حكامنا أفسدوا ما أصلحوا لبناء اليمن

>
ما أكثر هموم اليمنيين وما أطول أحزانهم، لا يفيق المرء في اليمن فيها من همّ إلا إلى هم، ولا يرتاح من فاجعة إلا إلى مثلها، ولا يزالون يتأرجحون فيها ما بين مرض وفقر وذل وشقاء، حكامهم تفننوا في تعذيب هذا الشعب وإرهاقه، ومارسوا عليه الظلم والقهر والاستبداد، ولم يشعر المواطن بالأمل والتفاؤل بالحياة الكريمة الآمنة في ظل حكام مستبدين جثموا على صدرهم أعواما طويلة، لم نرَ منهم إلا الفساد بكل أشكاله وصوره القبيحة، ينهشون في جسد هذا الوطن بلا رحمة أو إحساس وبلا خجل، وأصبحت حياة المواطن البسيط وأحلامه ولقمة عيش أطفاله على كف عفريت.

إن تحت الملابس التي ترتدونها أيها الحكام نفوسا ليست بأقل من نفوسنا، ولا أخبث منها مذهبا وربما لا يكون بيننا وبينكم فرق إلا في العناوين والألقاب كأن لم يكفيكم، واستعليتم إلينا من الشقاء، ألستم حكاما ذا شعور فترقوا لشقاء وألم هذا الشعب؟ إنكم للأسف لم تكونوا عادلين ولا أمناء ولا محسنين، لأنكم تحملون في جوانحكم لشعبكم ضغنا وحقدا كبيرا، لا تعطفون على بائس ولا تحنون على ضعيف، فارحموا أنفسكم من هذه الحياة، فإذا كنتم تريدون أن يسجل لكم من الوفاء في صفحات قلوب مواطنيكم ما يسجل للأوفياء والصادقين من قبلكم في صفحات التاريخ فلا تنتقموا من شعوبكم وكونوا عند حُسن ضنه إذا رآكم أمناء على العهد الذي عهد اليكم.

ليس من العدل أيها الحكام أن تملكوا لوحدكم وأنتم في سرائركم هذه الملايين والأراضي والعقارات، ولا يملك غالبية الشعب سواء الفقر والضياع في دهاليز الحياة، فاعرفوا لهم حقهم وأحسنوا القسمة بينكم وبينهم واشعروا قلوبكم بالخجل من منظر شقائهم وتعبهم في هذه الحياة.
 ألا يزعجكم منظر المنكوبين الذين شردوا ونزحوا من مدنهم ومناطقهم خوفا وهربا من الحروب الظالمة وما يلاقون من صنوف العذاب والآلام وهم في العراء والمخيمات، لا يسمع لصراخهم سامع ولا يبكي لبكائهم باكٍ، ألا يزعجكم منظر الدماء المتدفقة في معارك الحروب التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل وبكاء النساء والمعولات بأرواحهم وأولادهم وإخوانهم وهم سائرون إلى حرب لا يعرفون لها مصدر ولا نهاية؟ لا لسبب لها إلا ذلك الوهم الذي غرزتموه أيها الحكام في قلوبهم أنتم وقساة السياسة وتخيل إليهم انهم أعداء وهم أصدقاء وإخوة.

ألا يكفيكم أنكم جعلتم شأن المجتمع الإنساني في عهدكم الشعب عهدكم شعبا جاهلا وفي منزلة الدنيا والدين رياء والقضاء ظلما؟ في الأخير إن الكبرياء والتعالي الذي مارستموه بحق شعبكم اليمني لن يدوم طويلا، فما تحمل الأرض على ظهرها أسمج وجه ولا أصلب خد من جهلة الحكام في اليمن، فأنظروا أين تنزلون وفي أي مقام تقيمون.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى