليمن في شبوة وأبين حتى ديسمبر 2019م.

وفي 9 يونيو 2019، اتحد قادة قوات الساحل الغربي في هيكل قيادة مشتركة للقوات يضم نحو 11 من كبار القادة، بما في ذلك من ألوية العمالقة وألوية تهامة وألوية حراس الجمهورية، ولواء هيثم قاسم، وما زال يتعين معرفة ما إذا كان ذلك سيكفل توثيق التنسيق بين قوات كانت في السابق تتطلب إشراف الإمارات العربية المتحدة لكي تكون فعالة، وتستمر الانقسامات بين مختلف الجماعات، وقد امتنعت إلى حد كبير قوات الساحل الغربي الموالية للإمارات العربية المتحدة، بحسب التقرير، عن المشاركة في النزاع الدائر في الجنوب، وفي نوفمبر، جرت مناقشات في الرياض لإدماج بعض أفراد قوات الساحل الغربي كوحدات تابعة لحكومة اليمن.

الاشتباكات بين الحكومة وقوات الانتقالي
في 1 أغسطس 2019، قتل العميد منير اليافعي المعروف أيضاً باسم “أبو اليمامة”، إثر انفجار وقع في معسكر الجلاء بمنطقة البريقة، وادعى الحوثيون قيامهم بالهجوم، مشيرين إلى أنهم مزجوا في الهجوم بين طائرة مسيرة وقذيفة، بيد أن الفريق لم يتمكن من ملاحظة أي مؤشر يدل على هذا السلاح أو ذاك، وفي 7 أغسطس 2019، بعد وقوع حادث إطلاق نار والإبلاغ عن مقتل ثلاثة أشخاص ممن حضروا جنازة “أبو اليمامة” دعا نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، هاني علي سالم بن بريك، علناً إلى اقتحام القصر الرئاسي، ويرى الفريق أن بن بريك قام باستخدام سلطته بصفته نائب رئيس المجلس بتعبئة جماعات مسلحة من بينها قوات الحزام الأمني واستخدم القوة لاتخاذ إجراءات قوضت سيطرة حكومة اليمن وسلطتها في عدن وأبين.

وبعد سنوات من إضعاف قوات حكومة اليمن، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي في 10 أغسطس 2019، عقب أربعة أيام من المواجهات أنه يسيطر سيطرة كاملة على عدن، وهزمت قوات حكومة اليمن، بما فيها ألوية الحماية الرئاسية في عدن وطرد ما تبقى فيها من سلطات ضئيلة للرئيس هادي أما قوات الحزام الأمني التي كانت وفقاً لحكومة اليمن، تحت سيطرتها العملياتية حتى في يونيو 2019، فقد انتسبت إلى المجلس الانتقالي الجنوبي في 7 أغسطس 2019م.

واستمر الانتقالي في سعيه إلى السيطرة على الأراضي والظفر بالسيطرة العسكرية في أجزاء من أبين ولحج، وهي مناطق كانت قوات الحزام الأمني الإقليمية تحظى فيها بالفعل بوجود هام وبسيطرة كبيرة، ما أجبر حكومة اليمن على الاستسلام، وتم وقف تقدم المجلس في شبوة في الأسبوع الثالث من شهر أغسطس 2019 م، وأظهر القتال في عدن وعتق أنه على الرغم من ادعاء كلتا القوتين امتلاك القوام اللازم، لا يملك أي منهما القدرة على الاستمرار في عملية عسكرية طويلة.

وكانت هناك ثلاث نقاط تحول في النزاع الدائر بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة اليمن لها آثار أوسع نطاقاً، كانت الأولى هي المواجهات التي وقعت في شبوة، والتي كانت كبيرة مثل تلك التي وقعت في عدن، وقد أذعنت الجماعات الموالية للمجلس للقوات النظامية، أساساً بسبب تجرؤ قوات النخبة الشبوانية، وقرر اللواءان الثالث والسادس من قوات النخبة الشبوانية ألا يقاتلا إثر قرارات من قبائلهما، وهذا القرار أضر بالمجلس أكثر مما أضر بحكومة اليمن.

ووقعت أيضاً في شبوة مواجهات عسكرية خطيرة بين قوات النخبة الشبوانية وقوات حكومة اليمن في يونيو 2019، وكانت ربما تمهيداً لأحداث عدن، وقد تكون عززت تصميم القبائل على منع حالة تكرار، ومن الأسباب الممكنة الأخرى لرفض القبائل رفضها السماح بالتدخل الخارجي في سيطرتها على مناطق إنتاج النفط ونقله، وأظهرت معركة شبوة أن الجماعات المسلحة في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة اليمن أو التحالف ربما كانت لها ولاءات تقوم بالدرجة الأولى على توافر الموارد الاقتصادية وليس على طموحات انفصالية أو دعم مالي خارجي.

ووفقاً للتقرير، فإن نقطة التحول الثانية فكانت في 28، 29 أغسطس 2019 حينما شنت الإمارات العربية المتحدة غارات جوية على وحدات عسكرية تابعة لحكومة اليمن لاسترجاع السيطرة على عدن. وحالت هذه الغارات دون دخول قوات حكومة اليمن إلى عدن وخلقت ميزة عسكرية لصالح المجلس الانتقالي الجنوبي، وفي وقت لاحق، استعاد المجلس السيطرة على أبين.
أما نقطة التحول الثالثة، فكانت هي التوقيع على اتفاق الرياض فهذا الاتفاق زاد من تقويض سلطة حكومة اليمن على قواتها، إذ باتت قيادة التحالف تقوم بالإشراف المباشر على القرارات العسكرية وخلافاً للمرفق المتعلق بالترتيبات الأمنية، الذي يمنح وزارة الداخلية سلطة مستقلة الإشراف على قوات الأمن، فإن المرفق المتعلق بالترتيبات العسكرية يحد ويقوض بشدة سلطة حكومة اليمن وسيطرتها على إعادة تنظيم قواتها وأسلحتها ويبقى معرفة ما إذا كانت القرارات تفي هذا الصدد ستتخذ بالتشاور مع حكومة اليمن.

وهناك أيضاً خطر يتمثل في أن عناصر القوات النظامية سيقاومون إدماج المعارضين السابقين في وحداتهم العسكرية، على النحو المتوخى في الاتفاق، مثلاً في شبوة حيث انتصرت قوات حكومة اليمن، وهناك توترات متأصلة بين رغبة حكومة اليمن والمملكة العربية السعودية في إنشاء قوة موحدة تعمل تحت قيادة عسكرية موحدة وحقيقة أن الجماعات المسلحة الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي تحافظ على هواياتها القبلية ومصالحها المجتمعية.

القتال في تعز
في أعقاب الأحداث التي وقعت في عدن في أغسطس، وقعت سلسلة من الاشتباكات الخطيرة في صفوف قوات حكومة اليمن في تعز، منها القتال بين اللواء الخامس والثلاثين وقوات “أبو العباس” من ناحية اللواء الرابع مشاة جبلي المدعوم من قِبل جماعة الحشد الشعبي المسلحة (الموالية لحزب الإصلاح) من ناحية أخرى، وعكست هذه الأحداث التجزؤ في صفوف القوات المسلحة لحكومة اليمن، والتحديات التي تواجهها حكومة اليمن في السيطرة على قوتها.

عمليات مكافحة الإرهاب الجارية
طوال عام 2019م، واجه تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وتنظيم الدولة الإسلامية صعوبات في إيجاد موطئ قدم مع الاستمرار في المنافسة والمواجهة من أجل السيطرة على الأراضي والتجنيد، كما هو الحال في البيضاء على سبيل المثال، ويبدو أن أهمية استخدام اسم “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب”، تكمن إما في تبرير التهجم على معارض أو في اكتساب التأييد إثر عمليات لمكافحة الإرهاب.

وأبلغ بعض زعماء القبائل من البيضاء الفريق بأنهم يلجؤون أحياناً إلى الارتباط بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، لكنهم لا يقومون بذلك سوى لحماية أراضيهم من الحوثيين في غياب الدعم من حكومة اليمن، وأفادت مجتمعات محلية بمقاطعتين ريفيتين في البيضاء تلقت بعض الدعم العسكري من حكومة اليمن أنها تحتفظ بوضع دفاعي غير مريح يتسم بعدم كفاية الأسلحة ضد كل من الحوثيين وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب وتنظيم الدولة الإسلامية.

ويبذل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب جهوداً للتواصل مع المجتمعات المحلية المضيفة، بسبل منها التماهي مع قضايا معارضيه ففي رسالة صدرت في البيضاء، مثلاً وصف تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في محاولة لكسب التأييد انتهاكات زعم ارتكابها من قبل القوات الموالية للإمارات العربية المتحدة ضد القبائل، وحذر من أن قبائل البيضاء قد تعاني أيضاً نفس المصير، وعلى النقيض من ذلك حدد بعض القبائل تنظيم الدولة الإسلامية باعتباره أكثر اضطهاداً من الحوثيين أو من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

وكانت هناك عملية صد لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب وتنظيم الدولة الإسلامية، على النحو المبين:
- اعتقال بلال محمد علي الوافي (أبو الوليد) قائد تنظيم الدولة الإسلامية في تعز في تاريخ 18 مايو 2019م.
- اعتقال أبو أسامة المهاجر قائد تنظيم الدولة المهرة الإسلامية اليمن في 3 يونيو 2019م.
- اعتقال مجيد الصراري، معاون لأبي عبدالله مجهول المصري، من قِبل السلطات في صنعاء، والتي أكدت عملية الاعتقال في يونيو 2019م.
- اعتقال هاشم محسن عيدروس الحامد، ميسر تابع لتنظيم القاعدة شبوة في جزيرة العرب من قِبل النخبة الشبوانية في 17 أغسطس 2019م.

الصلات الخارجية مع الحوثيين
1 - العلاقة بين الحوثيين وإيران الإسلامية.
ما زال الموقف الإيراني الرسمي هو أن البلد يؤيد تنفيذ وقف لإطلاق النار يتم التوصل إليه بوساطة من الأمم المتحدة، وتقديم المساعدة الإنسانية وتشجيع إجراء حوار سلام بين اليمنيين، وفي أغسطس 2018، سمى الحوثيون إبراهيم محمد الديلمي ليكون سفيراً جديداً لليمن لدى جمهورية إيران الإسلامية، وفي 19 نوفمبر 2019، استقبل رئيس جمهورية إيران الإسلامية، حسن روحاني، رسمياً الديلمي بصفته سفيراً لليمن في خطوة تدعم الحوثيين في إقامة وجود دولي رسمي، وأفادت قوات حرس الثورة الإسلامية مؤخراً أنها تقتصر على توفير الدعم الاستشاري والأيديولوجي.

2 - الروابط بين النزاع وتزايد الهجمات في المنطقة.
أدى الهجوم على ناقلات النفط قبالة ساحل الفجيرة في الإمارات العربية المتحدة في 12 مايو إلى تزايد الشواغل الأمنية في خليج عمان، وبعد ذلك بيومين تم ضرب محطتي ضخ لخط الأنابيب السعودي شرق - غرب بطائرات مسيرة في هجوم جوي أعلن الحوثيون المسئولية عنه، وكانت هناك هجمات لاحقة على ناقلات في الخليج الفارسي في 13 يونيو، وشن هجوم آخر على منشآت نفطية في الشبية في 17 أغسطس، وفي ذلك اليوم، أعلن عبدالملك الحوثي أن الهجوم الذي شن في الشيبة هو إنذار للإمارات، مشيراً إلى أن أهدافاً داخل الإمارات أصبحت حالياً في مرمى الطائرات المسيرة للحوثيين، ويبدو أن هذه الأحداث قادت إلى الهجوم المنسق باستخدام طائرات مسيرة وقذائف انسيابية لضرب منشأتين نفطيتين في بقيق وخريص في 14 سبتمبر، وبعد ذلك بأقل من أسبوع وبالضبط في 20 سبتمبر، أفاد رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين، مهدي المشاط، بأن الحوثيين سيتوقفون عن إطلاق القذائف في اتجاه المملكة العربية السعودية إذا أعيد فتح مطار صنعاء وأتيحت إمكانية الوصول إلى الحديدة أمام وسال النقل البحري، وأعرب في الوقت نفسه عن تأييده لتنفيذ اتفاق ستوكهولم.

اتفاق الرياض
بعد الأحداث التي وقعت في عدن في أغسطس، دعت المملكة العربية السعودية مندوبي المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة اليمن إلى جدة لإجراء محادثات وشجعت الإمارات العربية المتحدة المجلس الانتقالي الجنوبي على المشاركة في هذه المحادثات ونتيجة لذلك، تم توقيع اتفاق الرياض في 5 نوفمبر 2019.
ويلاحظ الفريق أن كلاً من جمهورية إيران الإسلامية والحوثيين رفضا الاتفاق، مشيرين إلى أنه يجعل حكومة اليمن تحت وصاية المملكة العربية السعودية، ويقوض الاتفاق سلطة حكومة اليمن على قواتها النظامية، إذ باتت المملكة العربية السعودية تقوم حالياً بالإشراف المباشر على القرارات العسكرية التي لولا ذلك لكانت ضمن الصلاحية الحصرية لحكومة اليمن، ويلاحظ الفريق أنه على الرغم من أن الاتفاق خطوة محمودة في سياق درء مزيد من التصعيد فإن الجداول الزمنية فيه لم يتم الامتثال لها إلى حد كبير.

وإضافة إلى التقارب بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة اليمن، أجريت مناقشات مستمرة بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية، وحتى أكتوبر ونوفمبر كان هناك انخفاض كبير في الغارات الجوية للتحالف على اليمن، ولم يبلغ عن أية هجمات للحوثيين على المملكة العربية السعودية باستخدام قذائف أو طائرات مسيرة، وأفرج الحوثيون عن 290 سجيناً في 30 سبتمبر، وأفرج السعوديون عن 128 معتقلاً حوثياً في 28 ونوفمبر، وفي نوفمبر أيضاً سافر نائب وزير الدفاع في المملكة العربية السعودية خالد بن سلمان إلى مسقط، وقيل إن الهدف هو إجراء محادثات مباشرة أو غير مباشرة مع ممثلي الحوثيين ونظراً لأن كلاً من المملكة العربية السعودية والحوثيين يفيدان علناً الآن بأنهما يجريان مناقشات هناك إمكانية متاحة للطرفين لفتح طريق نحو السلام.

اقتصاد اليمن الهش
إن العلاقة الاقتصادية القوية لليمن مع الدول المجاورة له أساسية لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في اليمن، ومن العوامل الرئيسية في هذه العلاقة العمالة المهاجرة والتحويلات المالية فقبل النزاع كان إجمالي الدخل المقدر المتأتي من التحويلات يبلغ 3.35 بليون دولار، وكانت نسبة 90 في المائة منه تأتي إلى اليمن من مجلس التعاون الخليجي ومن الإجمالي كانت نسبة 61.5 في المائة تأتي من المملكة العربية السعودية، وتدفقات التحويلات أكبر من تدفقات المعونة فتدفقات المعونة تتراوح بين بليونين وأربعة بلايين دولار، وتقدم الجهات المانحة الخليجية معظم هذا المبلغ.

ويعتبر أن تدفقات التحويلات إلى اليمن ظلت مستقرة نسبياً على الرغم من أن وسائل تحويل الأموال متباينة، وهذا التباين إلى جانب التحول من المصارف وشركات الصرافة الكبيرة إلى شبكات غير رسمية لتحويل الأموال، يجعل من الصعب رصد التحويلات، وليست خصائص ظروف العمالة المهاجرة بسيطة وإدراكاً للمشاكل التي تواجه اليمنيين، منحت سلطات المملكة العربية السعودية، في أبريل 2015م، عفواً لليمنيين غير الموثقين العاملين في البلد، وأتاحت لهم إمكانية الحصول على تأشيرات يمكن تجديدها كل ستة أشهر، بيد أن زيادات لاحقة للرسوم السنوية المتعلقة بالمعالين والتصاريح وقرارات تتعلق بسعودة الوظائف داخل كل قطاع من القطاعات لها آثار سلبية على تحويلات المغتربين وبات كل مهاجر قانوني يدفع حالياً رسوماً سنوية تناهز 25000 دولار.

غداً تواصل «الأيام» نشر ما تبقى من التقرير، في المجالات الأخرى وتشمل الجانبين الاقتصادي والحقوقي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى