على مصر أن تعي هذا جيداً

> علي ثابت القضيبي

> تدور الآن أحداث جِسام على رقعتنا الجنوبية، والأخير ما يجري في شقرة/ أبين، فهناك تقاتل إحدى أذرع الإخوان بدرجة رئيسية، وإلى جوارها فلول المغرّر بهم بطروحاتٍ زائفة، ثم إن مَن يمول ويوجه المعارك هنا هو نفس ممول وموجه القوى التي تدير الدمار في سوريا وليبيا وحتى في المحروسة مصر العروبة.

القوى التي فجرت القتال في شقرة، وهي متدثرة بغطاء الشرعية، فهي قد فرضت نكوص الشرعية وخروجها عن أهداف التحالف العربي الذي جاء يقاتل هنا لأجلها ولأجل إعادتها للسلطة في البلاد، وهذا مشينٌ بالمعنى الحرفي للكلمة بحق السلطة الشرعية، ثم إن الهدف الأساسي أمامهم والتحالف وهو الحوثي وليس جنوبنا، ولذلك فهذا صلف لا يضاهيه صلف.

تركيا أوجدت لها موطئ قدم في أرض الصومال منذ أمدٍ قريب، كما وهي تواجدت في الجوار الجيبوتي الملاصق لباب المندب، وهي تروم من وراء هذا إلى خنق المحروسة مصر، وتهدف إلى خلخلة تفوقها الإستراتيجي وتفردها بالتحكم في مضيق قناة السويس، ولهذا الأمر مرامٍ جهنمية ولاشك، كما ولا نغفل حضورها بشكل أو بآخر في الضفاف العليا في هضبة الحبشة حيث مصب النيل، وحتى الشيخ الإخواني (اليمني) حميد الأحمر المقيم في تركيا ضخّ أموالاً طائلة كاستثمارات له في تلك البقاع، وهذا وراؤه ما وراؤه، وعلى الشقيقة مصر أن تتفهّم كل هذا جيداً.

من المؤسف أن الشقيقة مصر، وحتى اللحظة، ما انفكت تسمح باستضافة بل والاستقبال الرسمي أحياناً لأسماء يمنية بارزة وهي ذات صلة وثيقة بالأحداث الإخوانية هنا في رقعتنا، وهؤلاء يسيرون في فلك ومخططات التنظيم العالمي للإخوان، بل وينفذون أجندتهم التخريبية بحق بلادنا العربية عموماً، وأولهم في مصر العربية.

لذلك أعتقد أنه من الضروري جداً على الشقيقة مصر أن تولي عناية أكثر لوجود مجلسنا الانتقالي الجنوبي كرقم صعب ومؤثر في الخارطة هنا، وأن تسعى جاهدة إلى تشبيك أواصر العلاقة الوطيدة به وبقيادته، فهنا باب المندب، وهو محوري لمصر وبشكل يفوق التصور، وهو يقع في النطاق الجغرافي للمجلس الانتقالي الجنوبي، أما السلطة الرسمية للبلاد (السلطة الشرعية) فهي تحلق في فلك الإخوان المسلمين وتحت تأثيرهم ونفوذهم، ومن المفترض أن يعني هذا الكثير بالنسبة للسياسة المصرية ولاشك.

فعلاً من الضروري جداً على الممسكين بالملف السياسي المصري أن يعوا جيداً أن هناك كياناً جنوبياً وله ثقله وحضوره وهيمنته على جغرافيته، بل وله ثقله وحضوره القوي في خارطة الأحداث هنا، وعليهم أن يقتربوا كثيراً من قيادته وتطلعاته، ثم إن حرب أكتوبر 1973م ماثلة للعيان، حينئذٍ كان الجنوب بمثابة الهراوة المصرية/ العربية التي أمّنت باب المندب وبالتالي تأمين مصر والجيش المصري من الجنوب، وعلى أشقائنا في المحروسة ألا يهملوا مثل هذا الجانب الحيوي لهم مطلقاً.. أليس كذلك؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى