اتجاهات الاقتصاد العالمي لما بعد جائحة كورونا

> لقد أدت الأزمة العالمية التي حدثت في عام 2008م، إلى إحداث هزة كبيرة في الاقتصاد العالمي والتي يعاني منها الكثير من اقتصاديات الدول وخصوصاً في مجال الديون ومنها شركات الزومبي والتي تستثمر بالديون والفروض.

 وبلغ حجم دين تلك الدول في العقدين الماضيين ما يقارب 250 ترليون دولار وهو ما يعادل ثلاث مرات حجم الاقتصاد العالمي وهو ما يمثل عبئاً بمبلغ 35 ألف دولار لكل شخص في العالم، والتي إلى حد هذه اللحظة لم يستطع العالم تجاوزها حتى يتفاجأ الاقتصاد بضربة جديدة أشد فتكاً من الأولى.

تفشي فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم والذي تحاول الدول الاستعداد له وجندت كل السبل والإمكانيات من أجل محاربة تفشيه وسواء أكان هذه الفيروس من قبيل الحرب البيولوجية بين الاقطاب الاقتصادية أو هو مرض كسائر الأمراض، فإنه قد أربك وأحدث صدمة قوية للاقتصاد بشكل عام ولم يستثن دولة.

فعلى إثره توقفت المصانع والأعمال وخطوط الإنتاج وشركات النقل والمعاملات البنكية وخسرت أسواق البورصة المليارات وانخفضت أسعار النفط والطاقة وأصبح الاقتصاد العالمي يترنح وفي شلل تام أشبه بالتوقف الكامل.

 الكثير من الشركات ستتوقف أعمالها نهائياً وستعلن إفلاسها وذلك نتيجة لعدم قدرتها على سداد ديونها والتزاماتها وخصوصاً إذا كان رأس مالها يعتمد على القروض أو الأسهم والتي ستنخفض قيمتها إلى أدنى حد لها، حيث يؤدي عدم السداد إلى انهيار الكثير من المصارف، كما أن حركة التداول شبه متوقفة والذي بدورة أثر على السيولة المتداولة في الأسواق والذي بموجب ذلك قام البنك الفيدرالي الأمريكي بدعم السوق بمليارات الدولارات.

حدث استقرار نسبي ومؤقت في سوق الصرافة، ولكن هذا الاستقرار سرعان ما سينهار إذا استمر هذا الوباء في الانتشار واستمرت حالة الاستنفار العالمية.

ولهذه الأزمة بالطبع نتائج كارثية وسيكون لها أثر على جميع المستويات الاقتصادية والسياسية والمجتمعية والبيئية وسيعاد تشكل التحالفات السياسية والاقتصادية وسيؤدي أيضاً إلى انكماش وكساد وستنهار على إثره عملات عالمية وسينخفض الطلب الكلي وخصوصاً على الكماليات كما ستنخفض صادرات بعض الدول ومنها الصين ولكن سرعان ما تستعيد عافيتها وذلك لأنها قد قامت من قبل بالتخلص من شركات الديون والقروض مقدماً.

كما أن الحكومة الصينية من المتوقع، أن تشتري أسهم الشركات والاستثمارات الأجنبية والذي كانت تستحوذ على جزء كبير من الاقتصاد الصيني، وسيتراجع اقتصاد دول شرق آسيا بشكل ملحوظ، وسيلجأ الكثير من المستثمرين إلى شراء الذهب وحفظة بدلاً من الاستثمار وهذا بدوره، سيؤدي إلى خفض التداول النقدي في الفترة القادمة.

سيصبح الطلب على السيولة كبير وستكون هناك أزمة سيولة حادة جداً وخصوصاً انه ستظهر عملات عالمية جديدة تتنافس الدولار والذي سيفقد الكثير من هيمنته نتيجة الصراع الاقتصادي الحالي والذي من المتوقع أن يعود إلى قبل عام 90م مع ظهور قطب ثالث بشكل ملفت للنظر مع أن توقع الخبراء الاقتصاديين في العالم لا ينظر إلى هذه النقطة بشكل قوي.

سيكون هناك نظام مالي عالمي جديد لم تتضح معالمه بعد، ولكن قد تكون فيه أسعار الفائدة في حد أدنى لها وقد تكون صفر أو قد يكون رفع سعر الفائدة إلى مستويات عالية والتخلص من الشركات التي تعتمد على القروض والديوان وخصوصاً في أمريكا الذي بلغ فيها مستوى الديون في قطاع الشركات إلى 75 % من الناتج المحلي الإجمالي .

الاقتصاد الأمريكي سيخسر الكثير إلا إذا قامت أمريكا بتوقيع اتفاق خفي مع الدول المصدرة للنفط، من خلاله سيتم استقرار أسعار الطاقة.

وكذلك الدول الأوروبية والتي من المتوقع أن يتصدع اتحادها وستخرج منها الكثير من الدول وخصوصاً إيطاليا والتي رفعت علم الصين بدلاً من علم الاتحاد الأوروبي وكذلك صربيا والذي قام رئيسها بتقبيل العلم الصيني ثم فرنسا.

سيزيد الطلب على التكنولوجيا بشكل كبير جداً وسيسعى الكثير من الموظفين الذين لهم أهمية كبيرة في إدارة الأعمال إلى العمل عن بعد من منازلهم، وذلك نتيجة القلق الذي سيتزايد يوماً بعد يوم وخصوصاً إذا اتضح الأمر أن هذه الحرب بيولوجية بين الاقطاب المتصارعة، وبالنسبة للدول العربية ستتأثر سلباً وإيجاباً مع ما يحدث عالمياً كما هي العادة ما عدا المملكة العربية السعودية والتي سيكون لها دور في المرحلة القادمة نتيجة لما تمتلكه من مخزون نفطي هائل.

وستستمر الأزمة لعدد من السنوات القادمة ولن تتعافى الدول إلا بالتعاون وتكاتف الدول المهيمنة فيما بينها لأن الحرب مستقبلاً لن تكون بالرصاص، بل بيولوجية والتي من خلالها سيتم التخلص بالملايين من سكان العالم وما هذا الفيروس إلا تجربة بسيطة جداً لما هو قادم.

*باحث دكتوراه في المحاسبة بكلية التجارة جامعة المنصورة - جمهورية مصر العربية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى