عملية زراعة عضو نادرة بعدن تنقذ طفلة بعدما قرر الأطباء بتر أصبعها

> تقرير/ فردوس العلمي

>
- الخضر: عودة نمو الظفر داخل لحم البطن معجزة
- كيف عاشت الطفلة سجى وأصبعها مزروعة في بطنها لمدة ثلاثة أسابيع؟

تمكن د. الخضر محمد الخضر، اختصاصي العظام، من زراعة أصبع الطفلة سجى (10 سنوات) التي فقدتها في معركة "رغوة الغسالة" التي خاضتها سجى دون أن يكون في حسبانها أن تفقد أصبعها التي تسللت إلى بطن الغسالة لتداعب رغوتها الجذابة المخادعة.
وكان الأطباء قد نصحوا سجى وأبويها بضرورة بتر الأصبع، لكن مهارة الطبيب الخضر أصرت على الانتصار لسجى في معركتها بإعادة زرع الأصبع، على أن التربة الزراعية التي بذر فيها أصبع سجى لتنبت من جديد كانت هي بطن سجى ذاتها.

مرت ثلاثة أسابيع على بذر الأصبع التي زرعها الطبيب الحضر في أنسجة بطن سجى، وكانت أثقل أيام مرت على سجى وأبويها وأختها الصغرى، وكل حركة خاطئة تقدم عليها الطفلة سجى سيكلفها محصول أصبعها المزروع في بطنها، وبالألم نفسه يعاد زراعة اللحم الذي فقدته.
الجرح على إصبع الطفلة سجى قبل خضوعها للعملية
الجرح على إصبع الطفلة سجى قبل خضوعها للعملية

أصل الحكاية
كانت سجى تلعب في منزل جدتها حين شاهدت رغوة الصابون في الغسالة، وشدها ذلك المنظر مدفوعاً بفضول الطفولة، تقول الطفلة سجى: أغرتني الرغوة وجذبت يدي لمداعبتها والتقاط بعض منها حين كانت تبدو أمامي كسحب السماء".
لم تشعر سجى أن الغسالة تدور في اتجاه واحد وقالت: "انسحبت يدى إلى الداخل وكنت أحاول سحب يدى وشدها بالاتجاه المعاكس لدوران الغسالة، فكانت النتيجة فقدان جزء من أصبعي".

ولازالت سجى تتذكر كيف شعرت بألم شديد أجبرها على إطلاق صراخها لأعلى مدى وقالت: "جاءت أمي وسحبت يدى وكانت الصدمة إني أرى الدماء تغطي يدي وجزء من أصبعي مفقود فصرخت: يا ماما يا بابا فين أصبعي؟
سالت سجى بماذا شعرت حين علمت من الأطباء بقص أصبعك؟، قالت: "بكيت وشعرت بالصدمة والخوف الشديد وبكيت لأني لم أرغب أن تبقى يدي ناقصة أصبعاً".
الطفلة سجى
الطفلة سجى

اليوم، وبعد أن استعادت سجى أصبعها بفضل تدخل جراحي لطبيب ماهر، تنصح الأطفال قائلة: "لا تلعبوا بالكهرباء ولا بالأجهزة الكهربائية فهي خطر يهدد حياتكم وكدت أدفع أصبعي ثمناً للعب بها".
تصف أم سجى الأمر بقولها: "كانت لحظات عصيبة جداً مررنا بها كأسرة، فما أصعب أن أرى أصبع ابنتي مقطوعة ودمها يسيل منها، ثم أرى أصبعها تزرع في بطنها، لقد كانت أياماً صعبة، لكن الحمد لله النتيجة التي وصلنا لها كانت جداً مرضية".

وهي اليوم تعرب عن سعادتها وفرحتها، إذ ترى أصبع ابنتها تعود كما كانت، قائلة: "من الجميل أن قلقنا وسهرنا وتعبنا جاء بنتيجة، وأنا أري أصبع ابنتي تعود لطبيعتها تدريجاً".
وتابعت أم سجى حديثها: "الكثير من الأطباء أكدوا لنا بضرورة البتر، ولكن الحمد لله إن د. الخضر كان له رأي آخر وربي وفقه في عملية زرع الأصبع من جديد".

وتضيف: "كانت أصعب لحظات مرت بها سجى، حين تأتي أختها الصغيرة لتلاعبها وتشد يدها كان الخوف والقلق يبدو على سجى وكانت أختها تسألها دوماً فين يدك؟".
اليوم، وقد عادت أصبع سجى إلى حالتها الطبيعية، تشعر أم سجى بالسعادة إزاء الشجاعة والجسارة التي تتمتع بها ابنتها فقالت: "مرت ساعات كثيرة كانت هي سجى أقوى منا"، الأمر الذي جعلنا نتحمل كل هذه المعاناة، فلولا شجاعة سجى وتحملها للألم ما كنا تحملنا وضعها المؤلم".

"بابا لا تخليهم يقصون أصبعي"
والد سجى يصف عملية زراعة أصبع ابنته بالمعجزة الإلهية التي تحققت على يد د. الخضر، اختصاصي العظام، الذي قدم جهداً كبيراً في إجراء عملية ابنته.
ويصف الحال التي عاشتها عائلته واللحظات المريرة التي مروا بها بقوله: "كانت تجربة مريرة عشتها وأفراد أسرتي، ولسجى ابنتي الكبرى النصيب الأكبر من تلك التجربة، فسجى التي لم تكمل عامها الحادي عشر عاشت تجربة مريرة جداً علينا وعليها بدرجة أساسية".
اصبع الطفلة بعد إصابتها وقبل خضوعها للعملية
اصبع الطفلة بعد إصابتها وقبل خضوعها للعملية

ويضيف: "أسعفت ابنتي إلى أقرب مستشفى خاص في المعلا، وأخبرنا الطبيب المناوب بصعوبات الحالة وكانوا يشيرون لنا بالذهاب إلى مستشفى الجمهورية، وهناك سمعنا أسوأ خبر، حيث أجمع الأطباء بضرورة بتر أصبع ابنتي، بمعنى قص الأجزاء البسيطة المتبقية إلى المفصل الذى يلي مكان الإصابة، أبلغونا بذلك كحل نهائي لا بديل عنه".

يواصل والد سجى سرد الحكاية: "شعرنا بالقلق والخوف ورفضنا البتر بقوة وانتقلت إلى مستشفى آخر وطالبت بإحضار أطباء أجانب أو محليين مهما كانت التكلفة وحضر المختصون وخرجوا بذات النتيجة بتر الأصبع".
كان خوفي على ابنتي لا يوصف، وكان علينا تضميد الجرح، الشيء الذي أشار إليه أحد الممرضين لأجراء الإسعافات الأولية فتم تضميد الجرح وتعقيمه، بعد أن تم تصوير الجرح من كل اتجاه، وصرف الأطباء المهدئات ومسكنات الألم ومضاد حيوي لأبنتي، كان قلبي يعتصر ألماً وكلمات ابنتي في ذاكرتي "بابا لا تخليهم يقصو صبعي".

بقينا على ذلك الوضع المؤلم خاصة بعد أن أكد الكثير من الأطباء ضرورة البتر منتظرين قدر ابنتي، وأن يلهمنا الله بمعجزة ونأخذ القرار الصحيح التي لا نندم بعده".
وأضاف: "حضر الكثير من الأهل للمنزل لزيارة ابنتي بعد أن عرفوا بقرار الأطباء بضرورة بتر الأصبع وأشارت علينا إحدى القريبات وهى طالبة جامعية عن قريب لزميلتها طبيب عظام لاستشارته في الأمر".
إصبع الطفلة سجى مزروعة في بطنها
إصبع الطفلة سجى مزروعة في بطنها

وتابع: "كان يوم إجازة والعيادة مغلقة ورغم هذا عندما عرف الطبيب بحالة ابنتي وعمرها تحركت فيه مشاعر الأبوة ومشاعر الطبيب المتخصص، وطلب منا إحضار الحالة فوراً لمنزله وعاين الأصبع المصاب من خلال الصور فقط والأشعة دون فتح الضماد خوفاً عليها من أن تعاني من الألم، وأكد لنا الطبيب الخضر على وجوب قص الأصبع، الأمر الذي شكل صدمة كبيرة لنا، وعندما أري الدكتور ملامح الخوف والحزن فينا، عاد وقال: هناك حل آخر ولكن نسبة نجاحه ليست 100%، ولن يعود الأصبع كما كان من قبل الحل هو زرع الأصبع في بطن سجى. لم أستوعب الأمر ولكن د. لينا مجبر حرم د. الخضر، أقنعت أم سجى بالقبول بالتجربة كون سجي فتاة وليست ولد وستظل أصبعها عاهة تلاحقها حينما تكبر".

د. الخضر محمد
د. الخضر محمد
وتابع سرد القصة قائلا: "وافقنا على العملية والحمد لله كانت معجزة إلهية أن تعود أصبع ابنتي كما كانت قبل الحادث ونمو الظفر أيضاً، ولو كانت العملية في الخارج لكانت كلفتنا كثيراً".
وفي حديثه ظل والد سجى يكرر شكره للطبيب الخضر على كل ما قدمه من جهد لتعود البسمة لأبنتي وتفرح بعودة أصبعها للنمو من جديد.

الطبيب الإنساني الماهر
منارة علم مشعة، مبدع، عطاء وبدل وابتسامة لا تفارق شفتيه، قاهر الصعاب بإرادته الإنسانية والوطنية، هكذا وصف أبو سجي الدكتور الخضر محمد الخضر الذي ضحى بوقت ويوم راحته ليعمل العملية للطفلة سجى.
وكان لابد أن نلتقي بهذا الطبيب لمعرفة المزيد عن عملية زرع الأصبع.

يعرف د. الخضر نفسه قائلاً: "د. الخضر محمد الخضر، اختصاصي عظام ومفاصل، ويقولها بفخر: "أنا من عدن".

يصف الخضر العلمية وكيفية وصول سجى إليه: "أبلغت بالحالة عن طريق زوجتي وهي اختصاصية عيون، وقالت لي هناك طفلة جزء من أصبعها مفقود وكثير من الأطباء قرروا لها بتر الأصبع، فهل ممكن تعاينها؟ وعندما حضرت والدة الطفلة لمنزلي كان يوم إجازة (الخميس) وفي يوم الجمعة تمت معاينة الطفلة من خلال الأشعة وصور الجرح، دون فتح الضماد حتى لا تشعر بألم".
الطفلة سجى بعد خضوعها لعملية فصل الإصبع عن البطن
الطفلة سجى بعد خضوعها لعملية فصل الإصبع عن البطن

وتابع: "كان القرار الأسهل والأقصر هو البتر! فنحن أولاً وأخيراً نحتكم لظروف البلد الصحية أو الإقدام على خطوة جريئة، وهي عملية زراعة لحم صعب في عدن، فهذه العلميات تجرى في الخارج عن طريق المكروسكوب"، موضحا أنه يتم أخد جزء من الجسم وزراعة العضو والعمل على توصيل الأوردة والشرايين واحتمالات الفشل تكون موجودة مناصفة (50 % نجاح و50 % فشل)، والقرار يعود لكم".

ويواصل د. الخضر حديثه: "طلب والد سجى شرح العلمية وكيف ستتم، أبلغتهم بأن العملية هي زراعة، حيت سيتم زرع أصبع الطفلة المصابة في بطنها وهذا العملية تأخذ من 3 أسابيع إلى شهر وخلال هذا الفترة يتم التوصيل بين الجزء المبتور وعضلات البطن نفسها، حيت تصبح كأنها جزء واحد، وبلغتهم بأن إجراء مثل هذه العملية في اليمن تعتبر مجازفة".

يقول: "كان على الأسرة وتخوض التجربة واستمرت العملية حوالي ساعة ونصف، حاولت أن أجد المنطقة الأفضل في البطن لزرع الأصبع وتم اختيار الجزء القريب من السرة وتم الزرع في الجهة اليسرى إذ كانت الطفلة مصابة باليد اليمني حتى تأخذ راحتها في الحركة بالنسبة لوضعية اليد".
إصبع الطفلة سجى بعد العملية وقد بدت بحالة أفضل بعد نمو ظفرها
إصبع الطفلة سجى بعد العملية وقد بدت بحالة أفضل بعد نمو ظفرها

وأوضح الطبيب الخضر بأن الأمر كان صعباً على الأسرة إذ كان من الصعب أن تخيط يد طفل في بطنه ليبقى هكذا فترة طويلة"، وكان تضميد والمُجارحه يوم ويوم وكنا نقوم بها أنا ومساعد دكتور عبدالناصر، بعد ثلاثة أسابيع سبحان الله أنه تم التوصيل والالتحام كامل ما بين جلدة الأصبع وجلدة البطن وتمت عملية إخراج الأصبع من البطن وقمت بعملية زرعها والفتح في المستشفى الكوبي وتم إغلاق البطن".

الصعوبات التي واجهت العلمية
يؤكد الطبيب الخضر بأنه لم يكن هناك صعوبات، فالعلمية تمت بيسر رغم شحت الإمكانيات، وكان ذلك بتوفيق من الله وتعاون الأسرة".
وأضاف: "رغم صعوبة العلمية وإجرائها لأول مرة لكن الحمد لله لم نواجه صعوبات كثيرة، فصحة الطفلة كانت مساعد قوى وكان الأهل مهتمين بتغذية الطفلة".
مكان زرع لحم الإصبع في البطن
مكان زرع لحم الإصبع في البطن

وقال مكمن الصعوبة هو أن تربط طفلة في المستشفى لمدة شهر وتربط لها يدها، ولكن تعاون الأسرة والمجارحة اليومية كانت جداً عاملاً مساعداً، فالأهل اهتموا بطفلتهم كثيراً وعمل على مجارحة الجرح بالتنظيف والتضميد، وكانت حقيقة النتيجة مبهرة وأي نجاح للعملية هو بفضل الله سبحانه وتعالي، ثم بتعاون أسرة الطفلة وكذا شخصية الطفلة التي تعاملت مع الحادث بهدوء أعصاب".

ويضيف د. الخضر: "حقيقة كان الأمر صعبا جداً على الأسرة، فصعب أن تخيط يد طفلة في بطنها لتبقى هكذا فترة طويلة" فمن الصعب تقيد حركة الأطفال".
عملية التضميد والمُجارحة كانت تتم بشكل يومي خلال الخمس الأيام الأولى، بعدها يوم ويوم لا، وكنا نقوم بها أنا ومساعدي الدكتور عبدالناصر، بعد ثلاثة أسابيع سبحان الله أنه تم التوصيل بين الأجزاء والتحمت بشكل كامل ما بين جلدة الأصبع وجلدة البطن".
كما يظهر عودة نمو الظفر على الاصبع
كما يظهر عودة نمو الظفر على الاصبع

وعن سبب اختيار البطن كمنطقة لزرع الأصبع قال: "اختيار البطن جاء لأن عطلات البطن (استريتش)، يعني تتمدد وتتمتع بمساحة كبيرة في العلمية الأولى لأن كمية الشحوم في البطن كبير وحتى يتبقى فقط الجزاء المطلوب تم أخذ مساحة كبيرة".

وعن أغرب ما صادفهم في العلمية قال د. الخضر: "لم أتوقع نمو الظفر من جديد، حيت اخبرت أسرة الطفلة بذلك لكن سبحان الله تفاجئنا جميعنا بنمو الظفر مرة أخرى في أصبع الطفلة، وهذه معجزة إلهية، فالحادث الذي تعرضت له الطفلة أزال الظفر بالكامل ولم تبق غير لحمة الجذر ولم نتوقع أن ينمون الظفر من جديد ولكن كانت معجزة، ورحمة من الله بهذا الطفلة".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى