مستقبل الشرعية اليمنية بعد الرئيس هادي..

> الأحمر والبركاني ومعين عبدالملك.. 3 شماليون يخولهم الدستور خلافة هادي

> محمد الشويطر

ما هو مستقبل الشرعية في اليمن؟ إن مسألة ما يمكن أن يحدث إذا مات الرئيس عبد ربه منصور هادي كانت مصدر قلق غير معلن على مدى السنوات العديدة الماضية. يقيم هادي في المنفى منذ عام 2015 ونادرا ما يظهر في الأماكن العامة. وتكثر الشائعات حول صحته، وكذلك التكهنات بأنه تحت الإقامة الجبرية في المملكة العربية السعودية. أين تكمن الشرعية في بلد انقسم حتى الآن بين ثلاثة أطراف متصارعة منفصلة: حركة الحوثيين (المعروفة رسمياً باسم أنصار الله)، المدعومة من إيران، في صنعاء والشمال، المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة، في عدن، وحكومة الرئيس هادي الشرعية، المدعومة من المملكة العربية السعودية، في بعض المحافظات الشرقية ومأرب وشبوة.

من المهم معالجة مسألة الشرعية بعد هادي لأن القواعد الدستورية حول كيفية نقل سلطته إلى خلفه وتجنب الفراغ الرئاسي غير ملائمة نظراً للصراع الدائر. فمن المستحيل إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في الوقت الراهن. جاء هادي إلى السلطة نتيجة لمزيج فريد من الأحداث: اتفاق سياسي، وقواعد دستورية، واستفتاء عام. حتى أولئك الذين يعارضون شرعيته اعترفوا بها في مرحلة ما. لذلك، لا يزال هادي الرئيس الوحيد المعترف به دولياً ويمثل ما تبقى من الشرعية في اليمن ولن يحظى خليفة هادي بنفس أوراق الاعتماد هذه.

لا يتعلق الأمر برحيل هادي فحسب، بل أيضاً بالشرعية وسيادة القانون على نطاق أوسع. فمن غير المقبول منح هادي أو خليفته شيكاً على بياض للبقاء في منصب الرئيس لفترة زمنية غير محددة دون أي مساءلة تحت مبرر الحرب. إن الإصرار على الحفاظ على هذا الوضع وتجاهل المسائل القانونية يدق ببساطة مسماراً آخر في نعش الشرعية الحكومية في اليمن.

الشرعية حجر الزاوية
إن الشرعية هي حجر الزاوية في أي نظام سياسي، فهو يمنح مؤسساته الحكومية الحق في الحكم وفرض سلطة القانون وأن يكون له ممثل في الأمم المتحدة. لذلك، فإن كل طرف في النزاع اليمني يقدم نفسه باعتباره السلطة الشرعية الوحيدة، مفنداً مزاعم الآخرين من أجل الحصول على غطاء أخلاقي وقانوني وكسب المزيد من الدعم. هادي والسعوديون، من جهة، وسموا هذه الحرب بأنها "معركة الشرعية" لاستعادة المؤسسات الشرعية للدولة التي استولى عليها الحوثيون في عام 2014. في المقابل، يصف الحوثيون شرعيتهم أنها "شرعية ثورية" في مواجهة عدوان التحالف الذي تقوده السعودية، ويعتبر المجلس الانتقالي الجنوبي شرعيته مستمدة من استعادة دولة الجنوب العربي.

في الحالة اليمنية يمثل هادي حجر الزاوية في الحكومة الشرعية، فمؤهلات شرعيته أكثر اعتمادا مقارنة بالمؤسسات التشريعية والقضائية: فالبرلمان تجاوز فترة ولايته الدستورية منذ فترة طويلة وقد لا يحقق النصاب القانوني؛ كما أن مجلس القضاء الأعلى منقسم وهو يستمد شرعيته من الرئيس حيث يتم تعيين أعضائه من قبله وفقاً للقانون اليمني. تم اعتماد هادي رئيسا من قبل مبادرة مجلس التعاون الخليجي (المبادرة الخليجية) والأمم المتحدة والاتفاق السياسي بين الأطراف اليمنية والاستفتاء العام عام 2012. الرئيس هو السلطة الأقوى وفقاً للمادة 119 من الدستور اليمني فهو يرشح نائبه ورئيس الوزراء وكبار المسؤولين الحكوميين، بمن فيهم كبار القادة العسكريين.

الإطار القانوني للشرعية
الشرعية مفهوم معقد للغاية يشمل عدة جوانب قانونية وسياسية واجتماعية. من غير الممكن تحليل الشرعية في اليمن دون فهم السياق المحلي والتاريخي. الجمهورية اليمنية ذو نظام ديمقراطي تمثيلي يكون فيها الشعب مصدر الشرعية، ينتخب فيها الشعب الرئيس ومجلس النواب مباشرة. وفقاً للمادة 4 من الدستور، فإن "الشعب اليمني هو صاحب السلطة ومصدرها، ويمارسها بشكل مباشر عن طريق الاستفتاءات والانتخابات العامة، كما يزاولها بطريقة غير مباشرة عن طريق السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وعن طريق المجالس المحلية المنتخبة". وعلاوة على ذلك، تنص المادة 5 "يقوم النظام السياسي للجمهورية على التعددية السياسية والحزبية". حتى الحوثيين لا يشككون في النظام الديمقراطي، على الأقل ليس علناً.

بعد توقيعها في عام 2011، أصبحت مبادرة مجلس التعاون الخليجي - وهي اتفاق سياسي بين الرئيس آنذاك علي عبد الله صالح وأحزاب المعارضة اليمنية نقلت السلطة إلى نائب الرئيس هادي ووضعت خارطة طريق للانتقال السياسي - إلى جانب الدستور اليمني الإطار القانوني للبلاد. تنص المادة 4 من المبادرة الخليجية على أن "يحل الاتفاق على المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها محل أي ترتيبات دستورية أو قانونية قائمة ولا يجوز الطعن فيها أمام مؤسسات الدولة". أعطت المبادرة الخليجية نفسها الأولوية على الدستور من خلال النص على سلطة الرئيس وحكومته والبرلمان. تضمنت المبادرة الخليجية أربع خطوات للانتقال السياسي: حوار الوطني، وصياغة دستور جديد، واستفتاء دستوري، وانتخابات عامة. وقد تشكل مؤتمر الحوار الوطني من 565 عضوا يمثلون معظم الطيف السياسي والاجتماعي. وكان الغرض منه رسم خارطة طريق لعقد اجتماعي جديد يقوم على سيادة القانون والعدالة والديمقراطية. منذ تمديد ولاية البرلمان لأول مرة في عام 2009، روجت الجهات السياسية الفاعلة في اليمن لمفهوم "الشرعية التوافقية" - وهي مصطلح سياسي جديد - كبديل للشرعية الدستورية.

المرشح الوحيد
هدفت المبادرة الخليجية في 2011 والتي أقرتها الأمم المتحدة إلى نقل السلطة الرئاسية إلى نائب الرئيس وفقاً للدستور. في انتخابات عام 2012 كان هادي المرشح الرئاسي الوحيد ذلك أن المبادرة الخليجية منعت الأحزاب السياسية من ترشيح أي شخص آخر. كان غياب التنافس في الانتخابات الرئاسية متعارضاً مع المعايير الديمقراطية وأحكام الدستور. ومع ذلك، في 21 فبراير 2012، صوت ما يقرب من 7 ملايين من أصل 10 ملايين ناخب مسجل لصالح هادي للرئاسة. وعلى الرغم من أن الشعب اليمني كان يعرف أنها ليست انتخابات حقيقية، إلا أنه صوت لصالح هادي على أساس فترة انتقالية قصيرة الأجل وعلى أمل تجنب الحرب الأهلية. ووفقاً للمبادرة الخليجية، كان من المقرر أن تستمر فترة ولاية هادي الرئاسية لمدة عامين، وتنتهي في عام 2014 إلا أن الحكومة المؤقتة ومؤتمر الحوار الوطني لم يتمكنا من الوفاء بمتطلبات مبادرة مجلس التعاون الخليجي في الوقت المحدد.

كان لدى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن في ذلك الوقت، جمال بن عمر، تفسيره الخاص، وهو أن المبادرة الخليجية كانت تقوم على "مهمة وليس فترة زمنية". وفي نهاية المطاف، توصل حزب المؤتمر الشعبي العام وتحالف المعارضة اليمنية، أحزاب اللقاء المشترك، بما في ذلك الحوثيون، إلى تسوية واتفقا على منح هادي سنة أخرى في منصبه. إلا أن معارضي هادي، الرئيس السابق صالح والحوثيين، شككوا في شرعية هذه الخطوة، متجاهلين حقيقة أنهم مسؤولون عن فشل الحكومة المؤقتة والتأخير في تنفيذ المبادرة الخليجية. ولأن تمديد رئاسة هادي يتعارض مع المنصوص عليه في المبادرة الخليجية، بدأ هادي والحكومة المؤقتة حملة لتعزيز مفهوم "الشرعية التوافقية" على شاشات التلفزيون واللوحات الإعلانية والصحف.

في 21 سبتمبر 2014، استولى الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء. في مساء 22 يناير 2015، استقال هادي، الذي وضعه الحوثيون قيد الإقامة الجبرية. فضل الحوثيون الاحتفاظ به كرئيس لإضفاء الشرعية وتجنب توصيف ما قاموا به كانقلاب، لكن في غضون شهر، فر هادي إلى عدن، وسحب استقالته، وأبطل أي مراسيم أو تعيينات أصدرها الحوثيون. وفي اليوم التالي، عقد صالح اجتماعاً مع المؤتمر الشعبي العام وقال إن هادي لا يستطيع سحب استقالته. وثار جدل حول صحة استقالة هادي، ذلك أنه وفقاً للمادة 115 من الدستور، يتعين على مجلس النواب أن يقبلها، وإذا لم يفعلوا ذلك، يمكنه إعادة تقديم استقالته في غضون ثلاثة أشهر، وبذلك يكون البرلمان ملزماً بقبولها. وبسبب عدم الاستقرار، لم يتمكن البرلمان من عقد أي جلسة من هذا القبيل، وبالتالي فإن استقالة هادي لم تقبل رسمياً على النحو المنصوص عليه في الدستور. لذلك، لا يزال هادي يحتفظ بخيط رفيع من الشرعية السياسية استناداً إلى انتخابات عام 2012، والشرعية التوافقية في الفترة التي تلت ذلك، والاعتراف الدولي بحكومته.

أطول برلمان في تاريخ اليمن
أجريت آخر انتخابات برلمانية في اليمن في عام 2003، وأسفرت عن أغلبية مريحة من 238 مقعداً لحزب المؤتمر الشعبي العام، من أصل 301 مقعد، مما ترك 59 مقعداً فقط لجميع أحزاب المعارضة (وأربعة مقاعد لغير الحزبيين). أدى النزاع على سجل الناخبين الذي تحتفظ به اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاءات في اليمن إلى تأخير الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في عام 2009. واتهم صالح من قبل معارضيه بالتلاعب بسجلات الناخبين. وفي النهاية، اتفق صالح والمعارضة على إصلاح سجل الناخبين، وأقرا معاً مشروع قانون لتمديد ولاية أعضاء البرلمان الحاليين لمدة عامين إضافيين. تم الاشارة إلى الاتفاق السياسي على تمديد المدة البرلمانية بدلاً عن إجراء انتخابات جديدة على أنه "شرعية توافقية". وفي عام 2011، تأجلت الانتخابات البرلمانية مرة أخرى وفقاً للمبادرة الخليجية، لمدة عامين آخرين. لقد شاركت جميع الأحزاب السياسية في تقويض الشرعية بتجاوز الدستور. وعلاوة على ذلك فقد تجاوزت المبادرة الخليجية سلطة البرلمان، ولم يتم الإبقاء على هيئته إلا للحفاظ على قشرة من الشرعية لتغطية المبادرة. عُقدت جلسة البرلمان الأغلبية الأخيرة في 18 ديسمبر 2014، بعد أن استولى الحوثيون على العاصمة، لمنح الثقة بالإجماع للحكومة الجديدة التي شكلها رئيس الوزراء آنذاك خالد بحاح. وفي فبراير 2015، أصدر الحوثيون إعلانا دستوريا أحلوا فيه البرلمان. ثم استأنفوا الجلسات البرلمانية في 2016.

أدى النزاع إلى انقسام المؤسسة التشريعية وإنشاء كيانين برلمانيين متوازيين، أحدهما في صنعاء تحت سلطة الأمر الواقع الحوثيين، والآخر في المنفى يدعم الحكومة الشرعية. استغرق الأمر خمس سنوات بعد اندلاع الحرب في عام 2014 حتى عقدت الحكومة الشرعية أول جلسة برلمانية. وعُقدت الدورة في سيئون، عاصمة محافظة حضرموت، في أبريل 2019، وانتخب سلطان البركاني رئيساً للبرلمان. يواجه كلا البرلمانين تحديات قانونية، بما في ذلك النصاب القانوني المطلوب، حيث توفي حوالي 35 عضواً. وفقاً للمادة 72 من الدستور، "يشترط لصحة اجتماعات مجلس البرلمان حضور أكثر من نصف أعضائه مع استبعاد الأعضاء الذين أُعلن خلو مقاعدهم".

السيناريوهات الدستورية
وفقاً للدستور اليمني، تحدد المادة 116 الإجراءات القانونية لعدة سيناريوهات محتملة في حالة شغور الرئاسة أو عجز الرئيس بشكل دائم. فى السيناريو الاول، يتولى نائب الرئيس مؤقتا مهام الرئيس لفترة لا تزيد على 60 يوما. وفي السيناريو الثاني، إذا أصبح منصب الرئيس ونائبه شاغرين، يتولى مجلس رئاسة البرلمان مؤقتاً مهام الرئيس. وفي السيناريو الثالث، إذا أصبح منصب الرئيس ونائب الرئيس شاغرين وكان مجلس البرلمان منحلا، فتتولى الحكومة مؤقتاً مهام الرئيس. ويتم انتخاب الرئيس في غضون فترة لا تزيد عن 60 يوما من الدورة الأولى للبرلمان الجديد.

وفقاً لهذه السيناريوهات الدستورية، هناك ثلاثة أشخاص محتملين حالياً يمكن أن يتولوا منصب الرئيس المؤقت بالنيابة، على التوالي: علي محسن الأحمر، نائب الرئيس؛ سلطان البركاني، رئيس مجلس النواب؛ والدكتور معين عبد الملك، رئيس الوزراء. وفي كل هذه السيناريوهات، لا ينبغي للرئيس بالنيابة أن يخدم لأكثر من 60 يوماً. ثم ماذا؟ وفقا للمادة 114، يمكن أنه يكون هناك استثناء إذا كان البلد في حالة حرب أو يعاني من كارثة طبيعية أو حالة طوارئ أخرى. ومع ذلك، فإن المادة ليست واضحة إذا كان ذلك يتطلب موافقة البرلمان. البرلمان، بغض النظر عن إشكاليات شرعيته، فهو منقسم وقد لا يكون لديه العدد الكاف للنصاب القانوني.

الشرعية التوافقية
بررت الجهات السياسية الفاعلة الرئيسية تجاوزها للدستور من أجل الحفاظ على التوافق السياسي وتجنب الصراع المسلح، وهو ما لم ينجح للأسف. من الناحية الواقعية، قد لا توافق هذه القوى السياسية نفسها على أي من المسؤولين الثلاثة المذكورين في الدستور. هناك أيضا صيغة غير مكتوبة للسلطة السياسية في اليمن هي أكثر تعقيداً، وهي تشمل اعتبار التمثيل بين الشمال والجنوب والتحالفات السياسية والقبلية والدعم الإقليمي، لا سيما من جانب المملكة العربية السعودية.

ومع ذلك، سيكون من الأصعب هذه المرة التوصل إلى توافق سياسي. فالبلاد منقسمة، وتواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم وحربا دموية استمرت خمس سنوات. فالحوثيون ليسوا التحدي الوحيد للحكومة المعترف بها دولياً: فهناك أيضاً المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من الإمارات العربية المتحدة. وعلى الرغم من توقيع المجلس الانتقالي الجنوبي على اتفاقية الرياض التي توسطت فيها السعودية في نوفمبر 2019 لمنع المواجهات المستقبلية، إلا أنه لا توجد دلائل على نجاح الصفقة. وفي الآونة الأخيرة، في 26 أبريل، أعلنت المجلس الانتقالي الجنوبي حالة الطوارئ والإدارة الذاتية على الجنوب.، وقد رفضت المملكة العربية السعودية هذا الاعلان. تجدر الإشارة إلى أن الإطار الحالي للشرعية يستند على الاتفاق السياسي والدستور.

ما الذي يمكن عمله؟
في مواجهة هذه المعضلة الدستورية، يجب على الحكومة الشرعية دراسة الخيارات السياسية لسيناريوهات ما بعد هادي لتجنب حدوث فراغ رئاسي محتمل. وينبغي مناقشة هذه المسألة الآن بينما لا يزال هادي على قيد الحياة، ويجب أن تنظر المناقشة في الجوانب القانونية.

المشكلة الأكبر في شرعية هادي هي أنها أصحبت أداء للنخب السياسية وافتقارها إلى المشاركة الشعبية. من وجهة نظر الناس العاديين، فإن هادي وحكومته عجزا عن الاضطلاع حتى بالحد الأدنى من مسؤولياتها، لذلك فهم قد يرون الشرعية بشكل مختلف، فالسلطة الشرعية هي التي توفر الرواتب والخدمات الأساسية والأمن، وليس السلطة التي تعمل من المنفى لفترة طويلة من الزمن. إشكالية أخرى وهي اعتماد الحكومة الشرعية على بقائها إلى حد كبير على الاعتراف والدعم الدوليين، لا سيما من المملكة العربية السعودية، وهو ما يأتي على حساب سيادتها.

إن مسألة الشرعية في اليمن لا تتعلق فقط بما يمكن أن يحدث إذا توفي هادي، ولكن أيضاً حول كيفية استعادة الشرعية وهو لا يزال على قيد الحياة. قد يطول أمد الحرب وهو ما يتعين إيجاد آلية لنقل السلطة وضمان سيادة القانون. إن من المهم التأكيد على أن شرعية الحكومة ترتبط بمدى التزامها بالقانون. وفي كل مرة يتجاوز هادي وحكومته القانون يقوضان شرعيتهما. على الحكومة الشرعية أن تستكشف الخيارات القانونية للمشاركة في السلطة - المجلس الرئاسي على سبيل المثال - حتى في ظل بقاء هادي على قيد الحياة. إن من المبادئ الأساسية للقانون أنه لا يعتمد على القاعدة الشخصية، بل على "القاعدة غير الشخصية".

باعتباره رئيساً معترفاً به دولياً فقد أعطي ذلك هادي السلطة بموجب القانون الدولي، المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، للدعوة إلى تدخل عسكري أجنبي. ومع ذلك، فإن الاعتراف الدولي ليس شيكا على بياض. المتابع للأزمة منذ بدايتها وحتى اليوم، يلحظ تراجع واضح في الدعم الدولي مع تراجع شرعية الحكومة في الداخل وعدم قدرتها على حسم الصراع. تجدر الإشارة هنا إلى أن النقد القانوني للحكومة المعترف بها دولياً لا يعزز بأي حال من الأحوال شرعية سلطة الأمر الواقع للحوثيين في صنعاء، ولا شرعية المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن.

يجب أن يعود هادي وحكومته لممارسة سلطاتهما والقيام بواجباتهما من داخل اليمن، في أي من المحافظات المحررة والمستقرة - مأرب وشبوة، على سبيل المثال، إن لم يكن عدن - وإشراك المزيد من المجتمعات المحلية.
الشرعية هي القاعدة الأساسية للسلطة التي تخولها الحكومة الحق في إنفاذ القانون. إذا استمر هادي وحكومته بهذا الأداء، فإن شرعيتهما ستختفي. إذا حدث ذلك، فإن الشعب اليمني سيجد نفسه في وضع معقد للغاية، حيث سيواجه معضلة كيفية الاتفاق على إطار جديد للشرعية مما سيغرق البلاد في المزيد من الصراع.

*مستشار قانوني متخصص في القانون الدولي وحقوق الإنسان والقانون اليمني - معهد الشرق الأوسط - واشنطن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى