> تقرير/ وئام نجيب
- مسلسل الإهمال والتقاعس يسيطر على المشهد العام في مستشفيات عدن العامة والخاصة.. من السبب؟ ومن المسؤول؟
- وزارة الصحة: إحالة ملفات تقاعس وإهمال المستشفيات للنيابة العامة
- مدير مستشفى الصداقة: وزارة الصحة والمحافظة هما المسؤولان عن رفض استقبال المستشفيات للمرضى
ما إن ترى طفلك أو قريبك يموت أمام عيناك في اليوم مائة مرة، وأنت عاجز عن إنقاذه فذلك شعور لا يوصف، تتنقل فيه بين المستشفيات العامة والخاصة، والتي بات لا فرق بينهما، فلا خدمات ولا رعاية طبية، بعد أن شهدنا فيها حوادث تدمع لها القلوب، وراح ضحيتها ثلاث حالات خلال الأسبوع الماضي، بعد أن تخلى عدد من أطبائها عن إنقاذ حالات تصارع الموت؛ لخشيتهم من أن تكون مصابة بفيروس كورونا.
الموضوع بحاجة لتحرك جاد من قِبل وزارة الصحة والسكان والمحافظة والأجهزة القضائية، ما لم فستكون هنالك العديد من الضحايا.
الحالات بحاجة ماسة لوقفة ضمير ممن يطلقون على أنفسهم ملائكة الرحمة.
رحلة وجع
الضحية الأولى وهي التي نالت نصيباً كبيراً من الانتقادات وتعاطف المواطنين بعد أن قامت ممرضة بمستشفى الصداقة متجردة من الإنسانية والأخلاق بنشر فيديو يوضح مدى ألم وصعوبة الحالة الصحية للطفلة جواهر عبدالله عادل ذات الأربع سنوات من أبناء يافع مديرية سرار، يتحدث لـ«الأيام» علي شيخ السوري (جد الطفلة)، والذي كان مرافقاً لها في رحلة البحث عن ما ينقذ حياة حفيدته التي كانت تختنق في كل لحظة.

وتابع حديثه لـ«الأيام»: "بداية رحلة عذابنا كانت في الثاني والعشرين من الشهر المنصرم بعد الظهر عند تحويل الطفلة من مستشفى الرازي في محافظة أبين إلى مستشفى الصداقة التعليمي في الشيخ عثمان بعدن، وتم وضعها في قسم العناية المركزة وعملوا لها أكسجين، وانتزعوا منها جهاز التنفس الصناعي، وفيها تعرضت الطفلة للإهمال المتعمد"، منوهاً بأن "الممرضين فيها طلاب ولا خبرة لديهم، وفي اليوم التالي عملت الطبيبة في مستشفى الصداقة على إحالة الطفلة لمستشفى الألماني، واستقبلتها المستشفى بقسم الطوارئ، وأجرت لها أكسجين وفحوصات، وقالوا بأن حالة الطفلة الصحية بحاجة إلى ترقيد في العناية المركزة ولا يوجد لديهم سرير فاضٍ، وبعد يوم واحد نقلناها لمستشفى الريادة، وأيضاً استقبلوها بالطوارئ وأجروا لها أكسجين ولم يدخلوها العناية المركزة بحجة الازدحام على القسم".
وأضاف جد الطفلة: "وبنفس اليوم أدخلناها مستشفى ماب في خط التسعين، وأفادوا بأنهم مستشفى جديد ويخلو من الأجهزة الطبية، ومن ثم أحلناها لمستشفى خليج عدن، وأدخلوها للطوارئ، وأجروا لها إسعافات أولية، وقالوا استخرج ملف ترقيد في العناية المركزة، وبعد أن استخرجت الملف، أخبروني بأنه لا يوجد سرير متاح في العناية، ودفعنا ذلك للانتقال بها لمستشفى الجمهورية التعليمي، حيث تم رفض استقبال الطفلة".

وتابع: "وفي مساء ذات اليوم اتجهنا لعيادة طبيب اختصاصي بالمنصورة، وبعد الكشف على الطفلة أكد لنا الطبيب بأنها تشكو من ربو وتحسس بحاجة ملحة إلى ترقيد في عناية مركزة، وفي 25 الشهر ذاته اتجهنا لمستشفى صابر، وشهادة لله لم يقصروا معنا، وقدموا العناية للطفلة في قسم الطوارئ، ونقلتها سيارة إسعاف خاصة بالمستشفى إلى مستشفى الوالي، وفيه وضعوا الطفلة بالطوارئ، وأجريت لها الإسعافات الأولية، وكشف عليها طبيب الطوارئ، حيث أفاد بأنها بحاجة إلى أجراء فحوصات وتمديد في العناية المركزة، وقالوا إن لديهم ضغطاً في قسم العناية ولم يمكنهم استقبالها، في ذات اللحظة تواصلوا معنا أفراد من الترصد الوبائي وأخبرونا بأنه سيجري نقلنا إلى المحجر الصحي في مستشفى الأمل في مديرية البريقة، وفي مساء اليوم ذاته أتت إلينا سيارة مجهزة بأكسجين، ونقلونا إلى محجر الأمل، واستقبلونا حراسة البوابة، وأفادوا بأن المحجر غير مجهز، ولا يوجد فيه أحد، ومن ثم نقلنا الطفلة لمستشفى بيبي في المصافي حيث تم وضعها في قسم الطوارئ وقدموا لها الرعاية اللازمة، وبعد ذلك أتت إلينا منظمة الصحة العالمية، وأخذت عينة من الطفلة، وتبين من نتيجة الفحص بعدم إصابة الطفلة بأية فيروسات، وعلى ضوء ذلك اتجهنا لمستشفى الألماني في 26 مارس، وقبلوا الطفلة وأدخلوها العناية المركزة بناءً على نتيجة فحص منظمة الصحة العالمية، وبعد أن تم الكشف عليها من قِبل الطبيب أفاد بأنه في حال كانت الطفلة مصابة بفيروس كورونا فلم تحصل لها كل هذه المضاعفات، فبسبب التأخير ضاعفت لديها الأمراض، وتلفت معظم أجزاء جسمها، والتنفس لديها كان صفراً، وتعتمد بشكل كلي على جهاز التنفس الصناعي، وفي 28 الشهر ذاته توفت الطفلة في الساعة الثامنة ليلا.

نفي واستنكار
وبتنهيدة طويلة قال علي شيخ السوري (جد الطفلة): "طفلتي غابت ابتسامتها عن الدنيا وذاقت ألم ما لا يحتمله البشر، بعد أن تنقلتُ بها برحلة البحث عن التنفس، وكانت تموت أمامي في كل لحظة مع أنني قد قدمت للمستشفيات كافة التقارير الطبية التي تؤكد إصابتها بربو حاد وتحسس منذ أكثر من عام، ومع ذلك رفضت استقبالها، وعبر «الأيام» أنفي مزاعم وزارة الصحة بقيامها على المتابعة أو التواصل معنا، فلم تجرِ أية متابعة للحالة الصحية لحفيدتي قبل الوفاة أو بعدها، وتكمن معاناتنا في نشر مقطع فيديو لطفلتي، والتي زعم بإصابتها بفيروس كورونا، وكان سبباً رئيسياً في الإهمال وتقاعس المستشفيات العامة والخاصة ومع ذلك فقد تكبدنا مبلغ وقدره مليون وسبعمائة ريال يمني دون جدوى".
وطالب جد الطفلة في حديثه "بتطبيق أقصى العقوبة على ممرضة مستشفى الصداقة المتسببة في نشر مقطع الفيديو، وأحمل وزارة الصحة المسؤولية الكاملة في ضياع أرواح فلذات أكبادنا، ورفعت بلاغ إلى النائب العام بعد أن فقدنا الثقة بمكتب الصحة ووزارة الصحة".
تأخير إنقاذ انتهى بوفاة
ولم يمر سوى يومان إلا وظهرت ضحية أخرى، والتي وافتها المنية بسبب التأخر في إنقاذ حياتها في تاريخ الـ 30 من الشهر المنصرم، وهي الطفلة هناء محمد هاشم (7 أعوام) من أبناء مديرية الشيخ عثمان بعدن.

وبحسب ما يرويه والد الطفلة الضحية لـ«الأيام» قال: "كانت هناء تلعب في فترة العصر وبعد ذلك أخبرت والدتها بأنها تشعر بألم في بطنها مصحوباً ذلك بتقيؤ وإسهال، أسعفتها إلى مختبر قريب وأجريت لها فحص دم، وتبيّن بأنها تشكو من ملاريا بشكل بسيط، وتم إعطاؤها ثلاث حقن للملاريا في أيام متتالية، كانت ابنتي تسير على قدميها، وعدت بها للمنزل، وبعد ذلك بأيام قليلة تضاعفت حالتها وهبط ضغطها كونها كانت لا تأكل، وفي يوم الـ 30 من الشهر المنصرم فقدت وعيها وأسعفتها لمستشفى الصداقة في قسم الطوارئ؛ حيث عملوا لها دريباً، وأفادوا بأن ضغطها منخفض، ولابد من ترقيدها في قسم العناية المركزة، وبعد أن قطعت ورقة لنقلها للعناية أفادني أحد الأطباء بأن الأطباء في المستشفى مضربون، وقال لي أنقلها لمستشفى السعيدي، وبالفعل نقلتها وحملتها بين ذراعي وهي فاقدة للوعي، وفيه قالوا لي بأن المستشفى يخلو من وجود جهاز التنفس ولا يوجد سرير متاح في العناية المركزة، ومن ثم نقلتها لمستشفى الألماني، وأيضاً قالوا لي بأنه لا يوجد جهاز تنفس لديهم، ومن ثم ذهبت بها إلى مستشفيات عدة: البريهي، الوالي والجمهورية ورفضوا استقبالها، واستمرت رحلة البحث عن ما ينقد حياة فلذة كبدي ست ساعات، وآخر المطاف نقلت طفلتي لمستشفى خليج عدن، وما أن وصلت فيها إلا وكانت قاطعة للنفس وتم فحصها والكشف عليها، وأجروا لها اللازم من إنعاش القلب، وبعد لحظات قليلة، أخبرني الأطباء بأنها فارقت الحياة".

ونوّه والد هناء والحسرة تكاد تخنق أنفاسه بالقول: "توفت ابنتي بسبب التأخير، ومن هنا أطالب بمحاسبة وزير الصحة وعلى أن يتم محاسبة الأطباء المضربين وكافة المتسببين، كما أناشد الأجهزة القضائية بإغلاق المستشفيات الخاصة لطالما وأنها ترفض استقبال الحالات المرضية، فلذات أكبادنا يذهبون ضحية الاستهتار والإهمال المتعمد".
تهرب من تقديم الخدمة
أم سالم سمير (35 عاما) من أبناء المدينة الخضراء.. انتظرت مولودها بفارغ الصبر، وكانت تعد الأشهر والليالي منتظرةً بذلك شهرها التاسع كي يأتي موعداً تضع فيه مولودها، ولكن انتهت القصة بوفاتها ليلحق بها جنينها بعد أيام قليلة، ضحية أخرى للتقاعس وغياب الضمير الإنساني للمستشفيات بعدن، يروي لنا قريبها صدام طاهر تفاصيل المأساة بالقول: "في السابع والعشرين الشهر الماضي شعرت ابنة عمي بتشنجات وضيق تنفس علماً وهي حامل في شهرها التاسع، استدعى ذلك نقلها إلى مستشفى الوالي، وقالوا إنه لا يوجد لديهم قسم للنساء والولادة، ورفضوا قبولها إلى أن أتيت بنفسي وأدخلتها، وحينما شاهد الطاقم الطبي حالتها هرب بمعية المرضى، دفعنا ذلك إلى مغادرة المستشفى ونقلها إلى مستشفى آخر، وتم رفضنا من قِبل مستشفيات: النقيب، الصداقة، الألماني ومستوصف النور، دون رأفة بحالها وصعوبة حالتها".
وأضاف: "وبنفس اليوم توجهنا إلى مستوصف سيف في المنصورة، وقبلت الإدارة استقبالها شريطة استدعائهم لطبيبة على حسابنا الشخصي، وبالفعل أتت الطبيبة، وعاينت الحالة، واستدعت حالتها لعمل عملية قيصرية، والتي لم تستغرق أكثر من نصف ساعة، ووضعت جنينها، ومن ثَمّ نقلها إلى غرفة العناية المركزة ووضع الجنين الذي أسميناه (طاهر) في الحضانة، وتبيّن بعد الكشف عليه بأنه يعاني من ضيق تنفس، وقالت الطبيبة بأن حالة الطفل الصحية سيئة بسبب تأخر إجراء العملية، كما تبيّن من فحص الأم بأنها كانت تشكو من فشل كلوي وتشنجات حمل، وأتينا بأطباء من خارج المستشفى، وبقيت في العناية المركزة حتى توفت في مساء اليوم التالي".
وأردف قائلاً: "وبعد وفاة الأم أفاد لنا مستوصف سيف بنقل الجنين إلى مستشفى آخر، وبالفعل انتقلنا به إلى مستشفى الألماني بعد التنسيق معهم، وأدخلناه إلى الحضانة، وكان يعيش بواسطة الأكسجين، وبسبب سوء الحالة الصحية للجنين فارق الحياة في الثاني من أبريل الجاري، وكانت قد بلغت تكاليف الحضانة 50 ألف ريال في اليوم الواحد، ناهيك عن الإتيان بحقن التشنجات من خارج المستشفى، وتكاليف علاج المتوفاة تقدر بمبلغ مليون وأربعمائة ريال يمني، فقد بعنا ممتلكاتنا لسداد تلك التكاليف الباهظة، كون مستشفى الصداقة رفض استقبال الطفل في حضانة المستشفى مثلما رفضت استقبال والدته".
في الختام وجه حديثه إلى وزارة الصحة والسكان بأن "يعمل على افتتاح المستشفيات الحكومية وإلزام الأطباء على الحضور والتواجد دون تقاعس في معالجة حياة المرضى، خاصةً وأن في السابق كان مستشفى الصداقة التعليمي يصنف من أفضل المستشفيات عنايةً ورعاية بالأمومة والطفولة، فيما الآن فهو صفر في مختلف النواحي"، مضيفاً "لم نعد نرغب بمستشفيات القطاع الخاص التي أصبحت عبارة عن تجارة دون رعاية، نعلم بأن الأعمار بيد الله؛ ولكننا نريد إيصال مدى تقاعس وإهمال المؤسسات الصحية في البلد، والتي تكاد أن تكون غائبة بشكل تام".
إحالة للنيابة العامة
وصرحت لـ«الأيام» مدير عام مستشفى الصداقة التعليمي بعدن، د. وفاء ذهبلي: "نقدم كافة الرعاية اللازمة للقادمين إلينا، ولكن الخطأ الوحيد هو في عملية تصوير الطفلة جواهر ونشره، ومن قام بذلك هي ممرضة متطوعة لدينا، وقد تم إيقافها عن العمل وتجميد مستحقاتها المالية، وإحالة الملف للنيابة العامة، وأنوّه بأن جد الطفلة هو من طلب خروجها على مسؤوليته الكاملة، وبقيت لدينا في العناية المركزة لمدة 24 ساعة فقط".
وأضافت: "فيما يخص رفض المستشفيات استقبال الحالات المرضية لأي سبب كان فهذه جريمة بكل المقاييس، المسؤولية هنا مشتركة، بيد أن قبل انتشار موضوع فيروس كورونا في البلد عُقد اجتماع في وزارة الصحة وحضر كافة مدراء المستشفيات الخاصة، وأقروا بضرورة عمل الإجراءات الاحترازية في استقبال الحالات".
وأشارت إلى أن "الناس يجهزون لفيروس كورونا والذي لم يصل للبلد بعد، في الوقت الذي يموت فيه عدد من المواطنين نتيجة إصابتهم بحمى الضنك والملاريا ولم يكترث لهم أحد، وبالنسبة لي فإنني اتخذت إجراءات احترازية بالمستشفى بحسب الإمكانات المتوفرة لدينا، مع أن هناك معدات وأدوية وقائية من الفيروس اختفت من الأسواق؛ ولكن وزارة الصحة لم تعمل على الرقابة والتفتيش".
ونوّهت بالقول: "مستشفى الصداقة شبه خاوٍ من الكادر الطبي والتمريضي، وبعد دخول الطفلة جواهر توقفوا عن العمل لمدة أسبوع عن العمل لخشيتهم من إصابتها بكورونا، وهؤلاء أطباء غير أساسيين، ولا يمكنني اتخاذ أي إجراء ضدهم، وفي السابق طرقت أبواب وزارة الصحة لرفدنا بأطباء ولكن لا استجابة".
وفي ختام حديثها قالت: "أحمل المسؤولية قيادة وزارة الصحة والمحافظة في التهرب من تقديم الخدمة الطبية للمرضى".
أمر معيب
يتحدث لـ«الأيام» مدير عام الخدمات الطبية في وزارة الصحة والسكان بعدن، د. عبدالرقيب محرز، حيث قال: "مشكلتنا تكمن في أن المستشفيات رفضت التعامل مع الطفلة جواهر واستقبالها؛ لاشتباههم بإصابتها بفيروس كورونا، ومن منطلق عملنا فقد تابعنا الموضوع في 22 مارس، ووجهنا بنقل الطفلة إلى المحجر الصحي في مستشفى الأمل، وبالفعل تواصلنا معهم وأفادوا بأنه لا يتوفر لديهم جهاز تنفس صناعي، ومن ثم اشترينا الجهاز بـ 22 ألف دولار لنقله مع الطفلة للمحجر الصحي بسيارة الإسعاف، ثم وصلنا للمحجر وكان غير مجهز ومغلق وفيه الحراسة فقط، من ثم نقلناها إلى مستشفى بيبي في المصافي بمديرية البريقة وتم استقبالها هناك وعملوا لها اللازم، وفي اليوم التالي أتى أفراد من الترصد الوبائي وأخذوا منها عينة للمختبر المركزي في مستشفى الجمهورية، وتبيّن بأن الطفلة تخلو من فيروس كورونا، وعلى ضوء ذلك تم نقلها للمستشفى الألماني، وتبيّن بأنه تشكو من ربوٍ حاد، وتم تمديدها في قسم العناية المركزة، وبعد أيام قليلة فارقت الحياة، وبعد أن أثار موضوع نشر مقطع فيديو الطفلة وهي في العناية المركزة بمستشفى الصداقة قمنا بالنزول للمستشفى للمتابعة، وما هي الإجراءات التي اتخذت منذ دخول الطفلة للمستشفى، وبعد متابعتنا للموضوع تبيّن بأن الطفلة تم ترقيدها لمدة يوم واحد في مستشفى الصداقة، وتم خروجها بناءً على طلب جد الطفلة بعد أن شعر بأن الأطباء في المستشفى متخوفون من الحالة، ولم يقدموا إليها الرعاية اللازمة خاصة بأن إدارة المستشفى لا يوجد لديهم مركز عزل للتعامل مع الحالة كحالة اشتباه بالفيروس، وخطأ كبير أن تغادر الطفلة مستشفى الصداقة كونه خاصاً بالأطفال، وأؤكد بأن خصوصية المريض وتصويره أمر معيب وخالٍ من الإنسانية".
"لم نتسلم أي بلاغ"
وتابع مدير عام الخدمات الطبية في وزارة الصحة والسكان بعدن: "وبالنسبة لموضوع الطفلة هناء محمد هاشم، والمرأة أم سالم، فلم نتسلم أي بلاغ بشأن ذلك"، منوهاً "من هنا فإنني أحث ذويهم إلى تقديم بلاغات إلى مكتب الصحة ونسخة لوزارة الصحة، وستتخذ الإجراءات اللازمة بشأن المتسببين، وإن ثبت تقاعس وإهمال مستشفيات حكومية أم خاصة فسوف تتم محاسبة المستشفيات، وستُحال إلى النيابة العامة وتتخذ قرارات رادعة أبرزها تغيير إدارات في المستشفيات الحكومية، ويمكن لمكتب الصحة القيام بذلك الإجراء، أما بالنسبة للمستشفيات الخاصة فقد يصل الأمر إلى إغلاقها من قِبل النيابة العامة متى ما ثبت ذلك".
وتابع: "أما تأخرنا في إنشاء المحاجر الصحية يعود إلى أننا لم نجد مواقع لإنشائها، وللأسف فإن المجتمع قد يقتل نفسه كونه يسهم في عملية تأخير الإنشاء، وأما عن الموضوع التوعوي وجهوزية المستشفيات فالكل فينا مسؤول".
تساؤل
وفي الأخير تدفعني متابعتي لهذه الأحداث لطرح هذا التساؤل.. على فرض وأن أُصيب فرد في عدن - لا قدر الله - بفيروس كورونا، هل ستكون الإجراءات الطبية المتخذة بحقه هي الرعب والفرار منه حتى يعود إلى المجتمع لينقل العدوى إلى المئات خلال دقائق؟! وحينها هل سيكون الحل هو الفرار منهم جميعاً؟ ففي هذه الحالة فلا عجب من أن يصيب جميع الناس في عدن بكورونا.
- وزارة الصحة: إحالة ملفات تقاعس وإهمال المستشفيات للنيابة العامة
- مدير مستشفى الصداقة: وزارة الصحة والمحافظة هما المسؤولان عن رفض استقبال المستشفيات للمرضى
ما إن ترى طفلك أو قريبك يموت أمام عيناك في اليوم مائة مرة، وأنت عاجز عن إنقاذه فذلك شعور لا يوصف، تتنقل فيه بين المستشفيات العامة والخاصة، والتي بات لا فرق بينهما، فلا خدمات ولا رعاية طبية، بعد أن شهدنا فيها حوادث تدمع لها القلوب، وراح ضحيتها ثلاث حالات خلال الأسبوع الماضي، بعد أن تخلى عدد من أطبائها عن إنقاذ حالات تصارع الموت؛ لخشيتهم من أن تكون مصابة بفيروس كورونا.
الموضوع بحاجة لتحرك جاد من قِبل وزارة الصحة والسكان والمحافظة والأجهزة القضائية، ما لم فستكون هنالك العديد من الضحايا.
الحالات بحاجة ماسة لوقفة ضمير ممن يطلقون على أنفسهم ملائكة الرحمة.
«الأيام» تناولت هذا الملف الشائك، وخرجت للحصيلة التالية..
الضحية الأولى وهي التي نالت نصيباً كبيراً من الانتقادات وتعاطف المواطنين بعد أن قامت ممرضة بمستشفى الصداقة متجردة من الإنسانية والأخلاق بنشر فيديو يوضح مدى ألم وصعوبة الحالة الصحية للطفلة جواهر عبدالله عادل ذات الأربع سنوات من أبناء يافع مديرية سرار، يتحدث لـ«الأيام» علي شيخ السوري (جد الطفلة)، والذي كان مرافقاً لها في رحلة البحث عن ما ينقذ حياة حفيدته التي كانت تختنق في كل لحظة.

الطفلة جواهر عبدالله
وتابع حديثه لـ«الأيام»: "بداية رحلة عذابنا كانت في الثاني والعشرين من الشهر المنصرم بعد الظهر عند تحويل الطفلة من مستشفى الرازي في محافظة أبين إلى مستشفى الصداقة التعليمي في الشيخ عثمان بعدن، وتم وضعها في قسم العناية المركزة وعملوا لها أكسجين، وانتزعوا منها جهاز التنفس الصناعي، وفيها تعرضت الطفلة للإهمال المتعمد"، منوهاً بأن "الممرضين فيها طلاب ولا خبرة لديهم، وفي اليوم التالي عملت الطبيبة في مستشفى الصداقة على إحالة الطفلة لمستشفى الألماني، واستقبلتها المستشفى بقسم الطوارئ، وأجرت لها أكسجين وفحوصات، وقالوا بأن حالة الطفلة الصحية بحاجة إلى ترقيد في العناية المركزة ولا يوجد لديهم سرير فاضٍ، وبعد يوم واحد نقلناها لمستشفى الريادة، وأيضاً استقبلوها بالطوارئ وأجروا لها أكسجين ولم يدخلوها العناية المركزة بحجة الازدحام على القسم".
وأضاف جد الطفلة: "وبنفس اليوم أدخلناها مستشفى ماب في خط التسعين، وأفادوا بأنهم مستشفى جديد ويخلو من الأجهزة الطبية، ومن ثم أحلناها لمستشفى خليج عدن، وأدخلوها للطوارئ، وأجروا لها إسعافات أولية، وقالوا استخرج ملف ترقيد في العناية المركزة، وبعد أن استخرجت الملف، أخبروني بأنه لا يوجد سرير متاح في العناية، ودفعنا ذلك للانتقال بها لمستشفى الجمهورية التعليمي، حيث تم رفض استقبال الطفلة".

تقرير منظمة الصحة العالمية الذي يؤكد خلو الطفلة جواهر من كورونا
وتابع: "وفي مساء ذات اليوم اتجهنا لعيادة طبيب اختصاصي بالمنصورة، وبعد الكشف على الطفلة أكد لنا الطبيب بأنها تشكو من ربو وتحسس بحاجة ملحة إلى ترقيد في عناية مركزة، وفي 25 الشهر ذاته اتجهنا لمستشفى صابر، وشهادة لله لم يقصروا معنا، وقدموا العناية للطفلة في قسم الطوارئ، ونقلتها سيارة إسعاف خاصة بالمستشفى إلى مستشفى الوالي، وفيه وضعوا الطفلة بالطوارئ، وأجريت لها الإسعافات الأولية، وكشف عليها طبيب الطوارئ، حيث أفاد بأنها بحاجة إلى أجراء فحوصات وتمديد في العناية المركزة، وقالوا إن لديهم ضغطاً في قسم العناية ولم يمكنهم استقبالها، في ذات اللحظة تواصلوا معنا أفراد من الترصد الوبائي وأخبرونا بأنه سيجري نقلنا إلى المحجر الصحي في مستشفى الأمل في مديرية البريقة، وفي مساء اليوم ذاته أتت إلينا سيارة مجهزة بأكسجين، ونقلونا إلى محجر الأمل، واستقبلونا حراسة البوابة، وأفادوا بأن المحجر غير مجهز، ولا يوجد فيه أحد، ومن ثم نقلنا الطفلة لمستشفى بيبي في المصافي حيث تم وضعها في قسم الطوارئ وقدموا لها الرعاية اللازمة، وبعد ذلك أتت إلينا منظمة الصحة العالمية، وأخذت عينة من الطفلة، وتبين من نتيجة الفحص بعدم إصابة الطفلة بأية فيروسات، وعلى ضوء ذلك اتجهنا لمستشفى الألماني في 26 مارس، وقبلوا الطفلة وأدخلوها العناية المركزة بناءً على نتيجة فحص منظمة الصحة العالمية، وبعد أن تم الكشف عليها من قِبل الطبيب أفاد بأنه في حال كانت الطفلة مصابة بفيروس كورونا فلم تحصل لها كل هذه المضاعفات، فبسبب التأخير ضاعفت لديها الأمراض، وتلفت معظم أجزاء جسمها، والتنفس لديها كان صفراً، وتعتمد بشكل كلي على جهاز التنفس الصناعي، وفي 28 الشهر ذاته توفت الطفلة في الساعة الثامنة ليلا.

نتيجة فحص الطفلة جواهر
نفي واستنكار
وبتنهيدة طويلة قال علي شيخ السوري (جد الطفلة): "طفلتي غابت ابتسامتها عن الدنيا وذاقت ألم ما لا يحتمله البشر، بعد أن تنقلتُ بها برحلة البحث عن التنفس، وكانت تموت أمامي في كل لحظة مع أنني قد قدمت للمستشفيات كافة التقارير الطبية التي تؤكد إصابتها بربو حاد وتحسس منذ أكثر من عام، ومع ذلك رفضت استقبالها، وعبر «الأيام» أنفي مزاعم وزارة الصحة بقيامها على المتابعة أو التواصل معنا، فلم تجرِ أية متابعة للحالة الصحية لحفيدتي قبل الوفاة أو بعدها، وتكمن معاناتنا في نشر مقطع فيديو لطفلتي، والتي زعم بإصابتها بفيروس كورونا، وكان سبباً رئيسياً في الإهمال وتقاعس المستشفيات العامة والخاصة ومع ذلك فقد تكبدنا مبلغ وقدره مليون وسبعمائة ريال يمني دون جدوى".
وطالب جد الطفلة في حديثه "بتطبيق أقصى العقوبة على ممرضة مستشفى الصداقة المتسببة في نشر مقطع الفيديو، وأحمل وزارة الصحة المسؤولية الكاملة في ضياع أرواح فلذات أكبادنا، ورفعت بلاغ إلى النائب العام بعد أن فقدنا الثقة بمكتب الصحة ووزارة الصحة".
تأخير إنقاذ انتهى بوفاة
ولم يمر سوى يومان إلا وظهرت ضحية أخرى، والتي وافتها المنية بسبب التأخر في إنقاذ حياتها في تاريخ الـ 30 من الشهر المنصرم، وهي الطفلة هناء محمد هاشم (7 أعوام) من أبناء مديرية الشيخ عثمان بعدن.

الطفلة هناء محمد
وبحسب ما يرويه والد الطفلة الضحية لـ«الأيام» قال: "كانت هناء تلعب في فترة العصر وبعد ذلك أخبرت والدتها بأنها تشعر بألم في بطنها مصحوباً ذلك بتقيؤ وإسهال، أسعفتها إلى مختبر قريب وأجريت لها فحص دم، وتبيّن بأنها تشكو من ملاريا بشكل بسيط، وتم إعطاؤها ثلاث حقن للملاريا في أيام متتالية، كانت ابنتي تسير على قدميها، وعدت بها للمنزل، وبعد ذلك بأيام قليلة تضاعفت حالتها وهبط ضغطها كونها كانت لا تأكل، وفي يوم الـ 30 من الشهر المنصرم فقدت وعيها وأسعفتها لمستشفى الصداقة في قسم الطوارئ؛ حيث عملوا لها دريباً، وأفادوا بأن ضغطها منخفض، ولابد من ترقيدها في قسم العناية المركزة، وبعد أن قطعت ورقة لنقلها للعناية أفادني أحد الأطباء بأن الأطباء في المستشفى مضربون، وقال لي أنقلها لمستشفى السعيدي، وبالفعل نقلتها وحملتها بين ذراعي وهي فاقدة للوعي، وفيه قالوا لي بأن المستشفى يخلو من وجود جهاز التنفس ولا يوجد سرير متاح في العناية المركزة، ومن ثم نقلتها لمستشفى الألماني، وأيضاً قالوا لي بأنه لا يوجد جهاز تنفس لديهم، ومن ثم ذهبت بها إلى مستشفيات عدة: البريهي، الوالي والجمهورية ورفضوا استقبالها، واستمرت رحلة البحث عن ما ينقد حياة فلذة كبدي ست ساعات، وآخر المطاف نقلت طفلتي لمستشفى خليج عدن، وما أن وصلت فيها إلا وكانت قاطعة للنفس وتم فحصها والكشف عليها، وأجروا لها اللازم من إنعاش القلب، وبعد لحظات قليلة، أخبرني الأطباء بأنها فارقت الحياة".

نتيجة فحص الطفلة هناء التي تؤكد اصابتها بملاريا
ونوّه والد هناء والحسرة تكاد تخنق أنفاسه بالقول: "توفت ابنتي بسبب التأخير، ومن هنا أطالب بمحاسبة وزير الصحة وعلى أن يتم محاسبة الأطباء المضربين وكافة المتسببين، كما أناشد الأجهزة القضائية بإغلاق المستشفيات الخاصة لطالما وأنها ترفض استقبال الحالات المرضية، فلذات أكبادنا يذهبون ضحية الاستهتار والإهمال المتعمد".
تهرب من تقديم الخدمة
أم سالم سمير (35 عاما) من أبناء المدينة الخضراء.. انتظرت مولودها بفارغ الصبر، وكانت تعد الأشهر والليالي منتظرةً بذلك شهرها التاسع كي يأتي موعداً تضع فيه مولودها، ولكن انتهت القصة بوفاتها ليلحق بها جنينها بعد أيام قليلة، ضحية أخرى للتقاعس وغياب الضمير الإنساني للمستشفيات بعدن، يروي لنا قريبها صدام طاهر تفاصيل المأساة بالقول: "في السابع والعشرين الشهر الماضي شعرت ابنة عمي بتشنجات وضيق تنفس علماً وهي حامل في شهرها التاسع، استدعى ذلك نقلها إلى مستشفى الوالي، وقالوا إنه لا يوجد لديهم قسم للنساء والولادة، ورفضوا قبولها إلى أن أتيت بنفسي وأدخلتها، وحينما شاهد الطاقم الطبي حالتها هرب بمعية المرضى، دفعنا ذلك إلى مغادرة المستشفى ونقلها إلى مستشفى آخر، وتم رفضنا من قِبل مستشفيات: النقيب، الصداقة، الألماني ومستوصف النور، دون رأفة بحالها وصعوبة حالتها".
وأضاف: "وبنفس اليوم توجهنا إلى مستوصف سيف في المنصورة، وقبلت الإدارة استقبالها شريطة استدعائهم لطبيبة على حسابنا الشخصي، وبالفعل أتت الطبيبة، وعاينت الحالة، واستدعت حالتها لعمل عملية قيصرية، والتي لم تستغرق أكثر من نصف ساعة، ووضعت جنينها، ومن ثَمّ نقلها إلى غرفة العناية المركزة ووضع الجنين الذي أسميناه (طاهر) في الحضانة، وتبيّن بعد الكشف عليه بأنه يعاني من ضيق تنفس، وقالت الطبيبة بأن حالة الطفل الصحية سيئة بسبب تأخر إجراء العملية، كما تبيّن من فحص الأم بأنها كانت تشكو من فشل كلوي وتشنجات حمل، وأتينا بأطباء من خارج المستشفى، وبقيت في العناية المركزة حتى توفت في مساء اليوم التالي".
وأردف قائلاً: "وبعد وفاة الأم أفاد لنا مستوصف سيف بنقل الجنين إلى مستشفى آخر، وبالفعل انتقلنا به إلى مستشفى الألماني بعد التنسيق معهم، وأدخلناه إلى الحضانة، وكان يعيش بواسطة الأكسجين، وبسبب سوء الحالة الصحية للجنين فارق الحياة في الثاني من أبريل الجاري، وكانت قد بلغت تكاليف الحضانة 50 ألف ريال في اليوم الواحد، ناهيك عن الإتيان بحقن التشنجات من خارج المستشفى، وتكاليف علاج المتوفاة تقدر بمبلغ مليون وأربعمائة ريال يمني، فقد بعنا ممتلكاتنا لسداد تلك التكاليف الباهظة، كون مستشفى الصداقة رفض استقبال الطفل في حضانة المستشفى مثلما رفضت استقبال والدته".
في الختام وجه حديثه إلى وزارة الصحة والسكان بأن "يعمل على افتتاح المستشفيات الحكومية وإلزام الأطباء على الحضور والتواجد دون تقاعس في معالجة حياة المرضى، خاصةً وأن في السابق كان مستشفى الصداقة التعليمي يصنف من أفضل المستشفيات عنايةً ورعاية بالأمومة والطفولة، فيما الآن فهو صفر في مختلف النواحي"، مضيفاً "لم نعد نرغب بمستشفيات القطاع الخاص التي أصبحت عبارة عن تجارة دون رعاية، نعلم بأن الأعمار بيد الله؛ ولكننا نريد إيصال مدى تقاعس وإهمال المؤسسات الصحية في البلد، والتي تكاد أن تكون غائبة بشكل تام".
إحالة للنيابة العامة
وصرحت لـ«الأيام» مدير عام مستشفى الصداقة التعليمي بعدن، د. وفاء ذهبلي: "نقدم كافة الرعاية اللازمة للقادمين إلينا، ولكن الخطأ الوحيد هو في عملية تصوير الطفلة جواهر ونشره، ومن قام بذلك هي ممرضة متطوعة لدينا، وقد تم إيقافها عن العمل وتجميد مستحقاتها المالية، وإحالة الملف للنيابة العامة، وأنوّه بأن جد الطفلة هو من طلب خروجها على مسؤوليته الكاملة، وبقيت لدينا في العناية المركزة لمدة 24 ساعة فقط".
وأضافت: "فيما يخص رفض المستشفيات استقبال الحالات المرضية لأي سبب كان فهذه جريمة بكل المقاييس، المسؤولية هنا مشتركة، بيد أن قبل انتشار موضوع فيروس كورونا في البلد عُقد اجتماع في وزارة الصحة وحضر كافة مدراء المستشفيات الخاصة، وأقروا بضرورة عمل الإجراءات الاحترازية في استقبال الحالات".
وأشارت إلى أن "الناس يجهزون لفيروس كورونا والذي لم يصل للبلد بعد، في الوقت الذي يموت فيه عدد من المواطنين نتيجة إصابتهم بحمى الضنك والملاريا ولم يكترث لهم أحد، وبالنسبة لي فإنني اتخذت إجراءات احترازية بالمستشفى بحسب الإمكانات المتوفرة لدينا، مع أن هناك معدات وأدوية وقائية من الفيروس اختفت من الأسواق؛ ولكن وزارة الصحة لم تعمل على الرقابة والتفتيش".
ونوّهت بالقول: "مستشفى الصداقة شبه خاوٍ من الكادر الطبي والتمريضي، وبعد دخول الطفلة جواهر توقفوا عن العمل لمدة أسبوع عن العمل لخشيتهم من إصابتها بكورونا، وهؤلاء أطباء غير أساسيين، ولا يمكنني اتخاذ أي إجراء ضدهم، وفي السابق طرقت أبواب وزارة الصحة لرفدنا بأطباء ولكن لا استجابة".
وفي ختام حديثها قالت: "أحمل المسؤولية قيادة وزارة الصحة والمحافظة في التهرب من تقديم الخدمة الطبية للمرضى".
أمر معيب
يتحدث لـ«الأيام» مدير عام الخدمات الطبية في وزارة الصحة والسكان بعدن، د. عبدالرقيب محرز، حيث قال: "مشكلتنا تكمن في أن المستشفيات رفضت التعامل مع الطفلة جواهر واستقبالها؛ لاشتباههم بإصابتها بفيروس كورونا، ومن منطلق عملنا فقد تابعنا الموضوع في 22 مارس، ووجهنا بنقل الطفلة إلى المحجر الصحي في مستشفى الأمل، وبالفعل تواصلنا معهم وأفادوا بأنه لا يتوفر لديهم جهاز تنفس صناعي، ومن ثم اشترينا الجهاز بـ 22 ألف دولار لنقله مع الطفلة للمحجر الصحي بسيارة الإسعاف، ثم وصلنا للمحجر وكان غير مجهز ومغلق وفيه الحراسة فقط، من ثم نقلناها إلى مستشفى بيبي في المصافي بمديرية البريقة وتم استقبالها هناك وعملوا لها اللازم، وفي اليوم التالي أتى أفراد من الترصد الوبائي وأخذوا منها عينة للمختبر المركزي في مستشفى الجمهورية، وتبيّن بأن الطفلة تخلو من فيروس كورونا، وعلى ضوء ذلك تم نقلها للمستشفى الألماني، وتبيّن بأنه تشكو من ربوٍ حاد، وتم تمديدها في قسم العناية المركزة، وبعد أيام قليلة فارقت الحياة، وبعد أن أثار موضوع نشر مقطع فيديو الطفلة وهي في العناية المركزة بمستشفى الصداقة قمنا بالنزول للمستشفى للمتابعة، وما هي الإجراءات التي اتخذت منذ دخول الطفلة للمستشفى، وبعد متابعتنا للموضوع تبيّن بأن الطفلة تم ترقيدها لمدة يوم واحد في مستشفى الصداقة، وتم خروجها بناءً على طلب جد الطفلة بعد أن شعر بأن الأطباء في المستشفى متخوفون من الحالة، ولم يقدموا إليها الرعاية اللازمة خاصة بأن إدارة المستشفى لا يوجد لديهم مركز عزل للتعامل مع الحالة كحالة اشتباه بالفيروس، وخطأ كبير أن تغادر الطفلة مستشفى الصداقة كونه خاصاً بالأطفال، وأؤكد بأن خصوصية المريض وتصويره أمر معيب وخالٍ من الإنسانية".
"لم نتسلم أي بلاغ"
وتابع مدير عام الخدمات الطبية في وزارة الصحة والسكان بعدن: "وبالنسبة لموضوع الطفلة هناء محمد هاشم، والمرأة أم سالم، فلم نتسلم أي بلاغ بشأن ذلك"، منوهاً "من هنا فإنني أحث ذويهم إلى تقديم بلاغات إلى مكتب الصحة ونسخة لوزارة الصحة، وستتخذ الإجراءات اللازمة بشأن المتسببين، وإن ثبت تقاعس وإهمال مستشفيات حكومية أم خاصة فسوف تتم محاسبة المستشفيات، وستُحال إلى النيابة العامة وتتخذ قرارات رادعة أبرزها تغيير إدارات في المستشفيات الحكومية، ويمكن لمكتب الصحة القيام بذلك الإجراء، أما بالنسبة للمستشفيات الخاصة فقد يصل الأمر إلى إغلاقها من قِبل النيابة العامة متى ما ثبت ذلك".
وتابع: "أما تأخرنا في إنشاء المحاجر الصحية يعود إلى أننا لم نجد مواقع لإنشائها، وللأسف فإن المجتمع قد يقتل نفسه كونه يسهم في عملية تأخير الإنشاء، وأما عن الموضوع التوعوي وجهوزية المستشفيات فالكل فينا مسؤول".
تساؤل
وفي الأخير تدفعني متابعتي لهذه الأحداث لطرح هذا التساؤل.. على فرض وأن أُصيب فرد في عدن - لا قدر الله - بفيروس كورونا، هل ستكون الإجراءات الطبية المتخذة بحقه هي الرعب والفرار منه حتى يعود إلى المجتمع لينقل العدوى إلى المئات خلال دقائق؟! وحينها هل سيكون الحل هو الفرار منهم جميعاً؟ ففي هذه الحالة فلا عجب من أن يصيب جميع الناس في عدن بكورونا.