يمنيون بالخارج ينفضون غبار الحرب عن بلدهم

>

اليمن جميل، هكذا كان قبل سنوات النزاع الذي أجّجه الحوثيون فانتشرت الصور السلبية عن بلد كان يسمى البلدَ السعيد، لذلك يحاول بعض الشباب اليوم تعريف العالم بجمال اليمن وتراثه وحضارته وإبراز كل الجماليات التي اشتهر بها.

بعيدا عن أوجاع الحرب وآلام الصراع، وخلافا للعديد من الأخبار المأساوية المتوالية في اليمن، ظهرت مبادرة شبابية فريدة ذات مضمون جمالي مميّز، هدفت إلى تعريف العالم بجمال اليمن وتراثه وحضارته وإبراز كل الجماليات التي تزدهر بها البلاد التي تعاني من أسوأ الأزمات للعام السادس على التوالي.

“كذا كان اليمن” باللهجة المحلية أو (هكذا كان اليمن)، مبادرة ظهرت مؤخرا أطلقها شباب أصرّوا على إظهار بلادهم بمظهر آخر يختلف عمّا يعرض في العديد من وسائل الإعلام المحلية والدولية التي اكتظت بأخبار القصص السلبية.

وتعد هذه المبادرة منصة فنية تهدف إلى تصحيح الصورة النمطية عن اليمن، وإلى تكوين قاعدة بيانات كبيرة تكون بمثابة المرجع لتوثيق قصص الناس والأماكن التاريخية غير المشهورة، والموروث الثقافي القديم، لتكون في متناول الجمهور العربي والأجنبي، كما يقول رئيس المبادرة الشاب أحمد الهجري.

يحكي الهجري بفخر عن مبادرته التي قال إن بدايتها كانت عن طريق إنتاجه فيلما قصيرا عن اليمن، تم بثه في مهرجان بجامعته في ماليزيا حيث حظي باهتمام وردود أفعال مميزة من قبل الجمهور الذي تأثر كثيرا بمضمونه، فيما بكى البعض تأثّرا بمشاهده.

ويوضّح الهجري “الفيلم كان يتحدث عن الجانب الجميل من تاريخنا اليمني بأسلوب قصصي لطيف”، مشيرا إلى أن ذلك كان النواة والبذرة الأولى في عمل شيء لا يزيد على فيلم قصير.

كانت الأفكار المطروحة حينها كثيرة بهدف خلق مشروع جمالي يخدم اليمن؛ لكن في الأخير كان القرار بإقامة منصة متخصصة في أرشفة التاريخ والموروث اليمني القديم التي تمثلت في مبادرة “كذا كان اليمن”، حسب الهجري. والهجري شاب يقيم حاليا في كوالالمبور، وهو صانع أفلام ومصور، ويدرس الإعلام الإلكتروني.

يواصل الشاب اليمني سرد قصة تأسيس المبادرة بأنه مطلع العام 2019 أطلق نداء على حسابه الشخصي في موقع إنستغرام للعمل تحت مشروع تطوعي لتوثيق التاريخ والحياة الثقافية في اليمن.

كان هذا النداء لافتا وأتى أكله، حيث تفاعل معه مجموعة من الشباب من عدة دول، وتم اختيار بعضهم بناء على مبدأ الكفاءة. هكذا بيّن الهجري الذي أضاف “إن طاقم هذه

المبادرة مكون من 15 شخصا موزعين على عدة بلدان منها اليمن وماليزيا وهولندا والإمارات وقطر ومصر، وقسمت المهام على عدة فرق هي ‘فريق المصادر وفريق الكتابة وفريق الترجمة وفريق المونتاج والتصميم والرسم’، وكلها تعمل من أجل الهدف الشامل لهذه المبادرة الرامية إلى التعريف بجماليات اليمن”.

يشكو الهجري من الصورة النمطية الخاطئة عن اليمن والتي انتشرت بسبب ظروف الحرب، ويشير إلى أن معظم محركات البحث تتضافر لتشكل صورة سلبية عن البلاد، فيما الحال نفسه يكون في المجالس الاجتماعية.

ويستدرك الهجري “لكن نعتقد أن هناك الكثير من الجمال الذي نستطيع مشاركته مع الآخرين، فليس الهدف المكوث في الماضي، بل الاستبصار به ليعيننا على بناء الحاضر للارتقاء من أجل المستقبل”.

ويضيف أن لهذه المبادرة عدة أحلام حيث تسعى إلى الوصول لأوسع نطاق ممكن من الجمهور، وذلك باعتماد اللغتين العربية والإنجليزية، بالإضافة إلى نشر ثقافة الفن والاطلاع على الموروث الشعبي القديم.

وبقول الهجري أيضا، إن المبادرة اتخذت عدة وسائل لتحقيق أهدافها الجمالية، كمواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت وموقعها الإلكتروني، إضافة إلى المعارض التي تقيمها بين وقت وآخر.

وحول الدافع الأكبر لقيامهم بإنشاء هذه المبادرة يقول الهجري “الناس في فترة الحرب محتاجون لأي رسالة أو أي بصيص أمل للتمسك به… ماضي اليمن كان في طياته الكثير من القصص الملهمة لنا كيمنيين وغير يمنيين… لنا تاريخنا وموروثنا غني وغني جداً، فأغلب الناس في الفترة الحالية محتاجون لشيء يخاطبهم ويلامسهم بشكل أو بآخر”.

و يتابع “لدينا شعراء وفنانون وأسماء برزت في عدة مجالات، لكن نجهل أشياء كثيرة عنهم، فالدافع الكبير لنا هو رسالة للاستبصار في الماضي وأخذ الفائدة من الزمن الذهبي لإكمال السير على نفس النهج الفني والأدبي والثقافي الذي كان عليه اليمن في ذلك الوقت”.


وحول مدى نجاح  هذه المبادرة يشرح الهجري، “هناك الكثير من الأشخاص، خصوصا غير اليمنيين، أو اليمنيين المولودين في الخارج الذين لا يعرفون بلادهم جيدا، تصل منهم رسائل يحكون فيها كيف أفادتهم منصة المبادرة، وأنهم عرفوا عن اليمن أشياء جمالية ومهمة لم يكونوا على معرفة بها، وهو الأمر الذي حبّبهم كثيرا بالبلد”.

ولفت إلى رسائل وصلته من بعض الجمهور يقولون فيها كانت لديهم أفكار خاطئة ومغلوطة عن اليمن، وقد صححت هذه المبادرة مثل تلك المفاهيم السلبية.

ويؤكد الهجري أنه وأعضاء مبادرته حاولوا خلال الفترة الماضية استهداف أكبر شريحة من الناس من خلال اعتماد اللغتين العربية والإنجليزية، بحيث تلامس القصص قلوبهم باختلاف توجهاتهم وأعراقهم.

وإضافة إلى الأفلام ومواقع التواصل، تعمل المبادرة، على إنتاج القصص بشكل مبسط، إضافة إلى كتابة مقالات متخصصة عن اليمن، إضافة إلى إقامة المعارض الفنية والثقافية.

وقال، إن أول معرض رسم للمبادرة أقيم بالعاصمة صنعاء في أغسطس من العام الماضي، وقبله كانت هناك مشاركات في ماليزيا ضمن فعاليات ثقافية وفنية، فيما تعمل المبادرة حالياً على إقامة معرضين فنيين الأول في ماليزيا والثاني في قطر.

ويقول الهجري، “نأمل أن نكون بمثابة أرشيف ومرجع لكل القصص التاريخية وجمعها في مكان واحد، بالإضافة إلى إنتاج مجموعة من الأفلام والكتب المهتمة بالتاريخ والفن اليمني القديم”. ويعبر الهجري عن أمله بأن تحصل المبادرة على دعم خلال الفترة المقبلة لساعدة الفريق للعمل على أفكار كثيرة يرغبون في تنفيذها، غير أن غياب الدعم المالي الكفيل بإنجاز تلك الأفكار يعيقهم.

ويعبر الناشط اليمني عن أمله بأن تصل فكرة المبادرة لأكبر شريحة من الناس، وأن يعود الفن والثقافة للساحة من جديد.

وفي رسالته لليمنيين والجمهور الخارجي أفاد الهجري “في بلادنا الكثير من الجماليات والصفات التي تميزنا عن غيرنا… لدينا من الشعراء والأدباء والفنانين والشخصيات التي أحدثت تغييرا كبيرا.

العرب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى