عمر البشير الدكتاتور المعزول يواجه ساعة الحساب "سيرة"

> الخرطوم «الأيام» أ ف ب

> بعد عام على الإطاحة به، لا يزال على عمر البشير أن يواجه وقت الحساب على ما اقترفه طوال 30 عاما أمضاها في السلطة التي وصل اليها عبر انقلاب عسكري عام 1989.

وقمع الدكتاتور السابق البالغ من العمر 76 عاما والمحتجز في سجن كوبر بالخرطوم حيث كان سجن كل خصومه من قبل، كل المعارضين طوال ثلاثة عقود حكم فيها البلاد.

وعلى مدى عقد كامل، تجاهل الرئيس السوداني عمر البشير مذكرات التوقيف الدولية الصادرة بحقه بعد اتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في إقليم دارفور، وتنقل خارج بلاده في تحد واضح للمحكمة الجنائية الدولية.

ولكن أربعة أشهر من الاحتجاجات الشعبية العارمة أنهت حكم البشير فيما وافقت الحكومة السودانية الحالية على أن يمثل أمام المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبته على دوره في نزاع دارفور.

ففي فبراير، أعلن المجلس السيادي السوداني الذي تشكّل عقب الإطاحة بالبشير لتولي حكم البلاد لفترة انتقالية أنه سيسلّم الرئيس السابق وثلاثة أشخاص آخرين إلى المحكمة الجنائية الدولية التي تلاحقهم بتهم جرائم ارتكبت في إقليم دارفور المضطرب منذ عام 2003.

وانتقل البشير، أطول الرؤساء الأفارقة مدة في الحكم، خلال سنواته الثلاثين في السلطة بين عسكري وإسلامي الى مطلوب أمام المحكمة الجنائية الدولية.

واشتهر البشير برقصاته وتلويحه بالعصا خلال مخاطبته انصاره. واحتفظ بعادته تلك حتى أيامه الأخيرة في السلطة.

وقد تحدى احتجاجات الشارع المتزايدة في الأشهر التي سبقت الإطاحة به. ولم يحسم مصير البشير الذي جاء الى السلطة في انقلاب دعمه الإسلاميون في 1989، إلا عندما تدخل الجيش لإسقاطه.

على مدى سنوات، أثبت البشير قدرته على البقاء على الساحة السياسية، وتجاوز العديد من التحديات الداخلية.

وكان يتميز بنزعته الشعبوية، ويصر على البقاء قريبا من الحشود ويخاطبهم باللهجة المحلية.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية عام 2009 مذكرة توقيف بحقه لاتهامه بارتكاب "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية" في دارفور .

في 2010، دانته المحكمة الجنائية بارتكاب "إبادة" في هذا الاقليم الغربي في السودان.

خطوات دبلوماسية

ورغم مذكرة التوقيف الصادرة بحقه، سافر البشير من دون أن يأبه بشيء، الى دول عدة في إفريقيا وخارجها، فزار روسيا والصين.

وقبل أيام من اندلاع الاحتجاجات، زار دمشق للقاء الرئيس السوري بشار الأسد، وليصبح أول رئيس عربي يزور الأسد منذ اندلاع النزاع السوري في 2011.

في السودان، استضاف البشير في 2018 محادثات بين زعماء جنوب السودان وساعد في التوصل الى اتفاق سلام أولي بعد خمس سنوات من النزاع المحتدم في البلد الناشئ.

ولد عمر حسن البشير المتزوج من امرأتين من دون أن يكون له أولاد، عام 1944 في قرية حوش بانقا الصغيرة على مسافة حوالى 200 كلم إلى شمال الخرطوم، في أسرة فقيرة من المزارعين.

وينتمي إلى قبيلة البديرية الدهمشية، إحدى القبائل الأكثر نفوذا في البلد.

دخل في سن مبكرة الكلية الحربية في مصر، وترقى في المناصب ثم انضم إلى فوج المظليين، وشارك في حرب 1973 بين العرب وإسرائيل إلى جانب الجيش المصري.

في 30 يونيو 1989، قاد انقلابا أطاح بحكومة الصادق المهدي المنتخبة ديموقراطيا، ودعمته حينها الجبهة الإسلامية القومية بقيادة حسن الترابي.

وتحت تأثير الترابي، وضع البشير السودان الذي كان مشرذما بين عدد كبير من القبائل ومنقسما بين شمال ذي غالبية مسلمة وجنوب يسكنه مسيحيون، على سكة الإسلام المتطرف.

وأصبحت الخرطوم حينذاك مركزا للتيار الإسلامي الدولي واستقبلت بصورة خاصة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، إلى أن طردته عام 1996 بضغط الولايات المتحدة.

في نهاية التسعينات، ابتعد البشير عن الترابي وانفصل عن الإسلام المتطرف سعيا لتحسين علاقاته مع خصومه وجيرانه.

ويقول الخبير في الشؤون الإفريقية مارك لافيرنيه، مدير الأبحاث في "المركز الوطني للبحث العلمي" الفرنسي، إن "البشير اكتسب مهارة مع الوقت، تعلم كيف يمارس السلطة، ولم يكن في البداية شخصية بارزة".

واستفاد البشير في ذروة سلطته من العائدات النفطية وأحكم قبضته على البلد.

وبعدما ظل البشير لفترة طويلة حليفا لإيران التي ساعدته على تشكيل جهازه الأمني، حاول الانتقال إلى معسكر السعودية، خصمها الإقليمي الأكبر، معتبرا أنها ستكون حليفة أفضل بعد صدمة "الربيع العربي" عام 2011.

واعترف البشير بالحصول على 90 مليون دولار من القادة السعوديين. وتمحورت محاكمته بالفساد على مبلغ 25 مليون دولار تلقاها من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وأيدت محكمة استئناف في السودان الأربعاء حكما بإيداع الرئيس السوداني عمر البشير في مؤسسة إصلاحية لمدة عامين.

ويواجه البشير كذلك في السودان تهما أخرى تتعلق بمقتل متظاهرين والانقلاب الذي أتى به الى السلطة في 1989.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى