الأوبئة تفتك بأهالي عدن والحظر لم ينفذ لأسباب عدة

> محامون وناشطون: الحظر في ظل انعدام الخدمات "موت آخر"

> تقرير/ فردوس العلمي
> بات سكان العاصمة عدن يُعانون إلى جانب الحر الشديد وما يرفقه من تردٍ كبير في خدمة التيار الكهربائي، من انتشار الأوبئة والحميات التي يسقط جرائها عشرات الوفيات من أبناء المدينة بشكل يومي.

أوبئة وحميات فرضت الجهات ذات العلاقة على إثرها حظراً بعموم مدنها لمنع انتشاره في أوساط المواطنين، إجراء لم يتم التعامل معه بجدية من قِبل الأهالي والذين أكدوا بأن الحظر والتزام المنازل يتطلب توفير خدمة الكهرباء لتخفيف عنهم عناء الحر الشديد، ولو توفير جزء من متطلبات الحياة الأساسية، ويعتمد الغالبية العظمى من السكان في معيشتهم على أعمالهم اليومية، وهو ما جعل الالتزام بـ "الحجر المنزلي" أمراً صعباً.


وحتى اليوم، لم يستوعب العديد من الأهالي خطورة الوباء القاتل الذي ينتشر كالنار في الهشيم، في ظل التدني الكبير بمستوى الخدمات الصحية والارتفاع الجنوني في أسعار الأدوية، فضلاً عن إغلاق الكثير من المستشفيات أبوابها أمام المرضى تحت ذرائع شتى.

«الأيام» استطلعت في جولة سريعة معاناة وأوجاع أهالي عدن، جراء الأوبئة وفيروس كورونا المنتشر، ومدى التزامهم بالحظر الذي فرضته الجهات ذات العلاقة، وخرجت بالتقرير التالي.


وبهذا الخصوص، تقول أم عبدالرحمن: "عن أي حظر يتحدثون، أخفوا الوباء حتى انتشر في أوساط المجتمع، مما جعل الغالبية اليوم لا يبالون بالحظر، بعد أن باتوا يشاهدون أفراد أسرهم يُعانون من الوباء القاتل أو الحميات الأخرى؟". وأضافت متسائلة: "عن أي حظر يتحدثون ونحن نزف يومياً قطعاً منّا إلى المقابر؟ بل كيف سيلتزم المواطنون منازلهم في ظل حر الصيف الشديد والانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي والانتشار الكبير للبعوض الناقل للأمراض؟، وكيف لنا أن نلتزم بالحظر والحكومة لم تلتزم بتوفير ما يساعدنا على البقاء في المنازل؟".

الحاج محمد ناصر (سبعيني العمر) هو الآخر قال: "كيف لنا أن نلتزم بالحظر ونحن نشاهد أبناءنا يحاربون في شفط مياه الأمطار الراكدة ورفع مخلفات السيول، للتخفيف من مخاطر الحميات التي تحاصر المدينة؟"، مضيفاً: "في الوقت الحالي نحن أمام خيارين أحلاهما مر كما يُقال، فإذا ما خرجنا من بيوتنا نموت جراء العدوى، وإذا التزمنا بالحجر المنزلي سنموت من الحر وانعدام خدمة المياه".

فرض الحظر بالقوة انتحار
عفراء حريري
عفراء حريري
من جهتها أكدت المحامية والناشطة الحقوقية، عفراء خالد حريري، أن فرض الحظر بالقوة لن ينتج عنه غير سخط وغضب ولعنات، مضيفة: "لا يمكن لأي أحد أن يعيش في بيت ضيق بدون كهرباء تلطف حرارة الجو فيه قليلاً، ولهذا فالبديل الوحيد الذي يعرفه أهل عدن، منذ أن فرض عليهم هذا الحال البحث عن قليل من الهواء في الشارع".

وتضيف لـ«الأيام»: "إذا تمعنا في الأمر هو انتحار في كل الأحوال، فالبقاء في البيت بموجب الحظر بالقوة، يرافقه انطفاء الكهرباء لساعات طويلة وانعدام الماء لعدد من الأيام معناه الموت، خاصة أن الحر قدم وبقوة، ثم الخروج من المنزل والاختلاط بالآخرين والتجمع والمرور فوق أرصفة من المجاري والقمامات موت آخر، هذا إذا أخذنا من لديهم بيوت أو مساكن، أما بالنسبة للمشردين فسيكون حظهم في الموت مضاعفاً".


وتوكد حريري، بأن الدعوة لتنفيذ الحظر تحتاج إلى منظومة كاملة من خطة طوارئ تراعي فيها كل حقوق الإنسان في الحياة، وأن يكون هناك اجتماع رئيسي تجتمع فيه الصحة والكهرباء والمياه والصرف الصحي والمحافظ والبنك المركزي والمالية والأمن والنيابة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لتفعيل أجهزة الرقابة".

وأوضحت بأن المالية والبنك باعتبارهما الجهتين المسؤولتين عن الموارد في المحافظة والمرافق الإيرادية التي لا تورد إلى البنك، عليها أن تحضر الاجتماع طوعاً أو كرهاً، يعقبه اجتماع للمحافظ بالمأمورين يخبرهم من خلاله بما عليهم تنفيذه وعمله بهذا الشأن".

وأضافت: "وعلى الانتقالي أن يقبل بالشرعية والعكس صحيح، من أجل إنقاذ أرواح الأبرياء وليس التضحية بها كما هو حاصل منذ أول يوم توعية عن كورونا وليس من الآن، بعد أن حضرت وتوطنت مع الأوبئة الأخرى".


وتابعت قائلة: "الاستهانة بأرواح الناس هو شعار الشرعية والانتقالي اللذان لا يهمهما ما يحدث ولا من يموت وكم يموت؟ طالما وأبناؤهم وزوجاتهم معهم، هذا إذا لم تكن كل العائلة الممتدة في مأمن فطز بمن تبقى هناك في عدن، وفي قرارة أنفسهم يكررون ماذا عسى أن يبقى فيها، يستحق أن نقاتل من أجلها؟ إلا إذا أمرهم الكفيل (السعودي - الإماراتي) عندها سيختلف الأمر وتصبح عدن في نظرهم جوهرة، لذلك فرض الحظر ومنع التجول هو سلاح ذو حدين كلاهما قاتل ليس بيد واحدة إنما باثنتين".

حفاظاً على حياة المواطنين
التربوي عثمان مثنى، كانت له نظرة مغايرة عمن سبقه بخصوص الحضر، إذ أكد على أهميته، وطالب الدولة والمنظمات بأن تقوم بدورها لحفظ أرواح الناس، كما طالب بضرورة أن تكون هناك جهات تنظم توعي المواطنين بأهمية التباعد المجتمعي منعاً لانتشار الوباء.

وأضاف لـ«الأيام»: "في نفس الوقت علينا أيضاً أن لا ننسى الفقراء والمشردين وعلينا إيجاد جهات داعمة لهم".


وأكد مثنى على أهمية النظافة ووجود بيئة صحية للحد من انتشار الأوبئة والحميات المختلفة مثل الضنك والملاريا و "المكرفس"، وخلق شعور الأمان بين الناس من خلال توفير بيئة صحية آمنة، سيكون له نتائج طيبة في خلق وعي صحي بين أوساط المجتمع.

لا بد من معالجات جادة
د. علي يافعي
د. علي يافعي
فيما اكتفى د. على يافعي، اختصاصي باطنية وقلب، بالقول: "الحظر موضوع مهم، ولكن يجب أن تكون هناك معالجات جادة وصادقة وفعلية لكل التساؤلات المشروعة، منها وضع الفقراء والمشردين في الطرقات وتوفير الماء والكهرباء وتسليم الرواتب"، وحسب رأيه فإن كل هذه المقومات من شأنها أن تساعد على نجاح الحظر.

بهية السقاف
بهية السقاف
بدورها قارنت الناشطة بهية السقاف مديرة تنفيذية لمؤسسة "ألف باء مدنية وتعايش"، الوضع الحالي لمدينة عدن ووضعها في 2015م، أثناء الحرب الحوثية بالقول: "حالياً الوضع ممكن أن يحتمل الحظر على أن نتبع آلية التكافل التي اتبعناها في حرب 2015م، فخلال الحرب السابقة استمرينا بكريتر نحو شهر في شبه حظر، وكان الجميع متكافلاً وسيرت قوافل للأسر المحتاجة، وكنا بلا كهرباء تماماً وبنفس الأشهر هذه".‬‬

إجراء مهم جداً
رضية شمشير
رضية شمشير
السياسية والإعلامية رضية شمشير، أكدت على أهمية الحظر لإنقاذ حياة المواطنين، وقالت: "لا بد من أن يكون هناك إجراء يتخذه الجميع كلاً في مديريته، ولهذا فالحظر مهم جداً، والإجراءات والتدابير الاحترازية لمدة أسبوع، مهمة أيضاً وهذا نوع من الوعي المجتمعي، كل أسرة وكل فرد لا بد أن يتخذ هذا الإجراء ذاتياً".

الناشط عارف ناجي، رئيس المجلس التنسيقي للمنظمات غير الحكومية، رئيس مؤسسة الوضاح للحوار والتنمية، كتب في صفحته "فيس بوك" ثلاث نصائح بشأن الحظر وهي: إلزام كل مواطن بلبس الكمامة وفي حالة انعدامها لبس المشدة كبديل، وفرض غرامة أو الحجر على المخالفين، وكذا تحديد ساعات محددة للحظر على أن تكون ساعات الحظر لا تشكل عائقاً لدي المواطنين وحركة العمل والسوق.. إلخ، مطالباً من مديري المديريات بالعمل في تنفيذ هذه الإجراءات من خلال تقسيم مناطقهم إلى مربعات لمعالجة القمامة والمجاري ورفع المخلفات والرش الضبابي، مع ضرورة أن تساهم المنظمات الدولية والمحلية والسلطات بنشر الكمامات المجانية والقيام بحملات التوعية، بالتنسيق مع مدراء المجالس المحلية وعمل تقييم للمواقع الأكثر وفاة، والعمل على الفحص السريع ومعرفة الأسباب للحد منها.


وفي تصريح خاص لـ«الأيام»، قال: "العيش في الوضع الحالي بالمنازل وتوفر خدمة التيار لساعات بمقابل أخرى مقطوعة، وكذا توفر الماء ليوم وانعدامه في بآخر، أفضل بكثير من الخروج إلى الشارع لنقل المرض".
عارف ناجي
عارف ناجي


ونصح ناجي، من يضطرون للخروج بضرورة لبس الكمامة.

الحظر يتطلب توفير الخدمات
فيما قالت الناشطة أنيسة جبل، حول موضوع الحظر: "لا مانع من الحظر لكونه يصب في مصلحة المواطن نفسه، ولكن تنفيذه محتاج إلى توفير ماء معدني ومواد غذائية واستهلاكية للمواطنين وأدوية للمرضى، وكذا تحسين خدمتي الكهرباء والماء".


القاصة والإعلامية جيهان عثمان، تُعاني هي وأفراد أسرتها من مرض المكرفس، ولديها أخت نازحة من متضرري السيول، علّقت لـ«الأيام» على مشكلتها من الحظر بالقول: "حظر بدون كهرباء أو ماء هو موت بطيء للشعب".

وتابعت: "للأسف نحن تحكمنا عقليات متخلفة لا همّ لها غير التحارب وكسب مناصب وتحقيق مكاسب من وراء هذا الشعب المغلوب على أمره".

عفان الناصري، مواطن يعمل بالأجر اليومي، أكد بأنه سيلتزم بالحظر في حال أن تقوم الدولة بواجبها له ولأمثاله كتوفير المواد الغذائية والاستهلاكية وبعض الأدوية وغيرها.

حمامة محمد، مواطنة في العقد الرابع هي الأخرى طالبت بالأمر ذاته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى